مستقبل مقلق للعالم| جليد القطبين يذوب وأمواج البحار ترتفع والقروش تهاجم الشواطئ .. ماذا يحدث ؟
تاريخ النشر: 2nd, July 2025 GMT
في وقت تتسارع فيه وتيرة التغيرات المناخية، يواجه كوكب الأرض أزمة بيئية غير مسبوقة، تُنذر بعواقب وخيمة على مستقبل البشرية.
من ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، إلى ذوبان متسارع لجليد القطبين، وتهديد المدن الساحلية بالغرق، تُسلّط التقارير الدولية الضوء على تحوّلات مقلقة يشهدها العالم اليوم.
وفي هذا السياق، حذر خبراء البيئة من تجاوز الخطوط الحمراء مؤكدين أن الكوكب يقترب بسرعة من مرحلة يصعب فيها التراجع.
تحذيرات جديدة من الأرصاد.. الأمطار مستمرة بهذه المناطق ورياح بالبحر| الطقس
حقيقة وجود حركة غريبة في باطن البحر المتوسط.. ما تأثيرها على مصر؟
قبطان يرد على شائعات الموجات المدفونة تحت البحر
علوم البحار: اضطراب البحر المتوسط حدث لارتفاع الضغط الجوي
وأكد الدكتور تحسين شعلة، الخبير البيئي وأستاذ التكنولوجيا الحيوية، أن كوكب الأرض يشهد ارتفاعًا خطيرًا في درجات الحرارة تجاوز المعدلات الطبيعية، حيث بلغت الزيادة ١.٥٧ درجة، بينما كان الحد الآمن المتفق عليه عالميًا لا يزيد عن ١.٥ درجة.
توقعات بحلول ٢٠٣٠وأوضح شعلة، خلال مداخلة هاتفية مع قناة “إكسترا نيوز”، أن تقرير مركز “كوبيرنيكوس” الأوروبي رجّح أن تصل درجات الحرارة إلى ١.٩ درجة بحلول عام ٢٠٣٠، وهو ما يُنذر بمخاطر بيئية كبيرة تهدّد البشرية.
الحروب والانبعاثات تعمّق أزمة الاحتباس الحراريوأشار الخبير البيئي إلى أن السبب الرئيسي في هذه التغيرات هو تصاعد انبعاثات الغازات الكربونية والغازات الدفيئة، نتيجة الحروب والنشاط الصناعي المتزايد، وهو ما يُعمّق من أزمة الاحتباس الحراري حول العالم.علوم البحار يحسم جدل تسونامي البحر المتوسط
القومي لعلوم البحار يؤكد عدم رصد أي أنشطة زلازل مسببة لتسونامي
ونوّه شعلة إلى أن معدلات ذوبان الجليد في القطبين ارتفعت بمعدل غير مسبوق، يفوق ١٧ مرة مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على ارتفاع منسوب مياه البحار، الذي قد يتجاوز مترًا واحدًا بحلول عام ٢١٠٠، مما يُهدد بغرق عدد كبير من المدن الساحلية.
ارتفاع الحرارة يضرب الأمريكتين وأوروبا وآسياوأضاف أستاذ التكنولوجيا الحيوية أن الأمريكتين الشمالية والجنوبية، ودول أوروبا، وشرق آسيا، ستشهد هذا العام ارتفاعًا غير اعتيادي في درجات الحرارة.
القروش تهاجر إلى الشواطئ بحثًا عن الغذاءوأوضح شعلة أن اختلال التوازن البيئي ونقص الغذاء الطبيعي في الأعماق دفع بعض أنواع القروش إلى الاقتراب من الشواطئ بحثًا عن الغذاء، وهو مؤشر خطير على تغيّر النظام البيئي البحري.
الدول الكبرى تتحمّل المسؤوليةوأشار شعلة إلى أن الدول الكبرى، وفي مقدمتها الصين، تليها الولايات المتحدة، ثم بنجلاديش والهند، تُعدّ من أبرز المسؤولين عن هذه التغيرات، بسبب حجم الانبعاثات الضخمة التي تصدر عن أنشطتها الصناعية.
تمويل مواجهة التغير المناخيأكد شعلة أن التوصيات الحالية بتخصيص ١٠٠ مليار دولار لا تكفي، مشيرًا إلى أن مؤتمر باكو الأخير أوصى بضرورة رفع هذا الرقم إلى ٣٠٠ مليار دولار لمواجهة الأزمة بفعالية.
أمريكا تضربها أعاصير سنويًاواختتم شعلة حديثه بالتأكيد على أن الولايات المتحدة تتعرّض سنويًا لأكثر من ١٥٠٠ إعصار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدول الكبرى أمريكا الولايات المتحدة ذوبان الجليد ارتفاع منسوب البحار ارتفاع الحرارة القروش الاحتباس الحراري درجات الحرارة ارتفاع ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث في الجانب الآخر من حدودنا الجنوبية؟
د. محمد بن عوض المشيخي **
اليمن السعيد الذي فارق السعادة والأمن والاستقرار منذ عقود طويلة بسبب الصراع على السُلطة، يدخُل مرحلة جديدة من الحروب العبثية التي انتقلت هذه الأيام مجددًا إلى محافظتي حضرموت والمهرة، والأخيرة على الحدود الجنوبية الغربية لسلطنة عُمان والتي ترتبط بحدود طولها 294 كيلومترًا.
الشرعية اليمنية المعترف بها دوليًا- والذي يمثلها المجلس الرئاسي برئاسة الدكتور رشاد العليمي- انقلب عليها رفاق الأمس الذين هم أعضاء في المجلس الذي يُدير شؤون اليمن ويُمثِّلها في المحافل الدولية، والذي تشكَّل برعاية سعودية في الرياض قبل عدة سنوات. لكن دُعاة انفصال الجنوب عن الشمال والذين يروق لهم مجددًا تقسيم اليمن إلى كيانين سياسيين مستقلين، أصبحوا يتحدثون عن الانفصال وكأنه أمر أقرب للتحقُّق أكثر من أي وقت مضى. وبالفعل يعمل ما يُسمى "المجلس الانتقالي" بجهود مُضاعِفة لعودة دولة جنوب اليمن إلى الوجود، وقد عجَّل ذلك بالسيطرة الكاملة على ميناء نشطون وكذلك المطار في مدينة الغيضة، وتم استبدال العلم الرسمي اليمني بعلم آخر يتبع للحراك الجنوبي، إلى جانب التموضُع في منفذيْ شحن وصرفيت اللذين يربطان الجمهورية اليمنية مع سلطنة عُمان. ويبدو لي أنه لا يمكن أن يحصل ذلك دون تفاهمات إقليمية بين الدول الفاعلة في اليمن، وخاصة سلطنة عُمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وهكذا كأنَّ قدر هذا الشعب الأصيل أن يعيش مآسٍ ونزاعات بين أطيافه المختلفة بلا نهاية، وذلك بسبب حفنة من أمراء الحروب الذين استباحوا مُقدَّرات وخيرات هذا الشعب بلا رحمة.
والحقيقة الغائبة عن البعض؛ أنه لا يمكن بأيِّ حال من الأحوال، أن تنعم الدول المجاورة لليمن بالأمن والاستقرار بوجود يمنٍ مُمزَق، يسوده الدمار والعنف والأُمِّية التي وصلت إلى 65% بين أبناء هذا البلد العربي الشقيق. اليمن هو الحديقة الخلفية لدول الخليج العربية، وأمن شبه الجزيرة العربية جزءٌ لا يتجزأ من التنمية وتطور شعوب المنطقة. والمملكة العربية السعودية الشقيقة- التي تربطها حدود برية مع اليمن تمتد لأكثر من 1500 كيلومتر- تتجه الأنظار إليها في هذه الأيام للعمل مُجددًا مع سلطنة عُمان للحفاظ على وحدة التراب اليمني أولًا، ووقف نزيف الدم ثانيًا، والاستفادة من المبادرات العُمانية والمتمثلة في الهدن التي أرستها الدبلوماسية العُمانية بين الأطراف اليمنية خلال السنوات الماضية، وثالثًا تقديم المساعدات للشعب اليمني مباشرةً، وذلك من خلال تأسيس مشاريع تنموية عملاقة في قطاع الكهرباء؛ فكثير من المناطق اليمنية ترزح تحت الظلام الدامس، والأهم من ذلك كله بناء مدارس وجامعات وتحقيق التنمية للاقتصاد اليمني، وقبل ذلك كله تمكين الشعب اليمني من تقرير مصيره واختيار من يُدير هذا البلد بحكمةٍ بعيدًا عن الجنرالات والنافذين اجتماعيًا، الذين لا ينظرون إلّا لمصالحهم الشخصية وجمع الأموال.
إنَّ أكثر ما يحتاجه اليمن اليوم هو تنمية الإنسان اليمني وإيجاد فرص عمل للشباب وإعادة البسمة لوجوه المحرومين والناجين من جحيم الحروب والمؤامرات التي لا تنتهي، ومساعدته على تنمية واستخراج موارد بلاده الطبيعية من النفط والغاز والثروات الأخرى وما أكثرها؛ بدلا من ذهابها للأجانب وبعض القيادات المحلية التي اعتادت نهب المساعدات التي تأتي من الخارج، فيما يُحرَم منها فقراء اليمن طوال العقود الماضية.
لقد كانت لعُمان جهود خيرية في مساعدة الأشقاء في مختلف الميادين؛ منها تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في المحافظات اليمنية المجاورة لعُمان؛ وخاصة محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى، وقد تمثَّل ذلك في تسيير القوافل المُحمَّلة بالمواد الغذائية إلى جانب الأدوية والمُستلزمات الطبية الضرورية، إضافة إلى رفد المراكز الصحية في تلك المحافظات بسيارات الإسعاف والمولدات الكهربائية والمشتقات النفطية لضمان استمرار عملها، ولا ريب أننا نطمح لمضاعفة هذه الجهود الخيِّرة في قادم الوقت.
إنَّ أسوأ سيناريو ينتظر هذا البلد الشقيق الآن هو شبح التقسيم إلى دولة في الشمال تتولاها جماعة أنصار الله (الحوثي) ودولة أخرى جنوبية برئاسة "المجلس الانتقالي"؛ فاليمن الذي تربطنا به أواصر المحبة الصادقة- انطلاقًا من أن العلاقات العُمانية اليمنية نسيج واحد من التاريخ والثقافة والنسب والمصير المشترك- يجب أن يظلَّ الاحترام المُتبادل وحُسن الجوار قائم فيما بينهما، مع بذل كل الجهود- إن لم يكن بذل المستحيل- للوقوف معه بكل الطرق، لضمان الوصول به إلى بر الأمان بغض النظر عن من هو في الحكم.
وفي الختام.. على جميع أهل الحِل والعقد أن يدركوا أن الاستيلاء على السُلطة في اليمن بالقوة دون انتخابات حُرة مصيره الفشل، ولعلنا نتذكر ما حصل للقادة والرؤساء طوال العقود الماضية من تصفية جسدية ومؤامرات بين رفاق الدرب؛ فاليمن يستحق من أبنائه المُخلِصِين الشروع في حوار جاد ومناقشة صادقة لتحقيق مستقبل مشرق لجميع أفراد الشعب بلا استثناء، وتصحيح المسار، وبناء شراكة وطنية، ولَمّ الشمل، ومداواة جراح الماضي، والعبور بهذا البلد إلى المستقبل الواعد الذي يسوده العدل والديمقراطية والمساواة بين الجميع، ويجب أن لا يكون لمن تلطَّخت أياديه بدماء الشعب مكان في حكم اليمن.. وآخر دعوانا عسى أن يعود اليمني سعيدًا يومًا ما بعد أن تُزاح عنه الغُمَّة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر