ماذا يعني اختراق الصواريخ اليمنية لمنظومات “ثاد” الأمريكية و”حيتس” الإسرائيلية؟
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
يمانيون../
هذا سؤالٌ مهمٌّ يرتبطُ بحقيقةٍ وواقعٍ جديد.. ماذا يعني أن صواريخَ اليمن الباليستية تجاوزت أقوى وآخر إصدارات أنظمة الدفاع الجوية العالمية “حيتس” التابعة للعدو الإسرائيلي و”ثاد” الأمريكية؟ وهل يكون اليمن وجهة مستقبلية لصناعة عسكرية متفوقة؟
في أُكتوبر من العام الماضي، نشرت الولايات المتحدة الأمريكية منظومة “ثاد” الدفاعية الأكثر تطورًا في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وكان الهدف من ذلك هو التصدي لأية صواريخ قد تستهدف كيان الاحتلال الإسرائيلي.
لكن تلك المنظومة أخفقت في أكثر من مناسبة، كما أخفقت المنظومة الدفاعية التابعة لكيان العدوّ الإسرائيلي الأحدث “حيتس” والتي سنأتي على ذكرها بتفاصيل تظهر كيف أن تكنولوجيا الصواريخ اليمنية تجاوزتها رغم تعقيداتها، كما تجاوزت المنظومات الأمريكية لتصل إلى أهدافها.
يمكن أن نذكر أن بكين وموسكو اعترضتا في فبراير 2017م على نشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي “ثاد” في كوريا الجنوبية، بعد أن قالت سول إن مسؤوليها الدفاعيين وافقوا على نشر النظام لمواجهة التهديد الذي تمثله الصواريخ الكورية الشمالية. هذا يقيس مدى انزعَـاج قوى عظمى من هذا النظام كأحد أنظمة الدفاع المتطورة جِـدًّا.
منظومةٌ شغلت أمريكا بها العالم كانت قد خضعت لاختبارات عدة لضمان كفاءتها العالية؛ فَبين عامَي 2006 و2019، أجرى الجيشُ الأمريكي ووكالةُ الدفاع الصاروخي 18 اختبارا، نجح منها 14، قبل إطلاقها.
وعلى أَسَاس أن “ثاد” منظومة دفاع جوي مضادة للصواريخ يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، وهو النظام الوحيد في أمريكا المصمم لاعتراض الأهداف داخل وخارج الغلاف الجوي، تستخدمه واشنطن وعددٌ من حلفائها مثل الإمارات وكوريا الجنوبية و”إسرائيل” والسعوديّة على أَسَاس كفاءته العالية جِـدًّا، لكنه لم يعد كذلك.
بحسب العرض لإمْكَانياته يؤمّن “ثاد” منطقةً أكبرَ مقارنةً بنظام “باتريوت” للدفاع الجوي والصاروخي، ويعمل بشكل تكاملي معه، ومع نظام “أيجيس” للدفاع الصاروخي “البحري” ونظام الدفاع الأرضي، حَيثُ يوفر “ثاد” طبقة دفاعية إضافية على ارتفاعات أعلى جويًّا.
ورغم امتلاك هذه المنظومة لقذيفة اعتراضية مزوَّدة بـ “مستشعرات” وحاسوب قادر على التمييز بين الأهداف الحقيقية والكاذبة، ومحطة رادار كشف وتتبُّع، ومركز قيادة وسيطرة متحَرّك، ومِنصة إطلاق مجهَّزة بقاذفات، تحمل كُـلٌّ منها من 6 إلى 8 صواريخ، إضافة إلى رادار.
ورغم عمل “ثاد” مع أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي الأُخرى “حيتس” الإسرائيلية، و”باتريوت” الأمريكية والحديث عن تكامله مع صاروخ “بي إيه سي-3” لتعزيز إمْكَانية اعتراض الصواريخ على ارتفاعات تصل إلى 25 كيلومترًا ومدى يصل إلى 40 كيلومترًا، حَيثُ إن صاروخ “ثاد” خفيف الوزن والذي يعتمد سلاح الاصطدام بدلًا من المتفجرات، مع سرعة تبلغ 10 آلاف كيلومتر/الساعة، ووزن 900 كيلوجرام، مفترض أن يكون مناسبًا للمناورة ثم الارتطام بالصاروخ الباليستي المضاد بقوة، مستغنيًا عن حمل متفجرات تثقل حركته فهو يحتاج لمناورة عالية لاستهداف الصواريخ، إلا أنه فشل للمرة الثانية وفي غضون أَيَّـام في اعتراض الصاروخَين الباليستيين اليمنيَّين، وهو إيذان رسمي بفشل هذه المنظومة التي جيء بها إلى الكيان الإسرائيلي المحتلّ لمعالجة فشل منظوماته الدفاعية رباعية الطبقات في صد صواريخ اليمن وإيران لأكثرَ من مرة.
