في مشهد لافت يعكس حجم الغضب الشعبي المتنامي في مدينة عدن، تصدّرت النساء واجهة الحراك المدني مجددًا، من خلال تظاهرة نسوية حاشدة شهدتها ساحة العروض بخور مكسر، السبت، تحت شعار "#ثورة_النسوان_عدن"، في تعبير صريح عن حالة السخط من تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، وصمت السلطات إزاء معاناة الناس المتفاقمة.

 

جاءت التظاهرة كمحطة جديدة في سلسلة الاحتجاجات الشعبية، لكن بلسان المرأة هذه المرة، التي خرجت تحمل هموم المدينة، وتطالب بأبسط حقوق العيش الكريم، في وقت بلغ فيه الانهيار ذروته، وبلغ الصبر حدّه.

 

حيث أثارت التظاهرة النسوية تفاعلاً واسعاً في أوساط الناشطين والسياسيين وقيادات الرأي العام، وسط إشادة بالدور الريادي للمرأة العدنية في الدفاع عن الحقوق، ومواقف غاضبة من محاولات تسييس الفعالية الشعبية التي نظمتها ناشطات مدنيات للمطالبة بالخدمات الأساسية.

 

 

تفاعل واسع

 

ففي السياق ذاته، أشاد وزير الشباب والرياضة، نايف صالح البكري، بالدور البطولي للمرأة العدنية، مثمناً شجاعتها في الخروج إلى الساحات للمطالبة بحقوقها الإنسانية، وعلى رأسها خدمة الكهرباء التي تشهد انهياراً غير مسبوق في المدينة.

 

وقال البكري في منشور على صفحته بمنصة "فيسبوك": "نحيي بكل فخر وإجلال المرأة العدنية الحرة، التي خرجت بصوتها الشجاع تطالب بحقها في أبسط مقومات الحياة، خدمة الكهرباء"، واصفاً المرأة في عدن بأنها "رمز حي للنضال والصمود لم تكن يوماً على الهامش، بل في صدارة المشهد ومثالاً للأمل".

 

 

وأضاف أن المرأة العدنية قدّمت تضحيات كبيرة منذ عام 2015، وشاركت في ملحمة الدفاع عن المدينة، مؤكداً أنها "واجهت الحرب بصبر، والحصار بكرامة، والإهمال بعزة"، مختتماً منشوره بقوله: "تحية لكل امرأة عدنية، نبض الثورة، وشعلة التغيير، وضمير هذه المدينة العظيمة".

 

بدوره، قال الصحفي نجيب الكلدي إن المرأة العدنية كانت دومًا في طليعة المراحل الفاصلة من تاريخ المدينة، حاضرة في ميادين النضال، من الأزقة إلى المدارس، ومن ساحات الثورة إلى جبهات الكلمة، مشيرا إلى أن المرأة لم تكن فقط شاهدة على الأزمات، بل كانت صانعةً للمواقف، فالأم التي احتضنت أبناءها تحت الرصاص، والمعلمة التي واصلت رسالتها في زمن الحرب، والصحفية التي نقلت صوت المدينة حين صمت الجميع.

 

وأكد الكلدي أن خروج المرأة اليوم ليس حدثًا عابرًا، بل امتدادٌ لتاريخ طويل من النضال الصامت والصبر الكريم، وهي لا تطالب بامتيازات بل بحقوق إنسانية بديهية، في مقدمتها الكهرباء والماء وكرامة العيش.

 

واختتم بالقول: "هي عدن حين تتكلم بلسان المرأة.. كل التحية لنساء المدينة، حاملات الضوء في زمن العتمة."

 

 

من جهتها، عبّرت آية دحان، ملكة جمال العرب – اليمن، عن دعمها للمحتجات، مشيدة بخروج النساء للمطالبة بحقوقهن، في وقت وصفت فيه صمت بعض الرجال تجاه معاناة البلاد بأنه مخزٍ.

