يمانيون../
يظلُّ الانسحابُ الأمريكي من إسناد كيان العدوّ الإسرائيلي في البحر الأحمر من أهمِّ القضايا التي لا تزالُ تشغلُ الكثيرَ من المتابعين ووسائل الإعلام والمهتمين.

ويشير الباحث في العلاقات الدولية الدكتور طارق عبود إلى أن “الجيشَ الأمريكي لم ينسحب من البحر الأحمر إلا بعد أن شعر بأن خسائرَه تكبر”، لافتًا إلى أن “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان يعتقد أن بإمْكَانه إطلاقَ عملية جوية كثيفة تنتهي بفتح باب المندب أمام السفن الإسرائيلية، لكنه اصطدم بجدار اليمن الفولاذي، وبعقيدة اليمنيين التي ترفُضُ فكرةَ الاستسلام”.

ويرى عبود في حديثه لبرنامج “صدى الخبر” على قناة “المسيرة” أن “الأمريكيَّ انسحب من البحر الأحمر؛ لأَنَّه يعرف أن العدوان على اليمن لم تأتِ أُكُلَه، بل تعرض لخسائرَ كبيرة وتكبد حتى الآن 7 مليارات دولار، وهذا الأمر ربما كان سيتفاقمُ أكثرَ لو لم ينسحبْ من البحر الأحمر”.

وخَلُصَ إلى أن “ترامب مَن يُديرُ الآن معركة غزة، وأن بيده أوراقَ الضغط”، قائلًا: “ترامب لم يأخذ برأي كيان العدوّ؛ ما يعني أن الأمريكي -على كُـلّ حال- هو من يقود المعركة سواءٌ في غزة أَو في أي مكان”.

وفي صدد حديثه عن الخسائر التي تعرَّضت لها أمريكا وكَيان العدوّ، أشار عبود إلى أن “العدوّ الإسرائيلي كما الأمريكي يخفيان خسائرَهما، وأن أمريكي يستخدم نفسَ الأُسلُـوب؛ فهو لا يعترف بالهزيمة لسببَينِ أولًا: لوضع معنوياتهم على المستوى العسكري، وثانيًا: لتخفيف الوطء على الداخل الأمريكي، حَيثُ يعتمدون على التعمية عن الخسائر التي تلحق بهم، ويزايدون بالنسبة للخسائر التي تلحقُ بأعدائهم ويسعَون لتضخيمها، وهذه سياسَةٌ واحدة؛ إذ يعتمد العدوَّانِ الأمريكي والإسرائيلي، على دعاية إعلامية قوية تقوم بهذه المهمة، لكن الحقيقة تظهر في النهاية مهما مورست التعمية وَإذَا لم يعترف بها اليوم سيتم الاعترافُ بها لاحقًا”.

ترامب يغرّدُ خارجَ سرب الاتّحاد الأُورُوبي:

وفيما يتعلق بتوسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، يشير عبود إلى أن “جزءًا كَبيرًا من الصحافة العبرية يتساءل متى تنتهي هذه الحرب الذي كلفت الكيان الإسرائيلي الكثير، حَيثُ تستمر أجندة المجرم نتنياهو [السياسة مقابل سفك الدماء والتضحية بأسرى الكيان]، بينما يستمر المخطّط الأمريكي في غزة بغطاء صهيوني واضح”.

ويرى عبود أن “نظرية نتنياهو الإجرامية تقوم على أَسَاس أن (ما لم يُؤخَذ بالقوة سيؤخَذُ بالمزيد من القوة)، وهذا ما يفسّر مستوى الإجرام والإبادة المتصاعد بحق الفلسطينيين، في ظل تركيز هذا المجرم نتنياهو على مستقبله السياسي على حساب الأسرى اليهود لدى المقاومة الفلسطينية”.

لكن أحلام نتنياهو -كما يقول “ضيفُ صدى الخبر”- ستذهبُ هباءً؛ فنتنياهو لم يكن أولَ مَن سعى للخَلاص من غزة؛ فقد سبقه إلى هذا رئيسُ حزب العمل الصهيوني إسحاق رابين وهو صاحبُ المقولة الشهيرة: “أتمنى أن أصحوَ يومًا وأجدَ غزةَ قد ابتلعها البحر”، لكن البحر لم يبتلعها، بينما تبخَّرَ حلمُ رابين ومثله سيتبخر حلمُ نتنياهو.

