كتب جبريل العبيدي، الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أن موقف دول الجوار الليبي الثلاث لتوحيد موقفها بشأن آلية حلحلة الأزمة الليبية تُعد خطوةً مهمةً.

وقال العبيدي، في مقال منشور على “الشرق الأوسط”، إنه “صحيحٌ أنَّ لليبيا جيراناً ستة، ولكنهم ليسوا على قلبِ قرارٍ واحد طيلة الأزمة الليبية، التي تجاوزت العقد ونيِّفاً، واكتوت بها بلدانُهم، لا ليبيا وحدها”.

وتابع؛ “فقد كان بينهم من تقوقع على نفسه، تاركاً ليبيا وأزمتها تتفاقم، مكتفياً بالفرجة من خرم الحدود، بينما تدخَّل آخرون إيجاباً، وبعضهم تدخَّل سلباً ففاقم الأزمة وجعلها أكثر تعقيداً”.

وأردف أن “الشأن الليبي المأزوم، محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً، لم تتدخَّل فيه دول الجوار الليبي فقط، بل جاء آخرون من أعالي البحار، يرسمون جغرافيا مُزيَّفة تجعل من ليبيا دولةً حدوديةً لهم، ضمن خرافة «الوطن الأزرق» التي تبنّاها ساسة تركيا، والتي كان تدخلها في الأزمة الليبية سلبيّاً طيلة السنوات العجاف الماضية”.

لافتا؛ “لكنها في السنوات الأخيرة بدأت تقترب من الحياد الإيجابي في الأزمة الليبية، بعد أن كانت جزءاً منها”.

وأكمل؛ “اليوم، تقدَّمت ثلاثية الجوار الليبي التي تضمُّ مصر وتونس والجزائر، حيث وُضِعَت «آلية دول الجوار الثلاثية»، التي تؤكد أهمية إعلاء مصالح الشعب الليبي، والحفاظ على مقدراته وممتلكاته، ورفض التدخل الخارجي في الشأن الليبي”.

وأشار إلى أن ” دول الجوار الليبي الثلاث تختلف في تاريخها تجاه الأزمة الليبية؛ فمصر مثلاً كانت دائمة التدخل الإيجابي، تسعى لجمع الأطراف كافة، ولا تُغلِّب طرفاً على آخر، باستثناء ملاحقة الإرهابيين والحرب على الإرهاب”.

وتابع؛ “أما تونس، ففي بداياتها، مع حُكم حركة «النهضة» الإخوانية، كانت حكومة الجبالي الإخوانية متَّهمة بترحيل مقاتلين تونسيين وأجانب للقتال في ليبيا وسوريا، وهو اتهامٌ وجَّهَهُ القضاء التونسي إليها”.

معقبًا؛ “وكانت تونس في تلك الحقبة جزءاً من الأزمة الليبية ومصدراً سلبيّاً”، مضيفًا؛ “أمَّا تونس اليوم، في عهد قيس سعيِّد، فقد أصبحت مكاناً ووجهةً لاجتماع الفرقاء الليبيين، وساهمت في حلحلة الأزمة الليبية وتقريب وجهات النظر، دون تدخُّلٍ في الشأن الليبي، بل فتحت قنوات التواصل مع جميع الأطراف، دون تغليب طرفٍ على آخر، مما جعلها اليوم مكاناً مناسباً لأي تسوية سياسية في ليبيا”.

ولفت إلى أن “الجزائر، الجار الثالث لليبيا، كان لها موقفٌ سلبيٌّ من الجيش الليبي، ورفضت التعاطي معه أو التعاون، رغم أنه لولا الجيش، لكانت الجماعات الإرهابية والإخوان المسلمون قد سيطروا على الشرق الليبي بأكمله، ولأصبحت ليبيا كلها منطلقاً لهم لتهديد أمن الجزائر، لا سيما أن الإخوان هدفهم هو إقامة «دولة الخلافة» ودولة «المرشد»”.

وقال العبيدي؛ “ولولا الجيش، لالتحم إخوان ليبيا مع إخوان الجزائر، ولأقضُّوا مضاجع الجيران، بمن فيهم الجزائر. وبالتالي، فإن تأمين الحدود بين الطرفين يدفع الجزائر إلى التعاون مع الجيش الليبي، لا سيما أن هذا الجيش هو مَن يُؤمِّن الحدود مع الجزائر، ويمنع تسلل الجماعات الإرهابية على امتداد الحدود التي تبلغ نحو ألف كيلومتر، مما يجعلها مصدر قلق للطرفين”.

وأضاف؛ “وقد رأينا ذلك في التصريحات التي صدرت من أعلى المستويات في الجزائر إبّان زحف الجيش نحو طرابلس لتحريرها من قبضة الميليشيات، إذ جاء فيها: «طرابلس خطٌّ أحمر، وإنَّ الجيش الليبي لو دخلها، فسيُرسَل الجيش الجزائري لمنعه»، وهي تصريحاتٌ عُدّت مستفزةً، كونها تمثل تدخلاً في الشأن الليبي، ومنعاً لجيش وطني من تحرير عاصمته من قبضة الميليشيات، وهو ما رفضه البرلمان الليبي المنتخب، وعدَّهُ تدخلاً سلبيّاً من الجزائر”.

وأكمل؛ “الجزائر اليوم تحاول إعادة ترتيب سياستها بشكلٍ مختلف يخدم الأزمة السياسية في ليبيا”.

وعقب موضحًا أن “الاقتراب الإيجابي وتصحيح الجزائر موقفها كان واضحاً في بيان ثلاثية الجوار الليبي (مصر، وتونس، والجزائر)، في الاجتماع الذي رعته القاهرة، حيث خرج بموقف موحد من الأزمة الليبية، وطرح رؤيةً وآليةً ثلاثيةً مشتركةً للحل، تتبنّى رفضَ التدخلِ في الشأن الليبي من أي طرف”.

وأشار إلى أنه “قد جاء في بيان الثلاثية «المصرية – التونسية – الجزائرية» بشأن الجارة ليبيا: «نؤكد دعمَنا لعمليةٍ سياسيةٍ شاملة، تحفظ وحدة ليبيا، وتُلبّي تطلعات شعبها، مع رفضٍ مطلقٍ لكل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا»”.

وأشار إلى أن “الوزراء أكدوا على «ضرورة (الملكية الليبية) الخالصة للعملية السياسية في ليبيا، وأن الحل السياسي يجب أن يكون (ليبيّاً – ليبيّاً)، نابعاً من إرادةٍ وتوافقٍ بين جميع مكونات الشعب الليبي، دون إقصاء، وبمساندةٍ ودعمٍ من الأمم المتحدة»”.

وختم موضحًا أن “خطوة دول الجوار الليبي الثلاث لتوحيد موقفها بشأن آلية حلحلة الأزمة الليبية تُعَدُّ خطوةً مهمةً، بعد نحو عقدٍ ونصف من السنوات العجاف التي شهدت فيها الأزمة الليبية تأخراً وتراجعاً وتقوقعاً كبيراً لدول الجوار عن أن تكون جزءاً من الحل، حتى من باب الحفاظ على أمنها القومي”.

المصدر: صحيفة الساعة 24

كلمات دلالية: فی الشأن اللیبی الأزمة اللیبیة فی لیبیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفوضية الانتخابات الليبية تعلن موعد عملية الاقتراع في 12 بلدية

أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، اليوم الاثنين، أن عملية الاقتراع في 12 بلدية ضمن المجموعة الثالثة ستنطلق في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وقال رئيس المفوضية عماد السايح في كلمة مصورة نشرها عبر منصة "فيسبوك": "يحدد يوم 20 تشرين الأول/ أكتوبر موعدا للبدء في تنفيذ انتخابات المجالس البلدية المجموعة الثالثة".

وتشمل المجموعة الثالثة كل من بلدية طبرق، وقمينس، وسرت، وقصر الجدي، والأبيار، وتاجوراء، وبنغازي، بالإضافة إلى سلوق، وجنزور، وتوكرة، وسبها، والجديدة.

وأكد السايح أن "16 بلدية توقف إجراء الانتخابات فيها ضمن المجموعة الثانية"، وهي؛ إجخرة، وجالو، والكفرة، وجردس العبيد، بالإضافة إلى المرج، وأوباري، والغريفة، والشرقية، والقطرون، وغات، وبراك الشاطي، والقرضة، فضلا عن أدري، والجفرة، خليج السدرة، أوجلة.

وأضاف السايح: "ستجري في هذه البلديات الـ16 عملية الاقتراع يوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر". وجرى تقسيم العملية الانتخابية في المجالس البلدية الليبية على ثلاث مراحل، بسبب عدم انتهاء ولاية بعضها.



وفي 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 أنهت المفوضية المرحلة الأولى من انتخابات المجالس على مستوى 58 بلدية من إجمالي 143، بينما انطلقت المرحلة الثانية في 16 آب/ أغسطس الماضي، وانتهت في 23 من الشهر ذاته.

وفي 23 آب/ أغسطس أجرت المفوضية العملية الانتخابية في 7 بلديات كانت مشمولة بالمرحلة الثانية بعد تأجيلها أسبوعا على خلفية "اعتداءات سافرة" نفذها مجهولون واستهدفت عددا من مكاتبها، في 16 من الشهر نفسه.

وفي 16 آب/ أغسطس، أعلنت المفوضية انتهاء عملية الاقتراع وبدء الفرز في انتخابات 26 مجلسا بلديا ضمن المجموعة الثانية لانتخابات المجالس البلدية، حيث بلغت نسبة المشاركة 71 بالمئة.

وتتنازع على الشرعية في ليبيا حكومتان، إحداهما حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها دوليا، وتتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقرا لها، وتسيطر على المنطقة الغربية، والأخرى برئاسة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، وتسيطر على المنطقة الشرقية ومدن في الجنوب.

وبجانب المجالس البلدية، يأمل الليبيون إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لإنهاء نزاعات وانقسامات في البلاد.

مقالات مشابهة

  • بوتين يكشف المساحة التي يسيطر عليها الجيش الروسي في أوكرانيا
  • مساعد وزير التموين: هذه الجهات الثلاث تتولى الرقابة على الأسواق في مصر
  • قضية الجزر إلى الواجهة.. نتنياهو: الصواريخ الإيرانية يمكن أن تصل إلى أمريكا
  • قائد الجيش الليبي يهنئ مصر بذكرى انتصار أكتوبر
  • بطريقة خاصة.. قائد الجيش الليبي يهنئ مصر بذكرى انتصار أكتوبر
  • بوغالي يثمن التحولات العميقة التي تشهدها الجزائر
  • مفوضية الانتخابات الليبية تعلن موعد عملية الاقتراع في 12 بلدية
  • مفيدة شيحة: تطبيق التوقيت الشتوي خطوة مهمة لترشيد الطاقة وتحقيق الانضباط
  • محمود كارم: قانون اللجوء خطوة مهمة في مسار التطوير التشريعي المصري
  • المندوبية الليبية لدى اليونسكو: لم نُقصّر في حماية التراث الليبي