 

وقالت دحان في منشور على صفحتها بفيسبوك – رصده "الموقع بوست": "نساء اليمن اليوم يتحدين في الشوارع ويدافعن عن حقوقهن في ظروف قاسية، بينما البعض من رجال اليمن لا يفكرون إلا في ملاحقة النساء على الفيسبوك أو متابعة حياتهن في الخارج"، داعية الرجال إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية والتحرك من أجل إنقاذ اليمن.

 

وأضافت: "تعلموا يا رجال اليمن من النساء وحرروا بلادكم... صار لكم أكثر من عشر سنوات في جحيم!!".

 

وفي سياق متصل، أعرب ناشطون عن استيائهم من محاولات مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، تسييس التظاهرة، من خلال الدفع بعشرات النساء لرفع أعلام الجنوب خلال الفعالية، رغم الدعوات الصريحة من اللجنة المنظمة للتركيز فقط على المطالب الخدمية والمعيشية دون أي شعارات سياسية.

 

 

وندد الناشطون بحملة منظمة من قبل ناشطين تابعين لمليشيا الانتقالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف – حسب تعبيرهم – إلى تشويه الطابع الحقوقي والمدني للتظاهرة، وتصويرها على أنها تحرك سياسي تقف وراءه أطراف من خارج المحافظة.

 

وفي ختام هذا المشهد، بدت عدن وهي تتحدث بصوت نسائها، تلوّح بصرخة أمهاتها ووجع معلماتها وصبر ربات بيوتها، في وجه واقع مرّ تتقاسم فيه الأزمات دور البطولة.

 

 

فتظاهرة اليوم لم تكن سوى جرس إنذار بأن الصمت لم يعد خيارًا، وأن عدن، التي لطالما كانت عنوانًا للنهوض، بدأت تستعيد حقها في الغضب، وتكتب بحناجر نسائها فصلاً جديدًا من الكفاح السلمي بحثًا عن الكرامة والخدمات والعدالة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: عدن الانتقالي الامارات احتجاجات اليمن

إقرأ أيضاً:

التمكين الاقتصادي للنساء اليمنيات.. ركيزة أساسية للنهوض المجتمعي

 

 