هذا بالتأكيد ينعكسُ على ثقة حلفاء أمريكا بإمْكَانيات هذه المنظومة في دول منها عربية كما أشرنا “السعوديّة والإمارات”.
منظومة “حيتس”:
لمرتَينِ متتاليتين يلقي الصهاينة باللائمة على منظومة “ثاد” الأمريكية لتبرير فشل اعتراض الصواريخ اليمنية الفرط صوتية، بينما يدعون كفاءةَ المنظومة الصهيونية السهم “حيتس” “أرو٣”.
لكن الواقع يقول: إن كُـلّ منظومات الدفاع التابعة للعدو الإسرائيلي قد أخفقت وبقوة وفي أكثر من مناسبة في التعامل مع الصواريخ التي طالت كيان الاحتلال، سواءٌ خلال عملية “الوعد الصادق١” أَو “الوعد الصادق٢” أَو مع صواريخ اليمن التي حاول الاحتلال الإسرائيلي التعتيمَ على ما ألحقته من أذىً بالصهاينة ميدانيًّا.
بحلول أغسطُس عام 2008م بدأت الولايات المتحدة وَحكومة العدوّ الإسرائيلي تطويرَ نُسخةٍ أحدَثَ من المنظومة والمعروفة باسم “حيتس3″، وتحدثت تقارير عبرية أن نسبة القتل لهذه المنظومة تصل ما بين 90 و99 %. لكن هذا لم يكن حقيقيًّا.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما انهال على كيان العدوّ من صواريخ أظهر أن منظومات الكيان المؤقت الدفاعية ليست بقدر التضخيم الذي رَوَّجَ لها؛ فهذه المنظومة الني تعتمد على الرادار Super Green Pine: وهو النسخة الأحدث لنظام “أرو 3 ” والذي وصل مداه الراصد إلى 800 – 900 كم واعتباره الرادار الأكثر تطورًا والقادر على مقاومة التشويش العالي.
ومع قدرة منظومة التحكم وَالسيطرة وإدارة المعارك والاتصالات Golden Citron في التحكم بـ 14 عملية اعتراض في وقت واحد في ظل دمجها برادارات وأنظمة “الباتريوت”، والحديث عن قدرة “حيتس” على اعتراض أكثر من خمس صواريخ باليستية في غضون 30 ثانية، فهذا الصاروخ مزود بمحرك بخاصية الدفع الموجَّه لتغيير اتّجاه المحرك ودعم عملية المناورة، وهذه الخاصية تتيح للصاروخ اعتراضَ الهدف بخاصية المواجِه hit-to-kill.
رادار منظومة “حيتس”:
هناك عمل معقَّد تقوم به منظومة “حيتس”، مع كُـلّ محاولة لكشف وتتبع صاروخ قادم نحو الأراضي الفلسطينية المحتلّة؛ بهَدفِ إسقاطه.
يرسل رادار منظومة “حيتس” إشاراته إلى الفضاء لاكتشاف الأهداف، ويمكن أن يغطيَ مساحةً كبيرة من الفضاء، بَدءًا باكتشاف الأهداف في المدار الأرضي المنخفض، والذي يتراوح ارتفاعُه بين 200-2000 كيلومتر، ثم المدار الأرضي المتوسط والذي يتراوح ارتفاعه بين 2000-3600 كيلومتر.
ووُصُـولًا إلى اكتشاف الأهداف في الفضاء الخارجي، بما في ذلك الصواريخ البالستية التي تطلق من الأرض وتتجه نحو الفضاء، ثم تعود إلى الغلاف الجوي، حَيثُ يقوم بتتبع الأهداف المكتشفة وتحديد موقعها وسرعتها بدقة، فهذه المنظومة تستخدم تكنولوجيا متقدمة لاكتشاف وتدمير الصواريخ البالستية في الجو، وتصنف كواحدة من أكثر المنظومات الدفاعية فعالية في العالم.
وأمام هذه التكنولوجية الدفاعية الأمريكية الصهيونية (الإسرائيلية)، كيف يمكن قراءة نجاح صواريخ اليمن الباليستية في تجاوز كُـلّ تلك المنظومات المعقَّدة والمتكاملة؟
يمكنُ القولُ إن صواريخَ اليمن سبَّبت إحراجًا لواشنطن أمام كيان العدوّ أولًا؛ باعتبَارهِ حليفَها الاستراتيجي في المنطقة، وأمام الدول التي عادةً ما كانت تطمئن بامتلاك بعضٍ من منظومة “ثاد” الأمريكية، ثانيًا، في ظل تأثير الدعاية الأمريكية التي ترفعُ من أسهم الصناعة العسكرية الأمريكية على كُـلّ حال.
في العام 2014، وقَّعت الإماراتُ عقدًا مع الولايات المتحدة لشراء نظام الدفاع الصاروخي المطوَّر “ثاد”، بصفقة قيمتُها حوالى 3.48 مليار دولار. وَفي الأول من يناير 2022، حصلت الإمارات على نسختين من هذا النظام الدفاعي.
وفي 2017 وافقت الولايات المتحدة على بيع 7 بطاريات من نظام “ثاد” إلى السعوديّة بتكلفة تقدر بنحو 15 مليار دولار، لكن يبدو أن الصفقة لم تتم لحسابات أمريكية خَاصَّة.
يُذكَرُ أنه في أُكتوبر 2019 نشرت أمريكا النظام “ثاد” في السعوديّة عقب تعرض منشآت نفطية لهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ، ثم سُحب النظام منتصفَ عام 2021.
وهذا العام أكمل فريقٌ سعوديّ التدريبَ في الولايات المتحدة على العمل على هذه المنظومة، لكنه جاء في الوقت الذي أعلن فيه من داخل (إسرائيل) نفسها عن إخفاق عملي للمنظومة الأمريكية ضد صواريخ اليمن الأكثر تطورًا اليوم.
هذا الإخفاق في التصدي للصواريخ اليمنية الأكثر تطورًا، يضاف إلى تكاليف تشغيل هذه المنظومة العالية والتي تصل إلى 3 ملايين دولار للصاروخ الواحد.
في المقابل فَــإنَّ الإخفاق في التصدي للصاروخ اليمني الفرط صوتي، يشير إلى تراكم التأثيرات السلبية على الصناعة الأمريكية مع مرور الوقت، حَيثُ يمكن القياس إلى تراجع سوق طائرات التجسس إم كيو 9 بعد سلسلة الإخفاق في سماء وبحار اليمن، هي نفسها التي ستلحق بسوق منظومة “ثاد” رغم أنها ما تزال مشروطة لحصول أية دولة عليها.
وإلى جانب هذا، فَــإنَّ نجاح صواريخ اليمن في تجاوز كلتا المنظومتين الأمريكية والإسرائيلية، يشير إلى أن هناك تطورًا كَبيرًا في تكنولوجيا الصواريخ اليمنية، أمكنها من وضع الصناعة الدفاعية الأمريكية والصهيونية في زاوية ضيقة، حَيثُ ليس بإمْكَانهما تبريرُ هذا الضَّعف أمام صناعة يُفترَضُ أنها “ناشئةٌ” في اليمن.
يضافُ إلى ذلك أن اليمنيين أثبتوا مهارةً عاليةً في اعتماد التكتيكات الأذكى لاختراق المنظومات الدفاعية، كاستخدام صواريخ متعددة المراحل أَو صواريخ ذات قدرة على المناورة العالية مع امتلاكها سرعةً عاليةً تتجاوزُ 5 ماخ بحيث يصعُبُ اعتراضُها. وُصُـولًا إلى القول إن الصواريخ اليمنية تطورت بسرعة كبيرة.
ويمكن القولُ إن صواريخَ اليمن قد تم تصميمُها بناءً على دراسةٍ لمنظومات الدفاع الأمريكية والإسرائيلية، بما في ذلك أنظمة “ثاد” و”حيتس” بعد تحليل نقاط الضَّعف فيها، مثل سرعة الاستجابة والقدرة على التتبع. إلى جانب الاعتماد على تقنيات التخفّي لتكونَ الصواريخ غيرَ مرئية للرادارات؛ مما يجعل من الصعب اكتشافُها. فضلًا عن تصميمها لتكونَ قادرةً على المناورة.
ختامًا، يمكن القولُ إن صحيفةَ “كالكاليست” الصهيونية لخّصت هذا المشهد بما أشَارَت إليه بالقول: “شهدنا عدةَ إخفاقاتٍ في اعتراض الصواريخ اليمنية، وصحيحٌ أن أنظمةَ الدفاع الجوي لا توفِّرُ حمايةً كاملةً، لكنَّ هناك سببًا آخرَ لهذه الضربات، وهو أن الصواريخَ التي تُطلَقُ علينا ليست عادية”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الصواریخ الیمنیة الولایات المتحدة اعتراض الصواریخ الدفاع الصاروخی الأکثر تطور ا هذه المنظومة صواریخ الیمن نظام الدفاع
إقرأ أيضاً:
“البيئة” تؤكد أهمية تعزيز الشراكات الدولية في منظومة الابتكار والتقنية لبناء نظم غذائية مرنة ومستدامة
سلطان المواش – الجزيرة
أكدت وزارة البيئة والمياه والزراعة أهمية تعزيز التعاون والشراكات مع المبتكرين والمؤسسات العالمية، وتبني التقنيات الحديثة التي تسهم في رفع كفاءة الموارد، وتعزيز حماية البيئة، وبناء نظم غذائية مرنة ومستدامة، وذلك من خلال تطوير منظومة ابتكار متكاملة تضع حلولًا لتحديات الأمن المائي والغذائي والاستدامة البيئية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.
جاء ذلك خلال مشاركة الوزارة في القمة العالمية للابتكار في التقنيات الزراعية، التي عُقدت في دبي بمشاركة نخبة من صُنّاع القرار والمستثمرين والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم، بهدف مناقشة وتطوير حلول مستدامة لمستقبل الزراعة والأمن الغذائي.
وأوضح وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبحث والابتكار الدكتور عبد العزيز بن مالك المالك، في كلمته خلال القمة، أن رؤية السعودية 2030 أرست توجهًا وطنيًا طموحًا لحماية الموارد الطبيعية وتعزيز النظم الغذائية والمائية، مشيرًا إلى أن إعلان التوجهات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار عام 2022 عزز هذا التوجه، من خلال اعتبار البيئات المستدامة وتأمين الاحتياجات الأساسية من أولويات المملكة الوطنية.
وأكد أن وزارة البيئة والمياه والزراعة، تقود في هذا الإطار مهمتي الأمن المائي والأمن الغذائي، عبر تحويل التحديات الوطنية إلى فرص ابتكارية، ومسارات واضحة لتحقيق أثر ملموس، من خلال منظومة مترابطة تجمع الجهات الحكومية، والمؤسسات البحثية، والقطاع الخاص، والمستثمرين، والمبتكرين، بصفتهم شركاء في تحقيق المستهدفات الوطنية.
وأشار الدكتور المالك إلى أن الخطة الاستراتيجية التنفيذية للبحث والابتكار في الوزارة تقوم على أربعة اتجاهات رئيسة، تتمثل في: مواءمة جهود الابتكار مع الأولويات الوطنية، حيث جرى تحديد 14 مجموعة تقنية ذات أولوية وأكثر من 300 تقنية تغطي قطاعات البيئة والمياه والزراعة، بما يشكّل أساس الأجندة الوطنية للابتكار في الاستدامة، وتعزيز التعاون عبر منظومة الابتكار من خلال بناء التحالفات والمنصات المشتركة التي تربط البحث العلمي بالتطبيق العملي، إضافة إلى تحفيز الطلب وتسريع نشر وتبني التقنيات ذات الأولوية عبر مبادرات مثل برنامج نشر التقنيات، والبيئة التنظيمية التجريبية؛ للإسهام في تمكين عدد من المشاريع ومعالجة التحديات التنظيمية وتحويل الابتكار إلى تطبيقات واقعية، إلى جانب تحفيز المعروض من حلول الابتكار عبر بناء القدرات الوطنية، من خلال تطوير المواهب والكفاءات، وتحسين الوصول إلى مرافق الاختبار والتجارب، وتعزيز ممارسات الملكية الفكرية، بما يدعم تحويل المعرفة إلى أثر اقتصادي وتنموي مستدام.
وأكد في ختام كلمته أن تحديات الأمن المائي والغذائي وحماية البيئة، تتجاوز الحدود الجغرافية، وتتطلب تعاونًا دوليًا مفتوحًا، داعيًا إلى شراكات فعّالة مع الجهات العالمية لتطوير حلول عالية الأثر تخدم المملكة والمنطقة والعالم.
يُشار إلى أن القمة العالمية للابتكار في التقنيات الزراعية توفر منصة دولية تجمع كبار صُنّاع القرار من مختلف أطراف سلسلة القيمة الزراعية والغذائية، وتهدف إلى تسريع حلول الزراعة المقاومة لتغير المناخ، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحفيز الابتكار والاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.