احذر أن تكون منهم.. 14 شخصا لن يذوقوا راحة البال في حياتهم
تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT
لاشك أن راحة البال هي أعظم النعم التي تؤدي إلى السعادة كما أنها مبتغى العقلاء ، ممن يدركون قيمة وقدر راحة البال فلا يفرطون فيها ولا يقايضونها بكنوز الأرض، لذا فإن الحرمان منها لشيء مفزع ، فإذا كان هناك أناس لن يذوقوا راحة البال في حياتهم ، فينبغي معرفتهم تجنبًا الانضمام إليهم ، وهو ما يطرح سؤال من هؤلاء الذين لن يذوقوا راحة البال ؟.
يعتبر الكثير من البُسطاء راحة البال نعمةً وكنزاً ثميناً، إذا خسروه لا يعوضهم عنه شيء، ونقصد براحة البال خلو حياة الشخص من المشاكل والمُنغِصات التي تُكدر حياته، وتقلبها رأساً على عقب، كما أنّ راحة البال هي صفاء الذهن من التفكير بشؤون الحياة وأحوالها، والبعد عن أسباب المشاكل، وهي أيضاً الشعور بالسكينة والطمأنينة على الدوام.
هؤلاء لن يذوقوا راحة البالوقد ورد أن راحة البال نعمة لا ينالها كل أحد، فهناك أربعة عشر شخصًا لن يذوقوا راحة البال في حياتهم، حيث إن راحة البال لا يذوقها امرؤ ذم غيره لِينال المدح دونه، ولا امرؤ خفض شَأنَ غيره ليعلو شأنه، ولا امرؤ أطفأ نور غيره ليَسطُع نوره، ولا امرؤ أسكت غيره ليكون الحديث له وحده، ولا امرؤ صعد على أكتاف الآخرين ليقطف الثمرة له دونهم.
كما أنه لن يذوق راحة البال من لم يتصالح مع نفسه، ومع الناس، ويصفر صراعاته معهم، وكذلكم لن يذوق راحة البال: من لم يكن كما هو بلا تكلف، ومن لبس لبوساً ليس لبوسه، ومن مشى مشية ليست مشيته، لذا على المرء المسلم أن يعيد تقييم نفسه وينظر في كل ما يعنيه، ويتسلل لواذا من كل ما يلحق الضرر بروحه وجسده.
وورد أنه لا راحة بال لحاسد، ولا راحة بال لنمام، ولا راحة بال لقلب ملئ بالضغائن، وإنما يمنح الله راحة البال لمن كان مخموم القلب، أتدرون من هو مخموم القلب؟ إنه التقي النقي، لا إثم فيه ولا غل ولا بغي ولا حسد، كما صح بذلكم الخبر عن الصادق المصدوق.
راحة البال نعمة كبرىوجاء أن راحة البال لنعمة كبرى، ومنحة جلى، لا ينالها كل أحد، فهي لا تشترى بالمال، ولا تفتقد بالفقر، لأنها إحساس قلبي، وشعور عاطفي لا تستجلبه زخارف الدنيا بالغة ما بلغت من المال والجاه، وفي الوقت نفسه لا يعيقه فقر ولا عوز بالغين ما بلغا من المسغبة والإملاق.
وقد ينال راحة البال فقير يبيت على حصير، ويفتقدها غني يتكئ على الأرائك ويفترش الحرير، فذلكم الشعور العاطفي، والحياة تقلب وتداول تحمل في طياتها أفراحًا وأتراحًا، وضحكًا وبكاءً وكدرًا وصفاءً، ومنغصاتها كثيرة ونفس المرء تحوم بها في كل اتجاه زوابع الكدر والقتر، والهموم والغموم، ومثل هذا التراكم كفيل بغياب راحة البال عن المرء حتى يحيل له العسل مرًا والعذب ملحًا أجاجًا.
وورد أن من أعظم النعم في هذه الحياة هي راحة البال، فإن من ذاقها في حياته فكأنه ملك كل شيء ومن فقدها في حياته فكأنه لم يملك شيئًا البتة"، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي أن يفهم أحد أن راحة البال تعني ترك العمل، بل إن هذه الراحة برمتها متولدة عن عمل قلبي وعمل بدني، وإن العمل من مقتضيات راحة البال، والبال هو الحال والشأن.
وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ)، مشيرًا إلى أن أهل النظر والنباهة يدركون أن راحة البال غاية منشودة للمرء، وأنها تفتقر إلى سكينة قلب لا يغشاها جلبة، وصفاء روح لا يشوبه كدر.
طرق جلب راحة البالوورد مِنْ أخصَرِ الطرقِ لاستجلابِ راحةِ البالِ: إدراكَ المرء أنَّ الحياة مَهمَا طالَتْ فهي قصيرةٌ، وأنها مختصَرةٌ في ثلاث آيات قصيرات، من قول الله -جل شأنه- عن الإنسان: (خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ)[عَبَسَ: 19-21]، نعم عبادَ اللهِ: لم تكن الحياةُ بحاجةٍ إلى وَصْفٍ أكثرَ من هذا، ولا أوجزَ منه؛ ليُدرك المرءُ: أنَّ الأمور بيد الله، فما شاء اللهُ كان، وما لم يَشَأْ لم يكن، وأنَّ ما كان له فسيأتيه وإن أبَى الناسُ أجمعون، وأنَّ ما لم يكن له فلن يأتيه ولو مَلَكَ كنوزَ قارون، وأنَّ ما مضى فاتَ فلَنْ يرجعَ إليه، وأنَّ المستقبلَ غيبٌ لا يَعلَمُه إلَّا اللهُ، وأنَّه ليس له إلا ساعتُه التي هو فيها.
وقد استدلَّ أهلُ المعرفة على راحة بال المرء بثلاثٍ: بحُسن التوكلِّ فيما لم يَنَلْ، وحُسْنِ الرضا فيما قد نَالَ، وحُسْن الصبر على ما قد فات، فالمرءَ بمثل هذا الفَهْم واستصحابِه في كل آنٍ، سيتدثَّر براحةِ بالِه، ويتزمَّل بسَكِينة قلبِه وصفاءِ عيشِه، ولأَجْلِ أَنْ يُؤمِّنَ المرءُ لنفسه ديمومةَ راحةِ البالِ.
لتدوم راحة البالوورد أنه لتدوم راحة البال على الإنسان عليه استصحابُ أمور أربعة: أولُها: أنَّه لا نجاةَ له من الموت، بل هو مُلاقِيهِ وإِنْ فرَّ منه؛ لأنَّ الموتَ يَرقُبُه من أمامه لا مِنْ خَلفِه؛ (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ)[الْجُمُعَةِ: 8]، ولْيَسْتَحْضِرْ في نفسِه قولَ عليٍّ -رضي الله تعالى عنه-: "أيّ يوميّ مِنَ الموت أفِرّ؟ يومٌ لم يُقدَّر، أو يوم قُدِّرَ، يوم لم يُقدَّر فلا أحذره، ومن المقدور لا ينجو الحَذِر".
وجاء أن ثانيها: أَنْ لا راحةَ دائمةٌ في الدنيا، وأنَّ الأيامَ قُلَّبٌ، إِنْ سرَّت نفسًا ضاحكةً ساءت نفسًا باكيةً. وثالثها: أَنْ لا سلامةَ مِنَ الناسِ على الدوام، وأنَّه مَهمَا كان تحرُّزُه منهم وعزلتُه فالسلامةُ منهم أعزُّ من الكبريت الأحمر، فمن الخطأ البيِّن ظنَّ كثيرٍ من الناس أنَّ راحةَ البال لا تتحقَّق إلا بالعزلة دون الخُلطة، وفي الدَّعة دون الكد.
وورد في الحديث الحسن: "المؤمنُ الذي يُخالِط الناسَ ويَصبِر على أذاهُم أفضلُ من المؤمن الذي لا يُخالِط الناسَ ولا يصبِر على أذاهم". ورابع الأمور عبادَ اللهِ: أنَّه لا راحةَ بالٍ لمَنْ لا رضا له، فإنَّ الرضا بالله وبقضائه وقدَرِه أُسٌّ أساسٌ لراحة البال، قال عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: "إن الله بقسطه وعدله جعل الروح والفرح في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط".
