مليار و200 مليون.. كيف عززت مصر الثقة العالمية بسداد مستحقات النفط؟
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
في إطار جهودها المستمرة لتحسين مناخ الاستثمار في قطاع الطاقة، ومواجهة الالتزامات المالية المترتبة على شركات البترول العالمية العاملة داخل أراضيها، قامت الحكومة المصرية بسداد دفعة مالية جديدة من مستحقات شركات النفط الأجنبية، في خطوة تؤكد التزام القاهرة بشراكاتها الاستراتيجية مع كبرى شركات الطاقة الدولية، وتكشف عن اتجاه واضح نحو تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد المصري وقطاعه البترولي على وجه الخصوص.
كشف تقرير صادر عن "الشرق بلومبرج" يوم الأحد 11 مايو 2025، أن وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر قامت بسداد دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار من إجمالي المستحقات المتأخرة لصالح شركات النفط الأجنبية، وذلك في مطلع شهر مايو الجاري.
ويأتي هذا السداد ضمن خطة مستمرة لتسوية ديون سابقة مستحقة على الحكومة المصرية لشركات الطاقة العالمية العاملة في مجالات استكشاف واستخراج النفط والغاز، والتي واجهت تأخيرات متراكمة خلال الأعوام السابقة.
إجمالي ما تم سداده حتى الآن: 7.5 مليار دولاربحسب التقرير، ارتفع بذلك إجمالي ما سددته مصر من المتأخرات المستحقة منذ يونيو 2024 وحتى الآن إلى 7.5 مليار دولار، مقارنةً بـ6.3 مليار دولار فقط كانت قد سددتها الحكومة حتى بداية شهر أبريل الماضي، ما يشير إلى تسارع في وتيرة تسوية الديون المستحقة.
ويُظهر هذا الرقم التزامًا واضحًا من الحكومة المصرية بسداد المستحقات في مواعيدها المحدثة، رغم التحديات الاقتصادية والضغوط المالية التي تواجهها البلاد، سواء داخليًا أو في محيطها الإقليمي.
المديونية المتبقية وجدولة جديدة حتى سبتمبرأوضح تقرير "الشرق بلومبرج" أن إجمالي المستحقات المتبقية بعد هذه الدفعة يبلغ 3.5 مليار دولار، وهو ما يعكس تراجعًا واضحًا في حجم الالتزامات مقارنة بالفترات السابقة.
واتفقت الحكومة المصرية مع الشركات الأجنبية على تمديد خطة جدولة سداد هذه المستحقات حتى شهر سبتمبر المقبل، بدلاً من الموعد السابق المحدد في يونيو 2025. وتهدف هذه الخطوة إلى توفير مرونة أكبر للحكومة في تدبير السيولة المالية المطلوبة دون الإضرار بالأولويات الاقتصادية الأخرى.
مستحقات الشركات الكبرى: الحصة الأكبر لـ”إيني” و”بي بي” و”أباتشي”بحسب ما أورده التقرير، فإن حوالي 60% من قيمة الدفعة الأخيرة ذهبت إلى ثلاث من أكبر شركات الطاقة الأجنبية العاملة في مصر، وهي:
• شركة "إيني" الإيطالية
• شركة "بي بي" البريطانية
• شركة "أباتشي" الأمريكية
وتعكس هذه النسبة الدور المحوري الذي تلعبه هذه الشركات في صناعة الطاقة المصرية، حيث تسيطر على حصة كبيرة من مشاريع الاستكشاف والإنتاج في كل من البحر المتوسط والصحراء الغربية.
مصر تدعو إلى توسيع عمليات الاستكشافضمن نفس السياق، أشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية طلبت رسميًا من شركات النفط الأجنبية تكثيف أنشطتها الاستكشافية والبحثية في مواقع الامتياز، من أجل تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي والنفط الخام، ومواجهة الطلب المحلي المتزايد، خاصة مع ارتفاع معدلات الاستهلاك والتوسع في الصناعات كثيفة الطاقة.
وتسعى مصر إلى زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، مستفيدة من البنية التحتية المتطورة لمحطات الإسالة في إدكو ودمياط، وكذلك موقعها الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا، في وقت ترتفع فيه الحاجة العالمية إلى مصادر بديلة للغاز الروسي.
التزامات مستمرة ورسائل طمأنة للمستثمرينتكشف هذه الخطوة عن إصرار الحكومة المصرية على الوفاء بالتزاماتها الدولية، رغم التحديات المالية، في محاولة لتعزيز ثقة المستثمرين، واستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاع الطاقة الحيوي.
ويُتوقع أن تسهم هذه الإجراءات في تحفيز الشركات العالمية على زيادة استثماراتها في السوق المصرية، خصوصاً مع استمرار الحكومة في تسوية الديون وتقديم الحوافز للمستثمرين، ما يدعم رؤية مصر في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي إسلام الأمين، إن ما قامت به الحكومة المصرية من سداد دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لصالح شركات النفط الأجنبية يمثل تطورًا إيجابيًا بالغ الأهمية في إدارة الالتزامات المالية الخارجية، ويعكس إدراكًا رسميًا بأن استقرار العلاقات مع الشركاء الدوليين في قطاع الطاقة هو ركيزة أساسية لاستمرار تدفق الاستثمارات والتكنولوجيا إلى البلاد.
