اعترافات مسجلة تكشف ارتباط الحوثيين بشبكات تهريب المهاجرين عبر سواحل أبين
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
تمكنت الأجهزة الأمنية بمحافظة أبين، جنوب اليمن، من القبض على أحد أبرز مسؤولي شبكات التهريب الدولية، المرتبط بما يُعرف بـ"مكتب سراج"، المتخصص في تهريب المهاجرين الأفارقة والاتجار بالبشر والممنوعات. وجاءت العملية عقب رصد دقيق لتحركات المتهم منذ وصوله إلى مطار عدن الدولي في 13 أغسطس، حيث كان يخطط لعقد لقاءات مع مهربين محليين في الشريط الساحلي بمديرية أحور تمهيدًا للانتقال إلى صنعاء.
وفي اعترافات موثقة بالفيديو، أدلى المتهمون بمعلومات صادمة، تكشف عن شبكة واسعة تقف وراء عمليات التهريب، يقودها قيادي حوثي بارز من محافظة صعدة يُدعى صالح هادي هرمل، والذي وفر الدعم المالي والإشراف المباشر على النشاط.
قال المتهم أحمد عبده توفيق، يقيم في مدينة شقرة الساحلية، ويعمل في بقالة مواد غذائية: "إنه كان يقدم خدمات غذائية وإيوائية للمهاجرين الأفارقة بعد وصولهم، بناءً على تكليف من هرمل. وأوضح أنه كان يتلقى أموالًا بالدولار من صعدة عبر شركات صرافة محلية لتمويل تلك الخدمات".
أما المتهم عبد الله راشد علي الجراري، وهو عسكري في اللواء 314، فكشف أنه كان يستلم المهاجرين من شخص يُعرف بـ"الشيبة" – أحد أذرع القيادي الحوثي هرمل – ثم يقوم بتوزيعهم على "أحواش" ومزارع نائية بعيدًا عن الأنظار. وأكد أنه يعمل تحت إشراف شخص يدعى عثمان المشيب، الذي يسلمه المبالغ المالية بالدولار ويعمل أيضًا بأوامر مباشرة من هرمل.
وأضاف الجراري أن هناك عصابة محلية توفر الحماية للمهاجرين مقابل مبالغ مالية بالعملة الصعبة، بينما يتم التخلص من الذين لا يملكون أموالًا أو التصرف بهم بطرق أخرى من قبل عثمان المشيب وشخص آخر يدعى حسام.
في السياق نفسه، تضمنت الاعترافات المصوّرة أقوال المتهم عثمان المشيب، المنحدر من محافظة صعدة، والذي يُعتبر "الدينمو المحرك" للشبكة في أبين، بحكم صلته المباشرة بالقيادي الحوثي صالح هرمل. وأوضح المشيب أنه يعمل في محطة محروقات وبقالة مواد غذائية في منطقة "تمحن"، ويقوم بتموين المهربين بالوقود والمواد الغذائية، إضافة إلى تنسيق عمليات التهريب عبر البحر.
وكشف المشيب تفاصيل دقيقة عن طرق التهريب، حيث يتم تحميل المهاجرين من سواحل جيبوتي (منطقة حيو) على قوارب صغيرة حتى وصولهم إلى سواحل أبين، ثم يجري التنسيق مع عصابة محلية لتأمين نقطة الوصول، ومن هناك يتم نقلهم إلى مناطق إيواء سرية قبل ترحيلهم تدريجيًا نحو صعدة. وأشار إلى أن المدعو "الشيبة" وأولاده هم من يتولون الحماية للمهاجرين على الأراضي اليمنية حتى ضمان مرورهم بأمان.
وعرضت الأجهزة الأمنية خلال التحقيقات ملفات تم ضبطها أثناء مداهمة أوكار المهربين في سواحل أبين، تضم كشوفات معاملات مالية ضخمة بالعملة الصعبة تصل قيمتها إلى ملايين الريالات، وهو ما يؤكد أن شبكات التهريب المدعومة من الحوثيين لا تعمل بشكل عشوائي، بل ضمن منظومة مالية منظمة تديرها قيادات من صعدة.
وأكدت الأجهزة الأمنية أن هذه الاعترافات تفتح الباب على مصراعيه لكشف شبكات التهريب التي تستغل السواحل اليمنية لنشاط إجرامي عابر للحدود، وترتبط بشكل مباشر بالحوثيين. ووصفت العملية بأنها ضربة قاصمة لهذه الشبكات، وتجسيد للجهازية الأمنية العالية في أبين، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد ملاحقة متواصلة لبقية عناصر الشبكة.
ودعت قيادة أمن أبين كافة المواطنين إلى التعاون والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بعمليات تهريب أو تجمعات غير قانونية، مشددة على أن حماية الأمن والاستقرار مسؤولية جماعية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد ملاحقة حثيثة لبقية عناصر الشبكة.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
شبوة تتأهب لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى سواحلها
بدأت سلطة شبوة برئاسة المحافظ عوض محمد بن الوزير تحركات جادة من أجل مواجهة خطر تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الإفريقي، بعد تزايد أعدادهم وما ترتب على ذلك من تداعيات أمنية وصحية واجتماعية.
جاء ذلك خلال اجتماع موسع عقده المحافظ، الخميس، مع القيادات العسكرية والأمنية في المحافظة، بحضور اللواء الركن عادل علي المصعبي، قائد محور عتق وقائد اللواء 30 مشاة، والعميد الركن فؤاد محمد النسي، مدير عام شرطة المحافظة، والعميد علي أبوبكر السليماني، قائد اللواء الثاني مشاة بحري، إلى جانب قيادات أمنية وعسكرية أخرى.
>> سواحل شبوة.. نقطة رئيسية لتهريب المهاجرين الأفارقة
وأكد المحافظ خلال اللقاء أن شبوة ماضية في تنفيذ إجراءات ميدانية وخطط استراتيجية للحد من تدفق المهاجرين عبر سواحلها، ومعالجة آثار وجودهم غير القانوني، مشددًا على أن التعامل مع هذه القضية سيتم وفق نهج إنساني يحترم المواثيق الدولية، وفي الوقت نفسه يحافظ على الأمن والاستقرار.
وأشار بن الوزير بأسف إلى أن تقاعس كثير من المنظمات الدولية عن تقديم الدعم اللازم أسهم في تفاقم الأزمة، مؤكدًا أن سلطات المحافظة لن تسمح بتحول شبوة إلى نقطة استقرار دائم للمهاجرين غير الشرعيين، بل ستعمل على تنظيم مغادرتهم إلى وجهاتهم المقصودة وفق القوانين المعمول بها.
ويأتي هذا التحرك ضمن رؤية شاملة تتبناها قيادة المحافظة لتعزيز الرقابة على الشريط الساحلي، والتصدي لأي مخاطر محتملة قد تترتب على استمرار تدفق المهاجرين، مع الحفاظ على المبادئ الإنسانية في المعالجة.
ومثلت سواحل شبوة خلال السنتين الماضيتين نقطة عبور رئيسية، بعد تشديد الرقابة الأمنية والعسكرية على الشريط الساحلي الغربي في محافظة لحج. الأمر الذي خلق ضغوطًا متزايدة نتيجة تدفق الأعداد الكبيرة من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الإفريقي، خصوصًا من السواحل الصومالية والإريترية، عبر طرق بحرية خطرة تمر بخليج عدن وصولًا إلى الشريط الساحلي للمحافظة.
ويستغل المهرّبون الطبيعة الجغرافية لشبوة التي تمتلك شريطًا ساحليًا طويلًا يمتد لأكثر من 300 كيلومتر، يضم مناطق نائية وضعيفة الرقابة، ما جعلها واحدة من أبرز نقاط العبور نحو الداخل اليمني.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن الآلاف من المهاجرين يصلون سنويًا إلى سواحل شبوة، في رحلات محفوفة بالمخاطر، بحثًا عن فرص عمل أو للعبور نحو دول الخليج. غير أن هذا التدفق الهائل يفرض أعباءً مضاعفة على المحافظة، إذ يرهق الخدمات الصحية المحدودة، ويزيد الضغط على موارد المياه والغذاء، فضلًا عن المخاوف الأمنية المرتبطة بانتقال الأمراض أو استغلال بعض المهاجرين من قبل شبكات تهريب وتجارة غير مشروعة.
ومع ضعف استجابة المنظمات الدولية وغياب الدعم الكافي، تجد السلطات المحلية نفسها في مواجهة أزمة معقدة تتطلب توازنًا بين الحفاظ على الأمن والنسيج الاجتماعي، والالتزام في الوقت نفسه بالمبادئ الإنسانية في التعامل مع هذه الفئة.