البلاد – بيروت

في وقت تزداد فيه الضغوط الإقليمية والدولية على الساحة اللبنانية، ويشتد الحراك السياسي والدبلوماسي في بيروت، وصل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد، إلى العاصمة اللبنانية في زيارة تهدف إلى بحث ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، ووضع خطة لتنظيمه أو تسليمه ضمن رؤية متفق عليها بين الجانبين اللبناني والفلسطيني.

تأتي هذه الزيارة في ظل أجواء معقدة يمر بها لبنان، على وقع أزمات داخلية متعددة، وملفات أمنية مزمنة، أبرزها الوجود الفلسطيني المسلح في المخيمات المنتشرة على الأراضي اللبنانية.

وبحسب مصادر مطّلعة  يحمل الأحمد معه خطة فلسطينية متكاملة تهدف إلى إعادة تنظيم انتشار السلاح داخل المخيمات، وربما تسليمه، خاصة في بعض النقاط المتوترة. وتشمل الخطة مقاربة جديدة تنطلق من مبدأ “الشراكة الأمنية” مع الدولة اللبنانية، في ظل توافق سياسي بين بيروت ورام الله على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.

وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون أعلن الأسبوع الماضي عن تشكيل لجان لبنانية – فلسطينية مشتركة ستبدأ عملها في منتصف يونيو الجاري، في ثلاث مخيمات كمرحلة أولى، في خطوة أولى لمعالجة ملف انتشار السلاح داخل المخيمات، والذي طالما اعتُبر أحد أكثر الملفات الأمنية تعقيداً في البلاد.

ويُقدّر عدد المخيمات الفلسطينية في لبنان بـ12 مخيماً رسمياً، إلى جانب 57 نقطة تجمّع أخرى، تضم في مجموعها أكثر من 235 ألف لاجئ فلسطيني مسجّل. وتختلف أوضاع السلاح من مخيم إلى آخر، إلا أن مخيّمَي عين الحلوة والرشيدية، جنوب البلاد، يبرزان كمراكز لوجود الأسلحة المتوسطة والثقيلة، بحسب مصادر أمنية.

في المقابل، يعتبر مخيم نهر البارد شمال لبنان مثالاً نادراً على التجريد الكامل من السلاح، حيث يخضع لسيطرة الجيش اللبناني منذ عام 2007، بعد معارك عنيفة استمرت لأشهر مع تنظيم “فتح الإسلام”.

وتشير التقارير إلى أن معظم الأسلحة المتبقية في المخيمات تُصنف على أنها أسلحة خفيفة ومتوسطة، موزعة بين التنظيمات الفلسطينية التقليدية، وبعض المجموعات الصغيرة الخارجة عن السيطرة.

زيارة عزام الأحمد تأتي متزامنة مع تحركات دبلوماسية نشطة في بيروت. إذ يُتوقع وصول وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مساء اليوم، في زيارة تهدف لمناقشة الملفات الإقليمية الحساسة، بما في ذلك الدور الإيراني في لبنان والمنطقة. كما يُنتظر أن تزور المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس بيروت بعد عيد الأضحى، في ما قد تكون زيارتها الختامية قبل تسليم الملف اللبناني إلى مبعوث أميركي جديد.

هذا التداخل في الزيارات والمواقف يشير إلى أن ملف السلاح الفلسطيني داخل لبنان لم يعد شأناً داخلياً فحسب، بل بات متداخلاً مع ملفات إقليمية ودولية، منها أمن الحدود، والنفوذ الإيراني، واستقرار لبنان في مرحلة ما بعد الحرب في غزة.

يرى مراقبون أن تحرك منظمة التحرير في هذا التوقيت يشير إلى رغبة فلسطينية رسمية في تعزيز العلاقة مع الدولة اللبنانية، وطيّ صفحة الاشتباكات المسلحة التي طالما عطّلت حياة المخيمات، وأضرت بصورة الفلسطينيين في لبنان.

لكنهم في المقابل يحذّرون من أن النجاح في ضبط السلاح يتطلب إرادة سياسية قوية من الأطراف اللبنانية أيضاً، إلى جانب معالجة القضايا الاجتماعية والحقوقية التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون منذ عقود، وعلى رأسها العمل والملكية القانونية.

زيارة عزام الأحمد إلى بيروت تحمل إشارات إيجابية من حيث النية، لكنها تصطدم بواقع معقد، سياسياً وأمنياً وشعبياً. وإذا ما تم تنفيذ خطة نزع السلاح أو تنظيمه داخل المخيمات، فإن ذلك سيكون تحولاً تاريخياً في العلاقة بين الدولة اللبنانية والوجود الفلسطيني، وقد يشكّل مدخلاً لاستقرار طال انتظاره في مناطق طالما كانت هامشية على خريطة الدولة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لبنان الدولة اللبنانیة داخل المخیمات

إقرأ أيضاً:

واشنطن تصعّد ضغوطها على بيروت: لا حوار دون التزام بنزع سلاح «حزب الله»

البلاد (واشنطن)
كثّفت الولايات المتحدة ضغوطها على الحكومة اللبنانية لإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء يلتزم بنزع سلاح”حزب الله” كشرط أساسي لاستئناف المفاوضات حول إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية، وسحب القوات من جنوب لبنان.
وأكدت مصادر دبلوماسية وسياسية لبنانية، أن واشنطن أبلغت بيروت بعدم نيتها إرسال المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، توم براك، مجددًا ما لم يصدر هذا القرار الحكومي، مشددة على أن الولايات المتحدة لن تمارس أي ضغوط على إسرائيل لوقف غاراتها الجوية، أو سحب قواتها دون تحقيق هذا الشرط.
وكان براك قد اقترح خلال زيارته للبنان في يونيو الماضي خطة زمنية لنقل سلاح “حزب الله” إلى الجيش اللبناني، على أن تشمل كافة الأراضي اللبنانية، وتُنفذ قبل نهاية نوفمبر المقبل. وناقش المقترح مع الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي سلّمه ردًا خطيًا على الأفكار الأميركية، تضمّن رغبة بيروت في بسط سيادتها على كامل الحدود وحصر السلاح بيد الجيش.
وفيما تواصل واشنطن وبيروت محادثاتهما منذ ستة أسابيع حول خارطة طريق، تشمل إنهاء الغارات الإسرائيلية مقابل نزع سلاح “حزب الله”، ترفض الجماعة علنًا تسليم ترسانتها، رغم تقارير تفيد بدراستها سرًا لخفض حجمها. وتشترط في المقابل أن تبدأ إسرائيل بسحب قواتها، ووقف غاراتها الجوية على مواقعها.
من جانبه، شدد براك في منشور عبر منصة “إكس” على أن “الكلمات لم تعد كافية”، معتبرًا أن مصداقية الحكومة اللبنانية على المحك، وأن عليها التحرك الآن لتفادي مزيد من الانهيار.
وتعليقًا على التطورات، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام أن الحكومة ستعقد جلستين الأسبوع المقبل، أحداهما لمتابعة بحث “بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية حصراً”، في إشارة ضمنية إلى ملف سلاح “حزب الله”.
وبينما يخشى المسؤولون اللبنانيون من تصعيد إسرائيلي قد يشمل ضربات على العاصمة بيروت، تستمر المناقشات في الأوساط السياسية حول مستقبل سلاح الجماعة، وسط مخاوف من اتساع رقعة المواجهة العسكرية ما لم تُحسم هذه المسألة.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تصعّد ضغوطها على بيروت: لا حوار دون التزام بنزع سلاح «حزب الله»
  • قاسم: سلاح حزب الله شأن داخلي والموقف حياله "موحد"
  • الأمين العام لحزب الله: كل من يطالب بتسليم السلاح يخدم المشروع الإسرائيلي
  • قاسم: سلاح المقاومة شأن لبناني لا علاقة للعدو (الإسرائيلي) به
  • أراضي العراقيين بقبضة السلاح.. مواجهة بين «الحشد» والشرطة تفضح المستور
  • سلاح الحزب على طاولة الحكومة... القرار الصعب يقترب
  • وفد الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال يزور بيروت لبحث فرص الاستثمار وتعزيز التعاون المشترك
  • محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
  • واشنطن تضغط على بيروت لنزع سلاح حزب الله مقابل وقف الغارات الإسرائيلية
  • عنف مسلح يهز مؤسسات الدولة العراقية ويثير غضبا بالمنصات