رحيل صوت إفريقيا الحرّ .. نغوجي وا ثيونغو يطوي آخر صفحات النضال
تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT
حين تصمت الأقلام الكبيرة، يبكي الورق، واليوم، بكت إفريقيا قبل العالم، فقد أسدل الموت ستاره على آخر فصل من سيرة أحد أعظم أدبائها: نغوجي وا ثيونغو، الكاتب الكيني والمناضل الثقافي، الذي غيّبه الموت عن عمر ناهز 87 عامًا، في منفاه الاختياري بمدينة بوفورد بولاية جورجيا الأمريكية، لكنه ترك وراءه مكتبةً من الكلمات النابضة بالحياة والمقاومة، وسيرةً تشبه سيرة الأوطان الجريحة التي لم تتخلَّ عن الحلم.
وُلد نغوجي في 5 يناير 1938 بقرية كاميرييثو في كينيا، ونشأ في بيئة ريفية تحت نير الاستعمار البريطاني، حيث كانت الأرض تُغتصب، والهوية تُداس، واللغة تُقمع. كانت طفولته شاهدة على أهوال "تمرد الماو ماو"، الذي ألهمه لاحقًا في رواياته، وخاصة أول أعماله "لا تبكِ يا ولدي" عام 1964، التي شكّلت صوتًا جديدًا في الأدب الإفريقي الناطق بالإنجليزية.
لكن نغوجي لم يرضَ أن يكون صوته مسموعًا بلغة المستعمر فقط، فقرر التمرد، لا على السلطة السياسية وحدها، بل على السلطة اللغوية. كتب مسرحية "سأتزوج حين أريد" عام 1977 باللغة الكيكويو، لغته الأم، بالتعاون مع مزارعين وعمال، ما أدى إلى سجنه دون محاكمة. وفي زنزانته كتب روايته "الشيطان على الصليب" على ورق التواليت، في مشهدٍ أصبح رمزًا لإرادة الكلمة في وجه القمع.
اختار نغوجي المنفى عام 1982، واستقر في الولايات المتحدة، حيث واصل الدفاع عن حق الشعوب الإفريقية في الكتابة بلغاتها الأصلية. اعتبر اللغة سلاحًا مقاومًا، وهاجم "الاستعمار الثقافي" في كتابه الشهير "تحرير العقل"، داعيًا إلى الانعتاق من سيطرة اللغة الإنجليزية بوصفها أداة للاستعمار.
من أبرز رواياته أيضًا: "بتلات الدم"، و"ساحر الغربان"، و"الثورة المستقيمة" التي تُرجمت لأكثر من 100 لغة. كما كتب مذكراته في عملين بارزين: "أحلام في زمن الحرب"، و"مصارعة الشيطان"، حيث رسم فيهما ملامح رحلته الشخصية من القرية إلى المنفى، ومن الأسْر إلى الفكر الحر.
رغم ترشحه مرارًا لجائزة نوبل، إلا أن نغوجي لم يكن بحاجة إلى تتويج، فقد نال حب القرّاء وتقدير المفكرين والكتاب، وبات أحد أعمدة الأدب الإفريقي الحديث، ومُلهمًا لأجيال تبحث عن الحرية عبر الكلمة.
اليوم، يرحل نغوجي وا ثيونغو، لكن صوته سيبقى عابرًا للغات، محمولًا على صفحات رواياته، وشهادته على زمن الاستعمار والاضطهاد والمقاومة، درسًا خالدًا في أن الكتابة الحقيقية لا تموت، حتى وإن مات كاتبها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إفريقيا الاستعمار البريطاني
إقرأ أيضاً:
أحمد آدم: استضافة بطولة إفريقيا للبوتشيا دليل على ريادة مصر للعبة
أكد الدكتور أحمد آدم، رئيس الاتحاد المصري للبوتشيا، أهمية تنظيم البطولة الإفريقية المؤهلة لكأس العالم في كوريا 2026، والتي تستضيفها مصر خلال الفترة من 29 يوليو الجاري حتى 2 أغسطس المقبل، على صالة حسن مصطفى بمدينة السادس من أكتوبر، تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة.
وفي كلمته خلال حفل افتتاح البطولة، أشار آدم إلى أن استضافة مصر لهذا الحدث القاري تعكس ريادتها في رياضة البوتشيا، وهو ما تؤكده النتائج المحققة، إلى جانب قدرتها الكبيرة على تنظيم البطولات الدولية بنجاح.
وأشاد بدور الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، في دعم اللعبة وحرصه على انتظام البطولات والمعسكرات، إلى جانب تحفيزه المستمر للاعبين.
وأضاف: "نحن فخورون بثقة الاتحاد الدولي في إسناد البطولات الكبرى لمصر، ونؤكد قدرتنا على تنظيم أبرز الأحداث الرياضية، في ظل الرعاية الكبيرة التي تحظى بها الرياضة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية".
كما أوضح آدم أن أبطال مصر في البوتشيا أصبحوا في مكانة فنية متميزة على المستوى القاري، ويخطون خطوات واثقة نحو التأهل لأولمبياد لوس أنجلوس 2028.
وتشهد البطولة مشاركة منتخبات: تونس، جنوب إفريقيا، ناميبيا، بالإضافة إلى مصر المستضيفة. وتنطلق المنافسات يوم الأربعاء 30 يوليو، وتُختتم في 2 أغسطس، على أن تبدأ الوفود المشاركة في المغادرة في اليوم التالي.
ويُعد إسناد البطولة الإفريقية إلى الاتحاد المصري للبوتشيا تأكيدًا على ثقة الاتحاد الدولي في قدرة مصر الدائمة على تنظيم البطولات بنجاح على الصعيدين القاري والدولي.
يُذكر أن البوتشيا رياضة بارالمبية تعتمد على التحكم العضلي والدقة، وتُمارس من وضع الجلوس، ويهدف اللاعبون إلى رمي كرات جلدية (حمراء أو زرقاء) بالقرب من كرة بيضاء صغيرة تُسمى "الجاك"، ويتنافس اللاعبون في فئات فردي، زوجي، أو فرق، لتسجيل أكبر عدد من النقاط.