يشهد الشرق الأوسط تطورًا خطيرًا في التصعيد العسكري بعد سلسلة من الهجمات الجوية التي نفذتها القوات الإسرائيلية والأمريكية على منشآت نووية وعسكرية في إيران، ما أدى إلى حالة من الاستنفار الإقليمي والدولي وسط تحذيرات من اندلاع حرب شاملة قد تُهدد أمن الطاقة العالمي.

ضربات جوية مركزة على منشآت إيرانية

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ، بالتعاون مع الولايات المتحدة، هجمات جوية واسعة على أهداف عسكرية داخل إيران، بمشاركة نحو 30 طائرة حربية استخدمت أكثر من 60 قذيفة موجهة.

وأكد الجيش أن "البرنامج النووي الإيراني تعرض لضربة عميقة"، بينما أكدت مصادر أمريكية لقناة الجزيرة مشاركة مقاتلات من طراز "إف-35" و"إف-22" في الضربات.

صحيفة يديعوت أحرونوت أفادت بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد مشاورات أمنية طارئة، بينما رجّحت القناة 14 العبرية أن "المنظومة الأمنية في إسرائيل تعتبر أننا قد نكون بالفعل على أعتاب اليوم التالي للحرب بنهاية هذا العام".

واشنطن: لا نية للتصعيد.. ولكن!

نائب الرئيس الأمريكي أكد أن أي إغلاق لمضيق هرمز من جانب إيران "سيُعد انتحارًا اقتصاديًا لطهران"، مشددًا على أن الضربات التي نُفذت تستهدف منع إيران من امتلاك سلاح نووي، فيما أكد وزير الخارجية الأمريكي أن "رد إيران سيكون أسوأ خطأ ترتكبه".

إيران ترد.. وتفعّل الدفاعات الجوية

وسائل إعلام إيرانية أفادت بتفعيل أنظمة الدفاع الجوي في عدة مدن، بينها يزد وفارس، كما تم إسقاط 4 طائرات مسيّرة إسرائيلية. ونقلت وكالة "فارس" دوي انفجارات عنيفة في سماء تبريز، إلى جانب انفجار كبير قرب حقل نفطي في كرمانشاه.

الرئيس الإيراني علّق على التصعيد بالقول: "الدبلوماسية لا معنى لها مع الولايات المتحدة"، في حين توعّدت طهران بالرد في الوقت والمكان المناسبين، لكنها نفت وجود تلوث إشعاعي في المواقع المستهدفة حتى الآن.

نتنياهو: اقتربنا من تحقيق أهداف الحرب

من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "إسرائيل باتت قريبة من القضاء على القدرات النووية والصاروخية لإيران"، موجها الشكر للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب على ما وصفه بـ "العمل المشترك والمشرّف للجيش الأمريكي في ضرب منشأة فوردو". وأضاف: "لن ننهي عمليتنا مبكرًا ولن نواصلها أكثر مما هو مطلوب".

وفي رد على سؤال من شبكة "CNN" بشأن صفقة بين نتنياهو وترمب تقضي بإنهاء الحرب على غزة مقابل ضرب إيران، رفض نتنياهو الإجابة، مؤكدًا أن وقف الحرب في غزة مرتبط باستسلام حركة حماس.

ردود دولية وتحركات دبلوماسية

الأمم المتحدة حذّرت على لسان أمينها العام المساعد من أن "الشرق الأوسط لا يمكنه تحمّل نزاع إضافي يدفع المدنيون ثمنه". كما طالبت إيران بالسماح لمفتشي وكالة الطاقة الذرية بتقييم الأضرار.

في موسكو، وصل وزير الخارجية الإيراني لعقد مباحثات مع القيادة الروسية، بينما دانت الصين الهجوم الأمريكي على إيران، ووصفت الخارجية الروسية الضربات بأنها تجاهل متعمد لمبادرات إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط.

حراك سياسي وتحذيرات من اتساع دائرة التصعيد

في ظل هذه التطورات، كشفت مصادر إسرائيلية عن دراسة نتنياهو لمقترح صفقة أسرى جديدة قُدمت من وسيط دولي، في وقت حذرت فيه القناة 12 العبرية من تعرض إسرائيل لهجوم سيبراني إيراني اخترق حسابات صحفيين وشخصيات عامة.

بموازاة ذلك، حذّر مراقبون فلسطينيون من أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل انشغال الإقليم بالحرب على إيران لفرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى، بما في ذلك التلميح بإغلاقه وتقليل عدد الحراس.

القوات الغربية في حالة تأهب

التلغراف البريطانية أكدت أن القواعد البريطانية في الشرق الأوسط وضعت في حالة تأهب قصوى، كما طلبت واشنطن من موظفي سفارتها في لبنان وعائلاتهم مغادرة البلاد فورًا، في ظل مخاوف من توسع رقعة الصراع.

خلاصة المشهد

تبدو المنطقة اليوم على شفا تصعيد غير مسبوق، تتداخل فيه الحسابات النووية بالرهانات السياسية، وتختلط فيه خطوط الصراع بين إيران وإسرائيل بالتحركات الأمريكية والدولية، في مشهد يُعيد التوتر إلى الواجهة ويضع أمن الشرق الأوسط أمام اختبارات بالغة الخطورة.

 

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ايران اسرائيل الولايات المتحدة نتنياهو ترمب مضيق هرمز الهجوم الجوي منشأة فوردو منشأة نطنز البرنامج النووي الايراني حماس غزة الدفاعات الجوية الإيرانية الجيش الإسرائيلى القوات الأمريكية الصين روسيا مجلس الأمن الأمم المتحدة المسجد الأقصى الهجوم السيبراني الشرق الأوسط التصعيد العسكري الاتفاق النووي صفقة الأسرى صفقة ويتكوف القواعد البريطانية التلغراف فايننشال تايمز هآرتس يديعوت أحرونوت القناة 12 العبرية الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

عودة الجيش الأمريكي إلى حروب الشرق الأوسط

تمثل الضربات الأمريكية للمواقع النووية في إيران منعطفا استثنائيا بالنسبة لجيش كان يفترض أن يتجاوز عقدين من الحروب الطويلة في الشرق الأوسط، فجاءت هذه الضربات لتعيد الولايات المتحدة إلى حالة التأهب للحرب.

في جميع أنحاء المنطقة -التي يتمركز فيها أكثر من أربعين ألف جندي أمريكي في قواعد وسفن حربية- جاءت الضربات نذيرا بفترة تأهب قصوى؛ حيث استعد البنتاجون لرد شبه مؤكد من إيران.

كان الرئيس ترامب قد أعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن ضرب ثلاثة مواقع إيرانية من بينها منشأة فوردو الجبلية. ومن المعتقد أن القنابل المستعملة في الضربات تتضمن «قنابل خارقة للتحصينات» مصممة لتحطيم المخابئ العميقة في جوف الأرض، أو الأسلحة المدفونة بحرص في منشآت عالية الحماية.

وقد صرح مسؤول أمريكي مشترطا عدم الإفصاح عن هويته لتعلق تصريحاته بمعلومات مخابراتية سرية أنه تم إسقاط عدة قنابل خارقة للتحصينات زنة الواحدة منها ثلاثون ألف طن على فوردو، وأن تقديرات الأضرار المبدئية أشارت إلى أن المنشأة «باتت في ذمة الماضي».

ومن المرجح أن تثير هذه الضربات -سواء أنجحت أم لم تنجح- ردا ضاريا. فقد تعهدت طهران بضرب قواعد أمريكية في الشرق الأوسط. وأكدت وكالات المخابرات الأمريكية قبل وقوع الضربة أن إيران سوف تتخذ خطوات لتوسيع الحرب، وضرب قوات أمريكية في المنطقة.

وقال مسؤولون أمريكيون ـ مشترطين عدم الإفصاح عن هويتهم لتعلق تصريحاتهم بمعلومات مخابراتية ـ: إن ضربات المواقع الثلاثة اكتملت. وقال المسؤول: إنه ليس من المتوقع القيام بضربات تالية، وإن كان القادة مستعدين للرد على أي انتقام إيراني.

وقال مسؤول أمريكي: إن ستا من قاذفات بي تو أسقطت اثنتي عشرة قنبلة خارقة للتحصينات على فوردو، وإن غواصات تابعة للبحرية أطلقت ثلاثين من صواريخ كروز على نطنز وأصفهان. وقال المسؤول: إن طائرة من طراز بي تو أسقطت قنبلتين خارقتين للتحصينات على نطنز. وتمثل الضربات ذروة سنين من التخطيط من جانب القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن العمليات في المنطقة، وذلك على الرغم من أنه لم يتوقع غير القليلين تنفيذ هذه الخطط على هذا النحو المباغت، بعد أكثر من أسبوع على بدء إسرائيل هجماتها على إيران.

وقد جاء الرد الإيراني على الضربات الإسرائيلية متمثلا في وابل من صواريخها، وكذلك بعروض لاستئناف المفاوضات المتعلقة ببرنامجها النووي.

وقد أقامت إيران منشأة طرد مركزي في فوردو للحيلولة دون تعرضها للهجوم. وفي عام 1981 قامت إسرائيل باستعمال طائرات إف 15 وإف 16 في قصف منشأة نووية على مقربة من بغداد في سياق سعيها لإيقاف العراق عن حيازة أسلحة نووية. وقد أوقفت تلك الضربة عمليا برنامج التسلح العراقي. وكانت تلك المنشأة مقامة على سطح الأرض.

في ضرباتها لإيران؛ ضربت إسرائيل المواقع النووية المقامة على سطح الأرض، لكنها لم تضرب فوردو. فالولايات المتحدة هي وحدها التي تمتلك قنبلة GBU-57 الهائلة الخارقة، وهذا هو الاسم الرسمي للقنبلة اللازمة للوصول إلى الموقع. وقد رفضت إدارات أمريكية سابقة إعطاء تلك القنبلة لإسرائيل. فضلا عن أن القوات الجوية الإسرائيلية لا تمتلك الطائرات الحربية اللازمة لحملها.

تتكون هذه القنابل من عبوات حديدية سميكة، وتحتوي على كمية من المتفجرات أقل مما تحتويه القنابل المماثلة لها في الحجم والتي تستعمل لأغراض عامة. غير أن العبوة الثقيلة للقنبلة تتيح للذخيرة أن تبقى سالمة وهي تندفع عبر الأرض أو الصخر أو الخرسانة قبل أن تنفجر.

تمتلك إيران سبلا عديدة للرد، منها الأصول البحرية، وغيرها من القدرات التي قد تلزمها لإغلاق مضيق هرمز، وهذه خطوة قد تعوق أي سفن تابعة للبحرية الأمريكية في الخليج العربي؛ وفق ما قاله مسؤولون أمريكيون. وقد هدد مسؤولون إيرانيون بتلغيم المضيق في حال انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في هجومها على إيران.

ويربط مضيق هرمز ـ وهو ممر مائي يبلغ طوله تسعون ميلا ـ بين الخليج العربي والمحيط، ويمثل مسارا مهما للشحن؛ إذ يمر فيه ربع نفط العالم، و20% من الغاز الطبيعي المسال. ومن شأن تلغيم هذا المسار أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الوقود.

وفي الأيام القليلة الماضية بدأت كاسحات ألغام أمريكية، وسفن أخرى تابعة للبحرية في التفرق؛ تجنبا لأي هجوم.

كان ترامب في ولايته الأولى قد أذن بضربة بالمسيرات أدت إلى مقتل جنرال إيراني رفيع المستوى في بغداد. وردت إيران بوابل من الصواريخ أطلقته على القوات الأمريكية في العراق، ما أدى إلى تعرض نحو مائة وعشرة من الجنود لإصابات دماغية، فضلا عن إصابة غير مقصودة لطائرة ركاب أوكرانية ما أدى إلى مقتل جميع من كانوا على متنها بلغ عددهم مائة وستة وسبعين شخصا.

لن تحتاج إيران إلى الكثير من الاستعداد لمهاجمة قواعد الولايات المتحدة الجوية والبحرية في المنطقة. فالجيش الإيراني لديه قواعد صواريخ في نطاق يسهل منه ضرب دول مجاورة.

وواقع الأمر أن إيران ـ مثلما قال مسؤولون أمريكيون في الأيام السابقة ـ قد أعدت صواريخ ومعدات عسكرية أخرى؛ لضرب القواعد الأمريكية في المنطقة.

واستباقا لهذه الضربة قامت القوات الأمريكية خلال الأيام الأخيرة بتحصين الدفاعات الجوية. ففي يوم السبت صرح مسؤولون أمريكيون أن طائرات مقاتلة إضافية من طراز إف 22 وإف 16 وإف 35 تابعة للقوات الجوية الأمريكية قد خرجت من الولايات المتحدة، وتجاوزت قواعد في أوروبا، وتمركزت في الشرق الأوسط، وسوف يتبعها المزيد.

وقد بعثت الولايات المتحدة فعليا قرابة ثلاثين طائرة تزويد بالوقود إلى أوروبا يمكن استعمالها في مساعدة مقاتلات حماية القواعد الأمريكية.

فضلا عن ذلك تبحر في بحر العرب الآن حاملة الطائرات الأمريكية كارل فينسون وعلى متنها ستون طائرة منها مقاتلات من طراز إف 35. وألغت حاملة طائرات أخرى هي نيميتز رحلة إلى ميناء في فيتنام في الأيام القليلة الماضية لتسارع إلى المنطقة، ومن المتوقع وصولها خلال الأيام القادمة؛ حسبما قال مسؤولون أمريكيون.

هيلين كوبر مراسلة في البنتاجون

إريك شميت مراسل الأمن الوطني

جوليان إي بارنز يكتب في شؤون وكالات المخابرات الأمريكية والأمن الدولي

مقالات مشابهة

  • عودة الجيش الأمريكي إلى حروب الشرق الأوسط
  • وزير الخارجية الأمريكي: رد إيران على ضربات واشنطن سيكون “أسوأ خطأ”
  • إيران تلوّح بإغلاق مضيق هرمز.. والعالم على حافة أزمة نفط عالمية
  • البرلمان الإيرانى يوافق على إغلاق مضيق هرمز
  • مجلس الشورى الإيراني يوصي بإغلاق مضيق هرمز
  • البرلمان الإيراني يوافق على غلق مضيق هرمز
  • بعد ضربات أمريكا على إيران.. ماكرون يجمع مجلس الدفاع الفرنسي
  • وزير الخارجية الإيراني يلوّح بإغلاق مضيق هرمز: "لدينا خيارات عديدة "
  • تصعيد إقليمي| إيران ترد على ضربات إسرائيل.. باكستان تغلق حدودها.. وكوريا الشمالية تدخل على الخط