الدكتور امتياز سليمان.. الطبيب الذي أصبح رمزًا للعطاء الإنساني بأفريقيا والعالم
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
في أحد مطاعم مدينة ديربان، التقيت الدكتور امتياز سليمان، مؤسس منظمة "وقف الواقفين"، إحدى أبرز منظمات الإغاثة في جنوب أفريقيا. كان قد أنهى للتو اجتماع إفطار مع ممثلين عن شركة متخصصة في رعاية العيون تبرعَت بمستلزمات طبية بقيمة مليون راند لدعم برنامج إزالة المياه البيضاء الذي تديره زوجته ضمن المنظمة.
قبل ذلك بيوم، كان في جوهانسبرغ لتسلُّم "جائزة التيتانيوم للتميّز في توفير الرعاية الصحية"، التي منحته إياها هيئة ممولي الرعاية الصحية في جنوب أفريقيا، تقديرًا لجهود منظمته في تعزيز النظام الصحي بعد جائحة كوفيد-19، من خلال تحسين البنية التحتية وتقليص قوائم الانتظار الجراحية وتقديم الرعاية الأولية للمجتمعات المهمشة.
رغم جدول أعماله المزدحم، فلا يعرف الدكتور سليمان معنى للراحة، إذ يؤكد: "أعمل 365 يومًا في السنة. لا أحب العطلات، بل أجدها مرهقة".
ينام 3 ساعات فقط يوميًا، ويخصص بقية وقته لعائلته الكبيرة التي تضم زوجتين، و6 أبناء، و9 أحفاد. حتى ابنته الصغرى، البالغة من العمر 9 سنوات، ترافقه في المؤتمرات، ويصر على حضورها، وإلا يعتذر عن المشاركة.
تأسست منظمة "وقف الواقفين" عام 1992، استجابة لتوجيه "روحي" يقول دكتور سليمان إنه تلقاه خلال زيارة إلى تركيا. يتذكر تلك اللحظة قائلًا: "قال لي مرشدي الروحي: يا بني، لا أطلب منك، بل آمرك بتأسيس منظمة اسمها بالعربية سيكون ‘وقف الواقفين’. ستخدم جميع الناس، من كل الأعراق والأديان والثقافات، دون مقابل، ولا حتى كلمة شكر".
إعلانكان حينها طبيبًا شابًا في أوائل الثلاثينيات من عمره، يدير 3 عيادات في بلدته بيترماريتسبورغ. لكنه قرر الاستجابة لأزمة البوسنة، وأرسل 32 حاوية مساعدات إلى هناك. ومن تلك التجربة، تعلّم كل ما يحتاجه في العمل الإنساني: من اللوجستيات والتحويلات المالية، إلى البيروقراطية، والشحن، والطيران، والمخاطر، والدبلوماسية.
في العام التالي، صممت المنظمة مستشفى متنقلًا، وأرسلته داخل حاويات من جنوب أفريقيا إلى البوسنة. يقول بفخر: "كانت أول مرة في العالم يُبنى فيها منتج طبي بتكنولوجيا أفريقية ويُرسل إلى أوروبا".
منظمة متعددة الأوجهبعد تأسيس "وقف الواقفين"، اضطر سليمان للتخلي عن عياداته الطبية. يقول: "المشاريع أضيفت مع مرور الوقت– كانت هناك حاجة، وجاء الناس إلينا، فدرسنا الأمر ونفذناه".
بدأت المؤسسة بتقديم خدمات متنوعة، منها مطابخ لتوزيع الطعام، ومنح دراسية للطلاب غير القادرين على دفع الرسوم، وخدمات استشارية للمحتاجين.
على مدى أكثر من 3 عقود، تدخلت المنظمة في أزمات إنسانية في رواندا، والشيشان، وأفغانستان، وكوسوفو، وفلسطين، وموزمبيق، ونيبال، وغيرها. كما أسهمت في تحرير رهائن جنوب أفريقيين دون دفع فدية، مثل يولاند كوركي وستيفن ماكغوان في اليمن عام 2014، وفي مالي عام 2017.
يقول سليمان "بعض المنظمات تقدم خيامًا أو طعامًا أو أدوية. نحن نقدم كل شيء: فرق طبية، ومستشفيات ميدانية، ودعم نفسي، ومعدات، وحتى مفاوضات لتحرير الرهائن. يمكننا إنشاء مستشفى كامل في الصومال خلال 3 ساعات، أو غرفة عمليات على مدرج طائرات خلال 45 دقيقة".
اليوم، تضم المنظمة مكاتب في جنوب أفريقيا، وزيمبابوي، وملاوي، والصومال، واليمن، وغزة، وسوريا، وتركيا، ويعمل بها أكثر من 600 موظف.
إعلان رؤية سليمان لأفريقيارغم التحديات، يرى سليمان أن جنوب أفريقيا هي "أعظم بلد في العالم"، مشيدًا بحرية التعبير فيها، لكنه يعترف بأن الفساد والبيروقراطية يعرقلان التقدم. ويؤكد أن الحكومة تتعاون مع منظمته بشفافية، رغم الصعوبات.
مؤخرًا، عيّنه الرئيس سيريل رامافوزا ضمن لجنة وطنية تضم 31 شخصية بارزة لقيادة الحوار الوطني في البلاد.
أما عن القارة الأفريقية، فيدعو سليمان إلى التحرر من النفوذ الأجنبي، ويقول: "لدينا الموارد، ولدينا الانسجام. يجب أن نعيد بناء قارتنا بأنفسنا، بكرامة وفخر، دون أن نسمح لأي قوة خارجية أن تملي علينا ما نفعل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
سوليفان للمستوطنين: حربكم في غزة بلا مكاسب والعالم ينقلب ضدكم
دعا مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جيك سوليفان جمهور الاحتلال، إلى الضغط على حكومته، نحو اتخاذ خطوة حاسمة بطرح صفقة شاملة تنهي العدوان على قطاع غزة بشكل دائم مقابل استعادة جميع الأسرى، مشددا على أن استمرار العدوان لا يحقق مكاسب استراتيجية.
وقال سوليفان في خطاب مباشر وجه خلاله حديثه إلى المستوطنين: "تواجهون تصاعد الانتقادات العالمية، معظمكم يريد إنهاء هذه الحرب، على قادتكم أن يطرحوا اقتراحا جديدا لإعادة جميع الرهائن مقابل وقف دائم لإطلاق النار، مرة واحدة وإلى الأبد".
وتابع: "التفوق العسكري لم يتحول إلى استراتيجية طويلة الأمد تحمي أمن الإسرائيليين، الحرب المفتوحة الحالية لا تحقق سوى مكاسب عملياتية هامشية، في مقابل كارثة إنسانية متواصلة".
وأشار سوليفان إلى أن "العزلة الدولية التي تواجهها إسرائيل تتعمق وتتوسع"، مشددا على أنه من الواجب تجاوز "العروض الجزئية والهدن المؤقتة، إلى مبادرة جريئة وفورية، تنهي الحرب، وبعيدا عن التفكير في استئناف القتال بعد شهرين".
وأضاف: "لا مزيد من المساومات بشأن المراحل، ولا إصرار علني من جانب قادة إسرائيل على أن الحرب يمكن أن تستأنف بعد شهرين، وفي هذا المقترح، تتخلى حماس عن السيطرة الإدارية على غزة لصالح إدارة فلسطينية تكنوقراطية مدعومة من الدول الإقليمية، وسيساعد المجتمع الدولي في المهمة الهائلة لإعادة إعمار غزة".
وقال سوليفان: "قد يقول البعض لكن لا يزال هناك مقاتلون من حماس في غزة ولكن وقف إطلاق النار في لبنان أثبت أن بإمكان إسرائيل أن تكون آمنة دون قتل كل عنصر في حزب الله وهو هدف عسكري غير قابل للتحقيق بأي حال ويمكن لإسرائيل أن تتبع نهجا مشابها مع حماس في غزة".
ولفت بالقول: "أنا مطلع عن كثب على التحديات غير المسبوقة التي تواجهها إسرائيل في غزة، ولكن البديل عن إنهاء الحرب هو حرب لا تنتهي، تكلف إسرائيل ثمنا أخلاقيا واستراتيجيا مستمرا، دون أي مكسب واضح سوى الهدف المرفوض وغير المقبول لليمين المتطرف، تدمير غزة بالكامل وتهجير سكانها واستبدالهم بالمستوطنات".
وأضاف: "يجب على إسرائيل أن تظهر للعالم أنها لا تسير في هذا الطريق. وإلا فإنها ستشهد أصدقاءها يتحولون إلى منتقدين".
ولفت إلى أن "تعقيد المعركة لا يبرر الواقع المرعب الذي يعيشه الأبرياء من جوع ومعاناة لا شيء يبرره. استمرار الحرب فاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات قصوى".
وقال سوليفان: "يقول المسؤولون الإسرائيليون إن المسؤولية لا تقع عليهم فهناك شاحنات داخل غزة، وإن الأمم المتحدة وحماس تعرقلان التوزيع" وتابع: "لكن الواقع أن إسرائيل تسيطر عسكريا على غزة، وبالتالي تقع عليها مسؤولية خلق بيئة تمكن العاملين في المجال الإنساني من توزيع المساعدات بأمان على المدنيين".
وشدد: "لا يوجد شيء آخر يمكن أن تحققه هذه الحرب من أجل أمن إسرائيل، لهذا، أنا أدعو لتغيير في نهج إسرائيل نحو نهاية دائمة للحرب وعودة جميع الرهائن".