فِلسطين… بين “محرقة غزة” وأوهام “اليوم الموالي”
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
«إنهم هنا»؟ الجملة الوحيدة التي قالتها ريما حسن مبارك، لعالم لا يسمع، بعد أن تم الاستيلاء على سفينة مادلين السلمية. كلمة «إنهم هنا» كانت باردة ومرعبة، أي أصبحنا تحت رحمة القتلة الذين تخطوا كل العتبات، ودخلوا إلى السفينة ولا أحد يعلم ماذا سيحدث بعدها، كل وسائل الاتصال ستنقطع. المفارقة هي أنها بعد الصمت والظلمة، ظهر كوماندوس الاحتلال داخل السفينة وهم يكرمون ركاب مادلين بالخبز والماء.
من وراء هذه المشهدية المؤلمة، عصر جديد يرتسم بالدم، في الأفق المظلم. هل هي نهاية الأحادية والقطبية المقيتة التي لم تجر على البشرية إلا الويلات وعودة الحروب الاستعمارية، وتجلي الأطماع بشكل معلن وبدون رادع قانوني.
من يردع من؟ القوي يأكل الضعيف، وتقاسم العالم كما في العصر الكولونيالي البائد الذي صبغ حقبة القرن التاسع عشر بختم من نار؟ أم هو عصر بداية التجمعات الكبرى أو إمبراطوريات الجديدة التي تدافع عن مصالحها باستماتة لتفادي الانهيار الكلي الذي يصاحب الحضارات، وأصبح اليوم حتمية. ولا تهم المصائر البشرية مطلقاً؛ فطاحونة الموت جوعانة، فقد ظلت مقموعة طوال التوازنات الدولية التي مرت، وغطتها الحرب الباردة.
لا رادع اليوم، فمن يملك القوة يصدِر قوانين الحق ويرسم حدود تطبيقاته؛ لأن المعايير القديمة لم تعد نافعه. ما تراه حقاً قد لا يكون كذلك في منظور القوي الذي يحتاج إلى سلب أراضيك وطردك وتحويلك إلى العبودية واتهامك بممارسة الإرهاب. القوانين التي تحفظ الإنسان دولياً موجودة مثل حقوق الإنسان وحق الدول في الدفاع عن نفسها، حماية الطفولة العدالة الدولية وغيرها، لكن لم يعد لها أي معنى؛ مجرد كلمات مرصوصة في كتب أصبحت اليوم قديمة ولم تعد تشكل مرجعاً للقوي. الإبادة في غزة فاصل بين الحق الأدنى للبشر في أن يكونوا بشراً أو على العكس، حيوانات بدائية لا يعنيها شيء مما يحيط بها سوى مصالحها واستعباد البشر. الدول الغربية التي كانت لا تتوقف عن إعطاء الدروس في حقوق الإنسان والعدالة، وتطالب بالإسراع في تسريح المساجين، بالخصوص إذا كان الأمر يتعلق بالدول العاقة، أي تلك التي لا تسير في ركب القوى المهيمنة أو في ظل النظام الدولي الجديد؟ لم تعد أقنعة الخطابات كافية لستر عورة غرب رأسمالي رسمي همجي. الموت بالعشرات والمئات دون أن يحرك الذي كان يعطي الدروس، أصبعه الصغير وكأن المحرقة عادية، كما لو أن التاريخ مجرد سلسلة من الجرائم المغلفة بخطابات تجعلها مستساغة وليست عملاً وإجهاداً فعلياً حتى لا تتكرر الجرائم والمحارق؟
حتى إنجاز هذه المقالة، ما تزال الإبادة المنظمة ضد الشعب الفلسطيني في غزة تجري على مرأى العالم والقنوات الدولية، دون أن يصاب الضمير العام بوخز ولو صغير. عندما هُزمت النازية، ووُضِعَ حد لجرائمها، حوكم قادتها وعساكرها بلا رحمة، وتمت المعاقبة بالشنق والرصاص، ولم يفلت أي متورط من الإعدام. حتى الذين فلتوا من الرقابة بالهروب تابعهم عناصر «الموساد» و«الشاباك» وقاتلهم أو اختطفوهم أو حاكموهم.
لنا أن نتساءل اليوم في ظل هذه الإبادة والجريمة ضد الإنسانية، التي لا تقل عما حدث في الحرب العالمية الثانية، هل سيحاكم رواد المقتلة في إسرائيل من نتنياهو ومكتبه المصغر والذين أعطوا أوامر إبادة الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الذين يختفون وراء اللوحة الدموية؟ لكن يبدو أن أرواح البشر في عالمنا اليوم لا تتساوى، والقوانين لا تطبق إلا على المستضعف، ويحق للإيتابلشمنت الصهيوني ما لا يحق لغيره.
عن القدس العربي
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عرض عالمي أول للفيلم الفلسطيني “أعلم أنك تسمعني” بمهرجان القاهرة للفيلم القصير
تعلن إدارة مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير عن العرض العالمي الأول للفيلم الفلسطيني الجديد “أعلم أنك تسمعني”، من إخراج المخرج يوسف صالحي، وبطولة الفنانين كامل الباشا وأمل مرقص.
يأتي فيلم ”أعلم أنك تسمعني” ضمن المسابقة الدولية الرسمية للمهرجان في دورته السابعة، والتي ستقام في الفترة من 16 إلى 21 ديسمبر 2025، بدار الأوبرا المصرية.
ويعد هذا العرض العالمي الأول للفيلم محطة مهمة في مسيرة صالحي السينمائية، الذي استطاع أن يقدم من خلال عمله رؤية فنية متكاملة تعكس واقع المجتمع الفلسطيني، وتسلط الضوء على تجارب إنسانية غنية بالأبعاد النفسية والاجتماعية.
ويتميز فيلم ”أعلم أنك تسمعني” بقدرته على المزج بين سرد قصصي مشوق وأداء تمثيلي رفيع المستوى، ما يجعله منافس بارز في المسابقة الدولية للمهرجان.
ويتوقع أن يشكل العرض العالمي الأول لفيلم “أعلم أنك تسمعني” حدثا سينمائي بارز، يعكس القوة التعبيرية للفيلم الفلسطيني ويؤكد مكانة القاهرة كمركز ثقافي سينمائي عربي ودولي.
من جهته، أعرب المخرج يوسف صالحي عن سعادته بالمشاركة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير، مؤكدا أن اختيار الفيلم ضمن المسابقة الرسمية يمثل فرصة لعرض السينما الفلسطينية للعالم، والتواصل مع جمهور دولي واسع، من خلال منصة مرموقة تجمع المبدعين السينمائيين من مختلف الدول.
و يشهد مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير هذا العام منافسة قوية بين مجموعة من الأفلام التي تجمع بين الرؤى الفنية الجديدة والموضوعات الإنسانية العميقة، وسط حضور جماهيري ومتابعة إعلامية واسعة.