اليمن يطالب "نادي باريس" بمساعدته لبناء قاعدة بيانات الديون
تاريخ النشر: 1st, July 2025 GMT
طالبت حكومة اليمن المعترف بها دولياً "نادي باريس" بدعم ومساعدة اليمن في توفير البيانات المطلوبة التي تمكنها من المضي نحو استكمال قاعدة البيانات للمديونية وإدخالها في نظام تحليل إدارة الديون (دمفاس).
ومثل مسؤولين حكوميين اليمن في الدورة الثانية عشر لمنتدى نادي باريس، التي نظمتها وزارة الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسية، في العاصمة الفرنسية باريس، تحت شعار (تحسين الوقاية من أزمات الديون وحلها).
وتركزت هذه الدورة من المنتدى وفق مسؤولين في وزارة المالية بعدن، حول الإطار الحالي لتسوية الديون وتحديات السيولة وتحفيز القطاع الخاص وتحسين ممارسات الإقراض والإقراض المستدام، وكذا جلسة فنية للتعرف على إحصاءات الديون الدولية.
في السياق، قال الخبير الاقتصادي والمالي أحمد شماخ، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحرب والصراع في اليمن تسببت بزيادة كبيرة في الديون سواءً على مستوى الدولة أو على مستوى المواطنين، وتراجع التنمية والنمو الاقتصادي، مشيراً إلى أنّ المشكلة الأهم في هذا الجانب تتمثل في توقف أكثر من 65% من الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية، لذا فالاقتصاد متدهور وغير منتج، مع فقدان الإيرادات العامة، الأمر الذي يصعّب من وضع وتحديد خارطة بيانات مالية وما يربط بها من إيرادات ومديونية.
وعقد الوفد الذي مثل اليمن في منتدى نادي باريس، لقاءات مع ممثلي الدول المشاركة في المنتدى، شملت لقاءً مع ممثل روسيا الاتحادية، جرى خلاله بحث معالجة المديونية القائمة على الجمهورية اليمنية، إذ تمثل مديونية دولة روسيا الاتحادية، ما نسبته 74% من إجمالي مديونية دول نادي باريس. وجاءت مطالبة اليمن لمنتدى نادي باريس، مع إقرار الحكومة اليمنية لمشروع استراتيجية الدين العام، بموجب مذكرة مقدمة من وزارة المالية، إذ جرى تكليف وزارتي المالية والتخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي اليمني والجهات ذات العلاقة باتخاذ الإجراءات اللازمة للعمل بما ورد في الاستراتيجية.
وتهدف الاستراتيجية أساساً إلى تلبية الاحتياجات التمويلية للحكومة من خلال تعبئة واستقطاب التمويلات الداخلية والخارجية ذات الآجال المتوسطة والطويلة، والوصول إلى القدرة على سداد أعباء الدين بصورة منتظمة، إضافة إلى المحافظة على درجة معقولة من المخاطر تتسم بالاتزان لمحفظة الدين، وخفض الدين المحلي إلى مستويات آمنة وتمويل عجز الموازنة من مصادر غير تضخمية. ويظهر تقرير "الديون الدولية" الصادر عن البنك الدولي في العام 2022، أن حجم الديون الخارجية لليمن بلغت حوالى 7.6 مليارات دولار، في عام 2021، ومثلت حوالى 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
في المقابل، ركز وفد اليمن في منتدى باريس على الوضع المالي للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً التي كما جرى التأكيد أنها تعاني بسبب إقدام الحوثيين على استهداف منشآت النفط، والذي كان له تأثير سلبي كبير على مستوى استدامة المالية العامة، مشدداً على ضرورة الضغط الدولي لضمان عدم تهديد المنشآت النفطية وعودة التصدير. وجدد دعوة اليمن إلى تقديم الدعم في هذه الظروف الصعبة الراهنة، عبر زيادة حجم الدعم والمساعدات الإغاثية، ومعالجة المديونية، وهو الأمر الذي سيتيح فرصة لتطوير آفاق التعاون بين اليمن ونادي باريس، ويسهم في خفض المديونية وتحقيق استدامة الدين.