وأضاف الامين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هذه الخطوة تؤكد على التزام مصر الجاد بتسوية المتأخرات المتراكمة، خاصة في ظل بيئة اقتصادية دولية معقدة تتسم بتقلبات أسعار الطاقة وتشدد في شروط التمويل الخارجي، كما أن التحرك لتوسيع جدول السداد حتى سبتمبر بدلاً من يونيو يعكس مرونة مالية محسوبة، تهدف إلى إدارة الالتزامات بشكل لا يضغط على الاحتياطي النقدي أو الأولويات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.
وأشار إلى أنه الأهم من ذلك أن هذا النوع من السلوك المالي المسؤول يرسل رسالة طمأنة قوية ليس فقط لشركات الطاقة العالمية مثل ‘إيني’ و‘بي بي’ و‘أباتشي’، بل أيضًا للمؤسسات التمويلية الدولية وصناديق الاستثمار، التي تراقب عن كثب مدى قدرة الدول على الحفاظ على مصداقيتها المالية وسط الأزمات، ومن المتوقع أن تسهم هذه الدفعات في تحفيز الشركات الأجنبية على زيادة أنشطتها الاستكشافية في مصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البترول مصر شركات البترول الديون شرکات النفط الأجنبیة الحکومة المصریة شرکات الطاقة ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
«الصحة العالمية»: 16 مليون سوري بحاجة للدعم الصحي العاجل
أحمد مراد (دمشق، القاهرة)
أخبار ذات صلةأعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، أن نحو 16 مليون شخص في سوريا بحاجة ماسة إلى الدعم الصحي. وقال غيبريسوس، في منشور على حسابه بمنصة «إكس»، إن «ما يقرب من 16 مليون شخص في عموم سوريا يحتاجون إلى مساعدة صحية إنسانية عاجلة».
وأوضح أنه بفضل مساهمة صندوق التمويل المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ التابع للأمم المتحدة، بقيمة 3 ملايين دولار، تمكنت المنظمة من توسيع نطاق الخدمات الصحية المنقذة للحياة لتشمل أكثر من 500 ألف شخص، وتقديم الخدمات الطبية الأساسية.
ولفت غيبريسوس إلى تقديم خدمات الصحة النفسية للمتضررين بشدة من النزوح، مؤكداً أن الحاجة ما تزال أكبر بكثير، كما دعا المانحين إلى زيادة دعمهم؛ لأن حياة الناس تعتمد على ذلك.
إلى ذلك، شددت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» في دمشق، مونيكا عوض، على أن حجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا لا يزال هائلاً، موضحة أن 16 مليون سوري بحاجة إلى مساعدة صحية، وأن 67% من المراكز الصحية غير صالحة كلياً أو جزئياً.
وكشفت عوض، في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أن مليوني طفل سوري يفتقرون إلى التغذية الجيدة، بينما يُعاني 500 ألف طفل سوء تغذية، مطالبة بتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لحماية أطفال سوريا، وضمان عدم تعرضهم للإهمال خلال مسيرة التعافي.
وأفادت بأن بعض المناطق السورية، لا سيما في الشمال الشرقي والشمال الغربي، تُعاني محدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، لافتة إلى أن استمرار النزوح يجعل من الصعب تقديم الدعم المستمر.
وأكدت عوض التزام «اليونيسف» بالعمل مع الشركاء الإنسانيين والمجتمع الدولي من أجل مستقبل يتمتع فيه كل طفل بفرصة البقاء والنمو وتحقيق إمكاناته الكاملة، موضحة أن أطفال سوريا عانوا ما فيه الكفاية، ويستحقون مستقبلاً ينعم بالسلام والكرامة والفرص.
وأشارت إلى أن «اليونيسف» وشركاءها يعملون على التوسع في الوصول للخدمات الصحية المنقذة للحياة والرعاية الصحية الأولية، والتوسع في برنامج اللقاح، ونشر فرق جوالة لتقديم خدمات الصحة والتغذية في المناطق التي يصعب الوصول إليها، إضافة إلى إعادة العمل في المرافق الصحية، وإصلاح أضرار المراكز الصحية، وإنشاء مراكز مؤقتة لتقديم الخدمات الصحية، وبناء قدرات العاملين في مجال الصحة من خلال برامج التدريب.
ودعت إلى حماية مليوني طفل من سوء التغذية، عبر إتاحة استفادتهم من نظم الحماية الاجتماعية والصحية لتحسين حصولهم على الأنظمة الغذائية المغذية والرعاية المتكاملة، بما في ذلك تنمية الطفولة المبكرة، وكذلك علاج 500 ألف طفل يُعانون سوء تغذية يهدد حياتهم، وذلك من خلال النظام الغذائي العلاجي، ومعالجة الأمراض الشائعة لدى الأطفال.