جمانة نظمي: إصلاح قوانين الإيجار القديم ضرورة تشريعية.. والتوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين لا يحتمل التأجيل
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
يعد ملف الإيجار القديم من أكتر القضايا التي تثير جدل كبير في المجتمع، لأنه يهم حياة ملايين المواطنين، سواء من الملاك أو المستأجرين.
تتقاطع في هذا الملف مصالح متضادة، وتتشابك فيه الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، مما يجعله من أعقد القضايا التي تواجه الشارع المصري في الوقت الراهن.
وتزداد حساسية القضية في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تمر بها البلاد، والتي تضع المواطن البسيط في مواجهة قلق دائم بشأن خطر فقدان المأوى وعدم وجود البديل المناسب.
قالت جمانة نظمي، معيدة بكلية العلوم السياسية، جامعة بدر ان تعود أزمة الإيجار القديم إلى عقود مضت، حين أقرت تشريعات استثنائية لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في ظل أزمة سكنية حادة، ومع مرور الزمن، أصبحت هذه القوانين عبئًا على سوق العقارات، إذ أدت إلى تشوهات عميقة في العلاقة بين الطرفين، وخلقت أوضاعًا غير متوازنة بين حقوق الملاك ومصالح المستأجرين، واليوم، أصبح من الضروري إعادة النظر في هذه التشريعات بما يحقق العدالة والاستقرار الاجتماعي، ويراعي المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع المصري.
وأوضحت قائلة انطلقت أولى جلسات لجنة الإسكان بمجلس النواب لمناقشة مشروعي قانون الإيجار القديم المحالين من الحكومة في 4 مايو 2025، وقد أبدى عدد من النواب اعتراضهم على الصيغة الحكومية المقترحة، معتبرين أنها تهدد استقرار ملايين الأسر المستأجرة وتفتقر إلى العدالة الاجتماعية، كما انتقدوا غياب الدراسات الاقتصادية والاجتماعية الكافية التي تدعم تطبيق القانون، بالإضافة إلى افتقار الحكومة للبيانات الدقيقة حول أعداد المستأجرين الأصليين والأجيال التالية.
وتابعت قائلة في هذا السياق، تم طرح إلغاء المادة 2 المتعلقة بمدة الفترة الانتقالية وهي سبع سنوات وأيضًا تتعلق بما يخص الجيل الثاني بعد المستأجر الأصلي، كما أوصت المحكمة الدستورية العليا، كذلك، اقترح البعض فترة انتقالية تصل إلى عشر سنوات، بينما رأى آخرون ضرورة تمديدها حتى وفاة المستأجر الأصلي.
وأكدت ان النواب خلال المناقشات أبرزوا عدة تحفظات، من بينها افتقار المشروع لدراسات اقتصادية واجتماعية تدعم تطبيقه، وعدم وضوح آليات تنفيذ المواد المتعلقة بتوفير السكن البديل وتعويض المتضررين، كما أشاروا إلى أن المذكرة الإيضاحية المصاحبة لم تتضمن بيانات كافية حول الآثار المتوقعة لتطبيق المادة الخامسة التي تنص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات، ما أثار تساؤلات حول مدى واقعية تطبيق القانون دون خطة تنفيذية واضحة.”
وأشارت نظمي إلى أن الحكومة، على لسان وزير شؤون المجالس النيابية، أكدت أن مشروع القانون جاء استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا، وأنها لا تفرض قانونًا جاهزًا، بل تطرح رؤيتها للحوار المؤسسي مع البرلمان.
وأضافت شدد وزير الإسكان على أن الدولة تضع البعد الإنساني والاجتماعي في الحسبان، ولن تسمح بإخراج أي مواطن من منزله دون توفير بديل مناسب، مع التزام الوزارة بتشكيل لجان ميدانية لتقييم الحالات الواقعية وتحديد المستحقين للدعم أو التعويض، وأوضح أن تحرير العلاقة الإيجارية لن يتم إلا بعد ضمان توفير بديل مناسب لكل مستأجر متضرر، وأن الدولة لن تتنصل من مسؤولياتها الاجتماعية.”
وتابعت لا تزال مشكلة افتقار الحكومة للبيانات الدقيقة حول أعداد المستأجرين الأصليين والأجيال التالية تمثل تحديًا كبيرًا أمام البرلمان والحكومة، فقد وصف رئيس مجلس النواب البيانات المقدمة بأنها غير دقيقة وغير كافية، وطالب بتأجيل المناقشات حتى توافر المعلومات المطلوبة، وهو ما يعكس حرص المجلس على إصدار قانون متوازن يحمي حقوق الجميع ويستند إلى أسس علمية، وأشار رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد الأسر المستأجرة إيجارًا قديمًا يبلغ نحو مليون و600 ألف أسرة، إلا أن البيانات حول المستأجرين الأصليين والأجيال التالية ما زالت محل جدل ونقاش.
وأكدت جمانة نظمي على أهمية الحفاظ على التوازن بين حقوق المالك وظروف المستأجر، مع ضرورة التزام الحكومة بتوفير بدائل سكنية مناسبة، ومد الفترة الانتقالية قبل إنهاء عقود الإيجار القديم إلى عشر سنوات، مراعاة للبعد الإنساني والاجتماعي، خاصة بالنسبة لكبار السن والأسر الأكثر احتياجًا.
وأضافت أن القضية تمثل رأيًا عامًا وتمس كل مواطن مصري، وأن التعامل معها يجب أن يتم بحذر وتدرج، مع ضرورة الحوار المجتمعي الواسع والاستماع إلى كافة الآراء والخبرات.
وأردفت أكد وزير الإسكان أن البعد المجتمعي يحتل أولوية قصوى في تنفيذ القانون، وأن لجانًا سيتم تشكيلها تحت إشراف المحافظين لتقييم الحالات الواقعية للوحدات المؤجرة، وذلك لضمان العدالة الاجتماعية وتحديد المستحقين للدعم، كما أشار إلى أن الدولة نفذت ما يقرب من خمسة ملايين وحدة سكنية خلال السنوات العشر الأخيرة، ما يوفر قاعدة جيدة لتوفير البدائل السكنية للمستحقين، وأن الفترة الانتقالية المقترحة لإنهاء العلاقة الإيجارية تم تحديدها وفقًا للمتطلبات الفعلية، وستتم مراجعتها بناءً على الرصد الميداني المستمر.
وقالت نظمي رغم التوترات اللحظية التي شهدتها جلسات البرلمان، إلا أن المتوقع هو حدوث تعاون وتنسيق كبيرين بين الحكومة والبرلمان المصري لحل الأزمة، خاصة مع استعداد الحكومة لتقديم بيانات أكثر دقة وتفصيلًا في الجلسات القادمة، كما ينتظر أن يتحلى البرلمان بآفاق أوسع للنقاش الديمقراطي وتبادل الآراء والخبرات بموضوعية، مع استمرار التنسيق بين الجانبين للرصد والتقييم حتى بعد إقرار القانون، تحسبًا لأي مستجدات أو تغييرات في الظروف.
واختتمت جمانة نظمي تصريحاتها قائلة أعلنت الحكومة التزامها بعدم الإضرار بالمواطن أو حرمانه من حقوقه أو من الحياة الكريمة، بل أكدت أنها تعمل على توفير التسهيلات قدر الإمكان، مع إعطاء الأولوية للمتضررين الأكثر احتياجًا في الحصول على تعويض أو بدائل سكنية، وتعهدت بتكثيف العمل على ذلك بعد الموافقة على مشروع القانون، مع ضرورة التحلي بالتيقظ والمرونة والمتابعة المستدامة وتحديث المعلومات بشكل دائم.
وأكدت في ختام حديثها أن إصلاح منظومة الإيجار القديم في مصر يمثل تحديًا تشريعيًا واجتماعيًا واقتصاديًا بالغ التعقيد، يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والبرلمان، وتوفير بيانات دقيقة، وحوارًا مجتمعيًا واسعًا، مع التزام راسخ بعدم الإضرار بأي طرف، وضمان حق المواطن في السكن الكريم والاستقرار الاجتماعي، القضية ليست مجرد ملف تشريعي، بل هي قضية رأي عام تمس كل بيت مصري، ويجب أن يكون التعامل معها على قدر عالٍ من المسؤولية والوعي والعدالة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإيجار القديم المستأجرين الملاك الشارع المصري المجتمع المصري الإیجار القدیم إلى أن
إقرأ أيضاً:
السجيني: المستهدف من قانون الإيجار القديم هو تحقيق العدالة والتوازن والسلام المجتمعي
قال النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن البرلمان بالفعل طلب إحصاءات ودراسات منذ انعقاد اللجان النوعية، وفي أولى جلساتها طلبنا من الحكومة دراسة الأثر الاجتماعي للمادة الثانية، والأثر الاقتصادي والديموغرافي للسكن البديل، والأخيرة هي ما طلبه رئيس مجلس النواب اليوم.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "كلمة أخيرة" مع الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON: "في البدايات، الجهاز المركزي عندما حضر إلى البرلمان أحضر فقط بيانات 2017 المتعلقة بالتعداد العام للوحدات الواقعة تحت الإيجار القديم، والتي بلغ عددها 3.2 مليون وحدة سكنية، مقسمة إلى 1.8 مليون وحدة مأهولة بالسكان، ونحو 400 ألف وحدة سكنية مغلقة، مقسمة إلى وحدات مغلقة لوجود سكن بديل، أو مغلقة بسبب السفر للخارج."
ولفت إلى أن كل هذه الإحصاءات لم تقدم دراسة للأثر الاجتماعي أو دراسة تتعلق بالشق الاقتصادي والديموغرافي، قائلاً: "سعينا خلال الفترة الماضية وعبر العديد من جلسات الاستماع الأكثر تفصيلًا أن نتحصل على دراسات اجتماعية أكثر دقة، وانتهينا إلى مصطلح (المستأجر الأصلي)، وتبين من نتائج هذه الدراسات أن السن الأدنى للمستأجر الأصلي يتراوح بين 60 إلى 65 سنة فأكثر، لأن هناك نوعين؛ القسم الأول: من أبرم عقدًا ثم تدخلت الدولة بظرف استثنائي وأطالت مدة العقد، والنوع الثاني: من كان عقده رضائيًا حتى أوقفت المحكمة الدستورية هذا الامتداد."
وتساءل: "هل ستستطيع الحكومة غدًا أن تقدم معلومات دقيقة فيما يخص المستأجر الأصلي وعددهم؟ وكم عددهم من الجيل الأول؟ أشك في قدرتها على تقديم تلك المعلومات غدًا، ولو كانت موجودة، لكانت قدمتها سابقًا."
وتابع: "البرلمان طلب ذلك منذ فترة طويلة جدًا. المسألة الثانية تتعلق بموافقة الأحزاب، وكان يومًا تاريخيًا، حيث انصهرت الجلسة ولم يعد ظاهرًا من يمثل الأغلبية أو الأقلية، أو من ينتمي للمعارضة أو الموالاة، لدرجة أن هناك ممثلًا لحزب ليس محسوبًا على المعارضة رفض المشروع من حيث المبدأ، في سابقة غير معتادة في مثل هذه القوانين."
وأوضح: "في تقديري الشخصي، هذا أمر غير وارد في هذا القانون، لأن هناك حكمًا من المحكمة الدستورية يُلزم الدولة بمؤسساتها أن تقوم بصياغة تشريع، والصحيح دستوريًا وسياسيًا أن أوافق من حيث المبدأ، وأحتفظ بحقي في مداخلات التعديل خلال المناقشة الموضوعية، وهذا هو الإطار السليم."
واستكمل: "فيه أحزاب رفضت رغم أنها ليست معارضة، والسؤال الجوهري والهاجس الأكبر كان: من هم الذين يشغلون الوحدات المأهولة بالسكان؟ وهي نسبة عددية كبيرة. نحن التقينا على مدار ست سنوات في الملف الخاص بالقانون، وفي البدايات قبل معرفة الأعداد كان لدينا ميل واضح لإعطاء الملاك حقوقهم."
وشدد على أن المستهدف من القانون هو تحقيق العدالة والتوازن والسلام المجتمعي، والحفاظ على الأرواح والمنشآت الآيلة للسقوط، قائلاً: "الدراسات التي سعى البرلمان لجلبها جاءت من مؤسسات مختلفة ومن منظمات المجتمع المدني وغيرها."
وأوضح أن الدراسات التي تم الاستعانة بها أثبتت أن المباني الآيلة للسقوط سببها عدم وجود صاحب مسؤول عنها، قائلاً: "المالك لا يحصل على مال ليقوم بالصيانة، والمستأجر لا يقوم بالصيانة لأنه يعلم أن العقار ليس ملكًا له، والعدالة نسبية، فالمبالغة في تحقيق المكتسبات قد تؤدي عند التطبيق إلى استحالة الحصول على هذه المكتسبات."
وحول ما إذا كانت جلسة الغد ستكون جلسة فصل نهائي للموافقة على القانون أم لا، أوضح قائلاً: "ليس شرطًا دستوريًا أو سياسيًا أو انضباطيًا أن يكون الغد هو يوم الفصل. اليوم الفصل يجب أن يكون اليوم الأخير قبل رفع دور الانعقاد الحالي، حسب حكم المحكمة الدستورية، والرئيس لديه سلطة تقديرية لمد المدة يومًا أو أسبوعًا بحسب تقديراته، ولا يمكن التنبؤ بذلك."
واختتم: “البرلمان اليوم لم يتمكن من الحصول على الموافقة الجماعية من حيث المبدأ، لكن حصلنا على الموافقات الفردية، لأن عدد طلبات إبداء الرأي من النواب كانت كثيرة جدًا.”