صحيفة الاتحاد:
2025-06-30@03:42:37 GMT

د. نزار قبيلات يكتب: اللّسان والأخلاق

تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT

يقول البلاغيون، إن اللسان هوية وليس مجرد أداة تعبير خاصة، فحده حدّ السيف، به تتفوق وتتميز عن الآخرين، وإن حاد عن خصاله المعروفة وضعَ صاحبَه في خانة الكراهية، وأبعده عن قبول الناس، فمن وظائفه التي أوردها الحصري في كتابه «زَهر الآداب وثمر الألباب» أن اللسان أداة للبيان والكشف، وهو شاهدٌ على صاحبه لأنه يخبر عن الضمير، وهو الحَكم في فصل الجدل بينك وبين الآخرين، وبه تقنع الآخرين، وتعظهم وتنهاهم عن القبيح والفظيع، وهو الجواب حين السؤال، والشفيع لكي تدرك مرادك، ومن دونه لا يمكن أن تصف شيئاً، ولا تشكر من أحسن أليك، وهو العزاء ساعة الحزن، وهو الحمد لدرء الضغينة، وبه تلهي السامعين وتسحرهم بسرد الأخبار والأحداث، فاللسان أسرع من لحظة العين إن لم يؤخذ بالعناية والاحتراز، وهو القادر على أن يريح القلب من المشاعر والأفكار التي تأسره، فهو قبل اليد والورق والأقلام عند الكتابة، فالحرص كل الحرص قبل أن تطلق لسانك، فهو من سيرفع شأنك ويبدي أمرك.


فاللسان لكي يكون ذرباً، يلزم أن يستند إلى معرفة واطلاع وثقافة عمادها القراءة والمطالعة قبل كل شيء، فلكي تدرّعه وتحصّنه، يلزم أن يمتلك صاحبُه شغفَ التوسع في شتى المعارف، فاللسان محاط بثنائية التمهل والإسراع في الكلام، وبينهما تربصٌ وعقل وازن، والشاهد هنا أن الحصول على ثقة الناس ومحبتهم تكمن فيما تقوله لهم ومتى وكيف، فليس كل كلام جميل وعذب يجذب الآخرين، ما لم يُغلّف بالحجة والمقام المناسبين، فالناس يسمعون للإنسان المتهذّب والمتخلّق في أي وقت، بعيداً عن وفرة لغته وخصب خياله ومتى يقول، فليس من طبع صاحب اللسان المتخلّق الإسراف في القول، فالناس تألف ما يفهم من القول، وتركن للقائل الذي ينوب عنهم بالحديث المفحم والشافي.
فقد سئل بشار بن برد عن سبب تفوقه، فقال: «بحسن معاني الشعر، وتهذيب ألفاظه، ذلك لأنني لم أقبل كل ما تورده عليّ قريحتي، ويناجيني به طبعي، ويبعثه فكري، فقد نظرت إلى مغارس الفطن، ومعادن الحقائق، ولطائف التشبيهات، فسرت إليها بفهم جيد، وغريزة قوية، فأحكمت سبرها، وانتقيت حُرها، وكشفت عن حقائقها، واحترزت من متكلفها»، ويضيف بأن الإعجاب لم يأخذه بما أتى به، لأنه ظل حريصاً على أن يجوّد ما يكتبه للناس، همّه إعجابهم هم واستحسانهم لما ينشره، فهذا دليل على أن الكلام لا يمكن أن يرفع صاحبه، ما لم يكن موجها للآخرين، يبرز تخلي صاحبه عن ذاته المنتفخة، ويريحهم بفضائل الأخلاق والخصال الكريمة، ولا يتم ذلك إلا بالخلق الوعر وليس سواه مهما امتلك صاحبه من فصاحة وبلاغة.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: هويتنا الرقمية د. نزار قبيلات يكتب: الأدب والجري

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: نزار قبيلات

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: مطلوب "ماستر بلان" للوطن !!



من يقرأ هذا العنوان –ويعرفنى –يربط ذلك بالهندسة أو بالتخطيط العمرانى ! وفى الحقيقة أنا لا أقصد ذلك بالضبط –وإن كان يعتبر هذا الإعتقاد –جزء من كل –أرجوه لبلدنا –فى مجال تقسيم الوطن إلى أقاليم إقتصادية متكاملة –وملامح وطن جميل منسق تنسيقًا جيدًا –وليس بمعنى (التنسيق الحضارى إياه) –ولكن تنسيق بين ما هو على سطح أرض الوطن من بشر ووسائل إنتاج ونقل وخدمات –وبين ما فى باطن الأرض من ثروات تعدينية وبترولية –وبين ما يحيط بالوطن من بحار (أبيض وأحمر ) وبين شريان الحياة الذى يشق قلب الوطن وهو النيل العظيم –كل هذه العناصر –مع تصور لإدارة الحياة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية –كل هذه العناصر هى –الهيكل العظمى واللحم والدم –الذى يتشكل به جسم الوطن "مصر" –لكن الشيىء الذى يأتى ليستكمل إتساق هذه المنظومة –هى المخ –الرأس –التى تقوم بدور رئيسى فى عملية تنسيق العناصر وترابطها –وتركيبها –وتشغيلها –وعلاقة كل عنصر بأخر – بقوة إليه  تعطيه "باور" أو قوة دفع للتقدم والعمل بإنتظام –دون توقف –ودون جلطات –فى أحد الشرايين –ونظام محكم بدستور عصرى –وقوانين واضحة تربط وتقيد المجتمع كله –دون تخبط –ودون إزدواجية –وإلغاء الحالات المزاجية من التعامل فى شئون الوطن ! 
دولة تعمل على إسترداد روحها بإلتزام وثيق بالقانون –دولة تتميز بعناصر أخلاقية حميدة –مستمدة من تراثها وعقائدها الدينية الإسلام والمسيحية -دولة لها تقاليد متوارثة –يجب أن تعتمد على العرف الجارى بين أهلها –وتقننه –فالقانون المحترم –هو تقنين لأعراف الوطن –ووضعه فى صيغ تسمح بالتعامل من خلاله برضاء كامل.
إن المخطط العام للوطن –يحتاج حكومة أقل عددًا فى تعداد وزرائها –وحاملى حقائب المسئولية الوطنية.
مطلوب ترشيد هيئات ومؤسسات الدولة –وإلغاء من لا فائدة له –فورًا –دون خوف –ودون عمل حسابات لأثار جانبية –فالقرارات الناجعة - تتمتع بعنصر الوقت –وسرعة اتخاذ القرار!! 
مطلوب فى ماستر بلان الوطن –طرق سريعة (طبقًا للمواصفات العالمية) –منفذة دون فساد –مطلوب تفريغ المدن –من هوجة المركبات –وعدم تناسق (هارمونية) أنواعها فوق الأسفلت –فنحن نرى عربة كارو قوة 3 حمار –بجانب أحدث سيارات العالم –بجانب سيارة نقل بمقطورة –ونصف نقل تحمل أكثر مما هو مسموح به.
مطلوب إخراج (الترافيك) خارج المدن –مطلوب تطبيق قانون مرور صارم –وزرع إشارات مرور محترمة –وتخطيط الشوارع –يمين ويسار –وقادم وذاهب –وعودة كراسة الإشارات بمراكز المرور –لكى لا يسمح لأى مواطن بقيادة سيارة دون امتحان صارم فى القواعد والأدب (طبعًا فى المرور).
مطلوب إستزراع كل (خرابة فى البلد ) –مطلوب القبض على كل (حارق لصندوق قمامة فى الشارع).
مطلوب تطبيق حرفى للقانون دون إستثناء أو مجاملات.
كل هذا لا يتأتى فى ظل نظام إدارى –قائم أو فى ظل تقسيم الوطن إلى محافظات عفى على تقسيمها الزمن والتاريخ والجغرافياوالجيولوجيا –والإيكولوجى !! 
إنتهى عمر هذا التقسيم الإفتراضى –وفقد شرعيته -وفرضيته -مطلوب وطن جديد –وذلك ممكن تنفيذه وبسهولة شديدة –فقط نحتاج لإدارة سياسية وإدارية –للقيام به –ويمكن وضع هذا التصور بأيادى وعقول مصرية –كما أنه ليس عيبًا أبدًا أن نستورد عقول أجنبية لوضع هذه الإستراتيجية بالمشاركة –فنحن نستورد أجانب لكرة القدم وفى (أتفه) الأسباب –وأعضاء البنك الدولى موجودين فى أسيوط –وفى الواحات –مش عيب !!
إن وضع إستراتيجية – وماستر بلان للدولة –كيف نرى مصر سنة 2030 –مهم جدًا –المهم وجود خطة واضحة - لها تكلفة ولها زمن محدد –ولها جدول زمنى تحت الإشراف على تنفيذه.
من جهاز أو وزارة –أسوة بوزارة السد العالى -وزارة لمشروع قومى للدولة –تحت عنوان مصر غدًا –وليس مصر اليوم !! –وليس مصر الأن !!
نحن أحوج ما نكون إلى حلم كبير –نعيش من اجل تحقيقه لأولادنا –وأحفادنا !!

أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
    [email protected] Hammad

مقالات مشابهة

  • كلب جمارك في واشنطن يكشف المحشي المصري ويورط صاحبه
  • د.حماد عبدالله يكتب: مطلوب "ماستر بلان" للوطن !!
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: ثمرات 30 يونيو 2013
  • الجواز بيد العامل.. وبراءة الذمة من صاحب العمل
  • لماذا لا يشمل غلاء المعيش المتقاعدين المدنين على قانون التقاعد المدني اسوة بالمتقاعدين الآخرين ؟  
  • كيف توقف الشخير؟
  • د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة - بالإنتاج !!
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث للغد 2)
  • عبد السلام فاروق يكتب: عصر الفتن