أهداف إسرائيل الحقيقية من ضرب إيران
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
أطلقت إسرائيل مؤخرًا فصلًا جديدًا وخطيرًا في صراعها الممتد مع إيران، عبر شن عملية عسكرية تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف إستراتيجية كبرى، كما حددها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: تعطيل البرنامج النووي الإيراني، تدمير البنية التحتية العسكرية لطهران، والقضاء على قادة عسكريين وعلماء نوويين بارزين.
ليست هذه المرة الأولى التي تتواجه فيها إسرائيل وإيران عسكريًا بشكل مباشر، فقد تبادل الطرفان هجمات مباشرة عدة مرات خلال العام الماضي، على هامش حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
لكن الجولة الحالية من التصعيد تتميز بثلاثة جوانب رئيسية تجعلها نقطة تحول محتملة في إعادة تشكيل توازن القوى في الشرق الأوسط:
أولًا: الأهداف الإسرائيلية المُعلنة للعملية العسكرية ضد إيران تتسم هذه المرة بطموح أكبر ونطاق أوسع، وقد لا تقتصر على إطار زمني محدود. تشمل هذه الأهداف استهداف البرنامج النووي الإيراني بشكل مركز، وتعطيل القدرات العسكرية لطهران، بما يصل إلى مستوى تصعيد قد يشبه حربًا شاملة، وإن لم تعلن تل أبيب ذلك بشكل صريح. ثانيًا: هذه هي المرة الأولى التي تمنح فيها الولايات المتحدة، بشكل علني، تفويضًا لإسرائيل لتنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران. في الماضي، نسقت واشنطن عمليات رد على هجمات صاروخية إيرانية ضد إسرائيل، ويُعتقد أنها كانت على علم مسبق بالعديد من العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، لكنها لم تعلن تأييدها الصريح لهذه العمليات. إعلانوعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع هذا التفويض في إطار الضغط على طهران لقبول اتفاق نووي يتماشى مع الشروط الأميركية، فإن الأهداف الإسرائيلية المُعلنة تتجاوز حدود الضغط العسكري كأداة تفاوضية، وتُشير إلى طموحات أكثر عمقًا.
ثالثًا: على عكس جولات التصعيد السابقة، جاء الرد العسكري الإيراني في التصعيد الحالي أسرع وأوسع نطاقًا مقارنة بالاستجابات السابقة. هذا الرد يعكس غياب أي دور بارز للدبلوماسية عبر القنوات الخلفية في تشكيل طبيعة الاستجابة الإيرانية، على عكس ما حدث في الجولات السابقة. وكان هذا الرد متوقعًا بالنظر إلى طبيعة المواجهة الحالية وما تمثله من تهديد وجودي محتمل للنظام في طهران.إن غياب قواعد اشتباك واضحة في إدارة التصعيد الحالي، إلى جانب تخلي كل من إسرائيل وإيران عن الخطوط الحمراء التقليدية، يجعل المواجهة الراهنة أكبر من مجرد جولة قتالية محدودة، وأقل من حرب شاملة مكتملة الأوصاف. ومع أخذ احتمال نجاح الجهود الدبلوماسية خلال الأيام أو الأسابيع القادمة في تهدئة التوتر بعين الاعتبار، فإن هذه المواجهة قد تنزلق إلى حرب واسعة النطاق بناءً على مدة استمرار التصعيد المتبادل، وحدود ما يمكن أن يصل إليه هذا التصعيد، فضلًا عن الحسابات الإستراتيجية للولايات المتحدة.
حتى لو بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهاجم إيران بتفويض أميركي يهدف إلى إجبارها على قبول اتفاق نووي يحد من طموحاتها النووية وقدراتها الصاروخية، فإنه يرى في هذا التفويض فرصة لتوسيع نطاق المواجهة، بهدف إحداث تغيير جذري في ديناميكيات الصراع مع طهران، وربما السعي إلى إضعاف النظام الإيراني بشكل كبير، وهو هدف أشار إليه نتنياهو مرارًا في تصريحاته الأخيرة.
إذا ما وضعنا الأهداف الإسرائيلية للمواجهة الحالية في سياق حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فإنها تتجلى في بُعدين رئيسيين: الأول، إضعاف إيران عسكريًا وسياسيًا، وربما محاولة تغيير نظامها الحاكم بالقوة، والثاني، تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة كجزء من رؤية "الشرق الأوسط الجديد" التي طرحها نتنياهو عقب اندلاع الحرب المذكورة.
إعلانإن القلق الإقليمي الذي عبرت عنه دول المنطقة، والتي أدانت الهجوم الإسرائيلي على إيران، لا ينبع فقط من مخاوف تحول التصعيد إلى نزاع طويل الأمد يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين، بل يشمل أيضًا الهاجس من التداعيات الإستراتيجية لنجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها ضد إيران، وما قد يترتب على ذلك من إعادة تشكيل توازن القوى في الشرق الأوسط.
في أعقاب حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، برزت إسرائيل كقوة إقليمية ذات نهج عسكري وسياسي غير مُقيد بحدود، تسعى ليس فقط لمواجهة ما تعتبره تهديدات وجودية، بل أيضًا لتحقيق أهداف إستراتيجية أوسع تشمل إعادة تشكيل القضية الفلسطينية، وتوسيع نطاق احتلالها في مناطق مثل لبنان وسوريا، والتأثير في استقرار دول أخرى في المنطقة. إن التحركات الإسرائيلية المتزامنة ضد أربع دول: (لبنان، سوريا، اليمن، وإيران) تعكس تفوقًا عسكريًا كاسحًا، لكنها تثير مخاوف إقليمية من فقدان التوازن في المنطقة.
تُعد المواجهة العسكرية الحالية بين إسرائيل وإيران، أو ما يمكن وصفه بحرب غير معلنة، أخطر نزاع تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وأكثرها تأثيرًا من حيث تداعياتها على النظام الإقليمي وتوازن القوى فيه. كان سقوط نظام صدام حسين لحظة صعود إيران كقوة إقليمية، امتدت لعقدين من الزمن.
أما الحرب الحالية، فستكون حاسمة في تحديد مستقبل إيران، ليس فقط كقوة فاعلة في المنطقة، بل كدولة ذات سيادة واستقرار داخلي. في المقابل، تسعى إسرائيل لجعل هذه الحرب لحظتها الخاصة، لتكون القوة المُهيمنة في تشكيل معالم الشرق الأوسط الجديد. مثل هذا السيناريو سيحمل عواقب إستراتيجية وجيوسياسية عميقة على دول المنطقة، حيث إن نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها قد يمنحها حرية أكبر لإعادة صياغة المنطقة وفق رؤيتها.
إعلانما يعمّق قلق دول المنطقة هو أن إسرائيل، عبر حربها مع إيران، لا تستهدف فقط تحجيم البرنامج النووي أو القدرات العسكرية لطهران، بل تسعى إلى تحقيق هدف أعمق يتمثّل في ترسيخ نفسها كالقوة الإقليمية الوحيدة والمهيمنة في الشرق الأوسط. فبهذه المواجهة، تسعى إسرائيل إلى إقصاء إيران من معادلة النفوذ، وفرض نظام إقليمي جديد تكون فيه صاحبة الكلمة العليا، مستندة إلى تفوقها العسكري والدعم الأميركي المطلق. هذا التوجّه الإسرائيلي لا يهدد توازن القوى فحسب، بل يضع مستقبل الاستقرار في المنطقة على المحك، ويطرح تساؤلات جدية حول إمكانية بناء نظام إقليمي تعددي في ظل سعي قوة واحدة لفرض رؤيتها عبر الحرب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الشرق الأوسط فی المنطقة عسکری ا
إقرأ أيضاً:
اتصالات دولية مكثفة بين قادة السعودية وفرنسا وإيطاليا لخفض التصعيد في الشرق الأوسط
أدان الرئيس الروسي بوتين بشدة “الأعمال الإسرائيلية التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”، معبرًا عن تعازيه لإيران على ضحايا الغارات.
وأكد بوتين في محادثاته الهاتفية مع كل من بزشكيان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أهمية العودة إلى التفاوض لحل قضايا البرنامج النووي الإيراني بالوسائل السياسية والدبلوماسية فقط، كما أبدى استعداد روسيا لتقديم خدمات الوساطة لمنع المزيد من التصعيد، مشددًا على أن موسكو ستواصل اتصالاتها الوثيقة مع قيادتي إيران وإسرائيل لتجنب “العواقب الوخيمة” التي قد تؤثر على المنطقة بأسرها.
على الصعيد الدبلوماسي، دعا وزيرا خارجية روسيا والإمارات، سيرغي لافروف وعبد الله بن زايد آل نهيان، إلى تهدئة التوتر في الشرق الأوسط، معربين عن قلقهما إزاء العملية الإسرائيلية.
وجاء في بيان الخارجية الروسية أن البلدين أكدا ضرورة نقل المواجهة إلى قناة التفاوض، وأعربا عن استعدادهما للمساعدة في تهيئة الظروف لتحقيق السلام والأمن في المنطقة.
وفي إطار الاتصالات الدولية العاجلة، تلقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتصالين هاتفيين من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني. تم خلالهما بحث التداعيات الخطيرة للعمليات العسكرية الإسرائيلية، مؤكدين جميعًا على ضرورة خفض التصعيد وضبط النفس، وتعزيز التعاون الدولي لاحتواء التوترات وتجنب تفاقم الأزمة.
وأدانت الصين عبر سفيرها لدى الأمم المتحدة فو كونغ، الهجمات الإسرائيلية على إيران، معتبرة إياها انتهاكًا لسيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها، ودعت إلى وقف فوري لجميع الأعمال العسكرية الخطيرة، معربة عن قلقها العميق إزاء التوسع المحتمل للصراع.
وعلى الصعيد الإقليمي، أجرى وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد اتصالات موسعة مع نظرائه في قطر وعمان وفرنسا وبريطانيا، طالبًا جهودًا دبلوماسية لخفض التصعيد، مؤكداً على ضرورة ضبط النفس وحل الخلافات بالوسائل السلمية، بينما أعرب الأزهر الشريف عن إدانته الشديدة للهجوم الإسرائيلي، واعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا للسلم والأمن الإقليمي.
كما أكد مسؤول إيراني كبير لشبكة “سي إن إن” أن إيران ستستهدف القواعد الإقليمية لأي دولة تدافع عن إسرائيل، معربًا عن حق إيران في الرد بحزم على أي تهديد.
في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حالة تأهب قصوى للقوات الفرنسية في الشرق الأوسط، مع تأكيده استعداد بلاده للمشاركة في عمليات حماية إسرائيل حال تعرضها لأي هجمات انتقامية، محذرًا من مغبة التصعيد.
على الصعيد الدولي، تواصلت الاتصالات بين الولايات المتحدة وقطر والسعودية، حيث أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استعداد واشنطن للمشاركة في جهود حل الأزمة والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، فيما شدد قادة المنطقة على ضرورة خفض التصعيد واللجوء إلى الحوار.
وفي ظل هذا التصعيد، حثت وزارة الخارجية الكندية مواطنيها المتواجدين في الشرق الأوسط على مغادرة المنطقة “في حال كان ذلك ممكنًا وبشكل آمن”، مشددة على أهمية التحقق من صلاحية وثائق السفر والاستعداد لأي تطورات أمنية مفاجئة.
وفي الأردن، أعلنت هيئة الطيران المدني إعادة فتح المجال الجوي صباح السبت، بعد يوم من التعليق بسبب دخول صواريخ وطائرات مسيرة المجال الجوي الأردني، التي تم اعتراضها من قبل سلاح الجو الملكي الأردني، مؤكدة حرص القوات المسلحة على حماية أمن البلاد.
وكان ذكر باحث مصري أن العملية نفذت بواسطة مكتب تابع للموساد في دولة آسيوية جارة لإيران، ما يشير إلى تعقيدات إقليمية ودولية متشابكة تزيد من حدة الأزمة.