هل تمتلك الشركات سيطرة على صحتك تفوق سيطرتك أنت؟
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
بينما تدفع عربة التسوق ناحية قسم الفطور، تبدو لك أرفف المحلات وكأنها تمتد بلا نهاية. تصل، لتجد نفسك أمام معضلة مثيرة للقلق: هل تشتري حبوب الفطور منخفضة السكر أم تلك المدعمة بالبروتين والفيتامينات؟ أو ربما تلك المخلوطة بقطع الشوكولاتة اللذيذة؟
السوبر ماركت قادر على إرباكك بشدة، لكنه على الأقل لا يشكو من قلة الخيارات.
تختلف عالمة الصحة تريسي وودروف مع ذلك. فبينما كانت تعمل كباحثة في وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، شهدت على التكتيكات المختلفة التي تستخدمها الشركات لإخفاء أضرار منتجاتها، كما شهدت تحريف الأدلة حول فوائدها المحتملة. والأمر الأشد، هو مساهمة بعض هذه المنتجات في ارتفاع معدلات الملوثات السامة في بيئتنا على نحو يستحيل على أكثر المستهلكين دهاءً تجنبه. في فبراير، أصبحت وودروف المديرة المؤسسة لمركز ”القضاء على ضرر الشركات“ التابع لجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو (USCF)، والذي يهدف إلى الكشف عن الأساليب التي تستخدمها الشركات لتحريف الحقائق العلمية من أجل زيادة الأرباح. وقد تحدثت إلى مجلة نيو ساينتست عن المشكلات الصحية المتزايدة المرتبطة بالبيئات الملوثة، ولماذا يجب اعتبار الشركات ناقلًا للأمراض، وما الذي يمكن فعله لمواجهة التأثير الضار للصناعات.
غراهام لوتون: لنبدأ بالأساسيات. ما هي أنواع المشكلات الصحية التي تهتمين بها؟
تريسي وودروف: لقد تغير العبء العالمي للمرض (burden of disease) منذ تسعينيات القرن الماضي. فقد كان العبء الأكبر في السابق ناجمًا عن الأمراض المعدية. وقد انخفض هذا العبء بنجاح. لكن ما نشهده الآن هو زيادة عبء الأمراض المزمنة - مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة - بمعدل أكبر من انخفاض الأمراض المعدية.
وواقع أن هذا التحول صار على نحو مفاجئ، يُخبرنا أنه ليس تحولًا وراثيًا. بل أن محركه الرئيسي هو حفنة من المنتجات الصناعية: تلوث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري، السكر والأغذية فائقة المعالجة، التبغ، والمواد الكيميائية والكحول. هذه الخمسة مسؤولة عن حوالي 30 في المائة من إجمالي عبء الوفيات في العالم، وفقًا لمعهد القياسات الصحية والتقييم في كلية الطب بجامعة واشنطن. وهذه نسبة هائلة.
فما الذي يمكن فعله حيال ذلك؟
إذا أردنا كمجتمع للصحة العامة معالجة العبء المتزايد للأمراض المزمنة، فعلينا أن ننظر إلى الشركات كناقل للأمراض. إن ناقل الأمراض المعدية مثل البعوض هو كائن حي يحمل وينقل مسببات الأمراض المعدية إلى كائن حي آخر عن طريق امتصاص الدم على سبيل المثال. الشركات هي الناقل الجديد للأمراض لأنها تنقل العدوى السامة عن طريق تصنيع المنتجات أو بث الملوثات التي تضر الناس وتقتلهم. علينا دراسة أساليب هذه الشركات الناقلة للأمراض إذا أردنا الوقاية منها.
ما الذي نعرفه عن نهج هذه الشركات؟
إحدى الطرق الشائعة هي إخفاء المعلومات. فقد تقوم الشركات باكتشافات حول سمية منتجاتها ولا تنشرها للجمهور. على سبيل المثال، قمتُ وزملائي مؤخرًا بتحليل سلوك الشركات فيما يتعلق بالمواد الكيميائية المشبعة بالفلوروالثينيل المتعدد الكلور (PFAS)، والتي تؤدي لنتائج صحية ضارة كما نعلم. وقد وجدنا أن شركتي 3M و DuPont الكيميائيتين كانتا على علم منذ عقود بأن هذه المواد الكيميائية ضارة، ومع ذلك كانتا تستخدمانها وتلقيانها في المياه. كان ولا يزال الأمر مأساويًا حقًا. (ملاحظة تحريرية: كان هناك عدد من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد شركة DuPont، وشركة 3M بشكل منفصل، فيما يتعلق بالمواد الكيميائية PFAS، والتي يُعرف أن بعضها سام للبشر. وقد دفعت الشركتان لتسوية بعض هذه القضايا ولكنهما لم تعترفا بالمسؤولية).
