الأسبوع:
2025-05-30@11:22:30 GMT

عم عطية.. .أبو جاموس مات.. !!

تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT

عم عطية.. .أبو جاموس مات.. !!

مات عم عطية.

مات ميتة رجال.

لا طبّالين على الشاشات، ولا «ألتراس المياتم»، ولا حتى الواد «سيد برويطة» جاب خبره في الجرنال.

كان مشغول بتوزيع منشورات الانتخابات، والواد بتاع الواجب في كل مكان، مشغول بعزاء خمس نجمات.

ومات عم عطية.. .وماتت معاه فكرة إن الفلاح لسه ليه مطرح في النشرة، ولا حتى صورة في جنازة.

. .!.

ماحدش قال: «فلاح بسيط مات من القهر.. .!» الفلاح اللي كان قلبه على الأرض، وسرّته في التراب، ما اشتكاش يوم، ولا جري ورا مكتب نائب، كان بيكتم صوته زي ما بيكتم وجعه.

في اليوم اللي مات فيه، كان لابس جلابية بهت لونها من شمس الحقل، مش من رغوة المساحيق.

شايل في جيبه وصلًا من أيام عبد الناصر، ومعلّق على صدره أمل.. .بس مش وسام شرف، أمل في شيكارة كيماوي تنقذ زرعه الواقف في سُكرات العطش.

دخل الجمعية كأنه داخل المحكمة، بس قبل ما يوصل للموظف، وقف شوية عند باب «الدوّار»، شاف ناس قاعدة مهمومة، ورئيس الجمعية والعضو قاعدين مع واحدة بتهزر، وبيقولوا لها: «يا ننوسة، يا مسك وعنبر.. .!»

هو بيصرخ: «الزرع بيموت، والجاموسة ما بتقومش!» وهُمّا بيضحكوا.. .. ! ضحكة زي نشرة الأسعار.. .مافيهاش رحمة، ضحكة تنشف ريق العدالة، زي الميه اللي ماوصلتش للغيط.

قال له واحد من المساكين اللي قاعدين: «مالك يا عطية.. .؟ ضحكوا عليك ياعطية؟»، رد عليه بصوت مخنوق: «ضحكوا علينا كلنا.. .دول شلة حرامية، صوتي يابهية علينا.. .وعليك يا عطية، إحنا الفلاحين اللي بقينا واقفين في طابور النسيان، بنمد إيدينا ولا حد بيشوفنا.. !.

راح للموظف أخيرًا، وقال له بصوت بيترجّى: «نفسي آخد شيكارة كيماوي.. .بالدور»، الموظف لف الجرنال، ونفخ من كرشه، وقال له: «يا عم.. .ارمي بياضك!»، قال له عم عطية: «أنا فقير يا بيه، دا حتى العيل اللي في المعمار بقى بيشفق عليّ.. .!».

رد الموظف وهو بيعد سُبايك الشاي: «فاكر نفسك في جمهورية الفلاحين.. .. ؟، التموين بالواسطة، والكيماوي للمحسوبين.. .!» ضحك الجميع، ضحكة سامة،

ضحكة بترن في أذن الكرامة، ضحكة زي إبرة بتخرّم خريطة الوطن من ناحية الأرض. وقف عم عطية، ساكت، لكن عنيه كانت بتكتب وصية حزنه على بلاط الجمعية، بصّ في الأرض كأنه بيودّعها بعد عشرة عمر، زي واحد شاف مراته بتتجوز غيره، وهو ماسك الدُف من جوه مكسور.

ضرب كفًّا على كف، وقال: «دي مش جمعية.. .دي ورشة نَصْب، واللي فيها مش موظفين.. .دول شياطين بكرنيهات.. !» ومشي.. .بس الأرض كانت بتسحبه لتحت، خطوته تقيلة، كأنها بتكتب نعيه قبل ما يوصل الباب.

رجع بيته، قعد على عتبة الدار، والجاموسة بصّة له من الحظيرة، كأنها فهمت.

حتى الجاموسة فهمت يا بلد، وإنتي لسه مش فاهمة.. .؟! مات عم عطية، يا خسارة وحسرة على آخر الرجال.

مات من القهر، من الوجع، من السكوت، من الوقوف في طابور النعاج، وكان راجل.

راجل رفض يبقى زيهم، فمات، وكل يوم بيموت ألف عطية، في السكون، في الطين، في النسيان. مات عم عطية، ولا حتى «بوست» على جروب القرية،

ولا حد قال: «فين الفلاح.. .؟» ولو حد سأل قالوا مات.. .وخلاص.. !.

زمانه راح، وزماننا بقى معاه كام.. ؟ معاك بطاقة مصرفية بنكية.. ؟ ولا بطاقة تموين.. .. ؟ هنا تبدأ القضية.. ! القضية ناقصة جاني مش أنا ولا عم عطية ولاحد تاني، المشكلة قالوا عليه انت الجاني.. ؟، شيكارة سماد بختم النائب، ولا عضو الجمعية.. ؟، ولا عضو مجلس قالك: «ازرعها وطنية.. !»، ونسيوك تدور على الكرامة في كيس علف قديم.

نسيت أقولك: «الوطنية» ماتت.. .ودفنوها في الغروب، جنب عم عطية، وجنب حلم الفلاحين، اللي ما بيموتوش من الجوع، لكن بيموتوا لما الأرض تتحول لإقطاع، والتراب يتباع بشيك.. .!.

الوصية الأخيرة

مات عم عطية، لكن قبل ما يسيب الدنيا، ساب على حيطة الجامع وصية: «إياكم تبيعوا الأرض، ولا تفرّطوا في التراب، ولا تركنوا الكِفّ على خد السكوت، ولا تصدّقوا اللي يقول: الفلاح انتهى».

حاسبوا على بلد بتدفن الفلاح قبل الزرع، وتفرش السجادة للحرامي، وتطبّل للجهل، وتنسى اللي كان بيشيلها على ضهره في الطين والمطر.

ومات عم عطية، لكن اللي مات أكبر من جسد فلاح. اللي مات: كرامة كانت في التراب، وصوت كان ساكت من كتر الخوف، وجيل.. .كان آخر من مسك المحراث بإيده.

وختامًا.. .لا تبكوا عم عطية، بل ابكوا زمنًا كان فيه الرجال بيموتوا من القهر، وما حدّش بيزغرد، ولا حتى بيرفع صورة ليهم في جنازة.. .، !

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية

اقرأ أيضاًيحرسون الأمل وسط الصراع: حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد

الكتاتيب والذكاء الاصطناعي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الفلاح الفلاح المصري اللی ما ولا حتى قال له

إقرأ أيضاً:

راندا فكري: الأكل في الحب.. لغة جديدة للكلام اللي القلب مش عارف ينطقه

أكدت الإعلامية راندا فكري أن الطعام داخل العلاقة العاطفية ليس مجرد "وجبة مشتركة"، بل في أحيان كثيرة يكون وسيلة للتعبير عن مشاعر لا يمكن قولها بالكلمات قائلة: "في علاقات الحب، الأكل مش بس طبق على السفرة… ساعات بيكون صرخة مكتومة أو رسالة مش قادرة تتقال".

وأشارت "فكري" خلال تقديم برنامجها "الحياة انت وهي" المذاع عبر قناة الحياة، اليوم الخميس،  إلى أن بعض الأشخاص يعبرون عن الحزن أو التوتر عبر الطعام، حيث يفضل البعض الأكلات الدسمة، بينما يفقد آخرون شهيتهم تمامًا، مضيفة: "في شريك يقولك مش جعان وهو في الحقيقة زعلان، وفي شريك تاني ياكل بشراهة لأنه موجوع."

واستشهدت فكري بالمقولة الشهيرة للكاتب أوسكار وايلد: "عندما أكون في ورطة، فإن الطعام هو الشيء الوحيد الذي يواسيني"، معتبرة أن هذه المقولة تعكس مدى عمق العلاقة بين العاطفة والأكل، خاصةً داخل العلاقات العاطفية، حيث قالت: "الأكل مش تفصيلة صغيرة دي مرآة للمشاعر، وعلينا نفهمها علشان نفهم ليه في واحدة بتتخن بعد مشكلة مع حبيبها، وواحد تاني بيخس ويمتنع عن الأكل."

وطرحت "فكري" تساؤلًا مهمًا عن تغير ديناميكية العلاقة بين الرجال والطعام في الوقت الحالي، قائلة: "الراجل دايمًا بنقول عايز ياكل لقمة هنية بعد ما يرجع من الشغل، لكن هل لسه الكلام ده صحيح؟ ولا الطريق لقلبه بقى فيه تحويلات؟ ووقت المشكلة، هل الراجل بيهرب للأكل؟ ولا بيهرب من البيت؟ هو نفسه في الراحة النفسية؟ ولا نفسه في طبق شوربة سخنة؟".

واختمت "فكري" حديثها بالتأكيد على أن العلاقة بين المشاعر والطعام تستحق التأمل والتحليل، مشيرة إلى أن حلقات قادمة ستناقش هذا الجانب الإنساني العميق من العلاقات.

طباعة شارك راندا فكرى الحياة أنت وهى الحياة

مقالات مشابهة

  • بن عطية: رفض أحكام القضاء خيانة للأمانة والشعب والوطن
  • راندا فكري: الأكل في الحب.. لغة جديدة للكلام اللي القلب مش عارف ينطقه
  • عكس اللي بيتقال.. فوائد مذهلة لـ الشاي أبرزها مكافحة الأورام
  • منطقة ألعاب متكاملة في «الفلاح» بأبوظبي
  • «أنت اللي غالي».. هنا الزاهد توجه رسالة لـ تامر حسني
  • بعد حصولها على جائزة كأس إنرجي.. مي عمر: «اللي بيجي من الجمهور هو الأغلى»
  • الوزيرة أمل الفلاح السغروشني تستعرض تجربة المغرب الرقمية في منتدى الأعمال الإفريقي بإستونيا
  • هل نحن أمام دولة اجتماعية حقيقية أم تصفية رمزية للفئات الهشة؟
  • شكراً عالنصيحة اللي مش هعمل بيها..صلاح عبدالله يرد على متابعيه