الأسرة /خاص
شهدت العاصمة صنعاء الأسبوع الماضي انعقاد المؤتمر الوطني الثالث للمرأة المسلمة تحت شعار “ذكرى ميلاد الزهراء” بتنظيم من اللجنة الوطنية للمرأة. هذا الحدث لم يكن مجرد مناسبة للاحتفاء بالمرأة، بل شكل منصة مهمة لمناقشة قضايا جوهرية تتعلق بدور النساء في التنمية، وعلى رأسها التمكين الاقتصادي الذي يُعد اليوم أحد أبرز التحديات والفرص أمام المرأة اليمنية وقد أثري المؤتمر على مدى أيام بالعديد من الرؤى وأوراق العمل المقدمة من قبل المختصين والتي تشكل أساسا لتحقيق التمكين الاقتصادي للنساء وما يشكله ذلك من أهمية في عملية البناء التنموي.
بين التحديات والفرص
تواجه النساء في اليمن ظروفاً معقدة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها البلاد والتي كانت نتاجا لأحد عشر عاما من العدوان السعودي الأمريكي المتواصل على البلد. ومع ذلك، أثبتت المرأة قدرتها على الصمود والمشاركة الفاعلة في مختلف المجالات، بدءاً من الزراعة والحرف اليدوية وصولاً إلى التجارة الصغيرة والمبادرات المجتمعية.
ومن أبرز التحديات التي تواجه التمكين الاقتصادي للمرأة ضعف البنية التحتية، ومحدودية فرص العمل وانخفاض نسبة مشاركة النساء في سوق العمل الرسمي.
لكن بحسب مختصين، تحولت تلك التحديات أمام إرادة المرأة اليمنية إلى فرص خصوصا مع وجود طاقات بشرية هائلة ومهارات متوارثة في الصناعات التقليدية، وإمكانية الاستفادة من برامج التدريب والدعم المتاح من قبل المؤسسات الرسمية والمجتمعية والاهتمام المتنامي من قبل الدولة والحكومة.
أهمية التمكين
التمكين الاقتصادي الذي كان محور المؤتمر لا يعني فقط توفير فرص عمل للنساء كما يقول المختصون، بل يشمل بناء قدراتهن وتعزيز استقلاليتهن المالية وإشراكهن في صنع القرار الاقتصادي. وأهميته تتجلى في مكافحة الفقر، فعندما تحصل المرأة على مصدر دخل ثابت فإنها تسهم مباشرة في تحسين مستوى معيشة أسرتها.
كما أن تعزيز الاستقرار الاجتماعي يتمثل في ان المرأة المُمكَّنة اقتصادياً تصبح أكثر قدرة على مواجهة الأزمات ودعم المجتمع.
وتفتح المشاركة الاقتصادية الباب أمام النساء للمطالبة بحقوقهن في مجالات أخرى كالتعليم والصحة والسياسة وكل ذلك يسهم في تحريك عجلة التنمية حيث تؤكد الدراسات العالمية أن إشراك النساء في الاقتصاد يزيد من الناتج المحلي الإجمالي ويعزز النمو المستدام.
آليات التمكين
خلال المؤتمر الثالث للمرأة المسلمة، طُرحت عدة رؤى حول كيفية تعزيز دور المرأة في الاقتصاد اليمني ومنها التأكيد على أهمية التدريب المهني من خلال توفير برامج تدريبية متخصصة في مجالات الزراعة والحرف اليدوية وتقنيات العصر الحديث.
ومن آليات التمكين- كما أكد المشاركون في المؤتمر- دعم المشاريع الصغيرة عبر منح قروض ميسرة وتمويل متناهي الصغر للنساء الراغبات في إنشاء مشاريع خاصة.
بالإضافة إلى التعليم والتأهيل من خلال الاستثمار في تعليم الفتيات والنساء لضمان مشاركتهن الفاعلة في سوق العمل.
إلى جانب التشبيك والتعاون عبر إنشاء جمعيات واتحادات نسوية لتبادل الخبرات والدفاع عن مصالح النساء العاملات.
وكذلك الاستفادة الإيجابية من التكنولوجيا الرقمية والتي من شانها فتح المجال أمام النساء للاستفادة من التجارة الإلكترونية والعمل عن بُعد، وهو ما يخفف من القيود الجغرافية والاجتماعية.
في دائرة الضوء
أعاد المؤتمر الوطني الثالث للمرأة المسلمة في صنعاء تسليط الضوء على قضية التمكين الاقتصادي للنساء اليمنيات باعتبارها حجر الزاوية في بناء مجتمع أكثر عدلاً واستقراراً. فالمرأة ليست مجرد نصف المجتمع، بل هي المحرك الأساسي للتنمية، وإذا ما أُتيحت لها الفرصة لتوظيف قدراتها وإمكاناتها، فإنها ستسهم في إخراج اليمن من أزماته نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

مقالات مشابهة

  • طارق الشناوي: السوشيال ميديا حالة مرضية ولا تُمثل الرأي العام
  • التمكين الاقتصادي للنساء اليمنيات.. ركيزة أساسية للنهوض المجتمعي
  • إعلاميات وناشطات في حديث خاص لـ (الأسرة): فاطمة الزهراء.. قدوة المرأة المسلمة في العطاء والتضحية
  • المرأة العربية تعقد ورشة عمل إقليمية لمناقشة تطوير قوانين الأسرة
  • فعالية مجتمعية في تعز للحد من العنف ضد المرأة
  • علماء يكشفون المشروب الأفضل لصحة عظام المرأة مع التقدم في السن
  • فعالية لإدارة تنمية المرأة في بني مطر بذكرى ميلاد الزهراء
  • مظهر شاهين يحذّر من فوضى الطلاق الشفهي: نساء معلّقات بين الشرع والقانون
  • مشروع "لها ومعها" من الخوف للقوة قصة تلخص رحلة آلاف النساء في مواجهة العنف
  • مشهد مزدوج: اللاجئين الصوماليين يغادرون اليمن وسط استمرار تدفق المهاجرين