بذلت صفحات التواصل الاجتماعي المرتبطة بموسكو، جهودا كبيرة لاستغلال الانقلاب الذي وقع الشهر الماضي في النيجر، سعيا لتعزيز نفوذ الكرملين في ذلك البلد الأفريقي، وربما لفتح باب لتواجد عسكري روسي هناك، بحسب تقرير نشرته صحيفة "غارديان" البريطانية.

وكشف تحليل أجراه خبراء، أن "نشاط القنوات الاجتماعية المرتبطة بمرتزقة فاغنر تجاه النيجر، انخفض بشكل حاد" بعد مصرع زعيمهم، يفغيني بريغوجين، في تحطم طائرة شمالي موسكو الأسبوع الماضي.

لكن القنوات الموالية لروسيا على تطبيق تلغرام، "واصلت على نطاق واسع مناقشة أو نشر معلومات مضللة بشأن النيجر، بنفس المستويات التي كانت عليها قبل موت بريغوجين"،  وذلك وفقًا لبحث أجرته شركة "لوجيكلي" Logically، وهي شركة تكنولوجيا تتعامل مع المحتوى الزائف والمحرض على الكراهية عبر الإنترنت، ولها عدة مقرات في بريطانيا والهند وأفريقيا. 

وبحسب تحليل خبراء تلك الشركة، فقد ارتفع المحتوى المتعلق بالنيجر عبر 45 قناة في تطبيق "تلغرام" تابعة لموسكو أو "فاغنر"، بنسبة 6645 بالمئة في الشهر التالي لمحاولة التمرد الفاشلة التي نفذتها فاغنر ، مما يشير إلى اهتمام الكرملين الشديد باستغلال الاضطرابات في القارة السمراء.

وحددت الشركة زيادة كبيرة في كمية المحتوى الذي يروج للروايات المناهضة لفرنسا في تلك الحسابات، وذلك على الرغم من أنها وجدت أن المشاعر السلبية تجاه باريس في النيجر، وهي مستعمرة فرنسية سابقة، كانت منتشرة بالفعل قبل الانقلاب.

وعزز البحث المخاوف من أن روسيا "ستسعى إلى كسب النفوذ والعقود المربحة، والوصول إلى الموارد الرئيسية في النيجر"، بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب، محمد بازوم.

فاغنر.. هل تصبح أكثر شراسة بعد تأكيد مقتل "طباخ الرئيس"؟ مع التأكيد الرسمي الروسي، الأحد، على مقتل زعيم ميليشات فاغنر في واقعة تحطم طائرة ركاب خاصة كانت تقله مع المقربين من قادة تلك المجموعة العسكرية الخاصة، عاد التصريحات التي كان قد أدلى بها رئيس الوزراء البولندي،ماتيوش مورافيتسكي، يوم الخميس الماضي، وقال إن تلك الجماعة سوف تصبح أشد خطورة وشراسة تحت الإشراف المباشر لقاطن قصر الكرملين، الرئيس فلاديمير بوتين. 

وكانت الإطاحة بالحكومة المدنية على يد العسكر في مالي المجاورة عام 2021، بمثابة نقطة تحول في معركة النفوذ بين روسيا والدول الغربية في منطقة الساحل، إذ سرعان ما أبرم النظام الجديد في باماكو صفقة مع مجموعة فاغنر، مما أدى  إلى انسحاب القوات الغربية المتمركزة هناك، ليكون ذلك بمثابة انتصار كبير لموسكو في القارة السمراء.

وكان معظم المراقبين قبل انقلاب يوليو، ينظرون إلى النيجر على أنها دولة مستقرة نسبياً، وتتمتع بمؤسسات ديمقراطية قوية مقارنة بالعديد من  من جيرانها، كما أنها كانت تعد قاعدة رئيسية للقوات الغربية في منطقة الساحل المضطربة.

ولا يوجد دليل على وجود جهود روسية متضافرة لزعزعة استقرار حكومة بازوم قبل الانقلاب مباشرة، وهو ما عزاه المحللون إلى "صراعات داخلية على السلطة".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قد ذكر في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي، أنه "لا يعتقد أن روسيا أو مجموعة فاغنر حرضتا على الانقلاب في النيجر"، مضيفا: "لكنهما حاولتا الاستفادة منه".

"موجة معلومات مضللة"

ومع ذلك، كانت النيجر محور حملات التأثير على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل، ففي منتصف فبراير الماضي، غمرت موجة من المعلومات المضللة وسائل التواصل الاجتماعي عندما سافر بازوم إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.

وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على تطبيقي تيك توك وفيسبوك، في فبراير، لقطات زائفة جرى تصويرها خلال محاولة انقلاب في مارس 2021 في نيامي، باعتبارها حادثة جديدة تنطوي على إطلاق نار بمحيط مقر إقامة رئيس البلاد.

وجرى نشر لقطات أخرى بنفس الطريقة لتضليل المتابعين، إذ أظهرت منشورات مزيفة هجوما فرنسيا على قافلة عسكرية في النيجر، ورافقها اتهامات بأن القوات الفرنسية "تعمل سرا مع متطرفين أصوليين".

وتشمل الأمثلة المماثلة التي عثرت عليها شركة "لوجيكلي" في الأسابيع الأخيرة، منشورًا على قناة تلغرام روسية "لتدقيق الحقائق" تضم أكثر من 600 ألف مشترك، تدعي أن عدم الاستقرار في النيجر ودول أفريقية أخرى "يتم إثارته من قبل القوى الغربية، بسبب رغبتها بالانضمام إلى مجموعة بريكس"، التي أسستها الهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والبرازايل.

وأدى منشور آخر نشرته إحدى وسائل الإعلام الحكومية الروسية على قناتها  في تطبيق تلغرم، والتي يتابعها أكثر من 360 ألف شخص، إلى "تضخيم ادعاءات النظام العسركي في النيجر بأن دولتين من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) كانتا على وشك إطلاق  عملية عسكرية لإعادة بازوم إلى السلطة".

وفي هذا الصدد، قال رئيس قسم الأبحاث في شركة "لوجيكلي"، كايل والتر: "تحولت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة كبيرة إلى النيجر، لتثير مشكلات خطيرة بالاعتماد على معلومات خاطئة".

بعد فشل تمرد زعيمها.. مجموعة فاغنر أمام "التحدي الأكبر" في أفريقيا تواجه مجموعة "فاغنر" أكبر تحد لها في أفريقيا منذ تمرد زعيمها، يفغيني بريغوجين، الفاشل، مع مساعيها إلى دعم وحماية رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى المقبل على استفتاء جديد يثير انقسامات كبيرة بالبلد.

وكان قد جرى إلقاء اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج العداء المتزايد تجاه فرنسا، مما دفع باريس إلى سحب قواتها من مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى عام 2022، ومن بوركينا فاسو خلال السنة الجارية.

ولا يزال مستقبل "فاغنر" في القارة غير مؤكد، إذ نجحت الشركات التابعة لها في استخراج الذهب والألماس وتصدير الأخشاب الثمينة وأشياء أخرى في جمهورية أفريقيا الوسطى وموزمبيق والسودان وأماكن أخرى.

وقال المحلل المستقل والمتخصص في الشؤون الأفريقية، دينو ماهتاني: "من غير الواضح فيما إذا كان سيكون هناك استحواذ كامل على فاغنر من قبل الدولة الروسية، أو إذا كانت موسكو ستحاول استخدام كوكبة من الجماعات المرتزقة الأخرى في سعيها للحفاظ على النفوذ الذي اكتسبته" بأفريقيا.

وتابع: "لقد كان هناك ارتفاع في المشاعر المؤيدة لروسيا في العديد من البلدان الأفريقية، والتي ترغب موسكو في تعزيزها".

وتشير الجهود المستمرة التي تبذلها حسابات مرتبطة بالدولة الروسية لاستغلال الاضطرابات في أفريقيا، إلى أن الكرملين "سيسعى إلى ضمان نفوذه وتعزيزه هناك، عبر مجموعات عسكرية تابعة له بشكل غير مباشر".

وكانت العديد من صفحات فيسبوك التي شاركت الأخبار الكاذبة بشأن الاضطرابات الأخيرة في النيجر، قد نشرت في السابق مواد مؤيدة لروسيا، أو استهدفت الوجود الفرنسي في منطقة الساحل.

وقامت إحدى الصفحات بتضخيم التقارير الكاذبة على فيسبوك وتويتر في أبريل 2022، والتي اتهمت القوات الفرنسية بارتكاب "فظائع" في وسط مالي، إذ عرضت صورًا مفترضة لمقبرة جماعية في جوسي، بالقرب من قاعدة عسكرية فرنسية جرى تسليمها إلى الجيش المالي مؤخرا.

