صدى البلد:
2025-05-12@08:23:36 GMT

كريمة أبو العينين تكتب: سرقة السعادة

تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT

يقولون أن عند بدء الخليقة وزعت الأرزاق والأعمار وحوصرت السعادة ووقف أمامها كل من على يقين انها لا تجعلهم يقومون بعملهم على أكمل وجه.

وقف فى وجه السعادة الحزن ، وخيبة الأمل ، والتعاسة ، وقلق البال وغيرهم ممن تزيل السعادة أثرهم ووجودهم ؛ وقفوا كلهم يحاوطونها من كل جانب وحدب وصوب كى تظل مكانها ولا تبرح خطوة .

 

 السعادة وقفت مكتوفة الأيدي تدافع عن نفسها وتستحلفهم ان يتركوها تمضى ففى انتظارها الكثيرين ممن يبحثون عنها ويتمنونها معهم الى آخر العمر . توسلات السعادة زادت الاخرين عنادا واحكموا حصارهم وأبدوا بغضهم وكراهيتهم لها وقال لها الحزن انتِ عدوتى البغيضة فكلما طوقت الشخص اليائس الرافض لقضاء الله من كل جانبه وجعلته اقرب ما يكون إلى القنوط وربما الكفر جئتِ انتِ ومنحتيه نفحة أمل وهونتِ عليه مصابه وذكرتيه بنعم أخرى حوله وأعدتيه الى مرحلة الرضا والايمان ، فكيف أتركك تفسدين عملى الذى يباركه شياطين الانس والجن . 

زاحمت خيبة الأمل الحزن وقالت بصوت يائس متألم لقد حاولت طوال عمرى ان انزع من الأشخاص الواقعين فى متاهات الحياة انزع منهم أي بريق من الامل يجعلهم يواصلون الحياة بعزم وايمان ، وكل مرة انجح فيها وانزع منهم التفاؤل وأضعهم فى نقطة اللاعودة تأنى أنتِ أيتها الملعونة وتفسدين عملى وتنجحى بكل براعة بإزالة مجهود طويل بذلته أنا لكى أجعلهم من الداخل أعجاز نخل خاوية . 

التعاسة هى الأخرى جرت مسرعة نحو السعادة وحاولت ان تشتبك معها وربما ارادت ان تقتلها وتتخلص منها الى الابد وقالت بعد محاولة الملتفين حول السعادة تخليص الاشتباك قالت لها لم اكره فى حياتى شخصا ولا معنى ولا محتوى بقدر كراهيتى لكِ ، كم من أناس نجحت أنا بمجهودى الجبار بأن أجعلهم تعساء ، رافضين الحياة ، بل انى حولت بعضهم الى أناس مؤذيين يبثون سمومهم فى كل مكان ويفرقون الملتفين ويفعلون كل ما من شأنه زيادة أعداد التعساء ، ولكن كنت أنتِ تلك الشخصية وذلك الوهم الذى يفسد عملهم ويضئ لهم طريق الحب ويكسر حوائط الانهزامية التى جعلتهم انا يبنوها ويشيدوها بأنفسهم . 

أما راحة البال فقد ربت على كتف السعادة وقالت لها ان معكِ أينما تكونين نقيضى هو الذى يكرهك ويحاربك قلق البال والريبة والشك يرونك معرقل لعملهم وادائهم وهم وكلونى نيابة عنهم بأن أمثل نقطة ارتكاز عندك واجعلهم يمرون من خلالي لأداء واجبهم فى تغيير نمط الخبر فى الحياة واعلاء الشر وجعل البشر فى ألم وحزن. 

السعادة وقفت لاتدرى ماذا تفعل وكيف تهرب من كل هؤلاء وبعد تفكير وقلق استطاعت السعادة ان تفرغ محتواها وتتسرب فى بصيص وشعاع ينتشر بين البشر ويفر ممن يحاوطونها ، أصبحت السعادة منذ ذلك الحين بصيصا وجزءا وأصبح مفهومها نسبى عند البشر ، وتجزأت مفاهيم السعادة ومقاديرها وأصبح كل شخص يشعر بها ويفهمها بطريقته وعلى هواه كما يقال ، فبعضنا يرى سعادته فى المال وأخرين فى الذرية الصالحة وأُخر يرونه فى المناصب والسلطة والترقى والعلو والاعتلاء 

 بعضنا يشعر ان سعادته اكتملت بعلمه ومنزلته العلمية ، ومن هذه التفسيرات لمفهوم السعادة كان لزاما علينا ان نقتنص لحظات السعادة ، وإن عز ذلك فلنسرقها فسرقة السعادة هى السرقة الوحيدة المشرعة دينا ودنيا ، اسرق سعادتك لا تتوقف عن البحث عما يسعدك مهما كان البحث مضنيًا فان وميض السعادة كفيل بأن يهون عليك تعب البحث ويجعلك تهنأ بما حصلت عليه فى نهاية مطافك ومجهودك للبحث عن السعادة .

 السعادة وان كانت نسبية الا أنها ضرورية فلنجعلها من اساسيات حياتنا وليست من الكماليات .

طباعة شارك السعادة الريبة الشك

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السعادة الريبة الشك

إقرأ أيضاً:

الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا

ما أهم درس فى المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان، والتى انتهت بقبول الطرفين وقف إطلاق النار بعد حرب خاطفة ومحدودة ومنضبطة الى حد ما، استمرت نحو خمسة أيام؟!

‎الدروس والعبر والعظات كثيرة، لكن سوف أركز اليوم على درس واحد وهو أنه حينما تكون قويا فإن الجميع يخافك ويقدرك بل ويحترمك حتى لو كنت عدوه، والعكس صحيح تماما.

