تحالف الأخوة والاستقرار.. تنسيق استراتيجي بين مصر والإمارات في مواجهة التحديات الإقليمية
تاريخ النشر: 4th, June 2025 GMT
في خضم التحديات الإقليمية والدولية المتلاحقة، تواصل مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ علاقاتهما التاريخية من خلال تنسيق سياسي عالٍ وتعاون اقتصادي وأمني متنامٍ، يعبّر عن إدراك مشترك لطبيعة المرحلة واستحقاقاتها.
وفي هذا الإطار، تأتي الزيارة الرسمية التي يجريها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، يوم الأربعاء 4 يونيو 2025، للقاء أخيه سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لتؤكد من جديد عمق الروابط التي تجمع البلدين، واستمرارية التشاور والتفاهم حيال الملفات الكبرى التي تهم المنطقة والعالم العربي.
يتوجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث يعقد لقاءً ثنائيًا مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وذلك في سياق تأكيد الشراكة الوثيقة والتنسيق المستمر بين البلدين.
ومن المقرر أن يتناول اللقاء عددًا من الملفات ذات الأولوية، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع الإقليمية الراهنة، وسبل دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، إضافة إلى تعزيز التعاون الثنائي بين القاهرة وأبوظبي بما يحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، فإن اللقاء يعكس حرص القيادتين على توسيع آفاق الشراكة وتعزيز مسارات العمل المشترك في مختلف المجالات، خاصة في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة الدولية والإقليمية.
جذور العلاقة المصرية الإماراتيةتتمتع العلاقات بين مصر والإمارات بعمق تاريخي ومتانة سياسية تعود إلى بدايات تأسيس دولة الإمارات عام 1971، حين كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام الاتحاد وسارعت إلى الاعتراف به. ومنذ ذلك الحين، ترسخت العلاقة بين البلدين على أسس من الثقة والدعم المتبادل، وتطورت باتجاه شراكة استراتيجية شاملة.
تتميز علاقات البلدين بحضور قوي ومؤثر على الساحتين الإقليمية والدولية، لا سيّما في ظل ما تنتهجه قيادتا البلدين من سياسات حكيمة ومعتدلة، ومواقف واضحة في مواجهة التحديات الكبرى، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، ودعم جهود السلام، وتعزيز الأمن العربي المشترك، والحوار بين الحضارات والثقافات.
ثبات في المواقف وتطابق في الرؤىترتكز العلاقات السياسية بين مصر والإمارات على قاعدة صلبة من التفاهمات، حيث شهدت العقود الماضية توافقًا مستمرًا في المواقف تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وقد أسهم هذا التوافق في تعميق مستوى التنسيق السياسي، وجعل من العلاقة نموذجًا يُحتذى في العلاقات العربية، بل والعلاقات الدولية.
ويُعد التقارب المصري الإماراتي في التعامل مع الأزمات العربية—كالقضية الفلسطينية، والوضع في ليبيا وسوريا واليمن ولبنان والعراق—دليلًا على وحدة الموقف تجاه أهمية التسوية السياسية، وضرورة وقف التدخلات الخارجية، وصون وحدة أراضي الدول العربية، وحقن دماء شعوبها، إضافة إلى تكثيف العمل العربي المشترك وتكاتف الجهود لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ووقف تمويله سياسيًا وإعلاميًا وعسكريًا.
علاقات اقتصادية واستثمارية متصاعدةشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث زاد معدل التبادل التجاري، وتضاعفت الاستثمارات الإماراتية في السوق المصرية، وامتدت إلى قطاعات متنوعة مثل الطاقة، والبنية التحتية، والزراعة، والسياحة، والتكنولوجيا.
وتعتبر الإمارات أكبر مستثمر عربي في مصر، ومن بين أكبر الشركاء التجاريين لها على المستوى العالمي، وهو ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية وعمق الثقة المتبادلة بين مؤسسات البلدين.
تعاون أمني وعسكري قائم على الثقة والتنسيقيمتد التعاون بين مصر والإمارات ليشمل المجالات الأمنية والعسكرية، حيث يحرص البلدان على التنسيق المستمر في قضايا الأمن الإقليمي ومكافحة التنظيمات المتطرفة، سواء من خلال التدريبات العسكرية المشتركة أو تبادل المعلومات والخبرات.
ويأتي هذا التعاون في سياق إدراك مشترك لطبيعة التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، خاصة في ظل النزاعات المسلحة، وانتشار الجماعات الإرهابية، وتداعيات الصراعات السياسية على استقرار دول المنطقة.
العلاقات المصرية الإماراتية اليوم ليست فقط علاقات ثنائية بين دولتين، بل هي تحالف استراتيجي يعكس رؤى متقاربة ومصالح مشتركة، ويقوم على إرادة سياسية قوية من قبل القيادتين في القاهرة وأبوظبي.
وفي ظل ما يشهده العالم العربي من تحولات وأزمات، تمثل هذه العلاقة نموذجًا ناضجًا في التعاون والتضامن، يعوّل عليه الكثيرون في رسم ملامح المستقبل العربي المنشود.
ملفات مصرية إماراتية مشتركةمن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن هذه الزيارة تُعد محطة مهمة في إطار التنسيق الاستراتيجي بين القيادتين المصرية والإماراتية.
وقال فهمي في تصريحات لـ"صدى البلد"، إن الزيارة تأتي بهدف تبادل الرأي والمشورة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في ظل ما تتمتع به العلاقات الثنائية من قوة وتماسك، مضيفًا أن العلاقات المصرية الإماراتية ترتكز على قاعدة صلبة من المصالح المشتركة، والتطابق في الرؤى بشأن معظم القضايا الإقليمية والعربية.
وأشار إلى أن الزيارة تحمل أبعادًا متعددة، تشمل الجوانب السياسية والإقليمية، إلى جانب ملفات اقتصادية وتكنولوجية، فضلًا عن التباحث حول آليات دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وهي قضايا تحظى باهتمام مشترك من الجانبين.
وأوضح الدكتور طارق فهمي أن القمة بين الزعيمين ستتناول كذلك سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يلبي تطلعات الشعبين الشقيقين، ويعزز من قدرتهما على مواجهة التحديات المشتركة.
واعتبر فهمي أن الزيارة تمثل أيضًا خطوة مهمة في سياق تنسيق المواقف وترتيب الأولويات على الساحة العربية، خصوصًا في ظل الجهود المصرية المستمرة لتقديم مقاربات عملية وواقعية في القضايا الإقليمية، وعلى رأسها الملف الفلسطيني، مشيرًا إلى أن القاهرة قدمت مشروعًا حقيقيًا ومتكاملًا لإعادة إعمار قطاع غزة، وهو ما يحظى بتقدير ومتابعة من قبل دولة الإمارات ودول أخرى في المنطقة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإمارات السيسي مصر والإمارات العلاقات المصرية الإماراتية المصریة الإماراتیة بین مصر والإمارات دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
برلمان الاتحاد من أجل المتوسط يرحب بالتوصل لاتفاق لوقف الحرب في غزة
رحب برلمان الاتحاد من أجل المتوسط برئاسة النائب محمد أبو العينين بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق تاريخي يشكل نهاية للحرب في قطاع غزة وبداية مرحلة جديدة للسلام والأمن والتعاون المستدام في الشرق الأوسط.
واشاد الاتحاد في بيان بما تضمنه الاتفاق من وقف شامل وفورى لإطلاق النار وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وإدخال المساعدات العاجلة للمدنيين، وتبادل الأسرى، بما يضع أسسا جديدة لترسيخ السلم، وإنهاء المعاناة الإنسانية غير المسبوقة على مدار أكثر من عامين من النزاع.
ويسجل برلمان الاتحاد من أجل المتوسط عميق الشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية ولدولة قطر والولايات المتحدة، لما بذلوه من جهود استثنائية في تقريب وجهات النظر وتحقيق هذا الاتفاق، ويخص بالشكر فخامة الرئيس دونالد ترامب لدوره المباشر والحاسم في التوصل لهذا الاتفاق التاريخي، الذي يمثل خطوة أولى على طريق تنفيذ خطة سلام متكاملة وعودة الأمن والاستقرار إلى كل شعوب المنطقة.
ويشيد البرلمان بالدور المحورى الذى قامت به مصر على مدار عامين من أجل إنهاء الحرب وإدخال المساعدات وتحقيق سلام دائم ويعبر عن تقديره للجهود الفاعلة التي قامت بها مصر خلال استضافتها للمفاوضات الأخيرة والتي أسهمت بشكل مباشر في انجاز هذا التحول الحاسم نحو السلام والاستقرار في المنطقة وتسهيل التوصل الى هذا الاتفاق التاريخي.
ويدعو البرلمان الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني الى التنفيذ الكامل للاتفاق بشكل عاجل وكامل وضمان دخول المساعدات الإنسانية العاجلة عبر منظمات الأمم المتحدة، والإفراج عن جميع الرهائن والأسرى وضمان عدم التهجير أو الضم، والبدء بعملية إعادة الإعمار والعمل الجاد من أجل تطبيق حل الدولتين وفق مقررات الشرعية الدولية.
ويؤكد البرلمان على موقفه الثابت من أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار والآمن والتعايش السلمي في المنطقة هو من خلال تنفيذ حل الدولتين وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية