صحيفة صدى:
2025-06-17@19:05:54 GMT

فجوة الشفافية في تقييم الأداء الوظيفي

تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT

فجوة الشفافية في تقييم الأداء الوظيفي

في عالم يزخر بالمنافسة المهنية، بات التقييم السنوي معيارًا أساسيًا لقياس أداء الموظفين، إلا أن طريقة تنفيذه غالبًا ما تثير القلق والتساؤل أكثر من الشعور بالإنصاف والتوجيه.

يحكي لي أحد الزملاء تجربته التي تجسّد — وبشكل صريح — أحد الجوانب المؤلمة في واقع تقييم الأداء الوظيفي، فيقول:

“في بداية العام الماضي، قررت أن أُثبت جدارتي، فاجتهدت بشكل مضاعف، وأنجزت مهامي بأعلى درجات الالتزام والاحترافية.

أصبحت الموظف المثالي في عيون الجميع — حضور منتظم، مبادرات إضافية، ونتائج ملموسة.

في شهر ديسمبر، بدأت لجنة التقييم أعمالها، ومعها بدأ التوتر ينتشر في أرجاء المؤسسة… إلا أنا! كنت مطمئنًا، بل متحمّسًا، كنت على يقين أن ما زرعته طوال العام سيؤتي ثماره؛ لكن مع صدور النتائج كانت المفاجأة صادمة: حصلت على تقييم أقل مما توقعت بكثير — دون تفسير، دون ملاحظات، ودون تواصل حقيقي مع اللجنة؛ في تلك اللحظة، أدركت أن معايير التقييم لم تكن واضحة، وأن الشفافية كانت غائبة تمامًا.

لا تُعدُّ هذه التجربة حالة فردية، بل هي انعكاس لواقع يعيشه كثير من الموظفين في صمت. يستقبلون موعد التقييم السنوي بترقّب وقلق، ثم يغادرون بلا إجابات، بلا ملاحظات، وبلا أمل حقيقي في التطوير.

المشكلة هنا لا تكمن في الدرجة بحد ذاتها، بل في غياب الشرح. الموظف، في معظم الحالات، لا يطلب تقييمًا مرتفعًا بقدر ما يطلب تفسيرًا واضحًا لما حصل عليه. وعندما يغيب هذا التفسير، تفقد عملية التقييم معناها، وتتحوّل من فرصة للنمو إلى عبء نفسي ينعكس سلبًا على الحافز، ويُضعف الشعور بالانتماء.

إن كسب ولاء الموظفين لا يرتبط بحجم التقدير بقدر ما يرتبط بوضوحه، فالمؤسسات الناجحة ليست تلك التي تُرضي موظفيها بأعلى الدرجات، بل تلك التي توفّر تقييمًا شفافًا وعادلًا، يستند إلى معايير واضحة، ويُبنى على حوار مفتوح وتغذية راجعة مستمرة.

أما تلك التي لم تواكب هذا الفهم، فلا تزال تتعامل مع التقييم بوصفه “واجب نهاية العام”، يُنفَّذ بلا أهداف معلنة، ولا جلسات مراجعة، ولا ملاحظات موثقة، ولا حتى فرصة حقيقية للموظف كي يسأل أو يناقش..وهكذا، يتحوّل التقييم من أداة تطوير إلى مصدر إحباط، وتفقد المؤسسة إحدى أهم أدوات تحسين الأداء واستبقاء الكفاءات.

للخروج من هذه الفجوة، لا يكفي تعديل النماذج أو إعادة تسمية الإجراءات، بل لا بد من إعادة بناء فلسفة التقييم من جذورها، بحيث تتحوّل من أداة للحكم إلى وسيلة حقيقية للتطوير المستمر. فالتقييم لا ينبغي أن يُنظر إليه كجلسة سنوية منفصلة، بل كممارسة مهنية متكاملة تعكس الواقع اليومي لأداء الموظف، وتواكب تطوّره داخل المؤسسة.

تبدأ هذه المنهجية الفعالة بوضع أهداف واضحة منذ البداية، بالاتفاق بين الموظف ورئيسه المباشر، مع تحديد معايير قابلة للقياس، تتيح للموظف تتبّع أدائه بوضوح وموضوعية، ويُعدّ التقييم الدوري عنصرًا محوريًا في هذا السياق، إذ تسهم المراجعات الشهرية أو الفصلية في تقديم تغذية راجعة فورية تساعد على التصحيح المبكر وتعزيز مسار التحسين.

ومن المهم أيضًا أن يكون الموظف شريكًا فاعلًا في عملية التقييم، من خلال منحه مساحة للتعبير عن وجهة نظره، سواء عبر التقييم الذاتي أو النقاش المباشر مع المسؤول.

ختامًا، إن بناء نظام تقييم عادل وشفاف ليس مجرد إجراء تنظيمي، بل رسالة مباشرة من المؤسسة لموظفيها تقول: “نراك، نقدّرك، ونسعى لتطويرك.”

والمؤسسات التي تدرك هذا المعنى، هي وحدها القادرة على كسب ولاء موظفيها، وتحقيق أداء مستدام، والاحتفاظ بكفاءاتها.

ففجوة التقييم ليست مجرد خلل فني، بل انعكاس لخلل أعمق في التواصل، والقيادة، والعدالة، وإصلاح هذا الخلل يبدأ أولًا بالاعتراف بوجوده، ثم بالتحوّل من تقييمٍ صامت إلى حوار مستمر، ومن أرقام تُدوَّن إلى معايير تُفهَم، وتُناقَش، وتُترجَم إلى تطوير فعلي.

ففي بيئات العمل العادلة، لا يكون التقييم نهاية المطاف، بل بداية جديدة لمسار نمو مهني واضح، وواعٍ، ومثمر.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: تقییم ا التی ت

إقرأ أيضاً:

تفقّد الانضباط الوظيفي بمؤسستي الخدمات الزراعية وتنمية وإنتاج الحبوب

الثورة نت /..

اطلّع وكيل وزارة الخدمة المدنية شكري عبدالمولى، اليوم على مستوى الانضباط الوظيفي في المؤسسة العامة للخدمات الزراعية والمؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب في ثاني أيام الدوام الرسمي.

واستمع من نائب المدير التنفيذي لمؤسسة الخدمات الزراعية عبدالسلام العزي ومديري الشؤون المالية والإدارية كمال سليم والموارد البشرية إيهاب المضلع إلى شرح عن مستوى الانضباط الوظيفي وسير العمل في المؤسسة.

وأشاد الوكيل عبدالمولى، بالأعمال النوعية التي تنفذها مؤسسة الخدمات الزراعية في المجالات الزراعية ودورها في الاكتفاء الذاتي، مؤكدًا أهمية العمل بروح الفريق الواحد، بما يعزز من القدرة التنافسية وتوسيع حضور منتجات المؤسسة في الأسواق المحلية.

كما اطلع وكيل وزارة الخدمة المدنية على الانضباط الوظيفي في المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، واستمع من مدير الشؤون المالية والإدارية أحمد حجر ومدير الموارد البشرية صالح البرحي، إلى شرح عن سير العمل بمؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب ومستوى الانضباط الوظيفي عقب إجازة عيد الأضحى المبارك.

وأكد وكيل الخدمة المدنية، أهمية دور مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب في زيادة إنتاج محاصيل الحبوب وتعزيز الأمن الغذائي في البلاد.

وأشاد بمستوى الانضباط الوظيفي والخدمات التي تقدمها المؤسسة في تنمية وإنتاج الحبوب وصناعة الحصادات للمزارعين.

مقالات مشابهة

  • 100 دينار شهرياً سقف مكافآت عضوية مجالس الإدارة للموظفين
  • الإطلاع على مستوى الانضباط الوظيفي في المكاتب التنفيذية بالأمانة
  • وكيل محافظة المحويت يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي بمكاتب المالية والضرائب والاتصالات
  • تفقّد الانضباط الوظيفي بمؤسستي الخدمات الزراعية وتنمية وإنتاج الحبوب
  • مدير هيئة المواصفات يتفقد الإنضباط الوظيفي بالهيئة
  • تفقد مستوى الانضباط الوظيفي في عدد من المكاتب بالمحويت
  • تفقد مستوى الإنضباط الوظيفي في هيئة المواصفات عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى
  • الطرابلسي يفتتح ندوة «تقييم الأداء الأمني» ويعلن عن ترتيبات جديدة لتعزيز أمن العاصمة
  • محافظ الحديدة يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي عقب استئناف الدوام الرسمي