في السابع عشر من مايو، يحتفل عشاق الفن في مصر والعالم العربي بذكرى ميلاد أحد أعظم نجوم الشاشة والمسرح، الفنان الكبير عادل إمام، الذي بلغ عامه الخامس والثمانين هو ليس مجرد ممثل، بل حالة فنية وإنسانية فريدة، ظل لعقود طويلة يحتل مكانة خاصة في قلوب الجماهير، وقدم خلالها أعمالًا شكّلت الوعي الجمعي لملايين العرب، مزج فيها الكوميديا بالدراما، والسخرية بالرسائل الجادة.

البدايات.. من شوارع شها إلى قلب القاهرة

 

وُلد عادل إمام في قرية شها التابعة لمحافظة الدقهلية عام 1940، وسط أسرة متواضعة يعمل والدها في الشرطة. انتقلت العائلة لاحقًا إلى حي السيدة زينب في القاهرة، حيث بدأ إدراك الطفل الصغير لاختلاف عالم العاصمة واتساع آفاقها. 

منذ سنوات دراسته الأولى، لفتت شخصيته الجذابة نظر من حوله، لكنه لم يتجه إلى الفن مباشرة، بل التحق بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، وهناك كانت البداية الحقيقية على خشبة المسرح الجامعي.

الموهبة تصنع زعيمًا.. انطلاقة فنية لا تتوقف

 

لم يكن طريقه إلى الشهرة مفروشًا بالورود، فقد بدأ بأدوار صغيرة لم يكن بعضها يُذكر، لكنه أصر على إثبات نفسه، حتى لمع اسمه تدريجيًا. بفضل موهبته الحاضرة وتعبيره الكوميدي الفطري، أصبح وجهًا مألوفًا في السبعينيات، وانفجرت شعبيته مع مسرحية مدرسة المشاغبين، التي شكلت نقطة تحول ليس فقط له، بل لجيل بأكمله من الفنانين.

بين الكوميديا والرسالة.. رصيد لا يُنسى من الأعمال

 

تمكّن عادل إمام من كسر الصورة النمطية للممثل الكوميدي، فانتقل بسلاسة إلى أدوار تحمل قضايا مجتمعية وسياسية دون أن يفقد جاذبيته الشعبية. قدم عشرات الأفلام التي أصبحت علامات في تاريخ السينما المصرية، مثل: "الإرهابي"، "الإرهاب والكباب"، "طيور الظلام"، و"عمارة يعقوبيان". 

أما على المسرح، فقد جسد شخصيات ظلت محفورة في الذاكرة من خلال "الزعيم"، "الواد سيد الشغال"، وغيرها من العروض التي شهدت إقبالًا غير مسبوق.

في التلفزيون.. حضور دائم في بيوت العرب

 

رغم هيمنته على السينما والمسرح، لم يغفل عادل إمام عن الشاشة الصغيرة، فشارك في عدد من المسلسلات التي جذبت الجمهور، خاصة في شهر رمضان، من أبرزها: "فرقة ناجي عطا الله"، "صاحب السعادة"، و"عوالم خفية "وكان دائمًا حريصًا على أن تحمل هذه الأعمال مضمونًا يعكس قضايا المجتمع وتغيراته.

حياته الشخصية.. خصوصية ووفاء للعائلة

 

بعيدًا عن الأضواء، عاش عادل إمام حياة أسرية مستقرة، متزوج من السيدة هالة الشلقاني، وله منها ثلاثة أبناء: رامي، المخرج المعروف، ومحمد، الممثل الذي يسير على خطاه، وابنته سارة، لم يكن من هواة الظهور في الإعلام للحديث عن أسرته، وحرص على إبقاء هذا الجانب من حياته بعيدًا عن الصخب، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أن العائلة هي الداعم الحقيقي وراء استمراره.

تكريمات وأوسمة.. فنان بحجم وطن

 

نالت مسيرته العديد من التكريمات في مصر وخارجها، وحصل على جوائز مرموقة عن أدواره المؤثرة، أبرزها جائزة أفضل ممثل عن فيلم "الإرهابي" عام 1995.

كما تم اختياره سفيرًا للنوايا الحسنة للأمم المتحدة، تقديرًا لدوره المؤثر على الصعيدين الفني والإنساني. 

ولم تغب أعماله يومًا عن المهرجانات والمحافل الدولية، حيث لطالما كانت محط إشادة النقاد والجمهور.

"الزعيم".. إرث لا يُنسى

 

رغم غيابه المؤقت عن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة، فإن اسم عادل إمام لا يزال حاضرًا بقوة في الوجدان الشعبي، فأعماله تُعرض يوميًا على الشاشات، وجمله الساخرة تُتناقل في المواقف اليومية هو الفنان الذي رسم البسمة، وجعل من الفن رسالة لا تُنسى.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: عادل إمام جامعة القاهرة محافظة الدقهلية كلية الزراعة مدرسة المشاغبين صاحب السعادة المسرح الجامعي اعمال عادل امام عيد ميلاد عادل إمام عادل إمام

إقرأ أيضاً:

فريدة فهمي.. سيدة الرقص الاستعراضي التي منحت جسدها للتراث وأفكارها للأكاديمية في عيد ميلادها الـ85

 

تحتفل اليوم، الأحد 29 يونيو، الفنانة القديرة فريدة فهمي بعيد ميلادها الـ85، أيقونة الرقص الاستعراضي في مصر والعالم العربي، وواحدة من أبرز الأسماء التي أعادت تعريف مفهوم الفن الحركي من خلال فرقة رضا، التي أصبحت على يديها رمزًا للهوية المصرية الراقصة.

 

من بيت الفن إلى المسرح

ولدت فريدة فهمي في عام 1940 بحي مصر الجديدة في القاهرة، لأسرة تهتم بالفن والثقافة؛ فوالدها المهندس حسن فهمي كان عميدًا لمعهد السينما، وقد وفّر لها بيئة خصبة لاكتشاف مواهبها وصقلها مبكرًا، حيث بدأت خطواتها الأولى في عالم الفن من خلال دراستها لكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة، لكن شغفها بالرقص والمسرح أخذها إلى طريق آخر أكثر تعبيرًا وجمالًا.

 

مؤسسة على خشبة العالم

في عام 1961، كانت فريدة فهمي أحد الركائز الثلاث التي أسست فرقة رضا للفنون الشعبية، برفقة زوجها المخرج والمنتج علي رضا، وشقيقه المصمم والمبدع الراقص محمود رضا، الذي وصفته فريدة بأنه “خلق لغة حركية مستمدة من نبض الأرض المصرية”.
برزت فريدة فهمي كوجه الفرقة، ليس فقط بجمالها ورشاقتها، بل بقدرتها الفريدة على تحويل الحركات التراثية إلى مشاهد مسرحية عالمية، ورفعها للفن الشعبي المصري إلى مصاف العروض الدولية الراقية.

 

“غرام في الكرنك”.. أيقونة سينمائية

قدمت فريدة عددًا من الأعمال السينمائية، لكن يبقى فيلم “غرام في الكرنك” (1967) هو الأيقونة الأشهر، حيث جسّد الفيلم رحلة فرقة رضا إلى جنوب مصر، وسجّل بالصور والرقصات حالة من التماهي بين الجمال الطبيعي والبشري والفني، لتحفر اسمها في ذاكرة الأجيال.

 

رصيد سينمائي رغم الانشغال بالاستعراض

شاركت فهمي في نحو 10 أفلام، كان أولها “فتى أحلامي” عام 1957، ثم توالت الأعمال مثل:
• “الأخ الكبير” (1958)
• “إسماعيل ياسين في البوليس الحربي” (1958)
• “حرامي الزواج” (1961)
• وصولًا إلى “أسياد وعبيد” (1978)، وهو آخر ظهور سينمائي لها.

ورغم قلة مشاركاتها السينمائية مقارنة برفيقات جيلها، فإنها اختارت بوعي أن تكون الراقصة التي تصنع الفرق، لا الممثلة التي تكرّر الحضور.

 

من المسرح إلى الجامعة

في سن الأربعين، قررت فريدة فهمي الانسحاب بهدوء من الأضواء، لتبدأ رحلة علمية لا تقل إبداعًا عن مسيرتها الفنية. سافرت إلى الولايات المتحدة، حيث حصلت على دكتوراه في الرقص الإيقاعي، بعد رسالة ماجستير بحثت فيها عن تأثير محمود رضا في تأسيس حركات راقصة تعبّر عن الشخصية المصرية.

درّست لاحقًا في عدة جامعات أمريكية، منها جامعة يوتا، وأسهمت بأبحاث أكاديمية في توثيق الفنون الشعبية المصرية كأداة ثقافية وهوية قومية، وشاركت في مؤتمرات عالمية حول الرقص كممارسة إنسانية وجمالية.

 

تقدير رسمي في نهاية المسيرة

في مارس 2024، كرّمها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية المرأة المصرية، تقديرًا لمساهمتها الفنية والثقافية، ودورها في إحياء الفنون التراثية وجعلها جسدًا حيًا على الخشبة، وعقلًا نقديًا في قاعات الدرس.

 

حضور دائم رغم الغياب

حتى بعد اعتزالها، لا تزال فريدة فهمي مصدر إلهام لجيل كامل من الراقصين والراقصات، ليس فقط لحركاتها على المسرح، بل لرحلتها التي جمعت بين الجسد والبحث، وبين البهجة والمسؤولية.

وفي عيد ميلادها الخامس والثمانين، تبقى فريدة فهمي تجسيدًا نادرًا لفكرة أن الفن الحقيقي لا يُنسى، بل يترسخ في الوجدان بعمق.

مقالات مشابهة

  • البليهي لجماهير الزعيم : الحمد لله الذي وفقني لمساعدة زملائي لإسعادكم
  • في ذكرى ميلاد أسطورة الجاسوسية.. حقيقة تسبب مسلسل رأفت الهجان في خلاف بين الزعيم والساحر
  • سيد صادق يكشف لصدى البلد ذكريات من عمله مع الزعيم عادل إمام |فيديو
  • فى ذكرى ميلاد رفعت الجمال.. قصة خلاف الزعيم والساحر لتقديم مسلسل رافت الهجان
  • مجدي عبد الغني: الزعيم السعودي يكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الكرة
  • نظيم شعراوي.. القاضي الصارم في الفن الذي غيّبه الزهايمر وخلّدت أعماله ذاكرة الجمهور
  • «انتصار» لـ الأسبوع: محمد إمام كوميديان جامد وعنده شعبية كبيرة
  • لهذا السبب.. عادل إمام مطلوب على جوجل
  • حفيد عادل إمام يحتفل بعقد قرانه .. صور
  • فريدة فهمي.. سيدة الرقص الاستعراضي التي منحت جسدها للتراث وأفكارها للأكاديمية في عيد ميلادها الـ85