الولايات المتحدة تحذر من استخدام رقاقات هواوي في أي مكان بالعالم
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
في خطوة مثيرة للجدل، ألغت وزارة التجارة الأمريكية "قاعدة الانتشار" الخاصة بقيود تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، وذلك قبل يوم واحد فقط من دخولها حيز التنفيذ.
هذه القاعدة التي كانت قد أقرت في نهاية ولاية الرئيس السابق جو بايدن، جاءت في فترة انتقال السلطة، وهدفت إلى منع وصول الصين إلى رقائق الذكاء الاصطناعي، ليس فقط عبر القنوات المباشرة، ولكن أيضا من خلال الطرق غير المباشرة التي تستخدم عادة للتحايل على القيود.
الفكرة كانت أنه لا فائدة من منع شركات مثل إنفيديا من تصدير رقائقها مباشرة إلى الصين، إذا كان بالإمكان شراء تلك الرقائق من دول أخرى.
لذلك، فرضت القاعدة حدا أقصى على كمية رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لباقي دول العالم شراؤها، مع استثناءات محدودة وإمكانية رفع هذا السقف في حال تقديم طلبات رسمية "بأسلوب لطيف"، على حد وصف التقرير.
لكن هذه السياسة، التي وصفت بأنها ثقيلة اليد ومتعجرفة، أثارت انتقادات واسعة، ليس فقط لأنها تقوض علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها، بل لأنها كانت ستلحق ضررا اقتصاديا كبيرا بشركات أمريكية رائدة مثل إنفيديا، ولهذا قررت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب سحب القاعدة.
وفي بيان رسمي، قال جيفري كيسلر، وكيل وزارة التجارة للصناعة والأمن: "إدارة ترامب ستتبنى استراتيجية شاملة وجريئة للتعاون في تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الدول الصديقة حول العالم، مع الإبقاء على هذه التقنيات بعيدا عن أيدي الخصوم."
كما انتقد نهج بايدن في السياسات التقنية، واصفا إياه بـ"السياسات الفاشلة وغير المنتجة".
وفي إطار الاستراتيجية الجديدة، أعلنت وزارة التجارة عن سلسلة من التوجيهات الإضافية:
- اعتبار استخدام رقائق هواوي Huawei Ascend في أي مكان في العالم انتهاكا للوائح تصدير التكنولوجيا الأمريكية.
- تحذير الجمهور من عواقب استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي الأمريكية في تدريب وتشغيل النماذج الصينية.
- إرشاد الشركات الأمريكية إلى كيفية حماية سلاسل التوريد من محاولات التحايل أو التحويل غير المشروع.
وختم البيان بأن هذه الإجراءات تهدف إلى "ضمان بقاء الولايات المتحدة في طليعة الابتكار في الذكاء الاصطناعي والحفاظ على هيمنتها العالمية"، في تعبير واضح وصريح عن الطموح الأمريكي للسيطرة التقنية.
ووفقا لصحيفة “فايننشال تايمز”، فإن أحد الدوافع الرئيسية وراء هذه التحركات هو التطور الأخير في رقائق Ascend 910D من هواوي، والتي ترى الولايات المتحدة أنها، مثل معظم رقائق الذكاء الاصطناعي، تعتمد بشكل أو بآخر على تكنولوجيا أمريكية، وهو ما يمنح واشنطن الحق، في رأيها، لتحديد من يحق له استخدامها.
وفي انتظار صدور البديل الكامل لقانون الانتشار، يبدو أن السياسة الأمريكية تمضي في الاتجاه ذاته، فرض مزيد من القيود على الأسواق العالمية، حتى وإن كان الثمن هو عزلة الحلفاء وإضعاف الشركات الأمريكية نفسها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رقائق الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة هواوي رقائق الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
92 ألف سنة مقابل بضع سنوات.. حين يهزم الطفل الذكاء الاصطناعي في اللغة
رغم امتلاك الذكاء الاصطناعي لقدرات هائلة في معالجة البيانات، فإنه لا يزال عاجزًا عن مجاراة الأطفال في تعلّم اللغة.
والسبب؟ لأن الأطفال لا يكتسبون اللغة بمجرد الاستماع أو التلقّي، بل يتعلمونها من خلال الاستكشاف الحسي، والتفاعل الاجتماعي، والفضول الفطري.
حواس متعددة وفضول لا يتوقف
تعلّم اللغة عند الطفل ليس مجرد حفظ كلمات، بل تجربة حيوية متعددة الحواس تشمل الرؤية، والسمع، واللمس، والحركة، والانفعالات.
هذا التعلّم "المتجسّد" يرتبط بنموهم العقلي والجسدي والعاطفي، ويمنحهم قدرة استثنائية على اكتساب اللغة بسرعة وبدقة.
92 ألف سنة لتعلم اللغة
بحسب تقديرات بحثية حديثة، لو تعلّم الإنسان بنفس بطء أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، لاحتاج إلى أكثر من 92 ألف سنة ليكتسب نفس مستوى اللغة!.
أما الأطفال، فيتقنون أساسيات اللغة خلال سنواتهم الأولى لأنهم يعيشون اللغة يوميًا، ويتفاعلون معها بالإشارة، والزحف، واللمس، والتفاعل الاجتماعي.
إطار علمي لفهم التفوّق الطفولي
في محاولة لفهم هذا التفوق اللافت، طرحت البروفيسورة كارولاين رولاند من معهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي، بالتعاون مع مركز LuCiD البريطاني، إطارًا علميًا جديدًا نُشر في مجلة Trends in Cognitive Sciences.
الإطار يجمع أدلة من علوم الأعصاب، واللغويات، وعلم النفس، ويؤكد أن السر لا يكمن في كمية البيانات، بل في طريقة التعلم النشطة والتفاعلية التي يخوضها الطفل.
الطفل يتعلّم... والآلة تراقب
بينما تتعلّم أنظمة الذكاء الاصطناعي من بيانات جامدة ومفصولة عن السياق، يتعلّم الأطفال من واقع حي مليء بالحواس والتفاعلات.
هم لا ينتظرون وصول المعلومات، بل يخلقون لحظات التعلم بأنفسهم عبر الحركة، والاستكشاف، والتفاعل اليومي.
وتعلق رولاند: "أنظمة الذكاء الاصطناعي تُعالج البيانات.. أما الأطفال فيعيشونها".
ماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعلم من الأطفال؟
نتائج هذا البحث لا تُعيد فقط تشكيل فهمنا لنمو الأطفال، بل تقدم رؤية جديدة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وتختم رولاند بدعوة صريحة: "إذا أردنا أن تتعلم الآلات اللغة كما يفعل البشر، فعلينا أن نعيد تصميمها من الصفر.. لتعيش التجربة كما يفعل الأطفال".
آفاق جديدة في فهم اكتساب اللغة
رغم التقدّم الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا يزال الطفل يتفوّق على الآلة في سباق تعلّم اللغة.
فالتعلّم عند البشر ليس مجرد معالجة بيانات، بل تجربة حيّة، مليئة بالحواس والمشاعر والتفاعلات.
ومع كل خطوة يخطوها الطفل نحو فهم اللغة، يذكّرنا بأنّ الذكاء ليس فقط في السرعة، بل في المعنى والعيش والانغماس في التجربة.
فربما، قبل أن نُعلّم الآلة أن تتكلم، علينا أولًا أن نفهم كيف يتكلم الطفل.
إسلام العبادي(أبوظبي)