مع اشتداد السباق على رئاسة بلدية نيويورك، يواجه المرشح الديمقراطي زهران ممداني، وهو شاب أمريكي مسلم يتصدر استطلاعات الرأي، هجومًا سياسيًا حادًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يتوانَ عن التهديد بقطع التمويل الفيدرالي عن المدينة في حال لم يتصرف ممداني "بشكل لائق"، على حد تعبيره. اعلان

ورغم حدّة الانتقادات، يواصل ممداني التأكيد على مواقفه السياسية والاجتماعية، نافيًا وصفه بـ"الشيوعي"، ومشددًا على التزامه ببرنامجه الهادف إلى تحقيق عدالة ضريبية ومجتمعية في مدينة تعاني من تفاوتات صارخة.

في مقابلة على شبكة "إن بي سي"، شدد ممداني على أنه يسعى إلى إصلاح بنيوي يخفف من الأعباء الضريبية على سكان الأحياء الطرفية، مقابل تحميل أصحاب العقارات الفاخرة في المناطق الغنية جزءًا أكبر من العبء الضريبي. وقال: "لا أعتقد أنه يجب أن يكون لدينا مليارديرات".

استلهم ممداني أفكاره من الناشط الحقوقي مارتن لوثر كينغ جونيور، مستشهدًا بقوله: "سمّها ديمقراطية أو سمّها اشتراكية ديمقراطية، يجب أن يكون هناك توزيع أفضل للثروة لجميع أبناء الله في هذا البلد".

المرشح الديمقراطي لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني خلال مسيرة الفخر في نيويورك، الأحد 29 يونيو 2025.Olga Fedorova/AP

ودعا ممداني حزبه إلى تجاوز الاكتفاء بمعارضة ترامب، قائلاً: "الديمقراطيون بحاجة إلى أن يكونوا حزبًا ليس فقط ضد دونالد ترامب، ولكن أيضًا من أجل شيء ما". وأوضح أن حملته تنطلق من التزام واضح "من أجل العمال، ومن أجل إعادة الكرامة إلى حياة هؤلاء الناس".

ترامب يُهاجم ممداني

كان ترامب قد علق على فوز ممداني بترشيح الحزب الديمقراطي في مدينة غالبية سكانها من الديمقراطيين بالقول: "إنه أمر صادم... اعتدتُ أن أقول إنه لن يكون لدينا اشتراكي في هذا البلد". وفي مقابلة مع فوكس نيوز، ورأى الرئيس أن فوز ممداني "يفوق التصور"، واصفًا إياه بـ"الشيوعي الخالص".

وأطلق ترامب تهديدًا مباشرًا بالقول: "إذا فاز، سأكون رئيسًا، وعليه أن يفعل الشيء الصحيح، وإلا فلن يحصلوا على أي أموال".

Related"ما قمنا به في إيران كان رائعًا".. ترامب: إذا نجحت سوريا في التحلي بالسلام فسأرفع العقوبات عنهامن بوابة الضرائب والهجرة والطاقة... هل يمهّد ترامب لحقبة أمريكية جديدة؟"طريقي لرئاسة أمريكا سهل".. نجل ترامب يلمّح إلى إمكانية ترشحه للانتخابات المقبلة

وبحسب المراقب المالي للمدينة، فإن نيويورك تتلقى أكثر من 100 مليار دولار سنويًا من الحكومة الفيدرالية عبر برامج وكيانات متعددة.

وقد هاجم ترامب مواقف ممداني المناهضة لحملات الإدارة ضد الهجرة، وسخر من تصريحاته بشأن احتمال اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا دخل نيويورك، قائلًا إن ممداني "لن ينجح أبدًا" في تحقيق أي من هذين الأمرين، وواصفًا إياه بـ"اليساري المتطرف المجنون".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل ضحايا إيران غزة سوريا دونالد ترامب إسرائيل ضحايا إيران غزة سوريا تمويل ضرائب الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب نيويورك انتخابات دونالد ترامب إسرائيل ضحايا إيران غزة سوريا الذكاء الاصطناعي الصين حروب النزاع الإيراني الإسرائيلي هجمات عسكرية كرة القدم

إقرأ أيضاً:

كاتبة في الغارديان: لهذا فاز زهران ممداني.. ورد خصومه كان شرسا

قالت المعلقة نسرين مالك في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" إن فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ترشيحات عمدة مدنية نيويورك، كشف عن بشاعة الإسلاموفوبيا لدى الآخرين، معتبرة أنه فاز لأنه استطاع أن يظهر نفسه.

وأضافت مالك أن "الرد الشرير على فوز ممداني يخبرنا بشيء واحد، وهو أن المؤسسة لن تتسامح مع الناخبين من التيار السائد، الذين يجدون قضية مشتركة مع المسلمين"، مشيرة إلى أن فوزه بالانتخابات التمهيدية كان بمثابة قصة مدينيتن وأمريكيتين مختلفتين.

في الأولى، واجه شاب ذو توجه سياسي تقدمي متفائل آلهة المؤسسة المتهالكة، بتمويلها الهائل وشبكاتها وتأييدها من أبناء الحزب الديمقراطي، وفاز. وفي الثانية، في نوبة مروعة من العنصرية وكراهية الإسلام، استولى مسلم معاد للسامية على أهم مدينة في الولايات المتحدة، بهدف فرض نظام اشتراكي/إسلامي.

وبعد فوز ممداني، انتشرت كراهية الإسلام مثل النفايات السائلة والكريهة والمشوهة، وبدون أي رادع أو تحد. وفي الحقيقة يتطلب الكثير هذه الأيام لإثارة الصدمة في أمريكا، لكن ممداني نجح في إثارة، أو الكشف عن درجة فاحشة من التحيز السائد.

هلوسة جماعية
فقد تجمع الساسة والشخصيات العامة وأفراد إدارة دونالد ترامب وحفر "الوسخ" على مواقع التواصل الاجتماعي لإنتاج ما يمكن وصفه بهلوسة جماعية تم تصنيعها ذاتيا، صورة لبرقع مغطى بتمثال الحرية ونائب رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر، يقول بأن فوز ممداني هو ما يحدث عندما تفشل دولة ما في ضبط الهجرة. وقرر عضو الكونغرس الجمهوري آندي أوغلز وصف ممداني بـ"محمد الصغير" وطالب بسحب جنسيته وترحيله. ووصف بأنه "متعاطف مع حماس الإرهابية" و"إرهابي جهادي".

وعليه، يبدو وصف ترامب ممداني بـ"الشيوعي المجنون" متحفظا بالمقارنة مع هذه الهلوسات. وتقول مالك إن بعض ردود الفعل هستيرية، بدرجة أنها لا تستطيع التفريق بين ما هو حقيقي أو محاكاة.



ففكرة أن ممداني، الذي يتميز أسلوبه، قبل كل شيء، بالجدية والابتسامة العريضة، كان عميلا إسلاميا خفيا، هي ببساطة نكتة. لكنها في الواقع ليست مزحة.

ولكن اللامبالاة تجاه الهجمات على ممداني تنبع من كونه خارجا أو دخيلا ولأسباب أكثر أهمية، ليس فقط من حيث خلفيته الدينية، فجريمته ليست جرأته على أن يكون مسلما وسياسيا، فربما "نجح" لو كان عضوا تقليديا في الحزب الديمقراطي، أو عبر عن أراء راسخة في الاقتصاد والسياسة تميزه كشخص تحدى للمعتقدات السائدة عن الرأسمالية وإسرائيل.

وبحسب الكاتبة، لأن ممداني لديه مواقف يسارية تتعلق بالضريبة وتحديد الإيجارات ورفضه لذبح الفلسطينيين باستخدام المال الأمريكي، فقد كانت هناك ردة فعل قوية ومتوقعة ضده. لكنه بذل جهدا كبيرا لمواجهتها. فقد قدم تفسيرات شاملة لكرهه معاداة السامية وتعهده بمكافحة جميع جرائم الكراهية وحقيقة أن أجندته الاقتصادية تقوم على جعل المدينة، من طعامها إلى رعاية أطفالها، أقل كلفة ومتاحا.

لكن جريمته هي رفضه التخلي عن مبادئه وعدم اتباعه للخط الداعم لإسرائيل وتجنب تقديم تصريحات محرجة، مثل تلك التي أطلقها من ترشحوا ضده وأن إسرائيل ستكون أول رحلة خارجية لهم لو فازوا.  ولم ينزل نفسه عندما طلب منه تقديم إدانات متتالية لعبارات وضعت بشكل تعسفي كاختبارات حاسمة لمدى قبول المسلم في المجال العام.

عولمة الانتفاضة
فقد استخدم رفض ممداني عبارة "عولمة الانتفاضة" والذي يعبر عن الرغبة الملحة للمساواة والحقوق المتساوية والوقوف مع حقوق الفلسطينيين الإنسانية، على أنه نوع من دعمه لجهاد عنف، وهي قراءة تتجاهل دعمه لحق إسرائيل في الوجود وشجبه للعنف ضد اليهود.

ولا يمكن لممداني أن يصبح مسلما مقبولا وهو متمسك بهذه الآراء، مع أنها عالمية بما يكفي ليحظى بدعم قوي من سكان نيويورك، بمن فيهم اليهود الذين صوتوا له، والمرشح اليهودي براد لاندر الذي أيده. ولا يمكنه أن يكون علمانيا بما يكفي أو أمريكيا بما يكفي أو نخبويا بما يكفي، كابن مخرجة سينمائية وأستاذ جامعي، ليمارس سياسة لا يمكن اختزالها في هويته المريبة بطبيعتها.

حتى في سلوكه، تحدث عن اضطراره الدائم إلى ضبط نبرته، خشية أن يشوه سمعته ويوصف بأنه "وحش". وفي هذا، يجسد واقعا أوسع وأكثر إثارة للغضب، واقع يدان فيه المسلمون والمؤيدون للفلسطينيين باعتبارهم تهديدا، بينما يواجهون هجوما كبيرا على حقوقهم وسلامتهم في جميع أنحاء العالم، لمجرد معارضتهم لجريمة لا جدال فيها ترتكب في غزة. من إجراءات الاعتقال والترحيل ضد ناشطين مثل محمود خليل في الولايات المتحدة، إلى التشهير وإضفاء طابع أمني على الخطاب والنشاط المؤيد للفلسطينيين في بريطانيا وأوروبا، في وضع يتم فيه إطلاق النار على المرسال، ثم تصويره على أنه المعتدي.



وتقول مالك إن "كل التشويه والاستقراءات الصارخة لن تغير الوقائع على الأرض، وهي أن إسرائيل تحتل الضفة الغربية وتجوع وتقتل الفلسطينيين في غزة، وتتهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، كل ذلك برعاية الولايات المتحدة ودعم الأنظمة الغربية".

وبهذا المعنى، يمثل فوز ممداني تهديدا، لأنه يكشف كيف أن جميع محاولات الحفاظ على وضع لا يطاق ولا يبرر، قد فقد تأثيرها على العدد المتزايد من الناس الذين يفهمون ويفكرون بأنفسهم. لم يصل ممداني إلى منصب عمدة المدينة بعد، ومن المرجح أن يواجه حملة متصاعدة تستخدم فيها هويته كوسيلة لتشويه معتقداته الاقتصادية والسياسية. وهنا يأتي رد الفعل على فوزه مقلقا، وربما محفزا مثل المؤشرات المتراكمة عن الإصابة بالحمى.

ومن هنا فما كشف فوزه الأخير هو كراهية مكشوفة وصريحة ضد المسلمين ودون قصد. وكشف عن قبح وضعف ليس فقط خصومه، بل المؤسسة السياسية الأوسع، بالإضافة إلى دوافعهم المعادية للديمقراطية. ومن خلال استخلاصه لهذه الحقائق، أظهر ممداني أن التحيز نادرا ما يكون موجها نحو الأفراد، بل نحو الخوف من أن تصبح آراء الأقلية المهمشة آراء الأغلبية الساحقة.

وفي هذا السباق على رئاسة البلدية، من فلسطين إلى الشرطة المحلية، لا تعتبر كراهية المسلمين مجرد ظاهرة منفرة تقتصر على ممداني، بل هي حاجز أمام رغبات الناخبين، وبمجرد أن يبدأ الناس في ربط هذه العلاقة، فقد انتهى الأمر، وفق ما ذكرته الكاتبة.

مقالات مشابهة

  • ماسك: نحن بحاجة إلى بديل للحزبين الديمقراطي والجمهوري حتى يكون للشعب صوت مسموع
  • بسبب ممداني.. الرئيس الأمريكي يُهدد بقطع التمويل الفيدرالي عن نيويورك
  • كاتبة في الغارديان: لهذا فاز زهران ممداني.. ورد خصومه كان شرسا
  • ترامب يهدد ممداني: عليك بالتصرف الصحيح وإلا...
  • ترامب يهدد ممداني: عليه بالتصرف الصحيح "وإلا..."
  • غزّة والشباب.. كيف انتصر زهران ممداني في معركته الأولى في نيويورك؟
  • الغارديان: زهران ممداني يُطلق زلزالا سياسيا في نيويورك
  • ترامب يلوّح بقطع الدعم عن إسرائيل بسبب محاكمة نتنياهو
  • محارب، ذكي وواقعي.. ماذا يعني اقتراب المسلم زهران ممداني من رئاسة بلدية نيويورك؟