ما الفرق بين مصوّرة خصيصا لآيماكس وباستخدام كاميرات آيماكس؟ خبراء الصناعة يوضحون
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
مع تزايد الأفلام التي تُروّج بأنها "مصوّرة خصيصا لآيماكس" (Filmed for IMAX) أو "باستخدام كاميرات آيماكس" (Shot With IMAX)، تزداد التساؤلات حول الفرق الحقيقي بين التسميتين، ومدى تأثير كل منهما على تجربة المشاهدة. فهل يتعلق الأمر بجودة الصورة فحسب؟ أم أن هناك فروقات أعمق تشمل مراحل الإنتاج والصوت والتصوير؟
تقنية "آيماكس".. تجربة سينمائية كندية
وتُعد تقنية "آيماكس" من أبرز التطورات التي شهدها قطاع السينما خلال العقود الماضية، إذ تمثل نظاما متكاملا للعرض السينمائي يعتمد على شاشات ضخمة وصورة عالية الدقة وصوت محيطي يمنح المشاهد تجربة غامرة وفريدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2السينما لا تموت.. توم كروز يُنقذ الشاشة الكبيرة في ثامن أجزاء "المهمة المستحيلة"list 2 of 2فيلم "مجموعة العشرين".. أول رئيسة أميركية تواجه تحديات صعبة في إندونيسياend of listظهرت التقنية لأول مرة في كندا عام 1967 على يد مجموعة من المخرجين الكنديين، وكان أول استخدام فعلي لها في معرض "إكسبو 67" في مونتريال. أما أول عرض دائم بهذا النظام فقد أُقيم في معرض "إكسبو 70" في مدينة أوساكا اليابانية، مما شكّل بداية الانطلاقة العالمية للتقنية.
وتعتمد صالات العرض بتقنية "آيماكس" على شاشات عملاقة تغطي الجدار من الأرض حتى السقف بنسبة عرض ممتدة (1.90:1)، إلى جانب استخدام كاميرات فائقة الدقة ومكبرات صوت متطورة، مما يمنح المشاهد انطباعا بأنه داخل المشهد، لا يراقبه من بعيد.
ما معنى "مصوَّر خصيصا لآيماكس"؟يلفت موقع "فاراييتي" المتخصص في الشؤون الفنية، إلى أن مصطلح "مصوّرة خصيصا لآيماكس" يشير إلى برنامج متكامل من "آيماكس" (IMAX) يشارك فيه صناع الأفلام منذ مرحلة ما قبل الإنتاج، ويتضمن توجيهات تقنية وإبداعية تتيح تصوير نسخة مخصصة حصريا لصالات عرض "آيماكس". هذا النوع من الأفلام يُعد خصيصا ليُعرض بأفضل صورة وصوت ممكنين على شاشات "آيماكس" العملاقة، من خلال تنسيق بصري وصوتي مصمم خصيصا لهذا الغرض.
إعلانبروس ماركو، نائب الرئيس الأول ورئيس قسم ما بعد الإنتاج في "آيماكس"، يوضح أن كل فيلم يُعرض عبر شاشات "آيماكس" يُخضع لعملية تحسين، لكن "مصوَّر خصيصا لـ"آيماكس" يتجاوز ذلك إلى تعاون معمق مع صناع الفيلم، بهدف تحقيق أقصى استفادة من التقنيات المتوفرة.
على النقيض، يشير مصطلح "مُصوَّر باستخدام كاميرات آيماكس" إلى الأفلام التي استُخدمت فيها كاميرات "آيماكس" السينمائية، والتي تعتمد على شريط الفيلم، لا الكاميرات الرقمية. الفرق هنا أن الكاميرات تكون مملوكة فعليا لـ"آيماكس"، وتُوضع في موقع التصوير، مما يتطلب تنسيقا تقنيا عاليا أثناء التصوير.
رغم أن الأفلام في كلا البرنامجين تخضع لعمليات مراجعة واختبار دقيقة، فإن أفلام الكاميرات السينمائية تتميز باستخدام خامات تصويرية مختلفة، وإمكانات تصوير مادية أوسع من الكاميرات الرقمية.