وكان الجيش الفرنسي قدقال إنه استخدم طائرة بدون طيار لتصوير ما يبدو أنه مرتزقة روس يقومون بدفن الجثث قبل عدة أيام.

وفي حين استعان نظام الحكم بجمهورية أفريقيا الوسطى بالمرتزقة الروس، فإن هناك مخاوف من أن بوركينا فاسو "قد تفعل الشيء نفسه الآن".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی أفریقیا الوسطى فی أفریقیا فی النیجر

إقرأ أيضاً:

ترامب يكرّر مزاعم "الإبادة الجماعية ضد البيض" بجنوب إفريقيا ويروّج لخمس روايات مضللة

في اجتماع عُقد بالمكتب البيضاوي يوم الأربعاء، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسلسلة من التصريحات المضلّلة بشأن ما وصفه بـ"الاضطهاد" الذي تتعرض له الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا. اعلان

وخلال لقائه مع رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، قاطع ترامب ضيفه مرارًا، مصرًّا على تكرار مزاعمه، رغم محاولات رامافوزا دحضها. وقد طلب الرئيس الأمريكي من فريقه عرض تسجيل مصوّر يتضمن مقتطفات من خطابات قديمة لسياسيين جنوب أفريقيين، سبق تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرًا أنها تؤكد اتهاماته.

فما مدى صحة ادعاءات ترامب بشأن اضطهاد البيض في جنوب أفريقيا؟ إليكم ما تكشفه الأدلة الرسمية والميدانية التي تفنّد خمس مزاعم رئيسية روّج لها خلال الاجتماع.

1. "تطهير عرقي" يستهدف المزارعين البيض

ادّعى ترامب وجود حملة تطهير عرقي ممنهجة تستهدف المزارعين البيض في جنوب أفريقيا، في ما اعتُبر تبنّيًا لنظرية مؤامرة روجت لها مجموعات يمينية متطرفة منذ نهاية نظام الفصل العنصري عام 1994، ولاقت دعمًا علنيًا من إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا.

وتستند هذه النظرية إلى وقائع جرائم قتل طالت مزارعين بيض في مناطق ريفية، إذ يعتبر مؤيدوها أن الحكومة التي تسيطر عليها الأغلبية السوداء إمّا متواطئة أو تغضّ الطرف عن هذه الجرائم. إلا أن الحكومة تنفي ذلك تمامًا، وتشير إلى أن العنف يطال الجميع في بلد يشهد أحد أعلى معدلات القتل في العالم، بمعدل 72 جريمة قتل يوميًا.

الرئيس دونالد ترامب يلتقي رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في المكتب البيضاوي، في 21 أيار/مايو 2025، واشنطن.Evan Vucci/ AP

وقد سجّلت الشرطة عام 2024 نحو 26,232 جريمة قتل، منها 44 فقط مرتبطة بالمجتمعات الزراعية، قُتل فيها ثمانية مزارعين.

في سياق إحدى القضايا القانونية، قضت المحكمة العليا في مقاطعة ويسترن كيب مطلع هذا العالم بأن مزاعم "الإبادة الجماعية للبيض" لا تعدو كونها "أوهامًا لا أساس لها من الصحة"، وقررت بناءً على ذلك منع تقديم التبرع لجماعة عنصرية بيضاء.

2. مصادرة أراضي المزارعين البيض دون تعويض

اتهم ترامب حكومة جنوب أفريقيا بمصادرة أراضٍ يملكها البيض بالقوة ومن دون تعويض، بغرض توزيعها على السكان السود. غير أن الوقائع تشير إلى أن الدولة تتبع سياسة ترمي إلى تصحيح الاختلالات التاريخية في ملكية الأراضي الناتجة عن الفصل العنصري، من خلال تشجيع المزارعين البيض على البيع الطوعي، أي يقوم المالك ببيع ممتلكاته دون إكراه.

لكن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن. فبينما يشكل البيض أقل من 8% من السكان، لا يزالون يملكون قرابة 75% من الأراضي الزراعية الخاصة. بالمقابل، يمتلك السود، الذين يمثلون 80% من السكان، 4% فقط من تلك الأراضي.

Relatedرامافوزا يرد على ترامب: الأفريكانيون البيض الذين ينتقلون إلى أمريكا ليسوا لاجئينواشنطن تستعد لاستقبال مجموعة طالبي لجوء من السكان البيض في جنوب أفريقياترامب يلتقي رئيس جنوب إفريقيا في المكتب البيضاوي ويعرض ما يقول إنها أدلة على إبادة جماعية بحق البيض

وفي محاولة لتسريع الإصلاح، وقع الرئيس رامافوزا قانونًا في كانون الثاني/ يناير 2024 يتيح للدولة، في ظروف استثنائية، مصادرة أراضٍ "للمصلحة العامة" حتى من دون تعويض، شرط أن تُبذل جهود للتوصل إلى اتفاق مسبق مع المالك. وحتى اليوم، لم يُفعّل هذا القانون في أي حالة.

3. أغنية "أقتلوا البوير" كدعوة للعنف

عرض ترامب مقطعًا يظهر زعيم حزب "مقاتلي الحرية الاقتصادية" اليساري، جوليوس ماليما، وهو يؤدي أغنية "أقتلوا البوير"، معتبرًا أنها تحريض مباشر على قتل الأفريكانيين، وهم البيض من أصول أوروبية الذين يملكون غالبية الأراضي الزراعية.

لكن الأغنية تعود إلى فترة مقاومة نظام الفصل العنصري، وقد قضت ثلاث محاكم في جنوب أفريقيا بعدم اعتبارها خطاب كراهية، بل تراثًا نضاليًا مرتبطًا بكفاح التحرر. وأكد حزب EFF في بيان أعقب اللقاء أن الأغنية تعبّر عن رفض نظام سيطرة الأقلية البيضاء، وتشكل "جزءًا من التراث الأفريقي"

4. الصلبان البيضاء كمواقع "دفن" رمزية

من بين المقاطع التي عرضها ترامب أيضًا مشهد لطابور طويل من الصلبان البيضاء على جانب طريق سريع، زاعمًا أنها تشير إلى "مواقع دفن" لضحايا من المزارعين البيض.

لكن الواقع أن هذا الفيديو صُوّر في أيلول/ سبتمبر 2020 خلال احتجاج على جريمة قتل مزعومة، واستخدمت فيه الصلبان الخشبية بشكل رمزي لإحياء ذكرى مزارعين قُتلوا على مدى سنوات، دون أن تكون تلك الصلبان قبورًا فعلية، بحسب تصريح منظم التظاهرة لهيئة الإذاعة الجنوب أفريقية SABC.

اعلانعرض لمقطع مصور خلال لقاء بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في المكتب البيضاوي – 21 أيار/مايو 2025، واشنطن Evan Vucci/ AP5. فيديوهات ماليما وتصريحات حول "احتلال الأراضي"

في مشهد افتتاحي لفيديو عُرض في البيت الأبيض، يظهر ماليما وهو يصرّح داخل البرلمان بأن "الناس ذاهبون لاحتلال الأراضي" دون طلب إذن من الرئيس، كما يتعهد في مشاهد أخرى بمصادرة تلك الأراضي.

رغم أن بعض عمليات الاستيلاء غير القانوني على الأراضي وقعت فعلًا، فإنها غالبًا ما كانت بدوافع اجتماعية من قبل فقراء لا يملكون ملاذًا آخر، وليس بناءً على خطط ممنهجة. وغالبًا ما استهدفت هذه العمليات أراضٍ غير مستخدمة. ولم تُقدَّم أي أدلة على أن حزب EFF نظّم مثل هذه التحركات بشكل مباشر.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الحزب القومي الاجتماعي: الوحدة اليمنية كانت وستظل خيارًا إستراتيجيًا لا رجعة فيه
  • فينيسيوس يودع لوكا مودريتش: كانت كرة القدم التي تقدمها فنا
  • روسيا: إسقاط مسيّرات كانت تستهدف موسكو
  • ترامب يكرّر مزاعم "الإبادة الجماعية ضد البيض" بجنوب إفريقيا ويروّج لخمس روايات مضللة
  • مصر وغانا: شراكة استراتيجية لتعزيز الأمن والتنمية ومكافحة الإرهاب في أفريقيا
  • علاقة ما فعله ترامب مع رئيس جنوب أفريقيا بالقضية التي رفعتها الأخيرة ضد إسرائيل حول غزة تثير تفاعلا
  • رواندا تستضيف أول مؤتمر دولي للأمن في أفريقيا لتعزيز الحلول المحلية
  • غرفة العمليات الحكومية: مزاعم الاحتلال بإدخال مساعدات لغزة "كاذبة"
  • محافظ الغربية: لا تهاون في جودة رغيف الخبز وحملات رقابية.. شاهد
  • “أوروبا تبحث عن الحرب”.. روبيو يعود بأخبار صادمة من روما