أجمع عدد من الخبراء التربويين على أن دعو الرئيس عبد الفتاح السيسي لإدراج مادة الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية تعكس وعيًا استراتيجيًا بمتطلبات المستقبل، وتُمثل نقلة نوعية نحو تحديث منظومة التعليم في مصر بما يتواكب مع الثورة التكنولوجية العالمية ومتغيرات سوق العمل.

وفي هذا السياق، قال الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي، إن هذه الدعوة تمثل خطوة محورية في مسار تطوير التعليم المصري، في ظل الطفرة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن إدراج هذه المادة كمكون أساسي في التعليم قبل الجامعي أصبح ضرورة ملحّة.

وأوضح شوقي أن السنوات القادمة ستشهد تغييرًا جذريًا في مفهوم الأمية، ليشمل عدم القدرة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وليس فقط القراءة والكتابة أو المهارات الحاسوبية الأساسية، مشددًا على أهمية تأهيل الأجيال الجديدة للتعامل مع هذه التقنيات التي أصبحت محورًا رئيسيًا في جميع مناحي الحياة.

وأضاف أن تعليم الذكاء الاصطناعي في سن مبكرة يساعد في غرس مهارات رقمية متقدمة لدى الأطفال، ويضمن تكافؤ الفرص بين الطلاب من مختلف البيئات، باعتبارها مادة إلزامية. كما أشار إلى أن هذه المادة تتماشى مع طبيعة تفكير الأطفال المعاصرين الذين باتوا أكثر ميلًا للتفاعل مع الأدوات الرقمية.

وأكد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تقليص الفجوة التعليمية الناتجة عن عجز المعلمين أو صعوبة المناهج، من خلال أدوات ذكية تسهّل عملية الفهم، وتُيسر المحتوى، وتفتح المجال أمام الطلاب الذين يمتلكون ميولًا خاصة نحو البرمجة أو الابتكار التكنولوجي.

من جانبه، شدد الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، على أن هذه الدعوة الرئاسية تُعد بمثابة استثمار حقيقي في العنصر البشري، وتعكس إيمان الدولة بأهمية بناء العقول وتأهيل الأجيال الجديدة لمتطلبات العصر الرقمي.

وأضاف حجازي أن إدراج مفاهيم الذكاء الاصطناعي في التعليم يُعد توجهًا استراتيجيًا نحو تدويل التعليم المصري ليتماشى مع المعايير الدولية، ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدًا أن امتلاك الخريجين لمهارات الذكاء الاصطناعي سيضعهم في مرتبة تنافسية متقدمة عالميًا.

وأشار إلى أن تعليم الذكاء الاصطناعي لا يقتصر فقط على الجانب المهني، بل يسهم في تنمية التفكير النقدي وحل المشكلات والابتكار، كما يرفع من وعي الطلاب الرقمي، ويقلل من الفجوة بين المناهج الدراسية واحتياجات الواقع.

وأكد حجازي أن التحول من مستهلكين للتكنولوجيا إلى صناع لها يتطلب منهجية واضحة تبدأ من المراحل التعليمية الأولى، وتوفر مناهج مرنة قابلة للتحديث، وبنية تحتية تكنولوجية متكاملة.

ورغم ما يحمله هذا التوجه من مزايا، شدد الخبيران على وجود تحديات تتطلب تخطيطًا دقيقًا، أبرزها تحديد الصف الدراسي المناسب لبدء تدريس المادة، وآليات تنفيذها تدريجيًا أو بشكل شامل. كما أشارا إلى أهمية الجمع بين الجانبين النظري والعملي، وتجنب الاقتصار على الحفظ والتلقين.

ونبّه شوقي إلى ضرورة توفير معلمين مؤهلين ومعامل حاسوبية مجهزة في جميع المدارس، بالإضافة إلى دعم الأسر في توفير الأجهزة الرقمية اللازمة، خاصة في ظل ارتفاع تكلفتها. كما أشار إلى أهمية ضمان جودة الإنترنت بالمدارس وتوفير اشتراكات مستمرة تتيح الاستخدام العملي.

وفي السياق ذاته، شدد حجازي على ضرورة وضع أطر تشريعية تُنظم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسات التعليمية، وتضمن الاستخدام الأخلاقي والمسؤول لها، إلى جانب تطوير مهارات المعلمين باستمرار.