بحسب شماخ، فإن الحرب والصراع في اليمن تركت كذلك أثار وتداعيات بالغة على الوضع الاقتصادي في البلاد؛ فالمسألة لا تتعلق بأزمة تضخم الديون، بل هناك تبعات لكل هذه الأزمات تتجسد في معيشة اليمنيين، وتدمير البنى التحتية وانهيار الخدمات، وانخفاض معدلات البطالة والفقر. وأضاف أن الاقتصاد اليمني أصبح يعتمد على المساعدات والهبات بعد توقف الصادرات النفطية وغير النفطية، إذ كانت الصادرات من النفط والغاز تشكل نحو 75% من حجم الموازنة العامة للدولة.
ويؤكد خبراء اقتصاد على أهمية التوظيف الأمثل للموارد المتاحة والمحدودة، وضبط العلاقة بين السلطات المحلية والحكومة بما ينعكس على الأوضاع المعيشية والاقتصادية. وتسعى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً لمواصلة مسار الإصلاحات المالية والإدارية، والإيفاء بالالتزامات الحتمية للدولة وفي المقدمة رواتب الموظفين وتحسين الخدمات، إضافة إلى تعزيز الإيرادات وتنويعها وتوسيع أوعيتها وضمان وصولها إلى الحساب الحكومي العام، وضبط وترشيد النفقات بحيث تقتصر على الإنفاق الحتمي والضروري، وبما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
الجدير بالذكر، أنّ اليمن كان قد طالب صندوق النقد الدولي في العام 2023، بضرورة إلغاء متأخرات سداد الدين الخارجي، وهي اشتراطات يراها مسؤولون مصرفيون؛ منطقية في الظروف الطبيعية وستكون قابلة للتحقيق متى عمّ السّلام وتمكنت البلاد من استغلال مواردها المعطلة، إضافة إلى أنّ هذه الاشتراطات تتكرر في كل المبادرات وتنطبق على كل برامج الدعم وبرامج المساعدات الإقليمية والدولية الأخرى لأنها تحذو حذو الصندوق في مبادراته.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد نادي باريس قاعدة بيانات الديون نادی باریس الیمن فی
إقرأ أيضاً:
اليمن يستأنف مشاوراته مع صندوق النقد الدولي بعد 11 عاما من الانقطاع
أعلنت الحكومة اليمنية، الخميس، اختتام مشاورات "بنّاءة" مع صندوق النقد الدولي حول المادة الرابعة، وذلك بعد انقطاع دام أحد عشر عاما.
وأكدت الحكومة أن استئناف هذه المشاورات بعد أكثر من عقد من التوقف يُعد محطة مهمة في مسار استعادة اليمن لدوره وحضوره داخل المؤسسات المالية الدولية، ويعكس مستوى الجدية والالتزام الذي تبديه الحكومة في تطبيق الإصلاحات الهادفة إلى تصحيح الاختلالات، وتحسين كفاءة إدارة الموارد، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الإنفاق العام.
وفي ختام المشاورات، التي حضرها رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد المعبقي، أعرب بن بريك عن تقديره للجهود التي بذلتها بعثة الصندوق، وفريقي الحكومة والبنك المركزي، خلال الأيام الماضية لإنجاز مشاورات بنّاءة ومثمرة.
وأوضح أن النقاشات تركزت حول تقييم الأداءين الاقتصادي والمالي، واستعراض مسار الإصلاحات الجارية، وتحديد الاحتياجات المستقبلية لتعزيز الاستقرار والتعافي.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة اليمنية، رغم التحديات، ماضية في تنفيذ نهج الإصلاح الاقتصادي وتعزيز الانضباط المالي، مشيرًا إلى أن التوصيات والملاحظات التي خرجت بها المشاورات ستكون بمثابة خارطة طريق لتطوير السياسات المالية والنقدية وتعزيز الشفافية والمساءلة.
كما شدد على أن مخرجات المشاورات ستُترجم إلى برنامج عمل تنفيذي يأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي والإنساني الاستثنائي الذي يعيشه اليمن، وبما يتوافق مع القدرات والإمكانات المتاحة، وفي إطار خطة التعافي الاقتصادي المعتمدة.
وأعرب بن بريك عن أمله في أن تمثل هذه المشاورات نقطة انطلاق نحو شراكة أوسع وأعمق مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية، مؤكّدًا تطلع الحكومة إلى دعم يمكنها من تنفيذ أولوياتها في الإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى الخدمات والمعيشة للمواطنين.
وأضاف أن استئناف المشاورات لا يُعد مجرد إجراء دوري، بل رسالة ثقة دولية متجددة بالاقتصاد اليمني وبالإرادة الحكومية في استعادة التعافي والاستقرار، مؤكدًا حرص الحكومة على مواصلة التنسيق والعمل المشترك مع الشركاء الدوليين لتحفيز النشاط الاقتصادي وتحسين معيشة المواطنين، والانتقال إلى مرحلة التعافي والنمو المستدام.
من جانبها، أشادت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن إيستر بيريز رويز، بالتقدم الذي أحرزته الحكومة في عدد من مسارات الإصلاح الاقتصادي والإداري، وبمستوى الشفافية والتعاون الذي أبداه الفريق الحكومي خلال المشاورات.
وأكدت رويز استعداد الصندوق لمواصلة دعمه الفني والاستشاري لمساعدة اليمن على مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة وبناء أسس التعافي على المدى المتوسط.
كما لفتت إلى أن استئناف مشاورات المادة الرابعة يمثل لحظة تاريخية بالنسبة لليمن، بما يحمله من دلالات لتعزيز العلاقة مع الشركاء الدوليين، والحصول على المزيد من الدعم والتمويل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وصدر عن بعثة صندوق النقد الدولي بيان ختامي بشأن مشاورات المادة الرابعة لعام 2025، رحب فيه بفرصة استئناف المشاورات مع اليمن بعد توقف دام أحد عشر عامًا، مشيرًا إلى أن ذلك تم بدعم من القدرات المؤسسية المعززة وتوافر بيانات اقتصادية أفضل.
وأوضح البيان أن النزاع خلال السنوات الماضية أدى إلى توقف ترتيب التسهيل الائتماني الممدد لثلاث سنوات، وتعليق إعداد المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وتعطيل مسار السياسات المالية والنقدية.
وأعرب البيان عن شكر الصندوق للسلطات اليمنية والأطراف المعنية على التعاون الممتاز والمناقشات الصريحة والبناءة، مستعرضًا الأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة، والتحديات الناتجة عن هجمات الحوثيين على منشآت تصدير النفط في عام 2022.
وتوقع الصندوق، استنادًا إلى الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار، أن يشهد الاقتصاد اليمني تعافيًا تدريجيًا على المدى المتوسط، مع ارتفاع النمو من نحو 0.5% في عام 2026 إلى 2.5% بحلول عام 2030، واستمرار تراجع معدلات التضخم.
وأشار البيان إلى أهمية الدعم الخارجي الإضافي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، مرحّبًا بتركيز خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة مطلع العام الجاري على تعزيز استدامة الموارد العامة، وكبح التضخم، وتقوية الحوكمة والمؤسسات، مؤكدًا أن الالتزام بتنفيذ هذه الركائز سيُسهم في دعم استقرار الاقتصاد الكلي.
كما شدد البيان على ضرورة استعادة الاستدامة المالية عبر تعزيز الإيرادات وترشيد الإنفاق وتوسيع قاعدة التمويل والتعاون مع الدائنين، إضافة إلى استمرار البنك المركزي اليمني في التركيز على كبح التضخم، وتطبيق أسعار صرف تحددها قوى السوق، وضمان النزاهة المالية واستقرار النظام المصرفي.
وأكد البيان أن اليمن سيحتاج بمرور الوقت إلى إصلاحات هيكلية شاملة لإطلاق إمكاناته الاقتصادية، تشمل تعزيز المؤسسات وتحسين الحوكمة، وتشديد سياسات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب تحسين إدارة المالية العامة عبر ضوابط صارمة على الإنفاق، وتطبيق حساب الخزانة الموحد، وتحسين الشفافية والمساءلة في المجالين الضريبي والجمركي، إضافة إلى إصلاحات واسعة في قطاع الكهرباء.