سرّ تجربة أفلام "آيماكس"يقول "فاراييتي" إن أفلام "آيماكس" تتسم بنسبة عرض موسعة تبلغ 1.90:1، أي أن الشاشة تكون أطول وتمنح مجال رؤية أكبر مقارنة بالشاشات السينمائية التقليدية. هذه النسبة متاحة فقط في صالات "آيماكس"، وتُعد من أبرز العوامل التي تميز تجربة المشاهدة فيها.
في حالة التصوير الرقمي، يُطلب من صناع الأفلام اتخاذ قرارات إبداعية منذ البداية لتكييف التصوير مع هذه النسبة، وهو ما لا يكون ضروريا عند استخدام كاميرات "آيماكس" السينمائية، إذ تدعم هذه النسبة بطبيعتها.
كيف تُعد الأفلام لبرنامج "آيماكس"؟من بين أبرز مراحل برنامج "مصوَّر خصيصا لآيماكس" هو قيام الفريق بتنظيم عروض خاصة للمخرجين ومديري التصوير والمنتجين. تُعرض فيها أفلام سابقة مصوّرة بنفس التنسيق، لتساعد الفريق على تصور الإمكانات البصرية التي توفرها الشاشات العملاقة.
إعلانوحسب الموقع الفني الأميركي، يجري الفريق لاحقا اختبارات على الكاميرات والعدسات وأنظمة التصوير، لاختيار التكوين الأنسب لإضاءة المشاهد وتصويرها بطريقة تملأ الشاشة بالكامل وتحقق أقصى درجات الانغماس.
ينقل "فاراييتي" عن ماركو تأكيده أن تجربة "آيماكس" لا تقتصر على الصورة، بل تشمل أيضا نظاما صوتيا فائق الجودة. إذا تُشغل الأفلام على مستوى الصوت المرجعي، وهو مستوى الصوت الذي تم تصميم الفيلم ليسمع به في الأصل. أما مكبرات الصوت المخصصة والتوزيع الصوتي المحيط، فيضمنان بدورهما تجربة أكثر واقعية وتأثيرا.
حتى الآن، تضم "آيماكس" أكثر من 1800 شاشة حول العالم، مع خطط لبناء صالات عرض جديدة استجابة للطلب المتزايد. ولا تكتفي الشركة بتصنيع أجهزة العرض، بل تصمم أيضا أنظمة الصوت الخاصة بها في كل صالة، وتُشرف على ضبطها لضمان الاتساق في التجربة.
يشار إلى أن هذه التقنية باتت خيارا مفضلا لكبار المخرجين حول العالم، وعلى رأسهم البريطاني كريستوفر نولان، الذي صوّر معظم أعماله البارزة، مثل "فارس الظلام" (The Dark Knight) و"بين النجوم" (Interstellar) و"دونكيرك" (Dunkirk) باستخدام كاميرات آيماكس. كما استعانت بها مارفل في أفلام مثل "المنتقمون: نهاية اللعبة" (Avengers: Endgame) و"المنتقمون: الحرب اللانهائية" (Avengers: Infinity War)، التي صُوّرت بالكامل بهذه التقنية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات على شاشات التی ت
إقرأ أيضاً:
مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكيَّة «25»
مع اندلاع الحرب الباردة، وجثوم صراعاتها المتعددة، الرَّئيسة والمتفرِّعة، على صدور البشر فـي كل أرجاء المعمورة، استجدَّت الثِّيمات التي أعقبت اهتمامات ومشاغل الحرب العالمية الثانية، وجاء عدد هائل من الأفلام حول ذلك. وفـي الحقيقة، ولأسباب عديدة، «أوكِلَت المهمة»، إذا ما جاز التعبير، لهوليوود كي تشارك فـي الصراع ضد «الأعداء» فـي مقدمة الخنادق. ومع ذلك، فإنه لم يحدث نقاش رصين، لغاية الآن، حول الطريقة التي كَتَبَت (inscribed) بها هوليوود شخصيَّة الشَّيخ العربي فـي سياق ذلك الصِّراع لتجنيد الأفئدة، والعقول، وتحديد الاتجاه الذي ينبغي أن تُصوَّب إليه البنادق.
والحقيقة أيضًا انه جرى إقران وتلازم شخصية الشَّيخ العربي فـي كل السِّياسات الدوليَّة المتعلِّقة بالنفط فـي أفلام السبعينيَّات من القرن الفائت، خاصَّة مع الأزمة النَّفطية التي تمخَّضت عن حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973. لكنني أزعم أن ذلك التَّلازم قد حدث فـي وقت أبكر من ذلك التَّاريخ. فلنتأمل، على سبيل المثال، فـي فـيلم «جون جولدفارب، من فضلك عُد إلى البلاد» [John Goldfarb, Please Come Home] (من إخراج جي لي ثومبسُن J. Lee Thompson، 1964)؛ فأحداث هذا الفـيلم تتدفق اعتبارا من هبوط طائرة تجسُّس أمريكيَّة من طراز “U-2”، وهي فـي طريقها إلى الاتحاد السوفـييتي، فـي بلاد شيخ عربي، صحراويَّة وغنيَّة بالنفط. وقد كانت خطط الحكومة الأمريكية أن تبني قاعدة جويَّة فـي بلاد ذلك الشَّيخ، وهذا بسبب أن تلك الخطوة ستكون «حيويَّة لأمن العالم الحر». والحقيقة أن مصير طائرة التجسُّس، ومصير موطن الشَّيخ العربي، وخطط الحكومة الأمريكيَّة، قد شُوِّشَ عليه لأن الفـيلم تسبب فـي جدل وإثارة كبيرين مصدرهما دعوى قانونيَّة رفعتها جامعة نوتردام الأمريكيَّة (وهي جامعة كاثوليكيَّة محافظة)، وقد فشلت الدعوى فـي نهاية المطاف ضد الأستوديو المنتج (وهو 20th Century- Fox)، اعتراضًا على مشاهد من قبيل اختلاط لاعبي كرة قدم (بالطَّريقة الأمريكيَّة) من تلك الجامعة وهم سكارى، وعلى نحوٍ غير مقبول، بفتيات يمثلن حريم الشَّيخ. وفـي الوقت الذي تنبغي فـيه دراسة هذا الفـيلم -الذي كان فشلا نقديَّا وتجاريَّا كبيرا- بدقِّة وعناية، فإن البحث ينبغي ألا يتجاهل أفلاما مثل «فتاة الحريم» ] [Harem Girl(من إخراج إدوَرد برندز Edward Bernds، 1925)، «”السيدة الحديدية» [The Steel Lady] (من إخراج إدوَرد أندريه دِبونت Edward Andre Dupton، 1935)، و«الفرار من الظَّهران» [Escape from Zahrain] (من إخراج رونَلد نييم Ronald Neame، 1962)، و«حيث يوجد الجواسيس» [Where the Spies Are] (من إخراج فال جست Val Guest، 1965)، و«طائش» [Harum Scarum] (من إخراج جين نِلسُن Gene Nelson، 1965).
لكن كان، ولا يزال، تأسيس الدولة الصهيونيَّة على أرض فلسطين فـي عام 1948، وتلازم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الداخليَّة والخارجيَّة معه منذ ذلك التاريخ مشاركة، ودعما ماليَّا، وعسكريَّا، وإسنادا سياسيَّا ودبلوماسيَّا، الحدث الأكبر الذي يعود له سبب تأزُّم العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكيَّة والعالم العربي (بدرجات متفاوتة من العلنيَّة، والسِّرية، والمواجهة، ومحاولة الاحتواء، وصولا إلى التطورات السياسية الراهنة من تطبيع ومقاومة). والحدث نفسه -أي قيام الدولة اليهوديَّة- حدَّد، وأقام، وصَنَع، ونَشَر، وأقنعَ، ووزَّع، وداوَل، مواقف وصورا عن «العربي» (بما فـي ذلك، بالطَّبع، «الشيخ العربي») ليس فـي الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وحدها فحسب، بل عبر نظام دعائيّ متقن ومُحكَم فـي كل قارات العالم. ومن هنا، فإن «العامل الإسرائيلي» فـي بناء، وتحويلات، واستدامة، صورة الشّيخ العربي الهوليوودي فـي هذا الإطار ينبغي أن يكون حاضرا تماما، وبعيون فائقة اليقظة والانتباه فـي أي بحث يبتغي دراسة الموضوع. لقد انتجت هوليوود، ولأسباب هي أوضح من أن تذكر، عشرات الأفلام حول ذلك الحدث وتداعياته.
