أصدرت وزارة الثقافة مؤخرا، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، طبعة جديدة من المسرحية الشهيرة "الناس اللي فوق" للكاتب المسرحي الكبير نعمان عاشور، أحد أعلام المسرح الواقعي في مصر والعالم العربي، وذلك في إطار سعيها الدائم لإحياء التراث الأدبي والمسرحي المصري.

تأتي هذه الخطوة ضمن مشروع الهيئة لإعادة نشر أبرز الأعمال الكلاسيكية التي ساهمت في تشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي للأجيال السابقة، وتهدف إلى تعريف القراء الجدد بهذه النصوص المهمة، التي ما زالت تحمل في طياتها دلالات اجتماعية وثقافية عميقة رغم مرور عقود على كتابتها.

تُعد "الناس اللي فوق" واحدة من أبرز أعمال نعمان عاشور، وقد كُتبت في أواخر خمسينيات القرن الماضي، تحديدًا عام 1958، وتتميز المسرحية بانتمائها إلى نمط المسرح الواقعي الذي اشتهر به عاشور، حيث يرصد من خلال شخصياته التحولات التي طرأت على المجتمع المصري بعد ثورة يوليو 1952.

تتناول المسرحية بعمق موضوع الصراع الطبقي، من خلال تصوير ثلاث طبقات اجتماعية رئيسية تعيش في مبنى واحد: الطبقة العليا ممثلة في شخصية عبد المقتدر باشا وعائلته، والطبقة المتوسطة من خلال المهندس حسن أفندي وزوجته وابنته، والطبقة الشعبية التي تتمثل في الخادمة أم أنور وابنها، ومن خلال تفاعل هذه الشخصيات، يرسم نعمان عاشور صورة دقيقة للمجتمع المصري في تلك الحقبة، موضحًا كيف أثرت المتغيرات السياسية والاجتماعية على توازنات القوى بين الطبقات المختلفة.

وتُصنّف المسرحية ضمن ما يُعرف بأسلوب "الأوتشيرك"، وهو شكل درامي مستوحى من المسرح الروسي، لا سيما أعمال مكسيم غوركي، ويقوم على المزج بين الطرح الاجتماعي والسرد المسرحي المبني على التحليل النفسي والواقعية الاجتماعية.

ويُذكر أن نعمان عاشور، يُعد من أبرز رواد المسرح العربي، وكتب العديد من المسرحيات التي تناولت المجتمع المصري بطبقاته المختلفة، وكان له دور مهم في تطوير شكل ومضمون المسرح العربي، حيث قدم أعمالاً تمزج بين النقد الاجتماعي والطرح الفكري الجاد، في قالب فني قريب من الناس.

طباعة شارك وزارة الثقافة الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين الناس اللي فوق نعمان عاشور

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزارة الثقافة الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين الناس اللي فوق من خلال

إقرأ أيضاً:

الإعلام والثقافة والمواطن

شاهدت صورة قديمة تجمع بين كل من: إحسان عبد القدوس، ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، تأملتها وأنا أهمس لنفسي: كيف اجتمع أربعة من عمالقة المبدعين في صورة واحدة!!

تذكرت ما يحكيه أبي عن ذكريات رؤيته للعديد من الأدباء والفنانين خلال جلساته المعتادة في تريانون، وتأكيده أن زيارتهم للإسكندرية كانت أمرا معتادا ومتكررا، وعندما سألته عن رد فعل الناس حينئذٍ، أجابني أن البعض كان يحرص على الترحيب والسلام يدا بيد، والغالبية مثله تكتفى بإلقاء التحية بهزة رأس وابتسامة من بعيد - فلم يكن جنون التصوير والسيلفى مع المشاهير قد ظهر بعد، والكاميرات غير متاحة بسهولة، وكان الموبايل بكاميراه المقتحمة لخصوصيات الناس نوعا من الخيال، والأهم من كل هذا أن أفراد المجتمع كان لديهم ثوابت أخلاقية تحث على احترام الحياة الخاصة، وتمنع اقتحام المساحة الشخصية، وبالتالي كان ارتياد المطاعم والمقاهي متاحا للشخصيات العامة دون خوف من إزعاج أو تجمهر، وإن كان الأمر يختلف قليلا لو تعلق الأمر بأحد نجوم السينما.

تخيلت تلك الفترة من تاريخ مصر، هل حقا كانت مصر زاخرة بكل هؤلاء المبدعين مثل العقاد، السباعي، حقي، طه حسين، السحار، باكثير، ثروت اباظة، عبد الحليم عبد الله، القعيد، هيكل، أنيس منصور، موسى صبري، مصطفى أمين، جاذبية صدقي، حسن شاه، سكينة فؤاد، عبد الوهاب مطاوع، شوقي، حافظ، رامى، جاهين، حداد، الأبنودي وغيرهم من رموز الصحافة والأدب والشعر؟! لا عجب أن المجتمع خلال تلك الحقبة اتسم بالرقى والاحترام، فالإعلام وقتئذٍ قدم هؤلاء المبدعين للمجتمع كنماذج ثقافية يُحتذى بها، مما أثر في أفكار المواطن وسلوكياته، وأسهم في تشكيل آرائه وثقافته وعزز هويته الوطنية.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل لدينا الآن رموز ثقافية مؤثرة في المجتمع المصري والعربي خاصة بعد وفاة نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق؟! وما دور الجهات المعنية بالثقافة والإعلام في تقديم رموز ثقافية حقيقية تعكس الوجه الحقيقي للثقافة المصرية، وتعزز القيم الإيجابية، وتسهم في تشكيل الوعي المجتمعي بشأن مختلف القضايا؟!

مقالات مشابهة

  • نحو مصالحة مع الكتاب
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أشجار الجنة التي نعيش فيها)
  • بدء إصدار رخصة مياه غير صالحة للشرب
  • جينيفر لوبيز تتحدى الصرصور على المسرح وتواصل حفلها في كازاخستا. .. فيديو
  • رحيل بطل الدريفت المصري هيثم سمير.. حلبات السباق تبكي على الفارس| أبرز المحطات والسيارات
  • مجدي الجلاد عن واقعة سايس نادي القضاة: يجب أن نتغلب على أمراض السلطة.. الناس اللي فيها مكفيها
  • الإعلام والثقافة والمواطن
  • البلوجر أوتاكا خلال التحقيقات: «الفلوس اللي بتجيلي حلال عليا فين المشكلة؟»
  • رئيس هيئة الدواء: إجراءات قانونية صارمة ضد الصيدليات التي تحتفظ بأدوية منتهية الصلاحية
  • هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت