قال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الكمين المركب -الذي بثه الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) شرقي خان يونس (جنوبي قطاع غزة)- نفذ بعد تخطيط كامل استند إلى عمل استخباراتي دقيق.

وأوضح الفلاحي -في تحليله المشهد العسكري بغزة- أن الكمين وقع في منطقة تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، مستدلا بعدم ارتداء الجنود خوذات الرأس أو الدروع للحماية.

ووفق الخبير العسكري، فإن العملية تظهر كمينا مركبا ضد القوات الإسرائيلية جرى التخطيط له بعناية شديدة، مما يعني أن فصائل المقاومة ترصد تنقل جيش الاحتلال بشكل دقيق في هذه المنطقة.

وبثت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- كمينا مركبا ضد قوات إسرائيلية ببلدة القرارة شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

واستدرج مقاتلو القسام جنود الاحتلال إلى عين نفق مفخخة بعد استخدام تكتيك "عواء الذئب"، قبل تفجيرها بالقوة الإسرائيلية والإطباق عليها من المسافة صفر.

ووفق الفيديو، فقد استدرج مقاتلو القسام قوات الإنقاذ وفجروا عبوتين مضادتين للأفراد بها، ثم فجروا 3 مبانٍ تحصّنت بها قوات الاحتلال، وذلك بعد عملية رصد دقيقة لتقدم الآليات الإسرائيلية نحو منطقة الكمين.

إعلان

ويعطي هذا الكمين -حسب الخبير العسكري- صورة عن المعارك التي تجري في قطاع غزة بين المقاومة وجيش الاحتلال، وتتركز في منطقتي الشمال وخان يونس جنوبا.

وبشأن استخدام كتائب القسام تكتيك "عواء الذئب"، قال الفلاحي إن استدراج القوات والآليات العسكرية يتم إما بالنار أو الحركة أو الصوت، في وقت لا تزال فيه شبكة الأنفاق تشكل أهم التحديات والمشاكل لجيش الاحتلال، خاصة أن جزءا كبيرا منها لا يزال فاعلا.

وأعرب عن قناعته بأن عملية التوغل لا تزال محدودة في شرقي خان يونس والمناطق التي طالب جيش الاحتلال بإخلائها الفترة الماضية.

وأشار الفلاحي إلى أن بلدة القرارة كانت أيضا المنطقة الرئيسية في الهجوم البري الإسرائيلي الأول على خان يونس في ديسمبر/كانون الأول 2023.

أخطاء متكررة

وحسب الخبير العسكري، فإن جيش الاحتلال لا يزال يتكبد خسائر بشرية في صفوفه بعد مرور 600 يوم على الحرب، ولا يزال يقع في الأخطاء ذاتها أمام فصائل المقاومة.

وأرجع الفلاحي السبب إلى اختلاف المنطقة الجغرافية التي يعمل فيها جيش الاحتلال، واختلاف القوات المشاركة، إذ لم يخضع جميعها لنفس العمليات في مناطق أخرى.

كما أن ترتيبات فصائل المقاومة في حرب العصابات يتم إخفاؤها وتمويهها بشكل لا يمكن الاستدلال إليها، إضافة إلى براعة المقاومين في عمليات التفخيخ، وقلة خبرة جيش الاحتلال في حرب المدن والعصابات.

ويبرز أيضا تطور فصائل المقاومة في عملية المواجهة والتصدي، مما يضيف زخما كبيرا لعملياتها ضد القوات والآليات الإسرائيلية.

وبشأن دلالات اسم "حجارة داود"، قال الخبير العسكري إن فصائل المقاومة دأبت على الرد على أسماء عمليات إسرائيل العسكرية استنادا إلى أحداث تاريخية، بإطلاق أسماء تؤكد على التصدي والمواجهة.

وميدانيا، قال الخبير العسكري إن مرحلة "عربات جدعون" دخلت مرحلتها الثالثة بعد القصف الجوي المكثف، ثم توغل محدود للقطاعات البرية متزامن مع قصف مكثف للوصول إلى مناطق معينة لتضييق المساحة على المقاومة.

إعلان

وترتكز المرحلة الثالثة من العملية العسكرية الإسرائيلية -وفق الفلاحي- على الاجتياح والسيطرة، مما يقتضي فصل المدنيين أولا عن فصائل المقاومة حسب الخطة الإسرائيلية والتدرج في قضم الأراضي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الخبیر العسکری فصائل المقاومة جیش الاحتلال خان یونس

إقرأ أيضاً:

هُزم جدعون وانتصر داود بإرادته: فشل عربات الاحتلال وبزوغ نصر غزة

في قلب المعركة المستعرة على أرض غزة، وبين الركام والدمار، سقطت أقنعة القوة الإسرائيلية وانكشفت هشاشة منظومتها العسكرية، حين فشلت عملية "عربات جدعون" فشلا ذريعا أمام ثبات المقاومة الفلسطينية، في ملحمة تُعيد إلى الأذهان صورة داود الذي انتصر بمقلاعه على جالوت. ولعل في هذا الفشل المتكرر والارتباك الإسرائيلي المتصاعد، بدايات تشكل نصر فلسطيني أكبر، تتجاوز نتائجه الميدان، لتصل إلى معادلات الردع والسيادة والإرادة.

أولا: انهيار خرافة "جدعون"

لم تكن عملية "عربات جدعون" مجرد اجتياح عسكري محدود، بل كانت ترجمة لمشروع سياسي-أمني إسرائيلي كبير، يهدف إلى فرض معادلة جديدة في ملف الأسرى. أرادت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلالها قلب الطاولة على حماس، وكسر إرادتها عبر الضغط العسكري المتواصل، واقتحام المخيمات الوسطى حيث يُعتقد أن الأسرى الإسرائيليين محتجزون هناك، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق.

فبعد أسابيع من القصف، وتوغلات محدودة، وخسائر بشرية ومادية لم تعلن عنها إسرائيل كاملة، انتهت العملية دون أن تحقق أيا من أهدافها، بل وأعادت الجدل الإسرائيلي الداخلي حول جدوى العمليات العسكرية، في ظل تعقيد المشهد السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية.

بعد أسابيع من القصف، وتوغلات محدودة، وخسائر بشرية ومادية لم تعلن عنها إسرائيل كاملة، انتهت العملية دون أن تحقق أيا من أهدافها، بل وأعادت الجدل الإسرائيلي الداخلي حول جدوى العمليات العسكرية، في ظل تعقيد المشهد السياسي وغياب الرؤية الاستراتيجية
ثانيا: مقاومة تتحدى جالوت العصري

غزة المحاصرة، المكلومة، المدمرة، لم تسقط، بل وقفت شامخة في وجه أعتى الآلات العسكرية في المنطقة. فمقاتلو المقاومة، الذين توزعوا في الأنفاق، والمخيمات، والأنقاض، لم يكتفوا بالصمود، بل أداروا معركة استنزاف ذكية، أفقدت الاحتلال توازنه، وجرّته إلى فشل سياسي وعسكري مزدوج.

لم تسفر العملية عن تحرير أي أسير إسرائيلي، ولم تُضعف حماس، ولم تُحقق الانفراجة السياسية التي سعى نتنياهو لتسويقها داخليا. بل على العكس، تعزز موقع المقاومة، وتكرست صورة الفشل الإسرائيلي في الرأي العام العالمي.

ثالثا: خيارات الاحتلال تتقلص وأزمته تتعمق

بحسب ما كشفته هيئة البث الإسرائيلية، فإن المؤسسة الأمنية تدرس الآن بدائل خطيرة تُوصف بـ"المتطرفة"، تشمل حصارا شاملا للتجمعات السكانية في غزة، ومنع دخول الغذاء والماء والمساعدات، لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبا. لكن هذه الخطط، وفق اعتراف المصادر نفسها، ما تزال "حبرا على ورق"، وغير قابلة للتطبيق الفوري في ظل صمود المدنيين والمقاومة، وخشية إسرائيل من ردود الفعل الدولية.

البدائل الأخرى لا تقل كارثية: احتلال كامل للقطاع، أو تقسيم غزة، أو حكم عسكري مباشر. لكنها جميعا تحمل في طياتها فشلا استراتيجيا مستترا، وتدلل على ارتباك غير مسبوق في منظومة القرار الإسرائيلي.

رابعا: الجيش الإسرائيلي في مرآة الهزيمة

في جلسة المجلس الوزاري المصغر، كان رئيس الأركان إيال زامير صريحا عندما قال إن أهداف الحرب باتت متضاربة. وهو اعتراف علني بأن إسرائيل، رغم قوتها النارية والاستخباراتية، تعجز عن تحديد هدف نهائي قابل للتحقيق. لقد أصبحت آلة الحرب تائهة، تدور في فراغ استراتيجي، وتتآكل معنويا وسياسيا وعسكريا.

زامير أضاف أن توسيع العملية إلى المخيمات الوسطى ليس مضمونا، وأن على القيادة السياسية أن تعلن صراحة وجهتها إذا أرادت شيئا آخر. وهو تصريح يحمل بين سطوره لوما ضمنيا للمستوى السياسي الذي يدير حربا مفتوحة بلا رؤية.

خامسا: نتنياهو والخيارات المستحيلة

منذ عودة الفريق الإسرائيلي من قطر، لم تحقق المحادثات أي اختراق. ورغم محاولات الوساطة المستمرة، إلا أن إسرائيل، بلسان نتنياهو، تُصر على تحميل حماس المسؤولية، متجاهلة واقع الاحتلال المستمر، والحصار، والقتل الجماعي.

نتنياهو الذي يتخبط بين الداخل الملتهب، والضغط الدولي، والفضائح القضائية، يبدو أنه يبحث عن مخرج بأي ثمن، حتى وإن كان عبر صفقات إعلامية أو خطط عسكرية وهمية. لكنه يدرك، كما يدرك قادة جيشه، أن الزمن لم يعد في صالحهم.

سادسا: نحو معادلة ردع جديدة

حرب غزة الحالية، رغم ألمها، أسست لمعادلة ردع جديدة. فالمقاومة اليوم لم تعد محاصرة أخلاقيا أو عسكريا، بل أثبتت أنها قادرة على إدارة حرب طويلة النفس، وتحديد متى وكيف تُنهيها.

فشل "عربات جدعون" ليس مجرد نكسة عسكرية، بل هو إعلان بفشل سياسة الضغط المزدوج (العسكري والتجويعي) التي اعتمدتها إسرائيل، إنه تأكيد على أن غزة، رغم نزيفها، تملك زمام المبادرة، وتعيد تشكيل معادلات الإقليم بأكمله.

سابعا: العالم يُعيد النظر

إن صور الحشود العسكرية على حدود غزة، والتي نشرتها وكالات مثل رويترز والصحافة الفرنسية، لم تعد تُخيف العالم كما كانت. بل أصبحت تُثير أسئلة عن جدوى هذا العنف، ومغزاه، ومآلاته. أما مشاهد المجاعة، ونداءات الأطفال، وصمود المدنيين، فقد خلقت تعاطفا إنسانيا متصاعدا، وبدأت تُحرّك مياها راكدة في مواقف بعض الدول.

الحديث في الكواليس بدأ يتسع ليشمل ضرورة فرض تسوية شاملة، لا تستثني المقاومة، ولا تُعيد إنتاج معادلات أوسلو البالية. لقد بدأت غزة تفرض نفسها شريكا إجباريا في صناعة القرار
الحديث في الكواليس بدأ يتسع ليشمل ضرورة فرض تسوية شاملة، لا تستثني المقاومة، ولا تُعيد إنتاج معادلات أوسلو البالية. لقد بدأت غزة تفرض نفسها شريكا إجباريا في صناعة القرار.

ثامنا: النصر ليس ضربة واحدة بل تراكم إرادات

حين نهزم عدونا في ميدان الوعي، ويعترف بفشله، ونفرض عليه لغة الردع، فنحن نقترب من النصر. قد لا يكون نصرا تقليديا في صورة رفع أعلام على المباني، لكنه نصر أعمق، نصر إرادة، وثبات، واستنزاف طويل النفس.

"هُزم جدعون" ليس شعارا، بل واقع عسكري وسياسي ومعنوي. و"داود" الفلسطيني، لا يزال يقاوم بمقلاعه، يصنع معجزته بالصبر، ويقلب موازين الإقليم بحنكة وثبات.

خاتمة: بداية النهاية؟

في هذه اللحظة التاريخية، تتشكل ملامح تحول استراتيجي. لم تعد إسرائيل تلك القوة التي تُرعب، ولم تعد غزة مجرد ساحة للحصار. لقد انقلبت المعادلة، وباتت "عربات جدعون" رمزا لفشل مشروع الاحتلال في إخضاع الفلسطينيين.

ربما لا تزال الطريق طويلة، لكن خطواتها الأولى كُتبت اليوم، بإرادة من لا يملك إلا الإرادة، وبقوة من راهن عليه العالم أن ينكسر، فصمد.

لقد انتصر داود، لأنه لم يفقد ثقته بنفسه، وستنتصر غزة، لأنها لم تفقد إيمانها بحقها.

مقالات مشابهة

  • هُزم جدعون وانتصر داود بإرادته: فشل عربات الاحتلال وبزوغ نصر غزة
  • القسام: أوقعنا قتلى وجرحى بتفجير نقطة تجمع آليات الاحتلال جنوبي خانيونس
  • القسام: أوقعنا قتلى وجرحى بتفجير تجمع لآليات الاحتلال في خانيونس
  • عمليات نوعية للمقاومة ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة
  • الفلاحي: إسرائيل يمكنها توسيع عملياتها بغزة لكنها ستدفع الثمن
  • حصري.. إدارة ترامب قلقة من فصائل تحت مظلة الحشد تقوض أمن العراق
  • إصابة 6 جنود إسرائيليين ومحاولة اختراق خطيرة لموقع عسكري في خان يونس
  • القسام تبث مشاهد من كمين مركب استهدف آليات الاحتلال شرقي خانيونس
  • مشاهد مثيرة لكمين القسام بخانيونس.. المقاتل ألقى العبوة داخل الناقلة (شاهد)
  • المقاومة ليست خيارا ديمقراطيا