تحاول الشركات أيضًا تقويض العملية العلمية. فهي تمول الأبحاث المؤيدة لمنتجاتها وتنشئ مجموعات تجارية صناعية مثل معهد التبغ لإخفاء التمويل المباشر من الشركات للأبحاث. وهناك العديد من الأمثلة على ذلك. ففي حالة تسلط الضوء على هذه القضية كشف عنها باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في عام 2005، قامت شركة آر جيه رينولدز (R.J. Reynolds) وبراون آند ويليامسون (Brown & Williamson) والعديد من شركات التبغ الأخرى بتمويل أحد العلماء ليكون المؤلف الرئيسي لمقال يشكك في مقترح أكثر صرامة حول الحد الآمن لمبيد الفوسفين الذي تستخدمه الشركات في تبخير التبغ المخزن. نُشر المقال في مجلة كان هذا العالم نفسه هو رئيس تحريرها.
قد تقوم الشركات أيضًا بتحريف النتائج عندما تصدر، فهي انتقائية في المعلومات التي تروج لها. وإذا ما بدأ الجمهور ملاحظة أضرار منتج ما، فإن الصناعة ستشكك - لا في المنتج - بل في النتائج العلمية.
كيف يتأتّى للشركات مثل هذا التأثير البالغ على اتجاه الأبحاث ونتائجها؟
في عالم يصعب فيه الحصول على المنح - وفي الولايات المتحدة، قد يصبح الأمر أكثر صعوبة بسبب التقليصات المقترحة لتمويل الأبحاث من قبل إدارة ترامب - يبحث الأفراد عن مصادر أخرى للتمويل. ولا يريد الباحثون التحدث علنًا عن الأمر خشية خسارة التمويل.
قلتِ أيضًا أن بعض الشركات تتلاعب بالعملية التنظيمية. أخبرينا كيف يحدث هذا؟
تنبهت لذلك أثناء عملي في وكالة حماية البيئة الأمريكية، باعتباري مستشارة للقواعد العامة المعمول بها لتقييم المواد الكيميائية المسرطنة. ووكالة حماية البيئة هي واحدة من الوكالات الفيدرالية القليلة القادرة على التأثير في كل الصناعات حول الولايات المتحدة، لذا فالعديد من الشركات تنخرط بفعالية في أنشطتها. فهم لديهم مصلحة مالية في إجازة منتجاتهم، ولديهم المال لإنفاقه على التعريف بمصالحهم. بدا الأمر وكأن كل مادة كيميائية لديها جماعة ضغط خاصة بها.
في وكالة حماية البيئة، هناك لجان استشارية تقوم بالمراجعة العلمية. ثمة أشخاص لديهم تضارب مصالح مالية يعملون ضمن هذه اللجان. وقد أظهرت الأبحاث أنه حتى عندما يتم الإعلان عن تضارب المصالح، فالنتيجة مزيد من تحيز الأعضاء وبالتالي تحيز في الخلاصات. في بعض الحالات، توظف الشركات عاملين سابقين من وكالة حماية البيئة، حتى يضعوا خبرتهم في تقديم استشارات استراتيجية للشركات.
بشكل عام، كيف يمكنكِ معرفة ما تفعله الشركات خلف الكواليس؟
في التسعينيات، تلقى ستانتون جلانتز (Stanton Glantz)، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، بعض الوثائق الداخلية من قطاع صناعة التبغ
واتخذ قرارًا حكيمًا للغاية بأن يضع جميع الوثائق في المكتبة. وبمجرد وضعها في المكتبة، وعلى الرغم من أن القائمين على صناعة التبغ حاولوا استعادتها ورفعوا دعوى قضائية، إلا أنها كانت محمية بموجب الحرية الأكاديمية. كانت تلك بداية مكتبة وثائق صناعة التبغ في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو.
