بعد تصاعد شكاوى المواطنين من تعطل طلمبات البنزين واتهامات بتلاعب محتمل في جودة الوقود، تبرز تساؤلات جوهرية حول فعالية الرقابة وقدرة الجهات المسؤولة على مراقبة الأسواق لمنع محاولات التلاعب والغش التجاري. 

في حوار خاص مع الدكتور أحمد سمير فرج، رئيس جهاز حماية المستهلك السابق، نغوص في عمق هذه الأزمة لنكشف أبعادها الفنية والرقابية، ونستعرض مدى استجابة المؤسسات المعنية لتوجيهات القيادة السياسية التي تؤكد دومًا على أن أمن المواطن وسلامته خط أحمر لا يقبل التهاون.

 

حوار صريح يتناول أوجه القصور، ويفتح الباب أمام حلول جذرية لضمان شفافية السوق، واستعادة ثقة المواطنين.

س: بدايةً، كيف ترون توجيهات القيادة السياسية بشأن حماية حقوق المواطنين؟

ج: توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحة وصريحة في هذا الملف، خصوصًا فيما يتعلق بعدم التساهل مع أي ممارسات تمس حقوق المواطنين أو تضر باستقرار السوق، هناك اهتمام رئاسي دائم بتطوير أدوات الحوكمة وتعزيز الرقابة على السلع والخدمات الحيوية، وفي مقدمتها الطاقة والوقود، هذه التوجيهات تضع على عاتق الجهات التنفيذية مسؤولية كبرى في التعامل الجاد والفعال مع أي أزمة.

س: كيف تقيمون أزمة طلمبات البنزين الأخيرة التي أثارت جدلاً واسعًا بين المواطنين؟

ج: ما شهدناه خلال الفترة الماضية من شكاوى متعددة بشأن تعطل طلمبات البنزين في السيارات يعكس وجود خلل ما يستوجب التحقق، وتعدد الحالات وتوافق روايات عدد من مراكز الصيانة يعززان من ضرورة التعامل مع هذه المسألة بمنهجية علمية وشفافة، حفاظًا على سلامة المستهلكين وثقة المواطنين في السوق.

كيف تحمي سيارتك من زيادة استهلاك البنزين؟ بخطوات بسيطةالرئيس السيسي: من الضروري محاسبة المتسببين في مشكلة البنزينس: الحكومة نفت رسميًا وجود تلاعب في البنزين.. ما رأيكم في هذا النفي؟

ج: من الطبيعي أن تبادر الوزارة المعنية بتوضيح موقفها، وهذا جزء من مسؤوليتها لكن في الوقت ذاته، إدارة الأزمات تتطلب الموازنة بين التوضيح الفوري والتقصي الموضوعي، ومن الأفضل دائمًا أن يكون هناك فحص دقيق وتحقيق معلن للنتائج، حتى تكون الرسالة للمواطن قائمة على الشفافية والاحترافية وليس فقط على النفي.

س: هل جاءت إجراءات الوزارات المعنية كافية برأيكم؟

ج: تشكيل لجان فنية مشتركة بين وزارتي البترول والتموين خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، لكنها تأخرت بعض الشيء، كان من الأفضل تفعيل آليات أسرع لرصد الشكاوى، وسحب العينات، وتحليلها، مع وجود مسار واضح لتعويض المتضررين إذا ثبت وجود خلل، هذه الإجراءات تعزز المصداقية وترسخ الثقة في المؤسسات الرقابية.

س: ما مدى مسؤولية الجهات الرقابية مثل جهاز حماية المستهلك في مثل هذه الأزمات؟

ج: جهاز حماية المستهلك هو خط الدفاع الأول عن المواطن، وله صلاحيات قانونية واضحة نص عليها قانون 181 لسنة 2018، أبرزها حق سحب العينات، والتحليل، والإحالة للنيابة العامة عند ثبوت المخالفات، كان من الضروري أن يكون للجهاز دور أكثر وضوحًا في متابعة الأزمة، سواء من خلال بيانات رسمية، أو بتلقي شكاوى المستهلكين ومتابعتها ميدانيًا.

س: من الناحية القانونية، ما العقوبات التي ينص عليها القانون في حال ثبوت تلاعب في البنزين؟

ج: القانون حاسم في هذه المسائل، المادة 64 من قانون حماية المستهلك تعتبر طرح منتجات غير مطابقة للمواصفات مخالفة جسيمة، يُعاقب مرتكبها بغرامات تتراوح بين 100 ألف إلى مليون جنيه، مع إمكانية غلق المنشأة لفترة مؤقتة وتتضاعف العقوبات حال تكرار المخالفة لتشمل الحبس والغرامة معًا.. لكن كما ذكرت، فالقانون وحده لا يكفي، بل يجب تفعيله.

س: برأيك، ما الذي كان ينبغي اتخاذه فور ظهور الأزمة؟

ج: كان يمكن التعامل مع الأزمة من خلال مجموعة من الإجراءات الوقائية، مثل:

تشجيع الدفع الإلكتروني أثناء التزود بالوقود لتوثيق المعاملات.

إطلاق خط ساخن لتلقي الشكاوى، مزود بآلية تتبع إلكترونية.

التوصية بالاحتفاظ بالأجزاء المتضررة من المركبات لفحصها الفني.

إعلان نتائج التحاليل بشكل شفاف، ومحاسبة أي جهة مخالفة.

س: ما سبب بطء تفعيل هذه الإجراءات برغم وضوح التوجيهات العليا؟

ج: في كثير من الأحيان، التحدي لا يكمن في غياب التوجيهات، بل في القدرة المؤسسية على تنفيذها بشكل سريع وفعّال، بعض الجهات قد تفتقر للكوادر أو التكنولوجيا اللازمة للرقابة اللحظية.

كما أن التنسيق بين الجهات قد يكون ضعيفًا أحيانًا، ما يخلق فجوة بين التخطيط والتنفيذ.

س: أخيرًا، ما هي أبرز الدروس المستفادة من هذه الأزمة؟

ج: الأزمة كانت جرس إنذار واضح بضرورة تحديث أدوات الرقابة، وتعزيز العمل المؤسسي المشترك، وتبني منهج الشفافية والمساءلة الفورية، المواطن المصري أصبح أكثر وعيًا، ولا يقبل بالتبريرات السطحية. لذا، فإن تبني سياسة واضحة تقوم على الرد السريع، التعويض العادل، والإفصاح الشفاف، هو الضامن الحقيقي لاستقرار السوق وثقة المواطن في مؤسساته.


 

طباعة شارك أحمد سمير فرج حماية المستهلك الغش التجاري حقوق المواطنين

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أحمد سمير فرج حماية المستهلك الغش التجاري حقوق المواطنين حمایة المستهلک حقوق المواطن

إقرأ أيضاً:

الإمارات تبحث التعاون مع دول «الويبو» في تطبيقات حماية الملكية الفكرية

 

جنيف (الاتحاد)
بحث معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد والسياحة، سبُل التعاون بين دولة الإمارات وعدد من الدول والمنظمات العالمية في مجال تمكين الابتكار وحماية الملكية الفكرية بمختلف مجالاتها وتطبيقاتها.
وعقد معاليه، على هامش مشاركة وفد دولة الإمارات في اجتماعات جمعيات الدول الأعضاء في «الويبو» لعام 2025 بجنيف، لقاءات ثنائية مع كل من معالي ليزا لي باكوستا، وزيرة العدل والشؤون الرقمية في إستونيا، وسعادة لوك جو، الوكيل الدائم لوزارة القانون في سنغافورة، ودارين تانغ، المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو»، وإليسا رودريغيز أورتيز، مديرة مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية في إسبانيا، إلى جانب ممثلي الجمعية الدولية للعلامات التجارية (INTA)، ومسؤولي مكتب براءات الاختراع الياباني.
وأكد معالي عبدالله بن طوق، خلال اللقاءات، أن دولة الإمارات، بفضل رؤية قيادتها الرشيدة، القائمة على الانفتاح على العالم وتعزيز التعاون الدولي في مختلف القطاعات التنموية، تواصل تعزيز شراكاتها الدولية في مجالات حماية حقوق الملكية الفكرية، وتطوير منظومتها التنظيمية والتشريعية، بما يسهم في تمكين المبتكرين والمبدعين، وترسيخ مكانة الدولة مركزاً عالمياً للاقتصاد الجديد.
وقال معاليه: تمثل لقاءاتنا اليوم مع عدد من الوزراء والمسؤولين وممثلي الهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق الملكية الفكرية محطة رئيسية لتوسيع آفاق التعاون وتبادل الخبرات، بما يسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لأصحاب الحقوق والمبتكرين، ويعزّز مرونة وكفاءة أنظمة الملكية الفكرية في الدولة، تماشياً مع مستهدفات التنمية الاقتصادية المستدامة، مشيراً إلى أن اللقاءات ركّزت على تأهيل الكوادر وتبادل الخبرات وتعزيز تشريعات حماية الملكية الفكرية.
وتفصيلاً، عقد معالي بن طوق لقاء ثنائياً مع معالي ليزا لي باكوستا، وزيرة العدل والشؤون الرقمية في إستونيا، حيث ناقشا فرص التعاون في مجال التحول الرقمي للأنظمة والخدمات المرتبطة بالملكية الفكرية، وتطبيق التقنيات الحديثة في عمليات تسجيل وفحص الحقوق، حيث أكد معاليه أهمية تبادل الخبرات بين الجانبين في مجال تطوير السياسات الرقمية الداعمة للابتكار.


الممارسات التشريعية
وفي لقائه مع لوك جو، الوكيل الدائم لوزارة القانون في سنغافورة، بحث معالي وزير الاقتصاد والسياحة أفضل الممارسات التشريعية والتنظيمية في مجالات حماية حقوق الملكية الفكرية، وسبُل تبسيط الإجراءات وتحسين بيئة الأعمال، بما يسهم في تعزيز الاستفادة من الأصول الفكرية في دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة.
واستعرض معاليه في لقائه مع دارين تانغ، المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو»، مسارات التعاون المشترك بين الجانبين، وسبُل البناء عليها خلال المرحلة المقبلة لتعزيز منظومة الملكية الفكرية في الدولة، وجرى التأكيد على أهمية تطوير برامج لبناء القدرات المؤسسية والفنية، وتوسيع نطاق التعاون في دعم التحول الرقمي، وتمكين الدول الأعضاء من تطوير منظومات مرنة وشاملة للملكية الفكرية، وأهمية مواءمة الأطر التشريعية والتنظيمية مع المعايير العالمية، بما يعزز حماية حقوق المبدعين وتوظيفها اقتصادياً.
كما التقى معاليه، إليسا رودريغيز أورتيز، مديرة مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية في إسبانيا، حيث ناقشا فرص التعاون في مجالات الملكية الصناعية في ظل الرؤى المشتركة بين الجانبين، وتعزيز تبادل الخبرات في تطوير السياسات والخدمات الرقمية ذات الصلة.

أخبار ذات صلة «الإمارات للاقتصاد الدائري» يناقش تطوير سياسات ومشاريع مبتكرة جديدة الإمارات والهند تبحثان تعزيز فرص التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية


تأهيل الكوادر
وركّز اللقاء على أهمية تأهيل وإعداد الكوادر، وتكثيف برامج التدريب وتوعية القطاع الخاص، بما يعكس حرص البلدين على تطوير شراكات نوعية تخدم منظومة الابتكار لكليهما.
والتقى معالي عبدالله بن طوق أيضاً مسؤولي مكتب براءات الاختراع الياباني (JPO)، حيث استعرض الجانبان أحدث التقنيات في مجالات حماية حقوق الملكية الفكرية، لا سيما براءات الاختراع ونماذج المنفعة والتصميمات الصناعية، والاستفادة من الحلول الرقمية الحديثة في تطوير أنظمة الفحص والتسجيل، إلى جانب تدريب الكوادر الوطنية، وبناء قدراتها في التعامل مع أدوات الملكية الفكرية المتقدمة.
وفي لقائه مع ممثلي الجمعية الدولية للعلامات التجارية (INTA)، ناقش معاليه سبُل تعزيز التعاون في مجالات حماية العلامات التجارية، وتطوير الأطر التنظيمية التي تكفل حقوق العلامات المسجّلة، وضمان الامتثال للمعايير الدولية في إنفاذ الحقوق، وتوعية أصحاب العلامات بأهمية حماية أصولهم، وتطوير أدوات فعّالة لمكافحة التقليد والغش التجاري، وتعزيز دور العلامات التجارية في دعم تنافسية الشركات ونموها وتوسعها خارجياً.

 

 

مقالات مشابهة

  • قائد محور الغيضة العسكري يتوعد بعدم التهاون مع المتسللين القبليين إلى المهرة
  • مستجدات قضية الزعلوك.. تقرير فني ينفي علاقته بتصوير طفلة تركيا
  • جهود حماية المستهلك خلال يونيو: 682 حملة رقابية و1605 مخالفة في 24 محافظة
  • انتخاب رئيس جهاز حماية المنافسة المصري لمنصب نائب رئيس الدورة التاسعة لمؤتمر الأمم المتحدة للمنافسة وحماية المستهلك
  • رئيس الوزراء: جهود مكثفة لجهاز حماية المستهلك في يونيو.. 682 حملة رقابية و15 ألف شكوى تحت المراجعة
  • رئيس الوزراء يستعرض جهود جهاز حماية المستهلك خلال شهر يونيو الماضي
  • حماية المستهلك: تنفيذ 682 حملةو زيارة 9402 منشأة وتحرير 1605مخالفات
  • توصيات باستحداث ميثاق أخلاقي لتعزيز حماية حقوق الإنسان في بيئة العمل
  • الإمارات تبحث التعاون مع دول «الويبو» في تطبيقات حماية الملكية الفكرية
  • وزير التموين: حماية المستهلك وتعزيز الأمن الغذائي محوران أساسيان ضمن أولويات الدولة