بيد أن هناك فـيلمين «كبيرين» (إن جاز القول) أنتجهما المصنع السينمائي الأمريكي لا بد من ذكرهما. أما الفـيلم الهوليوودي الأول الذي يسرد ولادة دولة «إسرائيل» (من وجهة نظر صهيونيَّة بالطَّبع) فهو «الخروج اليهودي» [Exodus] (من إخراج أوتو بريمنجر Otto Preminger، 1960) والذي «أسَّس صورة الأرض الجديدة مرَّة وإلى الأبد، فـي أذهان مشاهدي السينما الأمريكيين»، وكان من أعلى الأفلام الأمريكيَّة إيرادا فـي ستينيَّات القرن الماضي (1). يقول إدوارد سعيد Edward Said إن «أصدقاء أوتو بريمنجر الإسرائيليين المُمْتَنِّين قالوا [فـي عام 1987] إن «الخروج اليهودي» قد خدم الدولة اليهوديَّة فـي سنواتها المبكرة تقريبا أكثر مما فعل أي دعم خارجيّ آخر» (2). أما الفـيلم الثاني فهو «الظِّل العملاق» [Cast a Giant Shadow] (ملفل شفلسُن Melville Shavelson، 1966) فقد تضمَّن بدوره شخصيات شيخيَّة تمتح من تمثيلات الشَّيخ العربي طوال تاريخ السِّينما الأمريكيَّة. وما يهم كثيرا فـي فـيلم «الظِّل العملاق» اعتناق يهودي أمريكي، هو ديفد مايكي ماركُس (أدى دوره كيرك دوغلاس Kirk Douglas) الصهيونيَّة فـي مرحلة مبكرة من تأسيس الدَّولة اليهوديَّة. يضع سرد الفـيلم اليهودي الصهيوني الأمريكي فـي مقابل شيخ عربي، هو أبو ابن قادر (حاييم توبول Hayem Topol)، فـي فلسطين (3). وسيكون على دراسة صورة الشيخ العربي أن تفـيد من وصف مخرج «الظِّل العملاق» لتجربته فـي صنع هذا الفـيلم، والتي سطَّرها فـي كتاب (4). كما أن على البحث أن يعرِّج على معلومات ووثائق حول الارتباطات السياسيَّة والأيديولوجية المتضمَّنة فـي اختيار أماكن تصوير، وتمويل، وصناعة، وتوزيع الأفلام الأمريكيَّة التي تتعامل مع ثيمات الصِّراع العربي «الإسرائيلي»؛ إذ لا يمكن، على سبيل المثال، عن غض النظر أن بعض تلك الأعمال قد صُوِّر فـي فلسطين المحتلة بتنسيق ومباركة كاملين من السُّلطات الصَّهيونيَّة، لتوزَّع وتُشاهد بعد ذلك عبر مختلف القنوات فـي كل مكان فـي العالم، بما فـي ذلك البلدان العربيَّة.
---------------------
(1). Erens, 217. مصدر سابق الاقتباس
(2). Said, The Politics of Dispossession: The Struggle for Palestinian Self-Determination 1969-1994 (New York: Pantheon, 1994), 130.
(3). من الشَّائع والنَّموذجي للغاية فـي الأفلام السينمائيَّة الاستشراقيَّة الأمريكيَّة (بما فـي ذلك أفلام الشيخ) دعوة الشَّخصيَّات العربيَّة بأسماء اعتباطيَّة، ومغلوطة، بل وتجديفـيَّة (من وجهة النَّظر الإسلاميَّة)؛ إذ لا يعقل أن يكون هناك شخص عربي اسمه «أبو ابن قادر»، خاصة وان «قادر» من دون ورود صفة «عبد» قبلها تحيل إلى «القادر»، وهو اسم من أسماء الألوهيَّة فـي العقيدة الإسلاميَّة.
(4). Melville Shavelson, How to Make a Jewish Movie (Englewood Cliffs: Prentice-Hall, 1971).
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عُماني