وتكمن قيمة المكتبة في أنها تُطلعنا على ما قيل في دوائر الصناعة بكلمات أصحابها، وعما عرفوه ومتى؟ ثمة أكثر من ألف منشور بحثي بُني عليها للكشف عن كيفية تأثيرهم على المسار العلمي والتنظيمي.
ومنذ ذلك الوقت، أضيفت مجموعات أخرى. فلدينا صناعات السكر والصناعات الدوائية، ولدينا مجموعة صغيرة عن المواد الكيميائية المشبعة بالفلوروالثينيل المتعدد الكلور، ولدينا مسحوق الطَّلْق الملوث بالأسبستوس، ولدينا الغليفوسات - المادة الفعالة المستخدمة في بعض مبيدات الأعشاب الضارة. ومؤخرًا، حصلنا على وثائق من صناعة الأفيون.
كيف تحصل المكتبة على مثل هذه الوثائق؟ فالواضح أنها ليست للاستهلاك العام.
نحصل عليها من خلال آليات مختلفة. أُرسلت الوثائق الأصلية من مُبلّغ مجهول في شركة براون آند ويليامسون للتبغ (Brown & Williamson). وبعضها عبر تفعيل قانون حرية المعلومات. كما تم جمع الكثير منها من خلال دعاوى قضائية ضد شركات مختلفة أيضًا. أحد الأشياء التي تظهر عندما تنظر إلى الوثائق هو العمل التعاوني بين الشركات، فهي تتشارك الاستراتيجيات، وتتعاون، وأحيانًا توظف نفس جماعات الضغط، أو تستخدم مجموعات الواجهة نفسها.
هل يعني كل هذا أننا كأفراد نمتلك تحكماً أقل مما نعتقد في صحتنا؟
نعم. لا يعني هذا بالطبع أن لا سلطة للناس على صحتهم، ولكن هناك الكثير من العوامل البنيوية التي تجعل التحكم صعبا. والنظام الغذائي واحد من الأمثلة الجيدة على ذلك. عندما تذهب إلى البقالة، تجد أن الأطعمة فائقة المعالجة تحتل المساحة الأكبر. تشير التقديرات إلى أن حوالي 70 في المائة من الأطعمة الموجودة في المتجر فائقة المعالجة، وهي ما يُسوق له باستمرار. ما يجعل تجنب تلك المنتجات صعباً. تلوث الهواء هو مثال جيد آخر: فإذا كنت تعيش بالقرب من مصادر ملوثة، فلا يد لك في الهواء الملوث الذي تتنفسه.
تتعارض هذه الفكرة مع الرسائل التي تروج لها الشركات، والتي غالباً ما توحي بأننا مسؤولون عن صحتنا. أحد الرؤى التي خرجنا بها من وثائق التبغ هو أن الصناعة تلقي باللوم على الفرد: «إنه خطؤك، أنت الملام لأنك لم تمارس الرياضة، أو اتبعت نظامًا غذائيًا سيئًا، أو دخنت السجائر». تكمن المشكلة في أن هذا الخطاب يصرف الانتباه عن إحدى الطرق الأكثر فعالية لحل المشكلة، ألا وهي التنظيمات الحكومية.
يبدو أن الشركات تتحكم في صحتنا أكثر منا ...
نعم، أتفق معك.
قد يتساءل من يقرأ هذا: ماذا يمكنني أن أفعل؟
إنه نهج ذو مسارين. أولاً، يمكنك اتخاذ إجراءات فردية من شأنها أن تقلل من التعرض للمواد الكيميائية السامة، مثل تقليل استخدام البلاستيك وتركيب فلتر هواء في منزلك. ويمكن للناس أيضًا توجيه رسائل للسوق، من خلال عدم شراء المنتجات الضارة على سبيل المثال. ثانياً، المشاركة المدنية، فنحن بحاجة إلى إجراءات حكومية لتنفيذ التغييرات المنهجية. سجلوا للتصويت، واذهبوا للتصويت، ثم أبلغوا المسؤولين الحكوميين بمطالبكم. علينا إدراك الدافع الربحي للصناعات. إنهم مسؤولون أمام مساهميهم، وليسوا مسؤولين عن صحة الجمهور، لذلك علينا نحن أن نفرض هذه القضية.
علينا أن ندرس أساليب هذه الشركات المسببة للأمراض إذا أردنا منعها.
أحد أهداف المركز الذي تديرينه هو إيجاد طرق لمواجهة تأثير الصناعة.
كيف يمكن أن تبدو هذه الطرق؟
أولاً، استبعاد الأشخاص الذين لديهم تضارب في المصالح المالية من جميع لجان ومجالس المراجعة الحكومية. نحن نعلم أن هذا ممكن؛ فقد وضعت الوكالة الدولية لبحوث السرطان - وهي أحد أقسام منظمة الصحة العالمية التي تراجع الأبحاث العلمية حول احتمالية تسبب العوامل البيئية في الإصابة بالسرطان - سياسة بهذا الشأن في عام 2015.
من المهم أيضًا عند تقييم الأدلة العلمية أن يُحدد ويُراعى أي تضارب في المصالح خلال تمويل البحوث التي يُعتمد على خلاصاتها. وهكذا، يمكن ضمان أن يكون تقييم الأدلة أكثر مصداقية وأقل تحيزًا.
أخيرًا، من شأن زيادة التمويل الحكومي للعلوم - حتى لا يضطر العلماء إلى الاعتماد على تمويل الشركات - أن يساعد في الحد من تأثير قطاعات الصناعة.
هل تتوقعون ردود فعل سلبية تجاه ما تقومون به؟
لقد تعرض العديد من أعضاء المركز للضغط على المستوى الفردي أو على مستوى العمل الذي يقومون به. إحدى العضوات لديها تاريخ طويل في العمل على تأثير صناعة التبغ على العلوم والسياسات، وفي بداية مسيرتها المهنية، هاجمتها شركة التبغ بشكل صريح من خلال إرسال رسائل إلى جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) تطالب فيها بعدم ترقيتها. لذا، يمكننا أن نتوقع ردود فعل سلبية من هذا القبيل.
أنت تسبحين عكس التيار السياسي؟
نعم، لكن العزاء يكمن في أن جزءًا لا بأس به من السكان يريدون من الحكومة أن تفعل المزيد في هذا الصدد. أعتقد أن هناك مكونًا في انتخابات 2024 الأمريكية يتعلق بإحباط الناس من تعامل الحكومة مع العبء المتزايد للأمراض المزمنة. الناس قلقون، وهم - لأسباب مشروعة - خائفون، ويريدون من الحكومة أن تبذل جهدًا أكبر لمساعدة معارفهم المرضى.
خدمة نيو ساينتست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کالیفورنیا فی سان فرانسیسکو وکالة حمایة البیئة الأمراض المعدیة صناعة التبغ من خلال
إقرأ أيضاً:
الليزر والإبر الصينية.. أحدث طرق الإقلاع عن التدخين
40 جنيها تكلفة الجلسة بالليزر.. وتصل إلى 800 جنيه في الإبر الصينية
عيادات الصحة: دعم مجاني للإقلاع عن التدخين في 44 مركزًا
مفاجأة: الأسر الفقيرة تُنفق أكثر على السجائر بمتوسط 12 ألف جنيه سنويا
18 مليون مدخن في مصر.. و 26 مليون مواطن معرضون للتدخين السلبي
الصحة العالمية تحذر من 16 ألف نوع من السجائر الإلكترونية ذات النكهات
شعر محمد، الذي لا يتجاوز عمره الأربعين عامًا، بأزمة قلبية حادة، نُقل على إثرها إلى أحد المستشفيات، وأثناء الكشف عليه، طلب الطبيب المعالج ضرورة تحضير غرفة العمليات لإجراء عملية قسطرة في القلب.
عقب إجراء العملية، نصحه الطبيب بضرورة الإقلاع عن التدخين، وإلا سيضطر إلى إجراء عمليات قلب مفتوح أو تغيير دعامات في القلب.
محمد يدخن في اليوم أكثر من علبة سجائر، حتى إنه يدخن السجائر فور استيقاظه من النوم، قبل تناول وجبة الإفطار. وفي شهر رمضان الكريم، فإنه يفطر على تمرة، وبعد ذلك يقوم بالتدخين.
محمد يمثل أكثر من 18 مليون مدخن في مصر، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي أكد أن ما يعادل 16.8% من إجمالي السكان الذين تتجاوز أعمارهم 15 عامًا يدخنون، وذلك وفقًا لتقديرات السكان لعام 2020.
وبحسب الدكتور جمال شعبان، العميد السابق لمعهد القلب، فإن التدخين يُحدث اضطرابًا واضحًا في كهرباء القلب، وهو ما يُعد عاملًا مباشرًا في زيادة معدلات الإصابة بأمراض القلب والمضاعفات المرتبطة به.
بعد نصيحة الطبيب المعالج، أخذ محمد يبحث عن مكان للإقلاع عن التدخين، ولفت نظره أحد الإعلانات المتداولة على مواقع التواصل، وهي لعيادة إقلاع عن التدخين باستخدام الليزر والإبر الصينية.
الليزر للإقلاع عن التدخين:يقول الدكتور وائل صفوت، استشارى الباطنة ورئيس اللجنة الدولية لعلاج إدمان التبغ: إن تقنية الليزر للإقلاع عن التدخين، المعروفة أيضًا بالعلاج بالليزر الأذني، هي أسلوب غير تقليدي يعتمد على تحفيز مناطق معينة في الأذن باستخدام الليزر الخفيف، بهدف تقليل الرغبة في النيكوتين، وتستند هذه التقنية إلى مفهوم العلاج الأذني المستمد من الوخز بالإبر.
لم تُقر وزارة الصحة والسكان في مصر رسميًا تقنية الليزر كأحد الأساليب المعتمدة للإقلاع عن التدخين ضمن برامجها العلاجية الرسمية، التي يتم اتباعها عن طريق مراكز الإقلاع عن التدخين التابعة لها.
لكن هناك بعض المراكز البحثية تستخدم هذه التقنية في إطار تجريبي، ومنها عيادة الإقلاع عن التدخين بالمركز القومي للبحوث، حيث تُستخدم جلسات علاج بالليزر على نقاط محددة في الوجه والأذن واليد لتخفيف أعراض انسحاب النيكوتين، مما يساعد المدخنين على التوقف عن التدخين.
وبالبحث، تبين أن بعض الدول أبدت تحفظات على هذه التقنية مثل فرنسا وكندا، حيث أعلنت الصحة الفرنسية عن عدم وجود أي دراسة علمية تثبت فاعلية هذه التقنية في الإقلاع عن التدخين، وكذلك الجمعية الكندية المعنية بالسرطان حيث حذرت منذ عام 2007 من استخدام هذه التقنية، مشيرة إلى أنها ليست مدعومة بأدلة علمية قوية.
تعليقًا على ذلك، أعلن الدكتور وائل صفوت، رئيس اللجنة الدولية لعلاج إدمان التبغ، أن هذه التقنية تُعد أكثر فاعلية عندما يكون المدخن ملتزمًا ولديه رغبة قوية في الإقلاع عن التدخين، ولكن لا يوجد أي أساس علمي أو دراسة تثبت فاعليتها، وإن كانت بعض الشواهد تبشر بأن استخدامها قد يؤدي إلى نتائج مرضية.
وتتراوح تكلفة العلاج من 200 إلى 400 جنيه للجلسة الواحدة، بينما تتفاوت أسعارها في المركز القومي للبحوث، حيث تصل تكلفة الجلسة الواحدة إلى ما بين 200 و250 جنيهًا.
وللحصول على نتائج فعالة، يجب أن يحصل المدخن على أكثر من 6 جلسات، وذلك حسب كل حالة، تبدأ عادةً بثلاث جلسات في الأسبوع الأول، ثم جلستين أسبوعيًا حتى الوصول إلى العدد المطلوب.
استخدام الإبر الصينية:على جانب آخر تُستخدم الإبر الصينية (الوخز بالإبر) كأحد الأساليب غير التقليدية لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين، وتستند هذه التقنية إلى الطب الصيني التقليدي، حيث يُعتقد أن تحفيز نقاط معينة في الجسم يُسهم في تقليل أعراض الانسحاب والرغبة في التدخين.
