قبل الخوض في تفاصيل أداء سندات التنمية الحكومية، من المهم أولًا التعريف بهذه الأداة المالية: من يُصدرها؟ ومن يشرف على تنظيمها؟ وما أهدافها؟ وما الجهات التي تستثمر فيها؟ ولماذا تعد من الأدوات المفضلة في بعض المحافظ الاستثمارية؟

سندات التنمية الحكومية، كما يوضح منشور الإصدار، هي أدوات دين تصدرها حكومة سلطنة عُمان ممثلة بوزارة المالية، بإشراف فني وتنفيذي من البنك المركزي العماني، وتهدف هذه السندات إلى تحقيق غايتين أساسيتين: أولًا، توفير قناة استثمارية آمنة وذات عوائد منتظمة لفائض السيولة المتوفرة لدى البنوك والمؤسسات المالية المحلية؛ وثانيًا، تمويل الإنفاق الرأسمالي لمشروعات التنمية في مختلف محافظات سلطنة عُمان، ضمن خطة الحكومة لدعم النمو الاقتصادي عبر أدوات مالية مستقرة وفعالة.

ويجري إصدار هذه السندات في أوقات يراها البنك المركزي العُماني ملائمة، بالتنسيق مع وزارة المالية، بحيث يُطرح الإصدار من خلال مزاد تنافسي يستقطب المؤسسات المالية الراغبة في الاستثمار في هذا النوع من الأوراق الحكومية، ويُعد هذا المزاد وسيلة شفافة لتحديد العائد الذي يمكن أن يحصل عليه المستثمر، بما يعكس حجم الطلب وثقة السوق في الوضع المالي للحكومة.

حيث إن أهداف مثل هذا الإصدار لتمويل مشاريع تنموية وتكون مستمرة، ولهذا السبب فإن الإصدار هذه المرة حمل الرقم 47 لسندات التنمية الحكومية، حيث يقوم البنك المركزي العُماني بالإعلان عن إصدار هذه السندات، وكذلك الإشراف على الاكتتاب، واستلام الأموال وصرف الفوائد بالنيابة عن حكومة سلطنة عُمان.

ولقد تبنّت الحكومة من خلال وزارة المالية والبنك المركزي العُماني أن يكون الإصدار رقم 47 من سندات التنمية الحكومية عن طريق المزاد التنافسي وبمؤشر سعر الفائدة (الكوبون) 4.6%، ولقد تم الإعلان عن طرح الإصدار في 21 أبريل، وبدأ الاكتتاب في 22 أبريل، وتم إغلاق الاكتتاب في 28 أبريل 2025، أي إن الإغلاق كان في أسبوع منذ تاريخ الإعلان، علمًا بأن حجم الإصدار 100 مليون ريال عُماني، وكان موجّهًا للمؤسسات المالية وصناديق الاستثمار المختلفة المحلية بالإضافة إلى الأفراد.

الجدير بالذكر أن حكومة سلطنة عُمان تعمل على توازن احتياجاتها المالية بين الاستقراض المحلي وبعملتها الوطنية وبين الاستقراض الخارجي وبعملات أجنبية؛ فالتوازن في ضرورة عدم سحب السيولة النقدية من النظام المصرفي المحلي في غاية الأهمية، وحتى لا تُنافس القطاع الخاص واحتياجات الأفراد من الحصول على التمويل والقروض المختلفة بأسعار فائدة مناسبة، والحقيقة أن الحكومة تراعي ذلك التوازن، ولها جزيل الشكر على ذلك.

الجدير بالذكر أن القروض الداخلية تمثل حوالي 26%، بينما تمثل القروض الخارجية 74% من إجمالي الدين العام.

على العموم، مدة الإصدار رقم 47 خمس سنوات، تستحق السداد في 1 مايو 2030 عن طريق المزاد التنافسي، ومبني على مؤشر سعر فائدة قدره 4.6%، ولقد تم فتح استلام المزاد التنافسي للمستثمرين على أن لا يتجاوز نسبة المؤشر الذي تم تحديده، وفي ذلك حسن إدارة الدين العام، حيث تتقدم الحكومة برغبتها في الحصول على التمويل لمشاريعها المختلفة على أن لا يتجاوز سعر الفائدة 4.6%، ولقد كانت مؤشرات الإصدار كالتالي:

أولًا: حجم الإصدار 100 مليون ريال عُماني، ولقد كانت قيمة طلبات الاكتتاب 235.6 مليون ريال عُماني، حيث فاق الطلب على حجم الإصدار بحوالي 2.36 مرة.

ثانيًا: تم تحديد سعر الفائدة (الكوبون) 4.6% كمؤشر للحد الأعلى للسقف التنافسي على العائد من الاستثمار في هذه السندات، ولقد أتت نتائج التنافس على نسبة الفائدة على النحو التالي:

بلغ الحد الأعلى للعائد المقبول: 4.55%

بلغ متوسط العائد المقبول: 4.49%

بلغ الحد الأدنى للعائد المقبول: 4.40%

أي إن الحكومة قد نجحت في الحصول على التمويل المطلوب بأقل من نسبة المؤشر الذي حددته، وهذا نجاح آخر يُحسب لإدارة الدين العام في وزارة المالية بالحصول على التمويل بأقل تكلفة ممكنة.

والأسئلة المتعلقة في الجانب، فيما يخص المستثمرين من المؤسسات المالية والاستثمارية حول تنافسها على هذه الإصدارات من سندات التنمية الحكومية، ما الأسباب للرغبة في الاستثمار في هذه السندات؟ وما الدلالات على ذلك؟ وللإجابة على ذلك، فإن المؤسسات الاستثمارية وبمسمياتها المختلفة من بنوك وصناديق تقاعد وصناديق استثمار، تسعى إلى تنويع مخاطر استثماراتها ما بين المخاطرة بالاستثمار في الأدوات المالية غير المضمونة، كالأسهم على سبيل المثال، وبين الاستثمار في أدوات مالية عوائدها شبه مضمونة، كالسندات والصكوك، ولقد أتى هذا التنافس على سندات التنمية الحكومية، والذي يدل على ثقة المستثمرين في الأدوات المالية التي تُصدرها الحكومة العُمانية، فهي مضمونة، ونسبة المخاطرة بالاستثمار تكاد تكون غير موجودة.

ختامًا، ومن خلال المتابعة للدين العام لسلطنة عُمان، يتضح التحسن في إدارته، وذلك من خلال العمل على خفضه، وكذلك التوازن ما بين الحصول على التمويلين الخارجي والداخلي لمشاريع البنية الأساسية للدولة، التي تخدم الوطن والمواطن وبأقل التكاليف.

أ.د. سعيد بن مبارك المحرّمي قسم الاقتصاد والمالية - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: سندات التنمیة الحکومیة الحصول على التمویل الاستثمار فی هذه السندات المرکزی الع الع مانی من خلال ع مانی

إقرأ أيضاً:

عرض أصول عقارية في ملكية الشركة المستغلة لفندق عريق بتارودانت للبيع في المزاد

زنقة 20 | متابعة

أعلنت كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية التجارية بأكادير، عن بيع قضائي للأصول المملوكة للشركة العقارية لاستغلال فندق السلام بتارودانت.

ووفق وثيقة صادرة عن المحكمة الإبتدائية التجارية بأكادير، فإن العقارات المعنية بالتصفية هي العقار ذي الرسم العقاري عدد 8488/S مساحته 1726 متر مربع بثمن افتتاحي قدره 3.106.800,00 درهم، وهو حسب شهادة الملكية عبارة عن أرض فلاحية.

العقار ذي الرسم العقاري عدد 09/26587 مساحته 9250 متر مربع بثمن افتتاحي قدره 16.650.000.00 درهم شهادة الملكية عبارة عن أرض بما بنايات.

العقارات ذات الرسوم العقارية عدد 39/11317 (مساحته 170 متر مربع) و 39/11622 (مساحته 124 متر مربع) و 39/11623 (مساحته 306 متر مربع) و 4105/S (مساحته 8664 متر مربع) والبنايات المنشأة عليها بثمن افتتاحي قدره 18.882.500,00 درهم.

عناصر الأصل التجاري بثمن افتتاحي قدره 1.300.000,00 درهم والكائنين بمدينة تارودانت.

المحكمة الابتدائية في تارودانت كانت قد أعلنت سنة 2019 عن بيع الأصل التجاري لفندق “السلام” بالمدينة، وهو الفندق الذي كان وجهة مفضلة للرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك.

وحدد الثمن الافتتاحي لبيع الأصل التجاري آنذاك في مبلغ 30 مليون درهم.

مقالات مشابهة

  • عرض أصول عقارية في ملكية الشركة المستغلة لفندق عريق بتارودانت للبيع في المزاد
  • اليوم.. طرح مزاد اللوحات الإلكتروني عبر منصة أبشر
  • «كجوك»: 3 أولويات للسياسات المالية لدفع النشاط الاقتصادي وخفض مديونية الحكومية
  • بقيمة 14.9 مليار جنيه.. الحكومة تعلن قبول استثمارات مالية بعطاء سندات خزانة
  • 7.5 مليون ريال عُماني إجمالي قيمة أذون الخزانة الحكومية المخصصة لهذا الأسبوع
  • 7 فرص عقارية بمزاد المركاز في جدة
  • 17 مليار دولار على المحك: مصير طريق التنمية بيد الحكومة المقبلة
  • نقاش الأحرار” بجماعة فم الواد” يسلّط الضوء على قضايا التنمية المحلية ويبرز منجزات الحكومة في الحوار الإجتماعي
  • كنوز منسية في الحافلات: مزاد أنقرة يكشف مفاجآت وأجواء حماسية