الخرطوم- اتسع نطاق المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولايات إقليم كردفان الثلاث، ويرى خبراء أن قيادة الدعم السريع تسعى لقطع الطريق أمام الجيش المندفع نحو إقليم دارفور، حتى لا تدافع عن مدنه داخل محيطها. ويعتقد مراقبون أن معارك غرب كردفان يمكن أن تغيّر موازين القوة والخريطة العسكرية في غرب السودان.

وعقب انتصار الجيش في وسط السودان خاصة في ولايات سنار والجزيرة والخرطوم، بدأ الزحف نحو إقليم دارفور عبر ولايات كردفان الثلاث، وهي شمال وجنوب وغرب كردفان، لتأمين الخرطوم ووسط البلاد وإبعادها عن دائرة الخطر.

ونجح الجيش في التوسع في الجزء الجنوبي من ولاية شمال كردفان، بعد استعادته مدينتي "أم روابة" و"الرهد" وإنهاء حصار "الأبيّض" عاصمة الولاية، بينما لا تزال محليات شمال الولاية -وتشمل "بارا" و"غرب بارا" و"الحمرة" و"سودري"- تحت سيطرة قوات الدعم السريع وانتشارها.

خريطة السيطرة

يتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السيطرة على مناطق ولاية غرب كردفان المتاخمة لإقليم دارفور، حيث تخضع للدعم السريع مناطق "الفولة" و"المجلد" و"أبو زبد" و"السنوط" و"غبيش" "وودبندا" و"الإضية" و"كيلك" ولقاوة".

من جهة أخرى، يسيطر الجيش في غرب كردفان على بعض المدن مثل "بابنوسة" التي توجد بها قيادة الفرقة 22 مشاة، و"الخوي"، و"هجليج" الغنية بالنفط.

إعلان

وفي ولاية جنوب كردفان يسيطر الجيش على معظم مدن الولاية الكبيرة مثل "كادوقلي" عاصمة الولاية، و"الدلنج" و"أبو جبيهة" و"العباسية" و"تقلي" و"كالوقي"، كما استعاد يوم الخميس بلدة "الدحيليب" من مقاتلي الحركة الشعبية- شمال بقيادة عبد الحلو، التي تقع في شرق "كادوا" معقل الحركة.

بالمقابل، تسيطر الحركة الشعبية منذ أكثر من 3 عقود على الجزء الجنوبي الغربي من ولاية جنوب كردفان، وتشمل محليات "البرام" و"أم دورين" و"هيبان، التي تضم مدينة كاودا العاصمة الإدارية للحركة وأنشأت إدارات مدنية فيها.

أما قوات الدعم السريع فتنتشر في شمال ولاية جنوب كردفان، في محلية "القوز" التي تشهد مواجهات دامية بين الطرفين بعد تقدم الجيش قبل يومين.

واستعاد الجيش السيطرة يوم الأربعاء الماضي على مدينة "الحمادي" التي ظلت تحت سيطرة الدعم السريع من أول أيام الحرب، كما يقترب من استعادة السيطرة على مدينة "الدبيبات" آخر معاقل الدعم السريع بالولاية.

السيطرة على الخوي والنهود تعني إحداث تحول في ميزان القوة بحسب خبراء سياسيين (مواقع التواصل) كسر العظم

تقول مصادر عسكرية للجزيرة نت إن الدعم السريع يستشعر الخطر من القوات المتجولة "متحرك الصياد" (المتحرك قوة عسكرية) التي تضم قوات عالية التدريب من الجيش والقوة المشتركة لحركات دارفور وكتائب الإسناد، ولديها أسلحة نوعية وأجهزة وعتاد لمجابهة كافة مراحل القتال وخطوط إمداد لوجستية تمكنها من الوصول إلى دارفور.

ودفعت قوات الدعم السريع منذ أسبوعين بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو مدينة النهود العاصمة المؤقتة لولاية غرب كردفان، والتي تضم قيادات أبرزها رئيس المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع حذيفة أبو نوبة، والمتحدث باسم القوات الفاتح قرشي، حسب المصادر العسكرية.

واستطاعت قوات الدعم السريع في مطلع مايو/أيار الجاري السيطرة على مدينة "النهود" التي تعد منطقة إستراتيجية تربط بين كردفان ودارفور، وبها أكبر بورصة للفول السوداني والصمغ العربي، وتضم أبرز أسواق الماشية في غرب السودان.

إعلان

كذلك تقدمت الدعم السريع وسيطرت على منطقة "الخوي" غرب النهود، وهي في طريقها إلى الأبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان، غير أن الجيش استعاد المنطقة وكبدها خسائر فادحة عدّتها المصادر العسكرية التي تحدثت للجزيرة نت أنها تماثل الضربة التي تلقتها قوات الدعم السريع في جبل موية بولاية سنار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعتقد المصادر نفسها أن ضربة جبل موية كانت قاصمة ظهر للدعم السريع في وسط السودان، وفتحت الباب أمام تحرير ولايتي سنار ثم الجزيرة.

من جانبه، وصف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في منشور عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، ما حدث في "الخوي" وما حولها بأنها "معركة كسر العظم"، بعدما دفعت قوات الدعم السريع بمعظم احتياط قواتها وعتادها الحربي، وقال إن الطريق الآن بات سالكا من كردفان إلى الفاشر.

وفي المقابل، قالت قوات الدعم السريع إنها أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الجيش وحلفائه، وخلفت مئات القتلى وغنمت عشرات المركبات، مشيرة إلى أنها عازمة على التقدم ميدانيا في كردفان ودارفور.

موازين القوة

وتعليقا على تطورات الأوضاع في ولاية غرب كردفان، يقول الخبير العسكري عميد عمر باشري إن قوات الدعم السريع في سبيل تأمين وجودها في مدينة النهود واستعادة الخوي سحبت عددا كبيرا من قواتها التي كانت متمركزة حول مدينة الفاشر، ومن الضعين في شرق دارفور، ومحور شمال الصحراء في مناطق الراهب والعطرون عبر حمرة الشيخ.

وحسب حديث الخبير العسكري للجزيرة نت، فإن هذه الحشود قصدت منها قوات الدعم السريع إنشاء خطوط دفاعية تبدأ من الخوي والنهود، ثم تتواصل غربا في مناطق بروش وجبل حلة وأم كدادة، وصولا إلى الكومة شرقي الفاشر.

ويعتقد المتحدث أن الهزيمة القاسية التي تلقتها قوات الدعم السريع تمهد الطريق للتقدم لاسترداد النهود والتقدم نحو الفاشر، بعدما صارت قواتها مبعثرة في اتجاهات عدة مع تقدم الجيش جنوبًا أيضا عبر "متحرك الصياد" بالاتجاه الآخر، وتحريره منطقة الحمادي واقترابه من الدبيبات حاضرة محلية القوز في جنوب كردفان.

أما الباحث والخبير العسكري أبو بكر عبد الرحيم فيرى أن معارك غرب كردفان تمثل للجيش مفتاحا للتوغل نحو إقليم دارفور، وتأمين ظهر الأبيض حاضرة شمال كردفان، بينما تعني لقوات الدعم السريع نقطة لتأمين سيطرتها على مواقع بكردفان ودارفور والزحف نحو الأبيض.

إعلان

ويوضح الباحث للجزيرة نت أن معارك غرب كردفان تعد نقطة سيطرة إستراتيجية على خطوط الحركة بين الأبيّض والفاشر، وبين ولايات دارفور وولاية شمال كردفان المتاخمة لولاية الخرطوم.

ومن يسيطر على غرب كردفان يسيطر فعليا على طرق الإمداد ونقاط التدخل نحو دارفور وشمال كردفان، وحتى أطراف جنوب ليبيا، أما سياسيا فالسيطرة على الخوي والنهود تعني إحداث تحول في ميزان القوة، وفقا للباحث.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع فی إقلیم دارفور شمال کردفان السیطرة على جنوب کردفان غرب کردفان للجزیرة نت فی غرب

إقرأ أيضاً:

الجوع ونقص الغذاء يقضي على 239 طفلا سودانيا هذا العام في الفاشر

كشفت شبكة أطباء السودان، الأحد، عن وفاة 239 طفلاً في مدينة الفاشر غرب البلاد، منذ مطلع العام الجاري، جراء سوء التغذية الحاد والنقص الحاد في الأدوية، وسط حصار خانق تفرضه قوات "الدعم السريع" على المدينة، التي تمثل مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.

وقالت الشبكة، وهي هيئة طبية مستقلة، في بيان اطلعت عليه "عربي21"، إن فريقها وثق هذه الوفيات بين شهري كانون الثاني/يناير الماضي٬ حزيران/يونيو الجاري"٬ محذرة من تفاقم الأزمة نتيجة الهجمات المتكررة على مستودعات تغذية الأطفال، وتزايد حالات الجوع والعجز عن توفير الرعاية الصحية.

وأكدت الشبكة أن "ما تبقى من المدنيين في الفاشر، وخاصة الأطفال، يواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل القصف والحصار المستمر"، مشيرة إلى غياب الاستجابة الدولية الكافية على الرغم من النداءات المتكررة.
شبكة أطباء السودان: وفاة 239 طفلا بسبب سوء التغذية بالفاشر والشبكة تطلق نداء عاجل لإنقاذ أطفال دارفور

تمكن الفريق الطبي لشبكة أطباء السودان من حصر عدد 239 طفلا ماتو بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والدواء بولاية شمال دارفور خلال الفترة من يناير الماضي وحتى يونيو بسبب تزايد حالات… pic.twitter.com/hztuIn945t — Sudan Doctors Network - شبكة أطباء السودان (@SDN154) June 29, 2025
نداء عاجل وسط تجاهل دولي
وأطلقت الشبكة الطبية نداء استغاثة عاجلاً لإنقاذ السكان، قائلة إن المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام تشهد انهياراً كاملاً في البنية الغذائية والصحية، في ظل انعدام المواد الأساسية وارتفاع جنوني في الأسعار، بينما يبقى العالم صامتاً أمام ما وصفته بـ"مأساة دارفور المستمرة".

وتشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، اشتباكات عنيفة منذ العاشر من أيار/مايو 2024 بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية من تبعات المعارك في واحدة من آخر المدن الكبرى التي لا تزال تحت سيطرة الجيش في إقليم دارفور.

#ادعموا_المطابخ
غرفة طوارئ القطاع الجنوبي- الفاشر:
مشروع المطابخ الجماعية لنازحي الفاشر و زمزم بطويلة pic.twitter.com/q6b93Ypunh — hala haya 5 (@NidalSaad4) June 28, 2025
هدنة إنسانية بانتظار التنفيذ
وفي محاولة للحد من الكارثة، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الجمعة الماضية، الموافقة على هدنة إنسانية لمدة سبعة أيام في الفاشر، بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

لكن وحتى اللحظة، لم تعلن قوات "الدعم السريع" رسمياً التزامها بالهدنة، رغم تقارير صحفية أشارت إلى ترحيب ضمني من بعض قياداتها، ما يثير مخاوف من فشل الاتفاق في ظل انعدام الثقة بين الأطراف المتحاربة.

في وقت سابق٬ أدان كل من برنامج الأغذية العالمي ومنظمة "يونيسف"، في بيان مشترك، هجوماً مسلحاً استهدف قافلة مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى الفاشر عبر مدينة الكومة بولاية شمال دارفور.

وأوضح البيان أن الهجوم، أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، وإصابة آخرين، إضافة إلى إحراق عدد من الشاحنات وتضرر مساعدات حيوية كانت مخصصة للأطفال والمحتاجين في المدينة المحاصرة.

وشدد البيان على أن "مسار القافلة كان معروفاً مسبقاً، وتم التنسيق مع جميع الأطراف لإبلاغهم بتحركاتها"، لافتاً إلى أن "استهداف قوافل الإغاثة يمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الإنساني، ويهدد حياة ملايين المدنيين".


خطر المجاعة يلوح في الأفق
حذرت المنظمتان الأمميتان من أن مئات الآلاف من السكان، بينهم عدد هائل من الأطفال، باتوا مهددين بالموت جوعاً إذا لم تصل إليهم الإمدادات في أقرب وقت، مؤكدتين أن الوضع في الفاشر يتطلب "استجابة عاجلة وفعالة، ووقفاً فورياً للهجمات على العاملين في المجال الإنساني".

وطالبتا أطراف النزاع بـ"تسهيل وصول القوافل وتوفير الممرات الآمنة لها"، داعيتين المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لإنقاذ الأرواح، ووقف الكارثة الإنسانية التي تتكشف فصولها يومياً في دارفور.

وتأتي هذه التطورات في ظل حرب دامية دخلت عامها الثاني، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ اندلاعها في نيسان/أبريل 2023. 

ووفق إحصاءات الأمم المتحدة والسلطات المحلية، فقد قُتل أكثر من 20 ألف شخص، فيما تشير دراسة أكاديمية أمريكية إلى أن العدد الحقيقي قد يصل إلى 130 ألف قتيل.

كما أدت الحرب إلى نزوح أكثر من 15 مليون شخص داخلياً وخارجياً، وتدمير واسع للبنية التحتية، وتفشي المجاعة والأمراض، وسط عجز أممي عن احتواء الكارثة، وتراجع في تمويل المنظمات الإنسانية العاملة في البلاد.

مقالات مشابهة

  • “الدعم السريع” تهاجم مدينة في غرب كردفان مجددا والجيش السوداني تصدى
  • بعد زيارة البرهان لمصر.. هل يشهد السودان هدنة قريبة بين الجيش و(الدعم السريع)؟
  • الأمم المتحدة: مشاورات مع الجيش السوداني والدعم السريع من أجل هدنة إنسانية بالفاشر
  • الجيش السوداني يصد هجوما واسعا لقوات الدعم السريع على الفاشر
  • “الدعم السريع” يتسلل إلى مدينة مهمة والجيش السوداني يتصدى
  • “نيويورك تايمز”: الإمارات ضالعة في حرب السودان وبن زايد سلح “الدعم السريع”
  • شبكة أطباء السودان: 239 طفلًا ضحية الجوع في الفاشر  وكارثة إنسانية وشيكة
  • الجوع ونقص الغذاء يقضي على 239 طفلا سودانيا هذا العام في الفاشر
  • السودان.. نزوح أكثر من 3000 أسرة بولاية غرب كردفان
  • الجيش السوداني يقصف تجمعا للدعم السريع بجامعة نيالا