‎لأنه حينما تكون ضعيفا فسوف يتجرأ عليك الجميع ويحولونك إلى «ملطشة».

‎لمن لم يتابع تفاصيل الصراع فإن هجوما وقع فى بلدة باهالغام، فى الجزء الذى تسيطر عليه الهند فى كشمير قتل فيه ٢٦ شخصا معظمهم من السائحين الهندوس.

‎الهند اتهمت جماعة «ريزستنس فرونت» أو جبهة المقاومة المدعومة من باكستان بالمسئولية، وهو ما نفته الأخيرة تماما وطالبت بتحقيق دولى، لكن الهند شنت عملية عسكرية فى ٧ مايو الجارى استهدفت خلالها مواقع باكستانية قالت إنها تخص ما وصفته بـ«الجماعات الإرهابية» خصوصا «جيش محمد» و«لشكر طيبة» إضافة إلى مواقع تخص الجيش الباكستانى.

‎لكن باكستان ردت على الهجوم الهندى بعملية «البنيان المرصوص» وقالت إنها تمكنت من إسقاط مقاتلات هندية من طراز رافال فرنسية الصنع وروسية من طراز ميج وسوخوى ومسيرات وادعى كل طرف أنه دمر مواقع للطرف الثانى، وأن معظم الضحايا لديه من المدنيين.

‎لكن ربما الأخطر هو أن المواجهة أدت إلى تعليق معاهدات واتفاقيات طويلة المدى، خصوصا معاهدة مياه نهر السند التى تنظم توزيع المياه القادمة من المنابع الهندية إلى المصبات الباكستانية وكذلك اتفاقية سملا الموقعة بين البلدين فى ٢ يوليو ١٩٧٢بعد حرب صعبة بين البلدين وقتها، وتنص على احترام سيادة كل طرف وحل النزاعات بالطرق السلمية ورسم خط لوقف إطلاق النار فى كشمير، وعودة الأسرى والتطبيع بين الطرفين.

‎المهم بعد ٥ أيام من القتال بكل أنواع الأسلحة، وخصوصا المقاتلات والمسيرات والصواريخ وسقوط أكثر من ٦٠ قتيلا ونزوح مئات الآلاف فى كشمير وقرب حدود البلدين، تم وقف إطلاق النار فى وساطة قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن بلاده هى التى سعت إليها، فى حين أن ٣٠ دولة سعت للوساطة أيضا كما قال مسئول وزير خارجية باكستان إسحاق دار.

‎المهم أن القتال توقف وهو خبر طيب ومفرح للبلدين وللمنطقة وللعالم بأكمله.

السؤال هل كانت الهند ستقبل بوقف إطلاق النار إلا بعد أن شعرت أن باكستان قوية ويمكنها أن ترد الهجوم بهجوم مماثل وربما بصورة أكبر؟!

‎المؤكد أن الإجابة هى لا قاطعة.

‎والسبب أن لدينا نموذجا فى منطقتنا اسمه إسرائيل، فهى تواصل البلطجة فى المنطقة منذ عام ١٩٤٨، ولم يردعها أحد إلا باستثناءات قليلة كما حدث فى الانتصار المصرى العظيم فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣، لكن ومنذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فإن إسرائيل تعربد فى المنطقة كما تشاء بدعم أمريكى كامل وفاضح!

‎هى ترتكب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة وتتهيأ لضم الضفة الغربية، وتحتل مناطق مهمة فى لبنان، واحتلت مناطق جديدة فى سوريا بعد أن دمرت معظم قدراتها العسكرية، كما تقصف فى اليمن وإيران، وتقول إن يدها تطال كل مكان فى المنطقة، وتتحدى المجتمع الدولى والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.

‎أتصور أن الهند ربما حاولت استغلال عملية «باهالغام» مثلما استغلت إسرائيل عملية «طوفان الأقصى». لكن الفارق أن الرد الباكستانى كان مقنعا للهند لكى تقبل بوقف إطلاق النار، فحينما بدأت الهند هجومها وجدت ردا مماثلا من باكستان وربما أقوى، الصاروخ بالصاروخ والمسيرة بالمسيرة والمقاتلة بالمقاتلة.

‎والأهم أن السلاح النووى الذى تمتلكه باكستان رسميا منذ ٢٨ مايو ١٩٩٨ هو الذى يجعل الهند تفكر مليون مرة قبل أن تشن هجوما شاملا على باكستان، وهى التى امتلكت القنبلة النووية نظريا عام ١٩٧٤ ثم أجرت فى مايو ١٩٩٨ خمس تجارب نووية إضافية بعد أيام من الإعلان الباكستانى.

‎السلاح النووى قاتل ومدمر وخطر على البشرية، لكن فى عالم الغابة الذى نعيشه الآن، هو الذى يجعل صديقك يتودد إليك وخصمك يخشاك.

‎القوة الخشنة - وليست الناعمة - هى التى تمنع الآخرين من التجرؤ عليك واستضعافك، فهل يعى العرب هذا الدرس البديهى، ويفكرون فى استغلال ما لديهم من أوراق وهى كثيرة ولكنها معطلة؟!



مقالات مشابهة

  • الهند وباكستان.. ودرس أن تكون قويا
  • شيخة الجابري تكتب: العالم على صفيح ساخن
  • هند عصام تكتب: الملك والذباب
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 52
  • فنلندا تتصدر القائمة.. كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم ؟
  • دراسة: لا وصفة موحدة للسعادة.. وما يُسعدك قد لا يعني شيئًا لغيرك
  • اكتشفها الآن.. خمس عادات لتدريب عقلك على السعادة
  • علم النفس يكشف: 5 طرق مثبتة علمياً لتدريب الدماغ على السعادة
  • «إحسان» يختتم مسابقة البحث العلمي والابتكار 2025