حين تُقصف العواصم… أين تختبئ الدبلوماسية؟
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
1 منذ أن دخلت الطائرات المسيّرة ميدان الحرب في السودان، تغيّر شكل المعركة، وانتقلنا من حرب داخلية إلى نمط جديد من العدوان الخارجي المباشر. هذا العدوان لم يعد مجرد دعم لوجستي أو تسليح سري، بل أصبح مشاركة فعلية من دولة لها قواعدها وطائراتها وأجندتها. فهل تواكب دبلوماسيتنا هذا التحول الخطير؟ وهل يرتقي خطابنا الإعلامي إلى مستوى هذا التهديد الوجودي؟.
إذا كانت الدبلوماسية تنحصر أدواتها في اصدار بيانات الإدانة أو استصدارها من هنا وهناك، فإن ذلك قد تم، ونشكر عليه وزارة الخارجية السودانية ، لا سيّما مسارعتها بدعوة مجلس الأمن للانعقاد للنظر في العدوان الإماراتي قبل يومين.
كما ينبغي أن نشكر الدول التي أصدرت بيانات إدانة، والتي بلغت حتى الآن إحدى عشرة دولة، من بينها: قطر، ومصر، والسعودية، والصومال، والإمارات (أكاد لا أصدّق!).
أما المنظمات التي أصدرت بيانات فهي الاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية – تلك الجنازة الباهتة – بالإضافة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي!
لكن الملاحَظ أن جميع تلك البيانات صيغت بالمبني للمجهول؛ أدانوا الفعل وتركوا الفاعل يفلت بجريمته، رغم أنهم جميعًا يعرفونه جيدًا!
ولو كان السودان هو المعتدي، لتصدّر اسمه نشرات الأخبار، ولفُرضت عليه العقوبات، وتسابق الجميع لإدانته بأقسى العبارات.
نعم، نعيش في عالم ظالم وتافه لا يُقيم عدلًا ولا يُحقّ حقًا!
2
على العموم، هذا ما فعله الآخرون، أو ماقدروا عليه: أصدروا بيانات. وهي، وإن عجزت عن نصرة الضحية، تبقى مفيدة في الحد الأدنى لكشف العدوان.
لكن السؤال الأهم:
ماذا بمقدور الدبلوماسية السودانية أن تفعل أكثر؟ وكيف؟.. وأين تختبئ الآن، ولماذا.؟
3
منذ وقوع العدوان قبل نحو أسبوع، كان من الممكن – بل من الواجب – أن تدعو وزارة الخارجية كبار السفراء المخضرمين، ممن عملوا في المنظمات الإقليمية والدولية، إلى جانب خبراء إعلاميين، للتفاكر حول كيفية الرد.
ومن ثم، تُشكّل لجنة طوارئ دبلوماسية وإعلامية تضع خطة عاجلة للرد على العدوان، وتوزّع المهام على فرق عمل صغيرة:
فريق يتولى الاتصال بالدول الصديقة، ويعدّ وثائق تثبت دور دولة الإمارات في العدوان، ثم يتواصل معهم مباشرة لتوضيح حجم ما تعرّض له السودان.
فريق ثانٍ يخاطب المنظمات الإقليمية، مثل الإيقاد، والاتحاد الإفريقي، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي.
فريق ثالث يتوجه إلى المنظمات الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة.
تبدأ هذه الفرق بصياغة رسائل رسمية عاجلة باسم الحكومة السودانية لكل من يعنيهم الأمر، ثم تتحرّك عبر الاتصالات المباشرة، فالزيارات الميدانية.
والأهم أن يُؤطَّر هذا العدوان بوصفه عدوانا على دولة عضوة في الامم المتحدة وتهديدًا للأمن الإقليمي والدولي، وليس مجرد صراع داخلي.
4
إلى جانب هذا الجهد الدبلوماسي، يجب أن تُشكّل لجنة إعلامية تُحدّد الخط العام للتغطية الإعلامية، عبر كافة الوسائط، وتجند لها كل الكفاءات الإعلامية والأقلام الوطنية.
ويُسعى بالتوازي إلى استقطاب أقلام ومؤسسات خارجية لفضح العدوان، وكشف المعتدين، وأسلحتهم، وتوثيق حجم الأضرار.
بمعنى آخر:
نحتاج إلى حملة تسويق إعلامي دولي، تبدأ بدعوة وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية لتوثيق الهجمات، وعرض الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية.
كما ينبغي التأكيد على مسؤولية الدول التي قدّمت الدعم العسكري للميليشيا، والتي باتت معروفة للجميع.
فبينما تسعى الدبلوماسية لحشد الموقف الدولي والإقليمي لصالح السودان، يقوم الإعلام بتوفير المعلومات والحقائق التي تنير الرأي العام المحلي والدولي.
