يزداد الاهتمام داخل المؤسسات الأكاديمية في المملكة المغربية بالثقافة الشعبية، وتتوسع الدراسات التي تتناول هذه الثقافة بمختلف ألوانها وأجناسها، من فنون وآداب وعادات وتقاليد متوارثة بين المغاربة في مناطق البلاد.

وقد رأى باحثون ومهتمون أن حقل الثقافة الشعبية في المغرب يشهد تحولا نوعيا بفضل الاهتمام الكبير به، وإقبال الطلاب الجامعيين على دراسة كل ما يتعلق بتراثهم الثقافي والشعبي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2المستعرب خوسيه بويرتا: هذه قصة جائزة رضوى عاشور من غرناطةlist 2 of 2حكاية العربي الأخير لواسيني الأعرج.. نقد الراهن واستشراف المآل العربيend of list

وفي كتابه "التراث الشعبي المغربي: دراسات نقدية في عناصر الأدب الشعبي"، الصادر حديثا عن معهد الشارقة للتراث، يرصد لنا الكاتب والباحث المغربي عزيز العرباوي صور ذلك التحول المغربي في الاهتمام بالتراث الشعبي للبلاد.

ويقول العرباوي في مقدمة كتابه إن هذه الثقافة أصبحت بعيدة عن الغرائبية، وعن السخرية والاستهزاء الذي لحقها منذ زمن، وأصبحت قريبة من الاهتمام الشعبي لأغلب أفراد المجتمع المغربي، ومن الإحساس بأهميتها. ويبدو ذلك واضحا من خلال الأبحاث الأكاديمية المتعددة والمتوالدة كل سنة، أو من خلال الندوات الفكرية والثقافية التي تعقد هنا أو هناك، أو من خلال الاهتمام الإعلامي الجاد الذي ينقلها من ثقافة شعبية شفاهية إلى مستوى ثقافة الصورة والسماع.

إعلان

وقد تعددت محاور كتاب "التراث الشعبي المغربي: دراسات نقدية في عناصر الأدب الشعبي"، وتنوعت موضوعاته التي تدور في فلك التراث الشعبي المغربي، وتوزعت على فصوله وصفحاته.

ونذكر من بين تلك الموضوعات والعناوين: مفهوم الثقافة الشعبية، والأدب الشعبي وواقعيته، والنص الأدبي الشعبي، واللغة العامية كلغة للأدب الشعبي، والأديب الشعبي، والأدب الشعبي الأمازيغي، والأغنية الشعبية وتعريفها ومواضيعها ووظائفها، ورمزية الغناء الجالس، والفرجة التراثية وأشكالها، ومروضو الأفاعي والحيوانات، والملاكمة، والألعاب الرياضية والبهلوانية.

ومن محاور وموضوعات الكتاب أيضا: الخطاب الحجاجي في الأمثال الشعبية، وتعريف المثل الشعبي وخصائصه، والمرأة في المثل الشعبي، ونماذج لبعض الأمثال الشعبية وتحليلها، والمثل الشعبي الأمازيغي، والشعر الشعبي المغربي الحديث، ومدخل إلى فهم الزجل، والبطل في الحكاية الشعبية، وغير ذلك من المحاور والموضوعات.

تنوع ثقافي

يسعى كتاب "التراث الشعبي المغربي: دراسات نقدية في عناصر الأدب الشعبي" إلى تقديم رؤية جديدة لمفهوم الثقافة الشعبية وخصائصها، مع التأكيد على أهمية هذه الثقافة وحيويتها بالنسبة للشعب المغربي، الذي يعتبرها أحد مكونات الثقافة والهوية الوطنية.

ويرى مؤلف الكتاب، الكاتب والباحث عزيز العرباوي، أن هذا التنوع الثقافي داخل المغرب بات في حاجة إلى مزيد من الدراسات المنهجية والسوسيولوجية، التي تساهم -بحسب قوله- في نفض الغبار عن العديد من مظاهر الإنتاج الثقافي الشعبي، الذي ظل لفترة يعاني من اللامبالاة والاستسهال في التعاطي معه، بل ومن الاستهزاء به ونبذه واعتباره مسبة أو شيئا تافها. وهي الصورة التي تغيرت اليوم، بحسب فصول الكتاب ونصوصه.

أشكال التعبير الأدبي

ويدلنا الكتاب على أنه بالرغم من أن بعض أشكال التعبير الأدبي الشعبي، من فنون الحلقة، وأشعار شعبية، وأمثال، وحكايات شعبية، وألغاز، وحكم، وخرافات، وأساطير،… قد أصبحت محط اهتمام بعض المثقفين المغاربة، وموضوع جمع وبحث أيضا، فإنها لم تصل إلى مستوى الدراسة المستفيضة والمنهجية التي ترقى بها من مجرد أشكال تعبيرية شعبية إلى أشكال تعبيرية ثقافية تساهم في الرقي بالثقافة الوطنية وبالشخصية المغربية بمختلف مكوناتها الفنية والإبداعية والأدبية عموما.

إعلان

وبحسب الكتاب، فإن الثقافة التي تنتمي إلى شعب ما هي إلا مجموعة مكتسبة من الخصائص والصفات، ترسم للإنسان خصائص معينة للسلوك، تقوم على مجموعة من المثل والقيم والمفاهيم الموروثة يتمسك بها ويحرص على الحفاظ عليها.

وأن هذه الخصائص والصفات تتوفر لديه انطلاقا من العصور والأجيال السابقة، وذلك نتيجة للتطور العقلي والوجداني والاجتماعي والثقافي الذي عرفته مراحل حياته. فهذه الخصائص والصفات هي التي ترسم معالم الحياة الإنسانية وتصنع تاريخ البشرية وتحدد الواقع المعيش وترسم المستقبل الواعد الذي يتصور الإنسان خصائصه وأساليبه وبالتالي تحافظ على الارتباط به وعدم الانفصال عنه.

بين أصالة التراث المغربي وإبداع العصر الحديث، تستمر الثقافة الشعبية في التجدد والابتكار (مولدة بالذكاء الاصطناعي-الجزيرة) الإنسان سجين تراثه

ووفقا لنصوص كتاب "التراث الشعبي المغربي: دراسات نقدية في عناصر الأدب الشعبي"، فإن الإنسان بطبعه سجين للثقافة بكل تجلياتها، وبالتالي فهو سجين لتراثه يصعب عليه فك الارتباط به.. وما عليه إلا التوفيق بين ثقافته التي تستمد جذورها من التراث والماضي الذي يتسم بالعديد من الخصائص المرتبطة بالمقدس والإيمان والاعتقاد، وبين ثقافة عصرية جديدة ترتبط بالتقنية والإبداع والابتكار والعلم.

هذا التوفيق لا محالة سيساعد الأجيال الحالية والقادمة على اتصالها بماضيها وتراثها مع تطويره وإلباسه لبوسا عصريا سواء من حيث اللغة أو من حيث تقنيات الإبداع والتجديد، حيث تبقى تجربة الماضي حاضرة في أذهان أي شعب كلما أراد الاهتمام بحاضره الذي يعيشه، أو أراد البناء للمستقبل ضمن التطور المستجيب لمتطلبات هذا الشعب وحاجياته المختلفة.

وذهب مؤلف الكتاب إلى التأكيد على تجدد الثقافة الشعبية لتتواكب وتتماشى مع متغيرات العصر، وقال "إن الثقافة الشعبية التي تتنوع حسب حامليها والمحمولة إليهم تعيش في تجدد مستمر يساير حركية ودينامية الجماعة التي تعبر عنها".

إعلان

ولفت إلى أن من صفات الثقافة المميزة، أنها تعيش تغيرا مستمرا، وتجددا متعاقبا، وأرجع ذلك إلى تواصل عملية الإبداع الثقافي، موالاة الناس لعملية الإبداع الثقافي. وتناول بالدراسة والتحليل أحد أجناس هذه الثقافة الشعبية، والذي يعبر عنه بالأدب الشعبي بكل أنواعه وألوانه الإبداعية.

بعض مؤلفات الكاتب، عزيز العرباوي، التي تهتم بالأدب والتراث العربي (الجزيرة) الخوارق والقصص الأسطورية

ونتعرف من الكتاب على أن الأدب الشعبي يهتم بتصوير الخوارق والقصص الأسطورية، وأنه ليس مستبعدا أن يكون الأدباء هم الذين نسجوا الخوارق أو على الأقل كانوا هم العامل الضخم في تخليد قصصها وأساطيرها ومأثوراتها.

وبذلك فالأدب هو جزء من الثقافة لا يبقى محصورا بين التعبير وأدوات التعبير، بل إنه يدور في المحور العام الذي تدور فيه حياة المجتمع، فيتأثر به ويتقولب عليه شكلا ومضمونا، ويعكس جوانب منه بالإفصاح أو بالرمز، بحيث يشكل الأدب ذخيرة نفيسة بالنسبة للمؤرخ الذي يعرف كيف يتعامل معه.

يذكر أن مؤلف الكتاب، عزيز العرباوي، هو كاتب وباحث مغربي، مهتم بالأدب والتراث العربي، ويتمتع بعضوية عدد من المؤسسات الصحفية والثقافية، وقد صدر له العديد من المؤلفات المتعلقة بالأدب والتراث من بينها: "تجليات التراث في الفكر العربي والإسلامي: الجابري وأركون نموذجا" 2013، و"رمزية الماء في التراث الشعري العربي" 2015، و"بلاغة الخطاب السردي في الرواية السعودية: مقاربة تداولية لرواية طوق الحمام للروائية رجاء عالم"، و"السرد الروائي النسوي: الحرية، الذات، الجسد" 2019، وغير ذلك من المؤلفات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الثقافة الشعبیة هذه الثقافة

إقرأ أيضاً:

شيمي: قطاع التشييد ركيزة أساسية للتنمية العمرانية

عقد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، اجتماعًا موسعًا مع الرؤساء التنفيذيين للشركات التابعة للشركة القابضة للتشييد والتعمير، وذلك بمقر شركة المقاولات المصرية "مختار إبراهيم"، لمتابعة سير العمل ومؤشرات الأداء وموقف المشروعات الجارية، واستعراض الخطط المستقبلية والتعاقدات الجديدة.

أكد الوزير، خلال اللقاء، أن قطاع التشييد والبناء يمثل ركيزة أساسية لدعم التنمية العمرانية الشاملة، مشددًا على أهمية الالتزام بالجداول الزمنية وجودة التنفيذ في المشروعات التي تنفذها الشركات التابعة، وتكثيف الجهود لتعظيم الاستفادة من الأصول العقارية المملوكة، وتحقيق أقصى عائد ممكن منها، إلى جانب تعزيز فرص الشراكة مع القطاع الخاص، والدخول في مشروعات جديدة ذات جدوى اقتصادية واضحة.

وخلال الاجتماع، تم استعراض مساهمة الشركات التابعة في تنفيذ مشروعات قومية وتنموية في عدد من المحافظات، من بينها مشروعات البنية التحتية والمرافق ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، بما يشمل تنفيذ محطات لمعالجة الصرف الصحي وتنقية مياه الشرب، وكباري ومدارس، إلى جانب مشروعات سكنية بالعاصمة الإدارية، وأعمال كهرباء في مناطق متنوعة منها الدلتا الجديدة والساحل الشمالي والبحر الأحمر وبني سويف والجيزة وقنا، ومشروعات لحماية الشواطئ في الإسكندرية ومرسى مطروح، وذلك بحضور اللواء مهندس محمد مصطفى العضو المنتدب التنفيذي للشركة القابضة للتشييد والتعمير، وعدد من قيادات الوزارة.

وتناول الاجتماع مناقشة موقف عدد من الأصول العقارية الجاري استغلالها اقتصاديًا، والفرص الاستثمارية المطروحة للشراكة مع القطاع الخاص. كما تم عرض التطورات الجارية في مدينة نيو هليوبوليس، من تحسينات في البنية التحتية ومستوى الخدمات، ومساحات خضراء وممرات للمشاة، وتطوير الطرق الداخلية والبوابات، فضلًا عن مشروع إقامة كمباوند إداري تجاري سكني. كما تم التطرق إلى أعمال التطوير التي شهدها قصر غرناطة التاريخي بحي مصر الجديدة، وإعادة افتتاحه مع الحفاظ على طرازه المعماري الفريد، وتحويله إلى مركز فني وثقافي يستضيف فعاليات متنوعة، ما يمثل نموذجًا ناجحًا للجمع بين الحفاظ على التراث والاستثمار في الأصول، وكذلك الهوية المؤسسية الجديدة لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، التي تم إطلاقها مؤخرا والتي تعكس توجهًا استراتيجيًا نحو التطوير المؤسسي وزيادة الفعالية التسويقية وتعزيز الثقة لدى العملاء.

كما تم استعراض موقف عدد من المشروعات العقارية في مناطق متفرقة، منها أريبا بالساحل الشمالي، وراقية بالإبراهيمية، وجراند فيو سموحة 2، والمعادي فيو الشروق، والمعادي فالي، وسي بيل بالمنصورة الجديدة، وأرض في حدائق العاصمة التي تشهد الإعداد لإقامة مجتمع عمراني متكامل. وناقش الاجتماع أيضًا موقف المشروعات الخارجية الجاري تنفيذها والتعاقدات الجديدة، إلى جانب مساهمة شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد في تنفيذ أعمال لصالح شركات تابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، مثل المشروع القومي لتطوير صناعة الغزل والنسيج، وتطوير شركة النصر للسيارات وعدد من شركات الأدوية، ومنتجع جاز أصيلة بمرسى علم.

وفي هذا الإطار، شدد الوزير على أهمية التوسع في المشروعات العقارية المتكاملة، وتعزيز فرص التسويق والاستثمار، والاستفادة من الموقع المميز للأصول في تنفيذ مشروعات نوعية قادرة على المنافسة وجذب شرائح متنوعة من السوق. كما وجه بضرورة التوسع الخارجي وزيادة حجم الأعمال في الأسواق الإقليمية والدولية، مستفيدين من الخبرات المتراكمة والإمكانيات الفنية للشركات التابعة، بما يسهم في تنويع مصادر الدخل وزيادة العوائد، ورفع القدرة التنافسية إقليميًا.

كما وجه المهندس محمد شيمي بضرورة العمل على التحسين المستمر لخدمة العملاء ورفع جودة الخدمات المقدمة في كافة المشروعات والمنشآت التابعة، مؤكدًا أن رضا العملاء أحد أهم مؤشرات النجاح واستمرارية النشاط، ومشيرا إلى تحسن مؤشرات الأداء المالي للشركات التابعة، وارتفاع معدلات المبيعات في المشروعات العمرانية، موجهًا بضرورة الاستمرار في تطوير الأداء وتحقيق أقصى كفاءة تشغيلية، ومتابعة أعمال الصيانة ورفع كفاءة معدات شركات المقاولات. وأشاد الوزير بالتكامل المحقق بين الشركات الشقيقة التابعة للقابضة للتشييد والتعمير، والتعاون المثمر مع باقي شركات الوزارة، مؤكدًا أن هذا التكامل يمثل ركيزة أساسية لتحقيق النتائج المرجوة من استثمارات الدولة، وتسريع وتيرة الإنجاز، ودفع عجلة التنمية الشاملة.

طباعة شارك مؤكدًا أن هذا التكامل يمثل ركيزة أساسية لتحقيق النتائج المرجوة من استثمارات الدولة المشروعات العمرانية كما وجه المهندس محمد شيمي بضرورة العمل على التحسين المستمر لخدمة العملاء كما تم استعراض موقف عدد من المشروعات العقارية في مناطق متفرقة منها أريبا بالساحل الشمالي

مقالات مشابهة

  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • يونامي”قلقة”من مسيرات الحشد الشعبي تجاه الإقليم
  • ندوة بصنعاء بعنوان “الآثار المنهوبة بين التشريعات وآليات الاسترداد”
  • في يومه الثاني.. ملتقى الكتاب السوريين يجمع عصارة إبداع نخبة من المثقفين
  • الجبهة الشعبية تحمل المجتمع الدولي مسؤولية سلامة نشطاء سفينة “حنظلة” 
  • مكتبة الإسكندرية: نعمل على رقمنة التراث المصري وإيصاله لكافة فئات المجتمع
  • وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان معرض الكتاب بالمحافظة- صور
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • شيمي: قطاع التشييد ركيزة أساسية للتنمية العمرانية
  • لا سيادة ولاقانون ولا هيبة للدولة بوجود محمد السوداني وميليشيات الحشد الشعبي