واختتم الخبيران تصريحاتهما بالتأكيد على أن نجاح هذه الخطوة يتطلب تضافر الجهود المؤسسية، وتخطيطًا محكمًا، وتوفير موارد بشرية ومادية كافية، لضمان تعليم أكثر تطورًا واستعدادًا لمتطلبات المستقبل الرقمي.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: السيسي الذكاء الاصطناعي المناهج الدراسية تطوير التعليم مناهج الرئيس عبد الفتاح صعوبة المناهج لرئيس عبد الفتاح السيسي الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

تقرير جديد: الذكاء الاصطناعي لا يحل محل العلاقات الإنسانية

رغم الانتشار الواسع للحديث عن لجوء الناس إلى روبوتات الذكاء الاصطناعي كـ رفقاء أو مصادر للدعم العاطفي يكشف تقرير حديث من شركة أنثروبيك Anthropic، المطورة للمساعد الذكي الشهير Claude، أن هذا السلوك نادر الحدوث في الواقع.

وبحسب التقرير، لم تتجاوز نسبة محادثات الذكاء الاصطناعي التي طلب فيها المستخدمون دعما عاطفيا أو نصائح شخصية من Claude 2.9% فقط من إجمالي المحادثات، أما محادثات التمثيل والتقمص الوجداني أو طلب الرفقة، فكانت أقل من 0.5%.

لا تتفاجأ إن نسيت ما كتبته بـChatGPT.. الذكاء الاصطناعي قد يسرق قدرتك على التفكيردراسة صادمة.. نماذج الذكاء الاصطناعي يمكنها الكذب وابتزاز المستخدمينالغالبية تستخدم Claude لأغراض العمل والإنتاجية

حللت الشركة أكثر من 4.5 مليون محادثة من مستخدمي النسختين المجانية والمدفوعة من Claude، ووجدت أن الاستخدام الأكثر شيوعا للروبوت يتمحور حول المهام المتعلقة بإنشاء المحتوى والعمل، وليس العلاقات الشخصية.

ومع ذلك، لاحظت “أنثروبيك” أن بعض المستخدمين يلجؤون إلى Claude للحصول على نصائح في الصحة النفسية، والتطوير الشخصي والمهني، وتحسين مهارات التواصل. 

وفي بعض الحالات، تتطور هذه المحادثات إلى طلب نوع من الرفقة أو الدعم الوجداني، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من وحدة عاطفية أو ضغوط نفسية.
 

روبوت ليس بديلا للعلاقات البشرية


أشارت الشركة إلى أن المحادثات الطويلة التي تتجاوز 50 رسالة، قد تبدأ في سياق الإرشاد أو التدريب، لكنها تتحول تدريجيا إلى بحث عن رفقة عاطفية، ومع ذلك، هذه الحالات ليست هي السائدة.

وأكدت أنثروبيك أن روبوتها نادرا ما يرفض طلبات المستخدمين، إلا في حال تعارضها مع معايير السلامة، مثل تقديم نصائح ضارة أو تشجيع على إيذاء النفس. 

ولفتت إلى أن طبيعة المحادثات تصبح أكثر إيجابية بمرور الوقت، خاصة في الجلسات التي يطلب فيها دعم نفسي أو توجيه شخصي.

ورغم الاستخدامات المتعددة التي تسجل يوما بعد آخر، شددت الشركة على أن روبوتات الذكاء الاصطناعي لا تزال تخضع للتطوير، فهي عرضة للأخطاء، وقد تقدم معلومات غير دقيقة أو حتى ضارة أحيانا، بل إن أنثروبيك نفسها اعترفت سابقا بإمكانية انحراف الروبوتات نحو سلوكيات غير متوقعة مثل الابتزاز في حالات نادرة.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي Claude روبوتات الذكاء الاصطناعي

مقالات مشابهة

  • تحذير صارم: الذكاء الاصطناعي ينشر معلومات طبية مضللة
  • تشريع جديد يوسع التعليم التكنولوجي ويمنح المدارس دورا في التنمية الاقتصادية
  • التعليم في مناطق الحوثيين… المدارس تُنهب و أطفال الفقراء يقصون (تقرير خاص)
  • نواب: تطوير المطارات وطرح الغردقة للشراكة خطوة استراتيجية لتعظيم الإيرادات وتحسين الخدمات
  • خبير تربوي: تحول ملحوظ في ثقافة المجتمع تجاه التعليم بعد الإعدادية
  • تقرير جديد: الذكاء الاصطناعي لا يحل محل العلاقات الإنسانية
  • 92 ألف سنة مقابل بضع سنوات.. حين يهزم الطفل الذكاء الاصطناعي في اللغة
  • الذكاء الاصطناعي يحلّل تخطيط صدى القلب خلال دقائق
  • هل يخلق الذكاء الاصطناعي مجتمعا أميا في المستقبل؟
  • فيديو بتقنية الذكاء الاصطناعي يتنبأ بفوز الهلال قبل يوم من مواجهة باتشوكا