5
باختصار:
نحتاج إلى مزيج من الردود العسكرية والدبلوماسية والإعلامية في مواجهة هجمات الطائرات المسيّرة.
وخاصة أننا في مواجهة حرب نوعية جديدة، تخوضها دولة الإمارات هذه المرة بنفسها، عبر قواعدها وسفنها في البحر الأحمر.
المطلوب اليوم ليس فقط لجنة طوارئ، بل إرادة سياسية حاسمة تعي أن هذه الحرب لا تُخاض فقط في الجبهات، بل في العواصم، وفي المنصات الإعلامية، وفي دهاليز المنظمات الدولية. آن الأوان أن نتحرك بعقل الدولة، لا بردّ الفعل، وأن نضع الخطط لا أن ننتظر المعجزات.
فمن يا تُرى سيتّخذ قرار تشكيل لجنة الطوارئ الدبلوماسية والإعلامية؟ ومتى؟
أخشى أننا سنبقى ننتظر “غودو”… كما نفعل دائمًا؟
الله غالب على أمره.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
فيسبوك يستخدم بيانات العملاء دون إذن
صراحة نيوز ـ مع تسارع التطورات التقنية، باتت بيانات الأفراد الشخصية الوقود الذي يُغذّي أنظمة الذكاء الاصطناعي حول العالم.
وفي خطوة جديدة، أعلنت شركة Meta المالكة لفيسبوك وإنستغرام، أنها ستبدأ اعتبارًا من من 27 مايو/أيار الجاري، باستخدام منشورات المستخدمين العلنية، بما في ذلك الصور، الفيديوهات، والتعليقات. وذلك لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، هذا الإجراء يخص حاليًا حسابات المستخدمين البالغين فقط، حسب ما نشرته صحيفة “سود ويست” الفرنسية.
كل يغني على ليلاه.. كيف يبعثر الذكاء الاصطناعي الملفات الدولية؟
ماذا تنوي Meta فعله؟
تقول Meta إن هذا الاستخدام مبني على “معلومات عامة أو مرخصة” يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت، لكن عمليًا، هذا يعني أن صور عطلتك أو منشورات عائلتك قد تصبح جزءًا من المواد المستخدمة لتحسين الذكاء الاصطناعي، دون أن يتم إبلاغك بشكل مباشر، ما لم تتخذ إجراءً استباقيًا.
والأخطر أن Meta تعتبر الصمت بمثابة موافقة: إذا لم تعترض صراحة قبل 27 مايو/أيار، فستُعتبر موافقًا تلقائيًا على استخدام بياناتك، ولن تتلقى أي إشعار إضافي بعد ذلك.
مهلة حاسمة
إذا لم تقم بتقديم اعتراض رسمي قبل هذا الموعد، فستُعتبر موافقًا تلقائيًا على استخدام بياناتك. والأخطر أن Meta لن ترسل إليك أي إشعار بعد ذلك، ما يعني أن الباب سيُغلق تمامًا في وجه الاعتراضات المستقبلية.
كيف تعترض على استخدام بياناتك؟
الخبر السار هو أن Meta أتاحَت نموذجًا بسيطًا يمكنك من خلاله الاعتراض على هذه السياسة الجديدة، سواء عبر فيسبوك أو إنستغرام. إليك خطوات التقديم:
على فيسبوك:
افتح تطبيق فيسبوك واذهب إلى صفحتك الشخصية.
ادخل إلى إعدادات الخصوصية، ثم اختر مركز الخصوصية.
في الفقرة الثانية، ستجد خيار “الاعتراض” أو (Opposer)، اضغط عليه واتبع التعليمات.
على إنستغرام:
افتح تطبيق إنستغرام واذهب إلى صفحتك الشخصية.
اضغط على الثلاث نقاط أعلى يمين الشاشة.
انتقل إلى: الإعدادات ثم مزيد من المعلومات والمساعدة ثم مركز الخصوصية.
في الفقرة الثانية، اضغط على “الاعتراض” وادخل البريد الإلكتروني المرتبط بحسابك.
تأكيد عبر البريد الإلكتروني
بعد ملء النموذج، سترسل Meta رسالة إلكترونية إلى بريدك لتأكيد طلبك. تأكّد من التحقق من صندوق الوارد وكذلك من مجلد الرسائل غير المرغوب فيها (Spam). لن يُقبل طلبك ما لم يتم تأكيده عبر البريد.
لا تنتظر حتى فوات الأوان
إذا كنت حريصًا على حماية ذكرياتك ومنشوراتك الخاصة من أن تصبح مجرد بيانات تُستهلك في تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي، فعليك التحرك الآن. فبعد 27 مايو/أيار، لن يكون هناك رجوع إلى الوراء