لا تتفاجأ إن نسيت ما كتبته بـChatGPT.. الذكاء الاصطناعي قد يسرق قدرتك على التفكير
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
- الذكاء الاصطناعي قد يسرق قدرتك على التفكير- استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي تسبب تراجع في التذكر والوعي- كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الدماغ؟
كشفت دراسة حديثة من مختبر الوسائط بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT Media Lab، عن نتائج مثيرة للقلق حول التأثير العقلي المتزايد لاستخدام نماذج اللغة الكبيرة مثل ChatGPT، خاصة في المهام المعقدة كـ كتابة المقالات والتفكير النقدي.
الدراسة التي جاءت بعنوان عقلك مع ChatGPT: تراكم الدين المعرفي عند استخدام مساعد ذكي في مهمة كتابة مقال"، توصلت إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي رغم أنها تعزز الإنتاجية، إلا أنها تقابل بتراجع ملحوظ في النشاط العقلي والارتباط المعرفي لدى المستخدمين.
لتحليل الظاهرة، قسم الباحثون المشاركين إلى ثلاث مجموعات:
قام MIT بإجراء تجربة شملت 54 شخصا، تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عاما، لاختبار تأثير الكتابة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي على الدماغ.
تم تقسيم المشاركين إلى 3 مجموعات الأولى استخدمت نموذج لغة ذكي ChatGPT بدون أدوات خارجية، أما الثانية اعتمدت على محركات البحث التقليدية مثل بحث جوجل، والثالثة اعتمدت فقط على التفكير الذاتي دون أي أدوات مساعدة.
وباستخدام تقنية رسم الدماغ الكهربائي EEG وتحليل المقالات، أظهرت النتائج أن مستخدمي ChatGPT أظهروا نشاطا عقليا ضعيفا، حيث كانت الذاكرة والإبداع والوظائف التنفيذية غير مستفزة بما فيه الكفاية، ما يشير إلى جهد معرفي أقل وتفاعل ذهني أضعف مقارنة بالمجموعتين الأخريين.
بالمقارنة، مجموعة الدماغ فقط أظهرت نشاطا عاليا في موجات الدماغ المتعلقة بالتفكير العميق، والذاكرة، والإبداع.
واحدة من أكثر النتائج صدمة كانت ضعف القدرة على تذكر ما كتبه المستخدمون، فقد فشل 83.3% من مستخدمي ChatGPT في اقتباس جملة صحيحة واحدة من مقالاتهم التي كتبوها بأنفسهم، مقارنة بـ 11.1% فقط في المجموعتين الأخريين.
وأشارت الدراسة إلى مفهوم خطير يسمى التفريغ المعرفي Cognitive Offloading، أي الاعتماد الزائد على الأدوات الذكية في التفكير، مما يؤدي إلى تدهور تدريجي في قدرات التعلم والفهم العميق على المدى البعيد.
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الدماغ؟اكتشف الباحثون أن مستخدمي ChatGPT دخلوا في وضع التحكم التلقائي، حيث انخفضت مستويات التفكير والذاكرة والجهد العقلي، ببساطة، كما لو أن أدمغتهم استخدمت الذكاء الاصطناعي كـ عكاز عقلي، مما جعلها أقل قدرة على التفاعل بعمق مع المحتوى.
الكسل المعرفي يزحف بهدوءأشار الباحثون أيضا إلى ظاهرة الكسل فوق المعرفي، حيث يتجنب المستخدمون التفكير النقدي أو دمج الأفكار بأنفسهم، مكتفين بالإجابات السهلة الجاهزة.
ترى الدراسة أن هذا الاعتماد المفرط على أدوات الكتابة الذكية، قد يضعف قدرة الطلاب على التفكير النقدي وبناء حجج منطقية وتذكر المعلومات.
خلص الباحثون إلى ضرورة تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية، مؤكدين أن هذه الأدوات يمكن أن تسرع الإنتاج، لكنها قد تقلل من الحضور الذهني والانخراط المعرفي بشكل واضح.
كما أشاروا في التقرير، إلى أن الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي قد يكلفنا قدراتنا العقلية على المدى الطويل.
كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي دون التأثير على قدرتنا العقلية؟الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية، لكن يجب أن يكون استخدامه محسوبا ومدروسا.
- أولا فكر قبل اللجوء إلى استخدام الذكاء الاصطناعي حاول تدوين الأفكار أو التخطيط للمحتوى يدويا، ثم استخدم ChatGPT لتحسينها، وليس لاستبدالها.
- استمر في تحدي عقلك: مثلا، لا تستخدم GPS دائما، اكتب ملاحظات يدويا بدلا من الاعتماد على الكمبيوتر، أو حاول حل المشكلات بنفسك دون مساعدة مباشرة من الذكاء الاصطناعي.
- أهمية ممارسة الرياضة والتغذية: كما يحتاج دماغك إلى التمرين العقلي، فإنه يحتاج أيضا إلى الوقود المناسب، تحسن التمارين الرياضية والأنظمة الغذائية المناسبة من الذاكرة والتركيز، بينما تساعد التأملات في تعزيز قدرتك على التركيز.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی على التفکیر
إقرأ أيضاً:
92 ألف سنة مقابل بضع سنوات.. حين يهزم الطفل الذكاء الاصطناعي في اللغة
رغم امتلاك الذكاء الاصطناعي لقدرات هائلة في معالجة البيانات، فإنه لا يزال عاجزًا عن مجاراة الأطفال في تعلّم اللغة.
والسبب؟ لأن الأطفال لا يكتسبون اللغة بمجرد الاستماع أو التلقّي، بل يتعلمونها من خلال الاستكشاف الحسي، والتفاعل الاجتماعي، والفضول الفطري.
حواس متعددة وفضول لا يتوقف
تعلّم اللغة عند الطفل ليس مجرد حفظ كلمات، بل تجربة حيوية متعددة الحواس تشمل الرؤية، والسمع، واللمس، والحركة، والانفعالات.
هذا التعلّم "المتجسّد" يرتبط بنموهم العقلي والجسدي والعاطفي، ويمنحهم قدرة استثنائية على اكتساب اللغة بسرعة وبدقة.
92 ألف سنة لتعلم اللغة
بحسب تقديرات بحثية حديثة، لو تعلّم الإنسان بنفس بطء أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، لاحتاج إلى أكثر من 92 ألف سنة ليكتسب نفس مستوى اللغة!.
أما الأطفال، فيتقنون أساسيات اللغة خلال سنواتهم الأولى لأنهم يعيشون اللغة يوميًا، ويتفاعلون معها بالإشارة، والزحف، واللمس، والتفاعل الاجتماعي.
إطار علمي لفهم التفوّق الطفولي
في محاولة لفهم هذا التفوق اللافت، طرحت البروفيسورة كارولاين رولاند من معهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي، بالتعاون مع مركز LuCiD البريطاني، إطارًا علميًا جديدًا نُشر في مجلة Trends in Cognitive Sciences.
الإطار يجمع أدلة من علوم الأعصاب، واللغويات، وعلم النفس، ويؤكد أن السر لا يكمن في كمية البيانات، بل في طريقة التعلم النشطة والتفاعلية التي يخوضها الطفل.
الطفل يتعلّم... والآلة تراقب
بينما تتعلّم أنظمة الذكاء الاصطناعي من بيانات جامدة ومفصولة عن السياق، يتعلّم الأطفال من واقع حي مليء بالحواس والتفاعلات.
هم لا ينتظرون وصول المعلومات، بل يخلقون لحظات التعلم بأنفسهم عبر الحركة، والاستكشاف، والتفاعل اليومي.
وتعلق رولاند: "أنظمة الذكاء الاصطناعي تُعالج البيانات.. أما الأطفال فيعيشونها".
ماذا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعلم من الأطفال؟
نتائج هذا البحث لا تُعيد فقط تشكيل فهمنا لنمو الأطفال، بل تقدم رؤية جديدة لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وتختم رولاند بدعوة صريحة: "إذا أردنا أن تتعلم الآلات اللغة كما يفعل البشر، فعلينا أن نعيد تصميمها من الصفر.. لتعيش التجربة كما يفعل الأطفال".
آفاق جديدة في فهم اكتساب اللغة
رغم التقدّم الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا يزال الطفل يتفوّق على الآلة في سباق تعلّم اللغة.
فالتعلّم عند البشر ليس مجرد معالجة بيانات، بل تجربة حيّة، مليئة بالحواس والمشاعر والتفاعلات.
ومع كل خطوة يخطوها الطفل نحو فهم اللغة، يذكّرنا بأنّ الذكاء ليس فقط في السرعة، بل في المعنى والعيش والانغماس في التجربة.
فربما، قبل أن نُعلّم الآلة أن تتكلم، علينا أولًا أن نفهم كيف يتكلم الطفل.
إسلام العبادي(أبوظبي)