نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 54
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
أتحدث اليوم حول استكمال حدوته تابوت العهد و المزاعم الصهيونية و محاولات بني صهيون، و ربطه بدير سانت كاترين، و محاولات إفساد العلاقات المصرية بأثينا.
رغم عدم وجود عِلاقة مباشرة أو أثرية موثقة بين دير سانت كاترين وتابوت العهد اليهودي، فإن للموقع رمزية دينية عميقة، وذلك ما استغلطه الصهيونية العالمية في إثارة الأوضاع السياسية ضد الدولة المصرية حتى تستطيع الاستحواذ على سيناء.
بعد الفشل الذريع لبني صهيون في تحقيق سيناريو التهجير القسري لأهل غزة لسيناء بعدة محاولات ضغط و ترهيب، كانت هناك ورقة حاولت إسرائيل استخدامها عن طريق إثارة الأوضاع السياسية بين مصر و أثينا عن طريق النزاع على الأراضي المحيطة بدير سانت كاترين.
في مايو 2025، عاد دير سانت كاترين بجنوب سيناء إلى واجهة المشهد الإعلامي والقانوني والدبلوماسي، بعد صدور حكم قضائي بشأن ملكية بعض الأراضي المحيطة به. هذا الحدث أعاد تسليط الضوء على العلاقات التاريخية والدينية التي تربط هذا الدير الفريد بمصر والكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، بالإضافة إلى الرمزية الدينية العميقة للموقع نفسه، وعلاقته بجبل موسى وتاريخ الوحي والتشريع.
حيث أصدرت محكمة استئناف الإسماعيلية في 28 مايو 2025 حكمًا في نزاع قانوني يعود إلى عام 2012، يتعلق بملكية 71 قطعة أرض حول الدير.
و أبرز ما جاء بالحكم أُقرت ملكية الدولة المصرية للأراضي التي لا توجد لها مستندات رسمية
أُلزم الدير بإخلاء 14 قطعة أرض من تلك الأراضي
أُبقي للرهبان الحق في استخدام الأراضي ذات العقود الرسمية، و شدد الحكم على احترام الدولة الكامل لحرية ممارسة الرهبان لشعائرهم.
في أواخر عام 2024، تم التوصل إلى مسودة اتفاق لم تُوقع رسميًا بعد، وتتضمن، منح الطائفة الأرثوذكسية اليونانية حق الملكية الدينية لأراضي الدير.، و الحفاظ على الاستقلال الإداري والروحي للدير، و التعاون بين الدولة والدير في حماية البيئة وصيانة الآثار و احترام الخصوصية الروحية للموقع وتسوية النزاع القانوني.
لاقى الحكم القضائي ردود فعل متباينة حيث أبدت
الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان والقدس والقسطنطينية قلقها من تأثير الحكم على استقلالية الدير.، بينما أكدت الحكومة المصرية التزامها بحماية الدير وحرية العبادة، مشيرة إلى أن النزاع قانوني إداري فقط.
دير سانت كاترين هو أحد أقدم الأديرة المسيحية في العالم، شُيّد في القرن السادس الميلادي في موقع مقدس عند سفح جبل موسى. تُشرف الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية على إدارته الروحية، مما يعكس عِلاقة قوية ومتجذرة بين أثينا والدير. ويُعد الدير مركزًا روحيًا وثقافيًا فريدًا، ويحظى بتقدير عالمي لما يحتويه من تراث ديني وإنساني نادر.
بُني بأمر من الإمبراطور جستنيان الأول (Justinian I) في القرن السادس الميلادي، وتحديدًا بين عامي 548 و565 ميلادية، خلال فترة حكمه للإمبراطورية البيزنطية.
أُقيم الدير حول شجرة العليّقة المشتعلة التي يُعتقد أن النبي موسى عليه السلام كلم الله عندها، وهو ما يجعل الموقع ذا قدسية خاصة في الديانات السماوية الثلاث.
بُني لحماية الرهبان الذين كانوا يعيشون هناك ولحماية هذا المكان المقدس، سُمي لاحقًا بـ"دير القديسة كاترين" بعد أن قيل إنه تم العثور على رفات القديسة كاترين الأسكندرانية هناك، بعد أن نُقلت إليها من جبل القوقاز.
الدير محصن بأسوار حجرية سميكة، وصُمم ليكون قلعة وديرًا في آنٍ واحد، و يحتوي على واحدة من أقدم المكتبات في العالم، تضم آلاف المخطوطات النادرة.
يجمع في تصميمه وتأريخه بين العمارة البيزنطية والتقاليد المسيحية المبكرة و يضم "شجرة العليقة"، التي تجلى فيها سيدنا موسي عليه السلام.
هذه الرمزية تجعل من المكان مركزًا هامًا للتقاطع بين الديانات السماوية الثلاث.
و تأتي أهمية الدير نظرا لمحتوياته، حيث يشتمل على رفات القديسة كاتري: محفوظة داخل الكنيسة الرئيسية و مكتبة الدير ثاني أكبر مكتبة مخطوطات بعد الفاتيكان، و شجرة العليقة، التي يُقال إنها لم تحترق رغم اشتعالها، ويُعتقد أن موسى كلمه الله عندها.
العهدة النبوية وثيقة يُنسب إصدارها لسيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة و السلام وتمنح الرهبان حماية وضمانات.
دير سانت كاترين ليس مجرد موقع أثري أو مؤسسة دينية، بل رمز روحي عالمي. النزاع القانوني حول الأراضي المحيطة به يجب ألا يُخفي القيمة الحقيقية للمكان بوصفه شاهدًا على تداخل الديانات، وتاريخ البشرية، وروح التعاون بين الشعوب، و مصر هي الحامي لهذا الإرث العظيم.
اما فيما يتعلق بعلاقة الدير بتابوت العهد، لا يوجد دليل أثري أو ديني قاطع يربط تابوت العهد مباشرة بدير سانت كاترين، لكن هناك عدة نقاط تستحق الذكر:
يُعتقد أن سيدنا موسى تلقى الوصايا العشر على جبل سيناء، وهو الجبل الذي يقع عنده دير سانت كاترين.
هذا ما يجعل الموقع مُرتبطًا بقوة بتاريخ تابوت العهد، لأنه يُفترض أن اللوحين المحفوظين داخله نُزلا على هذا الجبل.
بعض النظريات غير المثبتة تقترح أن التابوت ربما نُقل أو خُبئ في أماكن جبلية نائية، ومن ضمن الأماكن التي رُشحت لها: جبل سيناء، و لكن لا توجد إشارات في المخطوطات أو الاكتشافات الأثرية بدير سانت كاترين تؤكد أن التابوت وُجد هناك أو دُفن فيه، مما ينسف مزاعم و أكاذيب بني صهيون.
الدير موقع يجمع بين رموز دينية كبرى: موسى، العليقة، وكتابات من التوراة والإنجيل والقرآن، وهذا يعطيه بعدًا روحيًا مرتبطًا بزمن تابوت العهد و لم يُعثر عليه مطلقا، ولا توجد أدلة تاريخية تؤكد أنه وصل إلى دير سانت كاترين.
لكن الروابط الرمزية والدينية بين جبل سيناء (موقع الدير) وتاريخ التابوت قوية، لأن الحدث الأساسي (تسليم الوصايا) وقع على هذا الجبل وفقًا للديانات السماوية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إيران إسرائيل أمريكا بدیر سانت کاترین دیر سانت کاترین تابوت العهد
إقرأ أيضاً:
مصر تجدد تحذيرها من “الإبادة الممنهجة” بغزة وتدعو لتدخل دولي فوري
مصر – جددت مصر، الأربعاء، تحذيرها من “الإبادة الممنهجة” التي يتعرض لها الفلسطينيون بقطاع غزة، داعية المجتمع الدولي إلى تدخل “فوري” لوقف سياسة التجويع والانتهاكات المستمرة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره اليوناني جورجيوس جيرابيتريتيس، في العاصمة أثينا، خلال زيارة غير محددة المدة بدأها المسؤول المصري الأربعاء.
وقال عبد العاطي: “على المجتمع الدولي التدخل الفوري لوقف التجويع والسياسيات الممنهجة للإبادة في غزة”.
ونبه إلى ما أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، امس الثلاثاء، بشأن رفض بلاده “التجويع والإبادة الممنهجة” التي يتعرض لها الفلسطينيون.
والثلاثاء، شدد السيسي، على أن الفلسطينيين في قطاع غزة يتعرضون لـ”تجويع وإبادة ممنهجة”، وكرر نداءه لوقف الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأكد عبد العاطي، على أن غزة تواجه كارثة إنسانية، داعيا المجتمع الدولي لأن “يخجل من المواقف المتخاذلة ويفرض إرادته على إسرائيل بفتح كل المعابر داخل القطاع ويدخل المساعدات دون وضع أي شروط”.
وشدد على أن بلاده التي تقود وساطة مع واشنطن والدوحة لوقف الحرب بغزة “سوف تستمر في جهودها الدؤوبة لسرعة التوصل لاتفاق فوري لوقف اطلاق وحقن دماء الشعب الفلسطيني البريء والعمل على إطلاق سراح الرهائن والأسرى”.
والأسبوع الماضي، انسحبت إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس بالدوحة، جراء تعنت تل أبيب بشأن الانسحاب من غزة، وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات الإنسانية.
وأكد عبد العاطي، على رفض بلاده أي محاولات “لتصفية القضية الفلسطينية”، مؤكدا أن “التهجير خط أحمر ولن تقبل به القاهرة نهائيا”.
وشدد على أنه بدون إقامة دولة فلسطينية لن يكون هناك أمن واستقرار لدول المنطقة بما فيها إسرائيل.
وتأتي تلك التصريحات وسط تسريبات إعلامية عبرية عن اعتزام حكومة بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية لارتكابه جرائم حرب بحق الفلسطينيين، إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة وتجوّع الفلسطينيين، وشددت إجراءاتها في 2 مارس/ آذار الماضي بإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب في تفشي مجاعة ووصولها إلى مستويات “كارثية”.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي 61 ألفا و158 قتيلا فلسطينيا و151 ألفا و442 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
وفي سياق ذو صلة، شدد عبد العاطي على أن بلاده “المتضرر الأول من الوضع غير المستقر في البحر الأحمر”، حيث أن خسائرها بلغت أكثر من 8.5 مليارات دولار نتيجة تراجع عائدات قناة السويس، في إشارة للهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي ضد السفن التابعة لإسرائيل أو المتوجهة إليها.
ويهاجم الحوثيون تلك السفن رفضا لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وبشأن ملف دير سانت كاترين، أشار الوزير المصري إلى أن “تقاربا وتفاهما في هذا الملف بتطورات الوضع في دير سانت كاترين”، مشددا على أن “مكانة الدير مقدسة ولا يمكن المساس به”.
وقال: “نقدر جهود مصر واليونان للتوصل لتفاهم ونحن على مشارفه وقطعنا شوطنا كبيرا وسوف نحتفل في القريب العاجل بمناسبة الاتفاق المبرم بين السلطات المصرية ودير سانت كاترين بمباركة وحضور متميز من الجانبين المصري واليوناني”.
ويقع دير سانت كاترين عند سفح جبل سيناء، في جنوب شبه جزيرة سيناء، ويُعد أقدم دير مأهول في العالم، إذ بني في الموقع الذي يعتقد أن النبي موسى تلقى فيه الوصايا العشر.
وفي مايو/أيار الماضي، أصدرت محكمة مصرية حكما في النزاع بين محافظة جنوب سيناء ودير سانت كاترين بشأن الأراضي المحيطة بالدير.
وأكدت المحكمة في حكمها “أحقية تابعي الدير في الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة”.
وصدرت بعد الحكم تصريحات من أثينا تشدد على ضرورة الحفاظ على الطابع الأرثوذكسي اليوناني لدير سانت كاترين، وحل القضية ضمن إطار مؤسسي يستند إلى الاتفاقات الثنائية بين البلدين.
الأناضول