بادرت أمريكا بالهجوم على إيران، رغم الوعود المعلنة أمام الجميع من قبل الرئيس ترامب، الذي سبق وأن أكد على إمهال طهران فترة أسبوعين قبل أن يتخذ قرارا بشأن استهداف المشروع النووي الإيراني من عدمه، تاركا المجال للدبلوماسية لتلعب دورها. هذا يعني أن الكذب والخداع هما الوجه الآخر للسياسة الخارجية الأمريكية.
فضرب إيران في عدوان ثنائي أمريكي إسرائيلي، وبأخطر طائرة صنعت في التاريخ العسكري وسميت بـ"يوم القيامة"، وبقطع النظر عن حجم الخسائر، فإن ذلك من شأنه أن يخلق وضعا إقليميا شديد الخطورة، حتى لو صحت الروايات التي تحدثت عن أن ما حصل تم بطريقة لم تؤد إلى القضاء على المشروع النووي الإيراني، ولم تهدف إلى تغيير النظام السياسي، وهو ما يُفهم من تصريح ضابط المخابرات العسكرية الأمريكية السابق سكوت ريتر الذي أكد على أن ما قام به ترامب هو "عمل استعراضي وتظاهرة مسرحية لحفظ ماء الوجه، ولم يحقق أي شيء يذكر". وينسجم هذا التصريح مع ما جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عندما ذكر أن "الاعتداء الأمريكي لم يتسبب في أضرار كبيرة". ومع ذلك لن تقف القصة عند هذا الحد، وهو ما دفع شبكة "سي إن إن" الى التأكيد على "قدرة إيران على رؤية المدى الأبعد وصبرها الاستراتيجي سيصبان في مصلحتها ويمنحانها القوة".
ستكشف الأيام القادمة ما الذي حصل تحديدا، لكن الأكيد أن الرغبة في الانتقام تجتاح المجتمع الإيراني من أقصاه إلى أقصاه. وفي هذا المنعطف الخطير يطرح السؤال التالي: هل نقف مع إيران أم نقف ضدها أم نختار الحياد؟
قد يبدو السؤال "عبثيا" لأن المشهد شديد الوضوح ما دامت الحرب الدائرة بين الدولة الصهيونية بتراثها الإجرامي وبين دولة إسلامية تتعرض لعدوان فاحش. لكن رغم هذا الوضوح الشديد، يدور جدل غريب على صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها، يفرض التوقف عنده لفهم الخلفيات والأطراف المتنازعة حول هذه القضية.
لجأ البعض من جديد إلى التراث الفقهي القديم في محاولة منهم البحث عن موقف سياسي من الحرب الدائرة، واعتبروا أن القياس قائم بين اليهود مقابل "الرافضة" في إشارة إلى الشيعة. وعادوا من خلال ذلك إلى فتوى ابن تيمية حول هذه المسألة، الذي اعتبر فيها أن الانحياز الى الشيعة غير الإسماعيلية رغم "بدعهم" أكثر وجوبا من مساندة اليهود والكفار. لكن ذلك لم يمنع البعض من رفض التمييز بين إيران وإسرائيل بحجة أن "الروافض مشركون وكفار". وإلى جانب هؤلاء هناك رفع شعار "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين" اعتقادا منهم بأن هذه العقلية قد تبرئهم من المسؤولية.
في سياق موازٍ، وقف عموم السوريين، خاصة الموالين للسلطة الجديدة، موقفا اختلط فيه السياسي بالديني. لم يروا في مساندة إيران أولوية عاجلة وقضية تستحق التضحية بالوضع السوري، كما أكدوا على القول بأنهم لا يستطيعون نسيان ما فعله الإيرانيون بهم خلال صراعهم المرير ضد نظام بشار الأسد. لكنهم في المقابل، لم يدافعوا عن إسرائيل، وتجنبوا الخوض في هذه المسألة، خاصة وأنهم حريصون على كسب ثقة الإدارة الأمريكية وبقية الحكومات الغربية. لقد غلبوا مصلحتهم، وتجنبوا التصعيد ضد تل أبيب في ظل الوضع الراهن.
بقطع النظر عن مختلف المواقف ذات الطابع التبريري وبعضها ذو منحى تكفيري صريح، يعتبر الوقوف إلى جانب إيران في هذه اللحظة التاريخية واجبا وطنيا ودينيا وحقوقيا وإنسانيا، ومن غير المقبول في هذا السياق التردد أو المراوغة والمناورة. البلد يريد الدفاع عن حقه في التمتع بالطاقة النووية لأغراض سلمية، وقد انخرط دوليا في هذا المسار، خلافا للكيان الصهيوني الذي يخفي امتلاكه للسلاح النووي. كما أن إيران دفعت ثمن وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية، وتجرأت على قصف إسرائيل بشكل غير مسبوق منذ تأسيسها، وهو ما أقر به كل المراقبين والأحرار في العالم.
إنها لحظة تاريخية لا تتكرر، وسيكون لهذا الحدث شأن في صناعة المستقبل سواء داخل إسرائيل أولا، وفلسطينيا ثانيا، ومنطقة الشرق الأوسط ثالثا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه إيران إسرائيلي الحرب إيران إسرائيل حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات رياضة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الإيراني: طهران تعتزم الرد على الهجمات الأمريكية
22 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الأحد، أن بلاده تعتزم الرد على الهجمات الأمريكية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وقال بزشكيان خلال محادثة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، بحسب بيان للرئاسة الإيرانية: “إيران لم تبدأ الحرب لقد تعرضنا لعدوان عسكري ودافعنا عن أنفسنا بثبات.. ومن الطبيعي الرد على العدوان بشكل متناسب.. لقد هاجمتنا الولايات المتحدة، ماذا ستفعل لو كنت في مثل هذا الوضع؟ وبطبيعة الحال يجيب أن يتلقوا ردًا على عدوانهم”.
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن “الهجوم الأمريكي يظهر أن واشنطن هي المحرك الرئيسي وراء الضربات الإسرائيلية”.
وأضاف بزشكيان، أن “أمريكا انضمت إلى الساحة بعد أن شهدت عجز إسرائيل”، مؤكدا أن “هذا العمل يثبت بوضوح أن الولايات المتحدة هي المحرك الرئيسي للأعمال العدائية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وأوضح أنه “رغم محاولة الأمريكيين في البداية إخفاء دورهم، إلا أنهم وبعد الرد الحاسم والرادع من قبل القوات المسلحة الإيرانية، ومع مشاهدتهم لعجز الكيان الصهيوني، اضطروا للدخول المباشر إلى ساحة المواجهة”.
وشنت الولايات المتحدة هجومًا على ثلاثة مواقع نووية إيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان. ووفقًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن الهجوم كان يهدف إلى الحد من القدرات النووية للبلاد. وقال إن على طهران أن توافق على “إنهاء هذه الحرب” وإلا ستواجه عواقب وخيمة.
من جهتها، أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية، بأن المواقع النووية التي قصفتها الولايات المتحدة لا تحتوي على مواد يمكن أن تسبب إشعاعا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts