العودة إلى نهج الولاية أو السقوط في مستنقع التبعية .. قراءة في خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى يوم الولاية (تفاصيل)
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
يمانيون / تحليل / خاص
في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية ليوم الولاية، قدّم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، رؤية عميقة ومتماسكة تربط بين العقيدة الإسلامية ومجريات الواقع السياسي، مستعرضًا الأبعاد الدينية والفكرية والاجتماعية لمبدأ الولاية، ومسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، لاسيما في ظل تصاعد الصراع مع المشروع الصهيوني والتحالفات الغربية.
ولاية الله ورسوله وأثرها على هوية الأمة
أكد السيد القائد أن إحياء يوم الولاية ليس طقسًا طائفيًا أو مناسبة رمزية فحسب، بل هو إعلان ولاء لله ورسوله وأوليائه، وإحياء لمبدأ قرآني أصيل يُعدّ ركيزة في بناء الهوية الإيمانية للأمة. وتحدث عن هذا اليوم بوصفه شهادةً بكمال الدين، وامتدادًا لمسؤولية الأمة في التمسك بالقيادة الربانية. في هذا السياق، يُربط مفهوم الولاية بالعقيدة، والانتماء، والطاعة، والتزكية، لا باعتباره شأناً تاريخيًا منعزلاً، بل أمرًا حاضرًا تتفرع منه مسؤوليات سياسية وأخلاقية ومصيرية.
مواجهة الولاية للطاغوت والهيمنة الأجنبية
يحمل خطاب السيد القائد نقدًا حادًا وواضحًا لمسألة “التولي لليهود والنصارى”، مؤكدًا أن هذه العلاقة، التي قد تتجلى في صورة تعاون سياسي أو اقتصادي أو عسكري، تشكل انحرافًا عن الانتماء الإيماني الأصيل، وتمثل خطورة على الأمة، لأنها تنزع عنها استقلالها وكرامتها، وتحولها إلى أداة في خدمة أعدائها.
السيد القائد شدد على أن الوعي الإيماني الغائب عن كثير من المجتمعات هو ما يجعلها تقبل بالخضوع للهيمنة الأجنبية، موجهًا تحذيرًا واضحًا من “حركة النفاق” التي تنشط داخل الأمة لتبرير التبعية للغرب والكيان الصهيوني تحت شعارات مضللة.
قراءة في الواقع الإقليمي
ربط السيد القائد بين البعد العقائدي للصراع ومجرياته الميدانية، لا سيما في فلسطين وغزة. حيث أكد أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية في غزة هو التعبير الأقصى عن ظلم الطاغوت الصهيوني، وأن المعركة ليست فقط على الأرض، بل أيضًا معركة هوية وثقافة وارتباط بالقيم القرآنية.
وفي سياق متصل، توقف عند العدوان الإسرائيلي الأخير على الجمهورية الإسلامية في إيران، معتبرًا أنه يمثل عدوانًا على محور المقاومة بأكمله، لا على إيران وحدها. واعتبر الموقف الشعبي والسياسي الداعم لإيران خطوة إيجابية، داعيًا إلى موقف موحد لا يخضع لإملاءات أمريكية أو غربية.
الصراع على الهوية والوعي
من أبرز محاور الخطاب، تحذير السيد القائد من محاولة الأعداء إعادة تشكيل وعي الأمة ووجهتها عبر الإعلام والسياسة والثقافة. حيث أكد أن الغرب يسعى لتجريد المسلمين من عناوينهم الدينية والإيمانية، ليجعلهم يتحركون تحت لافتات “حقوقية” و”سياسية” فارغة، في حين يواصل هو توظيف الدين – زورًا – في معاركه.
وبهذا السياق، دعا السيد القائد إلى التمسك بالولاية كدرعٍ يحمي الأمة من الذوبان والانهيار، وإلى اعتماد القرآن كمصدر أول لفهم الواقع وتحديد المواقف، بعيدًا عن التضليل الإعلامي والخداع السياسي الذي يمارسه العدو.
خطاب يحمل أبعادًا استراتيجية
يأتي خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في لحظة حرجة من تاريخ الأمة الإسلامية، حيث تتكالب عليها مشاريع الاحتلال والتطبيع والتفكيك. الخطاب يتجاوز الأسلوب التحريضي أو التعبوي المعتاد في المناسبات الدينية، ليشكل رؤية استراتيجية شاملة تدمج الإيمان بالعمل السياسي، وتحول الولاية من مبدأ ديني إلى أداة مقاومة ومشروع نهضوي جامع.
السيد القائد يرسم خط تماس واضح بين الأمة وأعدائها، ويطالبها بوضوح بأن تختار: إما طريق الاستقلال والكرامة الإيمانية، أو طريق الخضوع والانهيار تحت أقدام الطغاة. وفي هذا المفترق التاريخي، تتجلى أهمية أن تكون العقيدة مرجعية الموقف، لا المصالح السياسية الضيقة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید القائد
إقرأ أيضاً:
أول تعليق من عبدالملك الحوثي على الضربة الإسرائيلية بإيران وموقف دول المنطقة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—عقّب عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، على الضربة المفاجأة التي نفذتها إسرائيل داخل الأراضي الإيرانية، فجر الجمعة، وقتلت فيها عددا من أبرز القادة العسكريين بالإضافة إلى 9 من علماء وخبراء البرنامج النووي لطهران.
وقال الحوثي في كلمة نقلتها قناة المسيرة التابعة للجماعة: "أيَّ بلدٍ إسلامي يدخُلُ في مواجهة مع العدوّ الإسرائيلي فَإنَّ المسؤولية والمصلحة الحقيقية للأُمّة هي في مساندته وتأييد موقفه"، واصفا الضربة الإسرائيلية بأنها "عدوانٌ مكشوفٌ، بلطجي وقح لا يراعي أيةَ اعتبارات، وأنه اعتداءٌ ظالم وإجرامي استهدف قادةً عسكريين إيرانيين وعلماءَ في المجال النووي وأبناء الشعب الإيراني".
وتابع: "العدوَّ استهدف في خطوة عدوانية خطيرة جِـدًّا منشأةً نوويةً دون أن يباليَ بما قد يحدُثُ نتيجة لذلك من تلوُّث إشعاعي نووي.. لولا وجود إنشاءات أرضية كبيرة في المنشأة النووية المستهدَفة لربما كانت النتائجُ خطيرةً جدًّا.. العدوّ (الإسرائيلي) مجرمٌ وجريءٌ لارتكاب جريمةٍ فظيعة جِـدًّا.. العدوانَ في إيران جاء في سياق استهدافٍ غربي يرى فيها أُنموذجًا مستقلًّا داعمًا للقضية الفلسطينية.. العدوَّ ومن خلفه الغربُ يرَون في الجمهورية الإسلامية في إيران دولةً تبني نهضة حضارية وقوةً إسلامية.. الموقفَ الإيراني قوي ومتكامل رسميًّا وشعبيًّا، وهو يمتلكُ المقوماتِ اللازمة لقوة الموقف معنويًّا وماديًّا.. بُنية النظام الإسلامي في إيران قوية ومتماسكة، والعدوّ تورَّط في عدوانه على الجمهورية الإسلامية".
وأضاف: "العدوانَ الصهيوني لن يتجهَ بإيران إلى الانهيار والضَّعف، بل هو فرصةٌ لإلحاق الهزائم الكبيرة بالعدوّ والتنكيل به.. العدوان الصهيوني فرصةٌ لإعادة الاعتبار للجمهورية الإسلامية وللأُمّة بكلها تجاه غطرسة وإجرام العدوّ الإسرائيلي.. انتصار الجمهورية الإسلامية في هذه المواجهة، يَصُبُّ في مصلحة القضية الفلسطينية.. أولَ مستفيدٍ من الرد الإيراني ضد العدوّ الإسرائيلي ومن قوته وتأثيره هو الشعبُ الفلسطيني المظلوم.. الانتصارَ في الردِّ الإيراني هو مصلحةٌ لكل دول المنطقة؛ لأَنَّ العدوَّ الإسرائيلي خطرٌ عليها وفي المقدمة الدول العربية.. إيران تغيظُ الأعداء؛ لأَنَّ موقفها متميز من بين كُـلّ هذا المحيط من التخاذل العربي والإسلامي؛ ولأَنَّ لإيران موقفًا متميزًا في نصرة الشعب الفلسطيني ودعمه".
وشدد الحوثي على ضرورة "ردع العدوّ ومنعه من الانفلات والبلطجة ومن فرض معادلة الاستباحة.. من المهم لكُلِّ دول المنطقة أن تؤيِّدَ الموقفَ الإيراني وأن تدركَ أنه لمصلحتها جميعًا؛ لأَنَّ المنطقةَ بحاجةٍ لردع العدوّ الإسرائيلي.. العدوَّ الإسرائيلي يسعى بدعم أمريكي وفرنسي وبريطاني وألماني إلى فرضِ معادلة الاستباحة على هذه الأُمَّة.. العدوَّ يسعى إلى أن تكونَ يدُه مطلقةً ليفعل ما يشاء ويريدُ ضد أي بلد عربي ومسلم.. أخطرَ شيء على المسلمين -حكوماتٍ وشعوبًا- هو القبول بمعادلة الاستباحة لمصلحة الإسرائيلي والأمريكي.. العدوّ الإسرائيلي مجرم وحقود ومستهتر بالدماء، وَإذَا أصبحت يده مطلقة لفعل ما يشاء؛ فهو لن يتردّد في فعل أسوأ الأشياء.. لا مبرّرَ لأن تقبل الأُمَّةُ بالاستباحة أبدًا، وبدون الردع لن يتوقَّفَ العدوُّ عن الإجرام".
ومضى الحوثي قائلا: "هناك خيارين في هذه المرحلة، إما الخنوع لليهود الصهاينة أَو مواجهة مؤامراتهم وشرهم وطغيانهم.. الخضوع لليهود الصهاينة فيه خسارة الدنيا والآخرة، وفيه الشقاء والهوان والخزي والخسارة للكرامة الإنسانية.. الخضوعَ لليهود الصهاينة تمكين لهم من كُـلّ شيء، ولا يبقى للأُمّة الأمن والاستقلال والكرامة"، داعيا إلى "تصعيد المواقف العربية والإسلامية سياسيًّا وإعلاميًّا وعلى كُـلّ المستويات؛ في إدانة العدوان الصهيوني على إيران؛ باعتبَارها معتدىً عليها، وإسنادها بكل الإمْكَانيات المتاحة؛ باعتبَارها تتصدَّى للخطر الذي يتهدّدُ الأُمّةَ بكله.. من المهم من كُـلّ الأنظمة العربية والإسلامية أن تكون ثابتةً على موقفها في إدانة العدوان الإسرائيلي ومُستمرّة على موقفها السياسي والإعلامي.. على الأنظمة العربية والإسلامية ألَّا تخضعَ للإملاءات الأمريكية والغربية في اتِّخاذ موقف مغاير سِرًّا أَو علنًا".
وأردف: "الموقفَ الغربي منحازٌ بالكامل كعادتِه إلى جانب العدوّ الصهيوني، وأن كل ما يسعَى له الأمريكي والبريطاني والفرنسي والمجتمع الغربي بشكل عام هو احتواء الرد الإيراني.. احتواءَ الردِّ الإيراني بالضغط السياسي وغيره يعني تعاوُنَهم مع العدوِّ الصهيوني.. الغرب بعيد كُلّ البُعد ومتباينٌ للعناوين التي يرفعُها عن حقوقِ الشعوب وحقوقِ الإنسان، وحتى فيما يتعلق بالقانون الدولي وغيره".