ويشير الدكتور وائل صفوت، استشارى الباطنة ورئيس اللجنة الدولية لمكافحة إدمان التبغ، إلى أن جلسات الوخز بالإبر الصينية تستهدف نقاطًا محددة في الأذن والجسم، وتحفز إفراز مادة الإندورفين الطبيعية التي تُقلل من الرغبة في التدخين، وتساعد في تقليل أعراض الانسحاب، وتُسهم أيضًا في تهدئة التوتر والقلق المرتبطين بالإقلاع عن التدخين.
لافتًا إلى أن الإندورفين هو أحد النواقل العصبية في المخ المرتبطة بالتدخين والنيكوتين، والإبر الصينية تقوم بتسكين اللهفة للتدخين مثلها مثل الليزر البارد.فالتحفيز الكهربائي لنقاط الإبر الصينية له نفس التأثير، ويحتاج إلى جرعات وعدد جلسات محددة من الليزر أو الاستثارة الكهربائية تتوافق مع حاجة الجسم.
مؤكدًا أنه لا توجد دراسات كافية على كفاءة هذه الجلسات، لكن الشواهد تؤكد أنه أسلوب علاجي جيد في حال وجود موانع لاستخدام الأدوية أو بدائل النيكوتين.
معلنًا أنه حتى الآن، لا تُعد الإبر الصينية (الوخز بالإبر) من الأساليب المعتمدة رسميًا من قبل وزارة الصحة والسكان لعلاج الإقلاع عن التدخين.
موضحًا أن الوزارة تركز على أساليب علاجية مثبتة علميًا، مثل بدائل النيكوتين (اللصقات والعلكة والبخاخات)، العلاج السلوكي، الدعم النفسي، والبرامج التوعوية.
ومع ذلك، تُستخدم الإبر الصينية في بعض المراكز الخاصة كعلاج تكميلي للإقلاع عن التدخين.
وتتفاوت أسعار جلسات الإقلاع عن التدخين باستخدام الإبر الصينية حسب سمعة المعالج وعدد الجلسات، وتتراوح بين 300 إلى 800 جنيه للجلسة الواحدة، وللحصول على نتائج فعالة، يجب أن يحصل المدخن على عدة جلسات تتراوح من 5 إلى 8 جلسات.
عيادات الصحة للإقلاع عن التدخين:تقدم وزارة الصحة والسكان خدمات الإقلاع عن التدخين من خلال 14 مركزًا وعيادة متخصصة على مستوى الجمهورية، تتوزع بين مستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان، حيث تقدم خدمات طبية واستشارات نفسية لمساعدة المدخنين على الإقلاع تدريجيًا عن التدخين.
وطبقًا لآخر إحصائية، فإنه خلال خمسة أشهر، استفاد أكثر من 1000 شخص من هذه الخدمات.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت وزارة الصحة مبادرة «100 مليون صحة» التي تشمل 30 عيادة للإقلاع عن التدخين منتشرة في مختلف المحافظات، وتعمل هذه العيادات يوميًا من الساعة 9 صباحًا حتى 12 ظهرًا، وتقدم خدمات التوعية بأضرار التدخين، والكشف على إصابات الرئة، وتقديم الدعم النفسي للمساعدة في الإقلاع عن التدخين.
بدائل النيكوتين:
من خلال عيادات الإقلاع عن التدخين التابعة لوزارة الصحة والسكان، تُقدم مجموعة من بدائل النيكوتين المدروسة والمعتمدة للاستخدام الطبي، وذلك لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين بشكل تدريجي وآمن.
وتُقدم هذه البدائل مجانًا ضمن جهود الوزارة لمكافحة التدخين وتحسين الصحة العامة، وللحصول على هذه الخدمات، يُنصح بالتوجه إلى أقرب عيادة متخصصة أو الاتصال بالخط الساخن 16522 للحصول على مزيد من المعلومات.
وتشمل هذه البدائل:
- لصقات النيكوتين: توضع على الجلد لإطلاق جرعات ثابتة من النيكوتين على مدار اليوم.
- علكة النيكوتين: تُمتص عن طريق الفم وتتوفر بتركيزات مختلفة.
- بخاخات النيكوتين: تُستخدم لرش النيكوتين في الفم وتُعد وسيلة سريعة للتخفيف من أعراض الانسحاب.
- أقراص النيكوتين: تذوب في الفم ببطء لتوفير جرعة ثابتة من النيكوتين.
التعبئة العامة والإحصاء ومتوسط الإنفاق على التدخين:وفقًا للنتائج الأولية لمسح الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2021/2022 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن نسبة المدخنين في مصر تبلغ 16.8% من إجمالي السكان الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا فأكثر، أي حوالي 18 مليون شخص.
وأشارت الإحصائية إلى أن أعلى نسبة بين فئة 35-44 سنة (19.2%)، تليها فئة 45-54 سنة (18.5%)، ثم فئة 25-34 سنة (17%).
أما نسبة الأسر التي تضم مدخنًا واحدًا على الأقل، فبلغت 33.5%، مما يعني أن حوالي 26 مليون فرد غير مدخن معرضون للتدخين السلبي.
وكانت المفاجأة أن أكثر الأسر فقرًا هي الأكثر إنفاقًا على التدخين.
وبلغ المتوسط العام للأسرة المصرية في الإنفاق على التدخين: 12.9 ألف جنيه سنويًا، فيما تنفق الشريحة الأعلى (الخامسة) 16.2 ألف جنيه، بينما تنفق الشريحة الأدنى (الأولى) 8.5 ألف جنيه سنويًا.
أما نسبة الإنفاق على التدخين من إجمالي الإنفاق الكلي فكانت كالتالي:
- الشريحة الأولى (الأفقر): 10.2%.الشريحة الثانية: 10.5% الشريحة الخامسة (الأعلى إنفاقًا): 9.2%.
- الصحة العالمية واليوم العالمي للإقلاع عن التبغ.
وبمناسبة اليوم العالمي للإقلاع عن التبغ، رفعت منظمة الصحة العالمية شعار «فضح زيف المغريات».
وأوضحت المنظمة أن إقليم شرق المتوسط يُسجل أعلى نسب التدخين بين جميع أنحاء العالم، وتشمل دولًا مثل الأردن ولبنان ومصر، المصنفة عالميًا ضمن البلدان ذات أعلى تصنيفات لهذه الظاهرة.
وأدى ذلك إلى انتشار منتجات النيكوتين الجديدة، مثل التبغ الإلكتروني ومنتجات التبغ المُسخن، مما ساعد على انتشار الإدمان بين الفئات الأصغر سنًا.
وأعلنت أنه على الصعيد العالمي، يوجد 37 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا يتعاطون التبغ، وفي بعض المناطق وصلت النسبة إلى 43% بين الجامعات و20% بين المراهقين.
وفي فلسطين المحتلة (الضفة الغربية)، تبلغ النسبة 43.3%، تليها الأردن 33.9%، ثم سوريا 31.6%.
ما يثير القلق هو ترويج منتجات النيكوتين الجديدة بنكهات وأشكال ملونة تجذب النساء والأطفال.
وأوضحت المنظمة أنه مع وجود أكثر من 16.000 نوع من السجائر الإلكترونية، فلا غرابة في أن 9 من كل 10 مستخدمين ينجذبون إلى المنتجات المُنكهة.
وأعربت عن القلق من تزايد تعاطي التبغ بين النساء، ما يعرّضهن لمخاطر صحية مثل سرطان عنق الرحم، هشاشة العظام، ومشكلات الخصوبة.
ودعت الدكتورة حنان حسن بلخي إلى حظر نكهات دخان التبغ، ووضع تحذيرات صحية مصورة، وزيادة الضرائب على هذه المنتجات.
وأعلن الدكتور نعمة عابد عن ارتفاع معدلات التدخين في مصر، خاصة بين الشباب، مؤكدًا ضرورة التحرك لتعزيز مفاهيم الصحة العامة، والتصدي للحملات الدعائية المضللة.
وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة فاطمة العوا أن شركات التبغ تستخدم أساليب دعائية مضللة، مثل النكهات الجذابة، ما يُعد تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة.
اقرأ أيضاً«الصحة»: إغلاق 10 مراكز لعلاج الإدمان تعمل بدون ترخيص بالإسكندرية وأسوان وأسيوط
كجوك: زيادة دعم قطاعات الصحة والتعليم يالموازنة في إطار الحماية الاجتماعية