شيخ درزي لـعربي21: أدعو لإطلاق حوار وطني جامع لوأدِ الفتن في سوريا
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
دعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء السورية، الشيخ حمود الحناوي، إلى "إطلاق مؤتمر حوار وطني جامع لوأد الفتن في سوريا ومواجهة الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة في ريف دمشق (جرمانا والأصنحية والأشرفية)"، مُشدّدا على ضرورة "إسكات الأصوات المُحرّضة في البلاد".
ولفت الحناوي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "تنظيم الحوار الوطني الجامع أمر ممكن بفضل الشرفاء والمخلصين وأصحاب الأخلاق الواعية، وبفضل أهل التاريخ السوري المعروف والعريق، وبفضل الشعب السوري الذي لا يقبل الضيم ولا يقبل الأذى أو التعدي على أي أحد".
وقال: "نحن طائفة مُسالمة، لم نتعدَّ أبدا على أحد في يوم من الأيام، لذلك يمكن أن يُعقد حوار وطني جامع يشجب مثل هذه الأعمال المؤسفة من أي جهة كانت، ونحن بدورنا لا نتمنى للدولة أن تنجر إلى مثل هذه الأمور، لأنها المسؤولة عن أمن المواطنين وأمن الدولة، وهي التي تتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الإطار".
وأشار إلى أنه ربما تكون هناك "أيادي داخلية وخارجية تسعى لإثارة الفتنة داخل البلاد"، لكنه راهن على أن "وعي الشعب السوري وإيمانه العميق بقضيته ووطنيته وإنسانيته لن يفسح المجال للأيدي الغريبة وللأحقاد وللضغائن كي تفتك ببنية الشعب السوري".
وكانت منطقتي جرمانا وصحنايا، اللتين يقطنهما دروز في جنوب دمشق، قد شهدت قبل أسابيع توترات أمنية امتدت تداعياتها إلى السويداء المدينة الوحيدة ذات الغالبية الدرزية.
وانتهت هذا الاضطرابات بنجاح الحكومة السورية في استعادة الهدوء وفرض الأمن إلى حد كبير بعد الاتفاق مع وجهاء وأعيان المنطقتين من الدروز.
وأرجع الحناوي عدم دخول الأجهزة الأمنية السورية إلى داخل السويداء وعدم فرض سيادتها الكاملة حتى الآن إلى "تعثر إجراءات بناء الثقة، ونظرا للتوترات التي حدثت سابقا، وهذا الأمر بحاجة لجهود كثيرة وبعض الوقت، حتى تكتمل خطوات بناء الثقة أولا بالشكل المأمول، وتوقيع الاتفاقيات المناسبة في هذا الصدد، وكل شيء مرهون بوقته وأوانه، وربما يحدث ذلك خلال الفترة القليلة المقبلة".
وشدّد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، على أنهم لا يرفضون دخول الأجهزة الأمنية السورية إلى داخل السويداء بشكل قاطع، بل يحتاج الأمر فقط إلى "تهيئة الأجواء والمناخ المناسب، خاصة أننا نمر بمرحلة انتقالية وظروف استثنائية في بلادنا، وأصبح أمننا مُهدّد بكل أسف".
سلاح دروز سوريا
ولفت الحناوي إلى أن "الاتفاق مع الحكومة لم يتطرق لقضية تسليم السلاح الموجود لدى بعض أبناء الطائفة الدرزية"، مشيرا إلى أنه بشكل شخصي ليس لديه أيّة أسلحة أو مليشيات على الإطلاق.
ونوّه إلى أن "دروز سوريا تاريخيا اُضطروا لحمل السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهم بعدما تعرّضوا لهجمات ومعارك كثيرة آنذاك منذ العام 1911 وحتى اليوم، خاصة أن الدولة كانت مشغولة بحروبها الداخلية، والسلاح الموجود لدى بعض أبنائنا تم شراؤه من جيوبنا الخاصة ولا علاقة لأي جهة به".
واستطرد قائلا: "عندما تتعهد الدولة بشكل جلي وواضح للجميع بأن أمننا من مسؤوليتها الكاملة وهي المنوطة بذلك قولا وفعلا، وحينما نطمئن تماما بأن أمننا غير مُهدّد فسيتم التخلي عن السلاح وتسليمه للجهات المختصة، خاصة حينما تكون الدولة قادرة على بسط سيطرتها على جميع الأراضي السورية وتنظيم قواتها وضبط تصرفاتهم".
وأردف: "ما زلنا في حالة قلقلة جدا، وبحاجة ماسة للاستقرار الأمني والاجتماعي، والظروف في السويداء مُعقّدة بشكل أكبر وتحتاج لضوابط كثيرة، حتى تهدأ الأوضاع وتستقر تماما"، مُشدّدا على رفضهم "التدخل في الشؤون العقائدية نظرا للشائعات الكاذبة التي يتم تداولها هنا وهناك".
وأضاف: "هذه ليست الفتنة الأولى التي تتعرّض لها محافظتي السويداء أو ريف دمشق أو باقي المحافظات الأخرى، ونحن ما زلنا نواصل بذل قصارى الجهود لوأد الفتنة وحقن الدماء؛ لأن هذه الأحداث المؤسفة -والتي لم نكن نتوقعها- تؤثر على بنية الدولة والمجتمع السوري بأكمله، ولقد نجحت جهودنا إلى حد كبير".
وواصل حديثه بالقول: "هذه الحوادث يجب أن تُعالج بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فدم السوري على السوري حرام"، مُشدّدا في الوقت ذاته على أنهم لن يسمحوا بـ "أي اقتتال درزي- درزي؛ حيث نقوم مباشرة بفض النزاعات بشكل حاسم وحازم".
الاتفاق مع الحكومة السورية
وأشار إلى أن "الأمور التي اُتفق عليها مع المسؤولين في الدولة ساهمت إلى حد كبير في التهدئة، ونرى أن الأوضاع تسير إلى الأفضل، ولكن لا زال هناك معتقلين وجثث وجرحى ومفقودين، ونتعاون مع المسؤولين من إطلاق سراح المعتقلين وعلاج المصابين والوصول إلى المفقودين".
وذكر أنه "يجب التعاون الجاد مع الجهات الرسمية والأمنية في الدولة ومع الأهالي والسكان، ويجب أن يقوم رجال الدين بدورهم في هذه القضية الخطرة من أجل منع حدة التوترات ومنع الانزلاق نحو الفوضى"، موضحا أن "قنوات الاتصال لا تزال مفتوحة ومستمرة مع الدولة وأجهزتها الرسمية في دمشق لحل جميع الإشكاليات العالقة".
ورفض الحناوي جميع الاتهامات التي تروّج بأن السويداء تسعى للانفصال أو الإدارة الذاتية، قائلا: "لم نفكر في ذلك بأي صورة من الصور، وهي محض شائعات كاذبة؛ فنحن ننتمي إلى سوريا ومع وحدة كل أراضيها، ونستغرب كثيرا من هذه الأطروحات".
وأكمل: "الدروز دافعوا كثيرا عن حرية واستقلال الجمهورية العربية السورية، وقدّمنا آلاف الشهداء في سبيل الدفاع عن بلادنا ووحدتها، ولا نزال نبذل الدماء ونقدم الضحايا من أجل وحدة واستقرار سوريا، ونحن نؤكد مرارا وتكرارا على وحدة جميع الأراضي السورية، ولا يختلف جميع الشيوخ في المواقف الوطنية على الإطلاق".
وتتكون المرجعية العليا لشيوخ الدروز في سوريا من 3 شيوخ عقل، هم: الشيخ حمود الحناوي، والشيخ يوسف الجربوع، والشيخ حكمت الهجري.
وكان الحناوي، من أهم القيادات الدرزية التي أعلنت عن تضامنها مع الاحتجاجات التي شهدتها محافظة السويداء (جنوب) ضد نظام الأسد المخلوع في آب/ أغسطس 2023، وأصدر في حينها بيانا أعلن فيه عن موقفه.
"ومشيخة العقل" في السويداء عبارة عن هيئة روحية وزعامة دينية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.
واستطرد الحناوي قائلا: "نريد أن نترك الحياة آمنة لكي تقوم الدولة بواجباتها في بناء الدولة وفي تأمين المستقبل لنا ولأبنائنا من بعدنا. هذا أملنا بالدولة وبالشعب السوري وبكل الجهات الوطنية المسؤولة".
رفض لأي تدخل إسرائيلي
وردا على محاولات إسرائيل استقطاب دروز سوريا، قائلا: "لن نسمح بذلك، وموقفنا وطني خالص لا يمكن لأحد أن يزايد عليه، ونحن لم نتلق أي مساعدات من إسرائيل، ولا يوجد بيننا وبينها أي تواصل أو علاقات، ونؤكد للجميع بأننا لا نسمح لإسرائيل أو لغيرها بأن تجر الطائفة الدرزية إلى فتن أو انزلاق نحو الفوضى تحرق الأخضر واليابس ولا تبقى ولا تذر".
وأردف: "أما بالنسبة للصراع العربي- الإسرائيلي، فهذا صراع تاريخي، ولم نكن نحن سببا في هذه الصراعات، والقضية الفلسطينية قضية دولية وتاريخية مضى عليها عقود منذ مطلع القرن الماضي، وهذه الأمور ناتجة عن مُخططات دولية وعن أمور ومساعٍ قامت بها بعض الشعوب وكان ضحيتها الشعب الفلسطيني، لكننا كطائفة درزية لم نكن على الإطلاق سببا من أسباب وجود اليهود أو قيام دولة إسرائيل".
وأضاف: "مشكلتنا أننا أبناء الطائفة الدرزية موزعون على لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، ولنا أبناء في فلسطين تشبّثوا بأرضهم وبقوا بأرضهم ولم يخرجوا من الأرض، وجرى عليهم ما جرى على الذين بقوا في الأرض الفلسطينية. كذلك نحن ننتمي إلى سوريا، وانتماؤنا الوطني إلى قضيتنا السورية، ولن نخرج عن السيادة السورية أو عن الشرف الوطني السوري".
وواصل حديثه بالقول: "أما مسؤولية الأمور والصراعات بين الدول العربية ودولة إسرائيل أو فلسطين المُحتلة فليست لنا أي علاقة بذلك، لأننا لسنا دولة، والأمور التي تتجاوز حدود بلدنا أمر دولي يخص حكومتنا، خاصة أن إسرائيل لها مخططاتها ورؤيتها الخاصة، ونحن دائما وأبدا ننطلق من الموقف الوطني السوري، أما القرارات الدولية شأن الحكومات الرسمية، وبالتالي فلن نتحمل هذه المسؤولية حتى لا تُرمى علينا تبعاتها، ونصبح في دائرة الاتهام".
وحول تحذير وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أن تل أبيب "ستردّ بقوة" إذا فشلت الحكومة السورية في حماية الأقلية الدرزية، قال: "لماذا تفسح الحكومة السورية المجال لوزير دفاع الاحتلال أو لرئيس وزرائه ليقول مثل هذا الكلام؟، لولا التعدي لما تذرعوا بهذه التذرعات لكي يزيدوا الفتنة ويشعلوا الطامة الكبرى لتقع علينا وتُزيد التفكك".
وزاد الحناوي: "نحن لم ولن نطلب الحماية إلا من الله سبحانه وتعالى؛ فحمايتنا واجبٌ على دولتنا السورية وعلى أهلنا. لكن بدلا من أن يقوموا بحمايتنا، أخذوا يعتدون علينا ويشنّون الغارات علينا. ونحن، منذ فترةٍ طويلة، في حالة استنفار دائم، تحت القصف والقذائف، لا نكاد ننام الليل بسبب أفعال بعض أبناء القرى المحيطة بنا".
وأكمل: "مَن الذي يتحشد علينا؟ إسرائيل أم أبناؤنا؟، إنهم أبناء الشعب السوري الذين يتربصون بنا في الطرقات، ويختبئون لقتل أبنائنا، ويتحشدون علينا بدعوى وبشائعات مغرضة وكاذبة أقامت الدنيا علينا وما أقعدتها، هذا الذي يجعلنا نأسف ونتألم كثيرا، لكننا لم ولن نطلب الحماية أبدا من إسرائيل، ولسنا بحاجة لتدخل أي جهة دولية لحمايتنا أو مساعداتنا بأي شكل من الأشكال".
وأدان الغارات الإسرائيلية التي حصلت سابقا على الأراضي السورية، قائلا: "نحن ندين كل الاعتداءات، سواء كانت من إسرائيل أو كانت من الطوائف أو من أي جهة كانت. مَن يتمنى التعدي على وطنه وأبناء شعبه؟، نحن كمواطنين سوريين من أبناء الطائفة الدرزية ليست لنا أي علاقة بهذه الأمور لا من قريب أو بعيد".
وأضاف: "ضربة العدو متوقعة مهما كانت مؤلمة، ولكن عندما يضربك الأخ والصديق وابن عمك والمسؤول عن حمايتك، فهذا هو المؤلم حقا، وأعود وأكرر: لماذا نفسح المجال لإسرائيل كي تقوم بمثل هذه الأعمال وتجعلنا شماعة لتقوم بهذه الضربات الجبانة؟".
وقال: "إسرائيل اعتدت على سوريا، ونحن معتادون على الحرب العربية الإسرائيلية وعلى الصراع العربي الإسلامي وعلى الوضع العربي الإسرائيلي، وكنت شخصيا بسلاح المدرعات في الجيش السوري واشتركت في معارك كثيرة على مدار خمس سنوات. إذن لماذا نسمح لإسرائيل بأن تقوم بمثل هذه الغارات؟، لماذا نفسح المجال للتعديات الطائفية؟".
واستطرد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، قائلا: "نحن نسعى جاهدين لنشر السلم الأهلي، ونهيب بالجميع بوقف كل الأفعال التي تساهم في تأجيج الأوضاع وتؤدي لسفك الدماء".
وتابع: "أود أن أوجّه رسالة للسيد الرئيس أحمد الشرع، وللحكومة السورية، وللشعب السوري، مفادها إننا رأينا القتل على الهوية، وأصبحنا مُستهدفين كأبناء الطائفة الدرزية، ممَن؟، من إسرائيل؟، إذا كانت إسرائيل استهدفتنا فلا نعتب على ذلك، ولكننا مُستهدفون من أبنائنا من الشعب السوري بكل أسف".
وأضاف: "اسمعوا ماذا كانوا يقولون بحقنا في خطبهم ومظاهراتهم: كلمات بذيئة، ثم أشاعوا علينا شتائم تمس الذات النبوية، ومعاذ الله أن نقوم بمثل ذلك؛ فنحن أبناء الطائفة الدرزية تربينا على الآداب والأخلاق والإيمان، ولم نتعود على الفِرية والتهكم بأي صورة من الصور. نحن لنا عقيدتنا ونلتزم بها ولنا احتشامنا مع الناس جميعا، فكيف مع الأنبياء؟، لقد تذرعوا بكلام مُدبلج لكي يثيروا الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، وكل هذا يعود علينا كمسلمين وعرب وسوريين بالضرر الفادح، وهو أمر لا يجوز مطلقا".
وأكد أن "الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع أساسي بالنسبة للأمة العربية والإسلامية وللبشرية جمعاء، وهذه القضية بالنسبة لنا تقوم على مبدأ السلام العادل. نحن نتبنى هذه النظرية التي تبنتها الشعوب العربية، ونقف مع العدالة في منح الحقوق للشعب الفلسطيني، ورفع التشرد والقتال والدمار عنه".
وزاد: "نحن إنسانيون وعروبيون ومسلمون، ونريد رفع المآسي عن الشعب الفلسطيني وعن أنفسنا كذلك، لأننا عرضة للتعدي والاقتتال. لذلك، لم يختلف اثنان منا -بكل تعددياتنا في الطائفة- حول التعامل مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي".
وواصل حديثه: "نحن عرب، ملتزمون بعروبتنا وإسلامنا وسوريتنا، ولذلك فإن الموقف العربي هو الذي يُحدّد موقفنا وتتجه إليها بوصلتنا، وبالتالي، لا يوجد بين أبناء الطائفة الدرزية أي اختلاف على الإطلاق في الموقف من القضية الفلسطينية العادلة، وذلك بالرغم أنه قد يكون هناك اختلاف في الرأي حول الرؤى المحلية ضمن حدود الوطن".
رسالة إلى السوريين
ووجّه رسالة إلى عموما السوريين، قائلا: "منذ أن استلمت مسؤولية مشيخة العقل وأنا أتوجه بندائي الصادق إلى أبنائي السوريين وأقول لهم: إيّاكم والفتنة، إيّاكم والتعدي، إيّاكم والتفكك. كفانا تفككا وقتالا. علينا أن نسعى جميعا لحقن الدماء ووأد الفتن؛ فالوطن لا يُبنى بالقتل، وخاصة مع شعبه وأبنائه".
وأكمل: "الحروب الأهلية لا تورث إلا الأحقاد والعداوات والثارات والضغائن. نحن مُطالبون بأن نأخذ العبرة من حروب البسوس وحروب داحس والغبراء؛ فالحرب دامية ومُدمّرة. لقد انتظرنا الفرج الذي جاء للسوريين كي يعيدوا بناء الوطن ويستتب الأمن لجميع السوريين، ولا يجب أن نضيع هذه الفرصة التاريخية".
وقال: "نحن، أبناء الطائفة الدرزية، كنّا صمام الأمان لجميع السوريين، وقد توافد إلينا الكثيرون، وما زالوا، ونريد أن نسألهم جميعا: هل لحق بكم أي أذى في السويداء أو في أماكن تواجدنا؟، بل على العكس كانوا مُعزّزين مُكّرمين، وحافظنا على دمائهم وأعراضهم وأسرهم، وعاشوا بيننا وعاملناهم كما نعامل أنفسنا، ولم نكن نأمل أن نُقابل بهذه المعاملات المؤسفة والسيئة".
وطالب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، جميع السوريين بـ "وأد الفتنة، ورأب الصدع، والعمل على إتاحة الفرصة للدولة كي تقوم ببناء الوطن بكامله من أقصاه إلى أقصاه، وليس في السويداء فقط".
كما خاطب أبناء محافظة السويداء، قائلا: "أنصحكم بالصبر الجميل، وعليكم بالتحمل وسعة الصدر، وعليكم باستيعاب هذه الأمور وعدم القيام بردود الأفعال، والالتزام بالاتفاقات التي اتفقنا عليها، وبعون الله ستهدأ الأمور وتُصحَّح على خير ما يرام، وهذا ما نأمله لتكونوا جميعا آمنين مع أهلكم أبناء الشعب السوري، وعلينا أن نتيح للدولة المجال لكي تقوم بمسؤولياتها للمحافظة على حياتنا الآمنة وعلى ردع المعتدين، مهما كانوا ومن أي جهة كانوا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مقابلات الدروز السويداء حمود الحناوي سوريا سوريا الدروز السويداء احمد الشرع حمود الحناوي المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أبناء الطائفة الدرزیة الحکومة السوریة الشعب السوری فی السویداء على الإطلاق من إسرائیل هذه الأمور إلى أن أی جهة کانت م لم نکن
إقرأ أيضاً:
من رحم الحرب إلى غياهب النسيان.. ما مصير أبناء المقاتلين الأجانب في سوريا؟
في مخيمات إدلب السورية، يعيش مئات الأطفال حياة بلا هوية أو اعتراف رسمي، بعد أن ولدوا من زيجات بين أمهات سوريات ومقاتلين أجانب، اختفوا أو قُتلوا خلال الحرب. هؤلاء الصغار محرومون من أبسط الحقوق: التعليم، الرعاية الصحية، وحتّى من وجودهم القانوني، ما يدفعهم إلى هامش المجتمع بوصمةٍ تلاحقهم منذ الولادة.
وفي غياب أرقام رسمية، كانت عدد من المصادر الإعلامية، قد أبرزت تزايد عددهم، في سنوات الحرب التي شنّها نظام الأسد المخلوع، ضد الشعب السوري، حيث بلغ عددهم في بداية الثورة، وفقا لعدد من التقارير الإعلامية، المتفرّقة، ما يناهز 40 ألفا. وانضم قسم كبير منهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، فيما انضم الآخرين إلى تنظيمات ثانية، وجزء منهم متواجد حاليا شمال غربي سوريا.
أيضا، على الرغم من غياب بيانات دقيقة أو إحصاءات رسمية ترصد عددهم، إلاّ أنه ببحث بسيط على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد بشكل متكرر عدد متسارع من القصص المؤلمة، لأطفال يُعثر عليهم أمام المساجد، أو السجون، أو حتّى في الأماكن العامّة. وفي المقابل هناك الكثير من الأمهات أو الآباء الباحثين بشكل موجع عن أطفالهم، عقب سقوط نظام بشار الأسد.
أطفال بلا أثر.. وثائق سرية تكشفها صحيفة وول ستريت جورنال تفضح جرائم النظام البائد في إخفاء آلاف الأطفال السوريين منذ 2011#الإخبارية_السورية pic.twitter.com/8J5qfo9xh5 — الإخبارية السورية (@AlekhbariahSY) June 8, 2025
عملية بحث مستمر..
حالات كثيرة، لأطفال أتوا نتيجة زواج أمّهاتهم مع مقاتلين أجانب، أصبحن مع مرور الوقت غير قادرات على تسجيلهم في المدارس، ولا حتّى استخراج أي وثيقة رسمية تثبث هويّتهم، أو تمكّنهم من الاستفادة من أي كفالة أو دعم إنساني.
وتقول عدد من الأمّهات السوريات، من قلب المخيّمات، إنّ أطفالهم يواجهون كافة أنواع الرفض والشّك المجتمعي، مبرزات وجعهنّ وهنّ يشاهدون أطفالهم يكبرون بداخل وطنهم دون أدنى شعور بالانتماء؛ إذ أنّهم يدفعون، قسرا، ثمن حرب لم يخوضوها ويعيشون على هامش الحياة.
ويعرّف القانون السوري مجهول النسب بأنه "كل مولود لم يثبت نسبه أو لم يُعرف والده، إضافة إلى الأطفال الذين لا يوجد معيل لهم، ولم يثبت نسبهم ولا يملكون القدرة على السؤال عن ذويهم لصغر سنهم؛ والمولود من علاقة غير شرعية، حتى لو كانت والدته معروفة".
أما "من كان والده أو والداه مسجلين في القيود المدنية السورية، أو ينتمي بأصله للجمهورية العربية السورية، ولم يُسجل ضمن المدة المحددة للتسجيل في قيود السجل المدني، أي خلال 30 يومًا من حدوث واقعة الولادة، فيُعرفه قانون الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2007، بأنه: مكتوم القيد".
إلى ذلك، تعلو أصوات الأهالي وأيضا مختلف الحقوقيين، بغية المطالبة بآلية وطنية وأخرى دولية لضمان: تسجيل الأطفال بأثر رجعي، من أجل تفادي مزيد من الانهيار في البنية الاجتماعية السورية. كما تحذّر عدد من المنظمات الحقوقية من أنّ هذا الجيل من الأطفال، قد يمثّل قنبلة اجتماعية موقوتة، إذا لم تتّخذ بخصوصه أي خطوات عاجلة لمعالجة أوضاعهم القانونية.
وجع مفتوح
المرصد السوري لحقوق الإنسان، يقول في عدد من تقاريره: "منذ سقوط نظام الحكم في سوريا، سلّمت دور الأيتام العشرات من أبناء المعتقلين السياسيين إلى ذويهم؛ ولكن هذا العدد يظل ضئيلا جدا مقارنة بآلاف الأطفال المفقودين، والذين تقول الشبكة السورية إن عددا كبيرا منهم كان قيد الاعتقال".
أيضا، أوردت عدد من شهادات شهود العيان، بحسب المرصد نفسه، أنّه: "حتّى داخل السجون لم يكن يُشار أبدا إلى الأطفال المعتقلين بأسمائهم الحقيقية، وهو ما يجعل عملية التعرّف عليهم من خلال روايات الآخرين غاية في الصعوبة".
وأوضحت أنّه في ظل التغيّرات التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة، فإنّ عدد من العائلات، باتت في عملية بحث مستمرّة عن مفقوديها من الأطفال. بينهم: عائلة رانيا العباسي، الملقبة بأشهر معتقلة في سجون النظام السابق، التي بدأت البحث عن أي معلومة تقود إلى معرفة مصيرها هي وأطفالها الستة، وبينهم رضيعة كان عمرها أقل من سنتين.
هنا قبل 12 سنة دخل عناصر الأسد واعتقلوا 6 أطفال مع أمهم وأبيهم بتهمة إعطاء صدقة لعائلة نازحة من حمص، إنها عائلة الدكتورة رانيا العباسي، ومنذ ذلك الحين اختفت هذه العائلة في غياهب سجون الأسد، بعد التحرير فتحت كل السجون ولم يجدوا أي فرد من العائلة التي أصغرها بعمر السنة، رصد أخوال… pic.twitter.com/JlmAeq8WpC — قتيبة ياسين (@k7ybnd99) March 3, 2025
واعتقلت العباسي، وهي طبيبة أسنان وبطلة شطرنج سابقة، في آذار/ مارس عام 2013 من قلب منزلها، رفقة أبنائها الستة ومساعدتها الشخصية، وبعد يومين من إلقاء القبض على زوجها عبد الرحمن ياسين. وهي فقط حالة واحدة من بين المئات؛ وملف الأطفال المفقودين هو حاليا بين يدي وزارة الشؤون الاجتماعية في سوريا.
إلى ذلك، تبقى قضية المفقودين والمختفين قسريا، جرحا مفتوحا في جسد المجتمع السوري، فلا يُغلق ملف أي منهم إلا بإحدى نتيجتين: إما العثور عليه حياً، أو استرداد جثمانه ليكتمل حداد أهله. لكن في ظل غياب أي يقين، يظل الأهل عالقين في دوامة من الانتظار الأليم، بين شمعة أمل تخفت مع السنين، وحزن لا يجد سبيلا للراحة، ويظل معهم في الطرف الآخر، أطفال بلا هوية في انتظار الحسم في مصيرهم. فهل سيظلون ضحايا حرب لم يختاروها إلى الأبد؟