خطاب كامل جاء بغير جديد
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
خطاب كامل جاء بغير جديد
صلاح شعيب
بعد الاستماع إلى الخطاب الأول لرئيس وزراء بورتسودان وضح أنه حريص على إرضاء البرهان الذي عينه أكثر من الشعب السوداني الذي استهدفه. وهذا أمر مفهوم بالنظر إلى أن كاملاً فرضته طبيعة المرحلة التي يعاني فيها البرهان. إذ أنه يحتاج إلى الإمساك بكل خيوط اللعبة حتى يحقق حلمه في الاستمرار في السلطة بأي ثمن.
ولذلك استلف في مستهل خطابه مفهوم حرب الكرامة، وبذلك وضع نفسه من البداية جندياً تحت راية البرهان، وقاعدته. وعندئذ فإنه من غير المتوقع أن يكون هناك تغيير في خطاب حكومة بورتسودان حول شؤون الحرب، وغيرها من شؤون الحياة في البلاد كلها.
بقية الخطاب كان مجرد عبارات إنشائية كُتبت بحذر، وليس فيها جديد. ولكن الجديد الوحيد هو أن رئيس الوزراء ذيل خطابه بفقرات جاءت بالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، على ذات وقع أسلوبه في القراءة بالعربية. وعلى كل حال يبدو أنه حاول على الأقل التأكيد بأنه مؤهل لكونه يجيد القراءة، والتحدث، بهذه اللغات، وبالتالي قد يستطيع أن يتواصل مع المجتمع الدولي بلغاته التي يعرفها. ونعتقد أن كاملاً ما كان بحاجة كبيرة إلى هذا البدعة، وهو يخاطب شعبه. إذ كان متاحا له أن يعد خطابات خاصة للمجتمع الدولي بحيث أن تترجم ليقرأه بتلك اللغات التي يجيدها. على أن المحك في كل هذا أن الحظ التعيس لكامل وضعه في أول اختبار لمواجهة تهمة استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية كأصعب تحدي يواجهه بجانب البرهان.
الذين صدعونا بأن كاملاً يمتلك علاقات دولية ومن ثم يستطيع أن يحدث اختراقا في علاقة بورتسودان بالغرب تحديدا حاولوا اللعب بعقل القاعدة المؤيدة لبورتسودان. فالدكتور لم يكن عاملا ضمن المؤسسات الأممية ذات الصلة بالسياسة. فالملكية الفكرية جهة تخصصية تتعلق بالحقوق، وليس لها علاقة مباشرة بالسياسات التنموية كما هو حال المنظمات الأممية الأخرى.
وحتى إذا افترضنا أن لدى كامل علاقات دولية ممتازة مع بعض الحكومات فإن تعقيد المشكل السوداني لا يسعفه في توظيف تلك العلاقات لتحقيق ذلك الاختراق السياسي الدولي الذي عجز البرهان في الإتيان به منذ انقلابه على الشرعية الثورية.
على الصعيد الداخلي يواجه كامل تحدي الخروج بحكومة تجد الرضا من مكونات قاعدة بورتسودان الحريصة على إنصاف متوجب في اقتسام الكيكة. ومتى كانت محاصصته عادلة فإن الأصوات المهمشة فيها سوف تصعب دوره. ومن ناحية أخرى فإن قدرة حكومته في التعامل المتناغم مع الحرب في ظل تعدد الخلفيات العسكرية، والأيديولوجية، والسياسية، لداعميها سيكون من أكبر التحديات لو أن كاملاً سعى لتغيير نمط التعامل معها الذي حاوله البرهان، ومع ذلك لم ينجو من الابتزاز حتى يوم الناس هذا.
المهم هو أن الناس لا يحفلون عموماً بالخطابات السياسية فقط، وإنما يحتاجون أيضا إلى فعل على مستوى الأرض. ولذلك فالأيام دول حتى نكتشف قدرة حكومة بورتسودان في تحشيد الموارد الكافية للحرب أم لإثبات استقلاليتها عن البرهان، وجماعته، للدعوة إلى إيقافها.
صحيح أن الوقت ما يزال مبكراً للحكم على خطابات كامل إدريس دعك عن الحكم على سياسته لإنقاذ بورتسودان من أزمتها المتشابكة الخيوط. ولكن فقرات خطابه الأول لا تبشر بأنه سيكون رئيس وزراء حقيقي حتى يمتلك الكاريزما الشخصية للضغط على البرهان، وأطرافه الحربية، والسياسية، لاتخاذ سياسة تحقق المصلحة للسودان، والتي تكمن في المبتدأ والمنتهى في الوصول إلى تسوية تفاوضية توقف الدمار الذي أزهق الأرواح، ولحق بالبنيات التحتية، وقسم الشعب السوداني شذرا مذرا.
الوسومالبرهان السودان المجتمع الدولي بورتسودان رئيس الوزراء صلاح شعيب كامل إدريسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البرهان السودان المجتمع الدولي بورتسودان رئيس الوزراء صلاح شعيب كامل إدريس أن کاملا
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يحل الحكومة
أعلن رئيس الوزراء السوداني الانتقالي الدكتور كامل إدريس، مساء يوم الأحد، حل الحكومة.
وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إن رئيس الوزراء كامل إدريس أبلغ طاقم الحكومة بقرار حل الحكومة.
وذكرت أنه كلف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتسيير مهام الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وفي وقت سابق، تعهد كامل إدريس في كلمة، بالعمل لخدمة الوطن وإنفاذ مبادئ العدالة والسلام وسيادة القانون والتنمية المستدامة.
وأكد رئيس الوزراء على إعمال مبدأ المساواة مع جميع القوى السياسية والفعاليات السودانية والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، مبينا أنه سيكون قريبا من المواطن والشعب السوداني.
وشدد كامل إدريس على أن أهم الأولويات الوطنية العاجلة هي الأمن القومي السوداني وهيبة الدولة بالقضاء على التمرد والمليشيات المتمردة.
وأضاف إدريس: "نحث الدول الداعمة للتمرد على التوقف عن التخطيط والتمويل والتعاون على تنفيذ ذلك"، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وأشاد في كلمته بالقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية بجميع قطاعاتها وكل من شارك في حرب الكرامة.
هذا، وأكد رئيس الوزراء الانتقالي أهمية بناء دولة القانون بما في ذلك النيابة والقضاء والمحكمة الدستورية.
وشدد على تعزيز علاقات السودان الخارجية مع دول الجوار والعالم العربي والإفريقي وكافة دول العالم.
كما أعلن رئيس الوزراء الانتقالي أن برنامج الدولة للمرحلة المقبلة سيركز على الاستشفاء الوطني الشامل والحوار (السوداني - السوداني) الذي لا يستثني أحدا، فضلا عن نبذ الجهوية والعنصرية.
وتعهد بالعمل على إدارة الفترة الانتقالية والجهاز التنفيذي بكل كفاءة ونجاعة، مشيرا إلى إعطاء الأولوية لاستتباب الاستقرار والسلام والأمن في كافة ربوع البلاد.
جدير بالذكر أن الدكتور كامل الطيب إدريس أدى يوم السبت 31 مايو 2025، اليمين الدستورية رئيسا لمجلس الوزراء في السودان.