وتطرق الباحثُ عبود، لبيان قادة الدول الأُورُوبية الـ 7 [إسبانيا، والنرويج وآيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا] وإعلانِها رفضَ خطط التهجير القسري للغزيين، أَو إحداث تغيير ديمغرافي في القطاع المدمّـر.

هذا الموقف يظلُّ متغيَّرًا ذا تأثير متوسط المدى؛ فهو أحدُ مؤشرات تحطُّم الصورة المزَّيفة التي رسمتها المنظومةُ الإعلامية الرأسمالية لهذا الكيان، ومؤشرٌ على انكشاف السردية الصهيونية والتي معها تظهر أجيالُ أُورُوبا وأمريكا الفتية أكثرَ نفورًا من مجتمع الصهيونية المحتلّ للأرض الفلسطينية، كما أن هذا الموقف الأُورُوبي -وفقَ تعبير طارق عبود- “تأكيد من دول أُورُوبية حليفة للكيان الإسرائيلي بأن الأخير يمارس إبادةً جماعية وتجويع بحق شعب كبير في فلسطين وفي غزة تحديدًا”، وهذا له أهميّةٌ سياسية وارتباطٌ بالوعي العام.

ومع ذلك فَــإنَّ هذا الموقف يظل شكليًّا في جزء منه، خَاصَّة مع الدول الأُورُوبية الكبيرة، وَيرتبط بمصالحها أكثر من تعبيرها عن موقف حقيقي.

أمَّا ما سمَّاه “الاستيقاظَ الأُورُوبي” فهو يحقّقُ هدفَينِ:-

الأول: القول للعالم إننا تكلمنا ورفعنا الصوت ضد مجازر الإبادة وضد التجويع.

الثاني: القول للولايات المتحدة الأمريكية، إن لنا رأيًا فيما يحدث في العالم، وإن العقود التي أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج العربي مثلًا، والمفاوضات اليوم مع إيران التي تسير أَيْـضًا بشكل ربما إيجابي كُـلّ هذا المشهد نحن موجودون فيه.

في مقابل هذا فَــإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية -كما يرى عبود- هي من تقرّر وقفَ أَو استمرارَ الإبادة في غزة، وليس الأُورُوبيون، وهذا واضح.

ولذا يمكن رؤية التأثير الأمريكي في محاولاته تحييدَ الأُورُوبيين عن المشهد السياسي، خَاصَّة فيما يخص مفاوضات إيران ومحاولات إخراج تلك الدول الأُورُوبية من نطاق الاتّفاقِ النوويّ ومكاسبه الاقتصادية.

ليس هذا فحسب، هناك تبايُنٌ واضح بين الاتّحاد الأُورُوبي اليوم وبين الولايات المتحدة الأمريكية في موضوع الأزمة الأُوكرانية والحرب الروسية الأُوكرانية؛ فترامب يضغطُ لتوقيع اتّفاق مع روسيا والأُورُوبيون يقفون خلفَ أوكرانيا لحَثِّها على عدم التوقيع وعدم الاستسلام لروسيا؛ أي إن هناك تضارُبَ مصالحَ كبيرًا اليوم بين الاتّحاد الأُورُوبي وبين الولايات المتحدة.

أمام الخِذلان.. الأُمَّــة لم تمت:

وفي سياق حديثه عن مواقف عرب الخليج تحديدًا، سخر الباحث من مواقف بعضهم تجاه العدوّ الإسرائيلي؛ فما يبدو في تلك المواقف الجبانة و”كأن (إسرائيل) صارت دولةً شقيقةً”!

بينما الخطرُ الصهيوني يتعاظَم، حَيثُ هناك خطرٌ حقيقي على القضية الفلسطينية وعلى المنطقة العربية برمتها؛ فنتنياهو وحكومته يجاهرون في العلن بفكرةِ “ابحثوا للفلسطينيين عن وطنٍ آخرَ”، حَيثُ هناك رفضٌ يميني صهيوني لفكرة “حَـلِّ الدولتين” جملةً وتفصيلًا.