وروى مكحول أن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يقول: "إن الرجل ليستخير الله فيختار له فيتسخط على ربه ولا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو خير له"، وسئل الحسن البصريّ: "مِنْ أين أُتي هذا الخلقُ؟ قال: من قِلَّة الرضا عن الله. قيل له: ومِنْ أين أُتِيَ قِلَّةُ الرضا عن الله؟ قال: من قِلَّة المعرفة بالله"، وجِماعُ ذلكم كله ما ذكَرَه مَنْ أُوتي جوامعَ الكلم، وأفصحُ مَنْ نطَق بالضاد، -صلوات الله وسلامه عليه- بقوله: "ذاقَ طعمَ الإيمان مَنْ رَضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا"(رواه مسلم).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: راحة البال ولا امرؤ لا راحة غیره ل
إقرأ أيضاً:
أن تكون عميلا لعدوك
ياسر أبو شباب اسم (حركي) شغل الأخبار خلال الأيام الماضية، لكن ليس من أجل القضية أو السبب الصح. ذاع صيته كأداة في يد إسرائيل ضد بني جلدته في أسوأ توقيت. ورد في الأخبار أنه يقود جماعة زوّدتها إسرائيل بالأسلحة من أجل السطو على المساعدات الإنسانية وزرع الفوضى في قطاع غزة بشكل يؤذي حماس ويفاقم الضغط عليها. ما لم يرد في الأخبار، وما لا يمكن استبعاده، أن هدف إسرائيل من تزويد جماعة أبو شباب بالأسلحة، القتل. لا يهم مَن يقتل طالما أن القتيل سيكون فلسطينيا.
كيف تجرأت إسرائيل على هذه العملية في هذه الظروف العصيبة عليها وعلى غزة؟ والأهم كيف تجرأ أبو شباب على خوض هذه المغامرة وهو يعرف أن نهايته، إذا ما انكشف أمره، وما من شك أنه سينكشف يوما، الموت المؤكد وبأبشع طريقة؟
لا أحاول في هذا النص البحث عن ذرائع لياسر أبو شباب أو تبرير ما فعل، بل أسعى لمحاولة الفهم والتفسير. والتفسير لا يعني التبرير، كما يقال.
تجرأت إسرائيل وتجرأ أبو شباب لأن العملاء والخونة ظاهرة أزلية وُجدت منذ وُجد الإنسان. لم يخض الإنسان حربا من دونهم. كانوا دائما السلاح الأقوى لأنهم «منك وفيك».
اسألوا الجزائريين قبل الفلسطينيين. واسألوا الفيتناميين ثم الإيرلنديين الشماليين والأفغان
في سياقات الاحتلال الاستيطاني تصبح الأرضية خصبة لتجنيد العملاء وتُسهّل الإيقاع بهم. اسألوا الجزائريين قبل الفلسطينيين. واسألوا الفيتناميين، ثم الإيرلنديين الشماليين والأفغان وأقواما أخرى. لا غرابة إذاً أن تكون نسبة العملاء في المجتمع الفلسطيني مرتفعة، فكلما كان الاستعمار متوحشا وقاسيا كانت ظاهرة العملاء أكثر انتشارا. في فلسطين العملاء حديث يومي. كلما اغتالت إسرائيل قياديا في الضفة الغربية أو غزة بدأ البحث عن العميل الذي سهّل العملية. لولا العملاء لبقي كثير من قادة النضال الوطني الفلسطيني والمقاومة الإسلامية على قيد الحياة إلى اليوم.
لا يختلف الحال مع تاريخ النضال الجزائري. في الجزائر نسميهم «الحَرْكى». ورغم دخول كلمات جديدة مثل «البيَّاع» و«الشكّام» على الخط، تأبى كلمة «حرْكي» أن تختفي، وتبقى الأقوى فتُطلق إلى اليوم حتى بين الأطفال على مَن يتخلى عن أصدقائه أو زملائه. ونسمع باستمرار عبارة «لولا «الحَرْكى» لَما استمر الاستعمار 132 سنة».
قصة العملاء الجزائريين مأساة إنسانية واجتماعية قبل أن تكون سياسية. لا زال المجتمع يعيش شذراتها رغم مرور أكثر من 60 عاما على استقلال البلاد. مكانتك الاجتماعية منقوصة ونظرة الناس إليك تحمل الاحتقار والاستصغار إذا كنت تنحدر من عائلة مشبوهة بعمالتها للاستعمار. من السهل أن ترفض عائلة تزويجك ابنتها لهذا السبب. وقد تُمنع من مناصب عليا في الدولة إذا كانت لك صلة مباشرة بـ«حَرْكي».
كانت قيادة الثورة تتعامل بقسوة مع كل مشتبه به، وقسوة أكبر مع مَن تثبت عمالته: الإعدام، مهما كان ومهما كانت مسوِّغاته.
في فيتنام شكّل المخبرون عنصرًا حاسمًا في حرب الاستخبارات، وتجاوزت الاستعانة بهم نطاق المتوقَّع برعاية الاستخبارات المركزية الأمريكية. امتلكوا سطوة ونفوذا هائلين وزرعوا الرعب في المدن والأرياف وساهموا كذلك في وحشية الصراع وغموضه. يكشف استخدامهم أن حرب فيتنام لم تكن مجرد قتال عسكري، بل كانت أيضا صراعا شخصيا ومجتمعيا عميقاً.
الأسبوع قبل الماضي حسمت محكمة في دبلن لصالح جيري أدامز، الزعيم السابق لحزب «شين فين» الذي قاد حملة المطالبة باستقلال إيرلندا الشمالية عن بريطانيا. رفع أدامز قضية ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بسبب تحقيق اتهمه بالإيعاز بقتل قيادي كبير في الجيش الجمهوري، الذراع المسلّح لـ«شين فين»، للاشتباه في أنه كان جاسوسا للمخابرات البريطانية.
دامت المحاكمة عشر سنوات وكلفت الملايين، وكانت مشحونة بالعواطف وذكريات الصراع الدامي، ومناسبة تكشَّف فيها عمق موضوع العملاء الذين جنّدتهم لندن وكيف تصرف معهم الجيش الجمهوري: الإعدام ولو بعد سنوات. تبيّن أن من يختار طريق الخيانة يعرف سلفا أن مصيره القتل لو انكشف أمره. وحتى بعد سنوات من نهاية الصراع المسلح بموجب ما يسمى «اتفاق الجمعة العظيمة» سنة 1998 بين لندن ودعاة الاستقلال، صفّى الجيش الجمهوري العديد ممن اشتبه فيهم أثناء سنوات الصراع.
كانت أحكام إعدام مع وقف تنفيذ مؤقت. أبرز مَن دفعوا الثمن دينيس دونالدسون القيادي الذي زعمت «بي بي سي» أن أدامز أوعز بقتله والذي اغتيل سنة.. 2006. وكشفت المحاكمة أن الجيش الجمهوري قتل مُخبراً سنة 1999، بعد عام من توقف الصراع، ثم قطع لسانه، في رسالة لمن يهمه الأمر.
عندما سئل بنيامين نتنياهو عن تهريب أسلحة إلى جماعة أبو شباب هزَّ كتفيه وردَّ بما معناه أنها الحرب وكل الأساليب مقبولة. صدق في قوله لكن كان عليه أن يواصل صدقه ويُقر بأن الجيش الذي يلجأ إلى مثل هذه الألاعيب القذرة لا يمكن أن يكون الأكثر أخلاقا في العالم.
في الأثناء تأكد أن نتنياهو كتم القضية حتى عن كبار القادة السياسيين والعسكريين. السرية شرط أساسي في كل العمليات القذرة، غير أن ما لن يعترف به نتنياهو أن غزة صغيرة لا أسرار فيها، وأن نهاية أبو شباب ستكون مثل نهاية أيّ عميل، لكن ذلك آخر هموم نتنياهو.
التعاون مع العدو في أوقات الحرب أكبر من فعل عابر. الخيانة قرار، لكنها في الصراعات ظاهرة إنسانية جديرة بالتأمل. عندما يصبح الاحتلال جزءا من النسيج الاجتماعي، كما هو الحال في الجزائر وفلسطين، لا تكون العمالة مجرد علاقة مع ضابط أو جندي يحمل بندقية. تصبح قريبة وعميقة. لهذا يجب أن توضع حالات العمالة للمحتل في سياقها ليسهل الحكم على المتهم أو البحث له عن أعذار.
الملاحظة المهمة أنه بقدر ما يبدو فعل العمالة جريئا، فردُّ الفعل دائما أكثر جرأة. ذلك أن الخيانة في لاوعي الإنسان ممقوتة لأنها، عدا عن الأبعاد الأخلاقية والإنسانية والدينية، ترفضها الفطرة البشرية.
لا يوجد مجتمع أفضل من الآخر. كل مجتمع يتعرّض للاختبار سيفرز نصيبه من العملاء. المجتمعات العربية ليست استثناءً. التاريخ حافل بالأمثلة. تذكروا فرنسا عندما احتلها الألمان في 1940. لا أعرف مجتمعا تسامح مع العملاء، بما في ذلك المجتمعات الأوروبية خلال حروبها الكثيرة. ولا أتصوّر أن أكثر المجتمعات الغربية انفتاحا وتسامحا ستكافئهم بالورود لو توضع تحت الاختبار.
القدس العربي