لكن في مقابل هذا التخاذل الخليجي، الأُمَّــة لم تمُت، حَيثُ روح المقاومة تستنهض همم العرب وحيث ما زال هناك أمل في العرب. وهذا يظهر في التظاهرات العربية الإسلامية التي تبقى عنوانَ تأكيد على أن المجتمع العربي لا يمكنه القبولُ بالاحتلال أَو أقلَّ من تحريرِ فلسطين كما لا يمكنه قبولُ السياسَة الأمريكية في نهبِ ثروات المنطقة. وتاريخ الأُمَّــة في التصدِّي لمشاريع الاحتلال جلي ولا يمكنُ تزويرُه.

المصدر : المسيرة

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة الولایات المتحدة البحر الأحمر ة الأمریکیة إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمانة العامة لمجلس الدولة تُكرم رئيس المجلس السابق المستشار أحمد عبود


أقامت اليوم الأربعاء الموافق 2/7/2025 الأمانة العامة لمجلس الدولة، احتفالا تكريمًا كبيرا للمستشار أحمد عبود رئيس مجلس الدولة السابق، والذي اكتمل عطاؤه بنهاية شهر يونيو الماضي.
وقدم الأمين العام لمجلس الدولة المستشار محمود أبو الدهب نائب رئيس مجلس الدولة، درعا تكريمًا للمستشار أحمد عبود، تقديرا لجهوده الكبيرة طيلة الفترة التي قضاها رئيسا للمجلس فضلا عن تاريخه القضائي المُشرف خلال مختلف مراحل عمله بمجلس الدولة، وذلك بحضور الأمناء العامين المساعدين وأعضاء المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة.
وأكد الأمين العام لمجلس الدولة أن المستشار أحمد عبود أدى رسالته خلال فترة توليه رئاسة مجلس الدولة، على أفضل ما يكون وبحكمة واقتدار ومسئولية، وعلى نحو مشرف بما يتفق مع مكانة مجلس الدولة كأحد

صروح العدالة العريقة في مصر، وأن رئاسته للمجلس شهدت العديد من الإنجازات الكبيرة والتي انعكست إيجابا على حُسن سير العدالة.
من جانبه، أعرب المستشار أحمد عبود رئيس مجلس الدولة السابق، عن اعتزازه الكبير بعمله داخل مجلس الدولة لأكثر من 45 عاما قضاها في خدمة العدالة والوطن، مشيرا إلى أن كافة الإنجازات التي تحققت خلال فترة توليه رئاسة المجلس، جاءت بدعم كبير من زملائه قضاة المجلس وتجاوبهم الكبير.
وأكد المستشار أحمد عبود أنه على ثقة أن مجلس الدولة، بقيمته ومكانته الكبيرة، سيواصل رسالة تحقيق العدالة على أفضل ما يكون ويحقق المزيد من الإنجازات والتطور.

مقالات مشابهة

  • مسيرات اليمن المليونية تؤكد مواصلة النصرة والإسناد لغزة والاستنفار لمواجهة أي تصعيد للعدو
  • حر خانق وأمطار مرتقبة.. تحذيرات عاجلة من الأرصاد لسكان اليمن
  • كيان الاحتلال في مواجهة خصم لا يُرى.. المعركة مع اليمن تخرج عن السيطرة
  • خبير فلسطيني: إسناد اليمن لغزة يؤكد تحوله إلى جزء أصيل في المعركة ضد العدو الإسرائيلي
  • نتائج معركة البحر الأحمر على اليمن تفرض نفسها في ميزانية الدفاع الأمريكية - شاهد
  • مجلس الأمن يشدد على حماية الملاحة ويتهم الحوثيين بعرقلة السلام في اليمن
  • الأمانة العامة لمجلس الدولة تُكرم رئيس المجلس السابق المستشار أحمد عبود
  • الأمانة العامة لمجلس الدولة تُكرم رئيسها السابق المستشار أحمد عبود
  • مجلس الدولة يكرم المستشار أحمد عبود تقديرًا لجهوده المشرفة
  • تسلا تتراجع أمام الصين .. خسائر وانخفاض في الطلب