زنقة20ا مراكش: محمد المفرك

أثارت فعاليات فنية وثقافية محلية موجة من الانتقادات الحادة إزاء الوضع الذي آل إليه المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش، في نسخته لسنة 2025، معتبرة أن سحب الرعاية الملكية السامية التي كانت ترافق المهرجان لسنوات، يشكل مؤشراً صارخاً على فقدان هذه التظاهرة لبريقها وهويتها الفنية.

وأكدت المصادر ذاتها أن نسخة هذه السنة كانت باهتة من حيث التنظيم وضعيفة على مستوى البرمجة، كما غابت عنها الجودة الفنية والابتكار، وهو ما انعكس سلباً على صورة المهرجان، الذي يُعد من أقدم التظاهرات الثقافية بالمغرب.

وانتقدت الفعاليات جمعية الأطلس الكبير، الجهة المنظمة، ورئيسها محمد الكنيدري، بـ”العجز عن التجديد والابتكار رغم الموارد المهمة التي توفرها المؤسسات العمومية والسلطات المحلية”، مشيرة إلى أن الفنانين المشاركين يعانون من ظروف إقامة غير لائقة، حيث يبيتون في حجرات مدرسة ثانوية بلا مكيفات أو تجهيزات أساسية، ويتلقون أجراً لا يتجاوز 250 درهماً يومياً، ويتنقلون عبر حافلات نقل مدرسي.

وأوردت شهادات أن بعض الفنانين يضطرون إلى إخفاء قنينات الغاز المستعملة للطبخ عن أعين لجان المراقبة، في مشهد يُجسد حجم الإهمال والتهميش الذي يعيشونه داخل كواليس مهرجان يُفترض أنه يُقام من أجلهم. كما وصفت مصادر محلية المبيت داخل الأقسام الدراسية بأنه “تحويل مؤقت للفنانين إلى نزلاء في مخيمات إبداعية، تحت ظروف مهينة لا تراعي مكانة حامل التراث الشعبي”.

وأضافت ذات المصادر أن ما يُمنح للفنان مقابل أسبوع من العمل لا يتجاوز 700 درهم، أي ما يعادل 100 درهم في اليوم، متسائلة: “هل يُعقل أن يُطلب من حارس الهوية الثقافية أن يتحول إلى متسول داخل مهرجان يُفترض أنه وُجد لتكريمه؟”

وفي سياق متصل، أثارت الفعاليات تساؤلات حول الشرعية القانونية لجمعية الأطلس الكبير، معتبرة أن رئيسها محمد الكنيدري لم يُجدد رئاسته منذ سنة التأسيس في 1997، ولم تُعقد جموع عامة قانونية، كما لم تُعرض أي حسابات مالية للعموم رغم الدعم العمومي السخي الذي تتلقاه الجمعية من مؤسسات الدولة، سواء على صعيد جهة مراكش آسفي أو وزارة الشباب والثقافة والسلطات المحلية.

واعتبرت هذه الأصوات أن غياب الشفافية المالية والتجديد الديمقراطي داخل الجمعية يُعد تجاوزاً قانونياً صارخاً، خاصة في ظل الحديث عن استفادتها من مبالغ ضخمة تُقدّر بعشرات الملايين من الدراهم سنوياً لتنظيم “ماراطون مراكش” شتاءً، و”مهرجان الفنون الشعبية” صيفاً، دون أن تخضع لآليات المراقبة الصارمة أو افتحاص من طرف الجهات المختصة، وعلى رأسها وزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات.

وخلصت الفعاليات المنتقدة إلى أن تراجع إشعاع مهرجان مراكش الدولي للماراطون وفقدان مهرجان الفنون الشعبية لقيمته الفنية، وانسحاب الرعاية الملكية السامية، كلها مؤشرات على فشل نموذج التدبير الحالي، وضرورة فتح ملف الجمعية على مستويات متعددة، قانونية، تنظيمية، وفنية.

المصدر: زنقة 20

إقرأ أيضاً:

هند رجب.. من صوت طفلة إلى رسالة سينمائية في مهرجان كرامة

عمّان – لم يكن افتتاح الدورة السادسة عشرة من مهرجان "كرامة سينما الإنسان" في العاصمة الأردنية عمّان حدثا سينمائيا عابرا، ولا مجرد احتفاء جديد بحقوق الإنسان عبر الفن، بل لحظة تُستعاد فيها جراح لم تهدأ، ليعود إلى الواجهة صوت الطفلة الفلسطينية الشهيدة هند رجب التي لم يمهلها الرصاص لتكبر.

فمع انطلاق فعاليات المهرجان، تحوّل فيلم الافتتاح إلى مساحة يستعيد من خلالها الحضور صدى الطفلة هند رجب، الذي اخترق حصار الحرب ووصل إلى العالم بوصفه شهادة لا يمكن محوها.

هند رجب، التي تحولت مكالمتها الأخيرة مع طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني إلى واحدة من أكثر الشهادات الإنسانية قسوة في زمن الحرب على قطاع غزة، تظهر من جديد في عمّان عبر شاشة واسعة تلتقط قصة قصيرة في عمرها، كبيرة في أثرها، لتعيد طرح الأسئلة التي حاول العالم تفاديها، وتقدم واقعا لا يحتمل الصمت أو التأجيل.

مهرجان كرامة يحتفي بفريق العمل القائم على إنتاج فيلم "هند تحت الحصار" (الجزيرة)قصة لا تُنسى

بحضور جماهيري لافت، وفي مشهد يحتفي بالوعي ومسؤولية الفن، في مواجهة القضايا الإنسانية والحقوقية الكبرى، انطلقت في المركز الثقافي الملكي فعاليات الدورة الجديدة لمهرجان كرامة الذي يحمل هذا العام عنوان "بنك الحقوق"، وهو عنوان يوحي بأن الحقوق ليست مجرد شعارات، بل هي رصيد فعلي يجدر استعادته ومساءلة العالم عنه.

ليأتي حفل الافتتاح متوجا بعرض الفيلم الأردني القصير "هند تحت الحصار" للمخرج ناجي سلامة، وهو العمل الذي خص به مسرح المهرجان الرئيسي ليكون فاتحة لأيام سينمائية مكثفة تمتد حتى منتصف الشهر الجاري.

يحمل فيلم "هند تحت الحصار" مادة إنسانية متفجرة، مستندا إلى التسجيل الحقيقي لمكالمة أجرتها الطفلة هند رجب ذات الستة أعوام مع طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، طالبة النجدة بعدما وجدت نفسها عالقة داخل سيارة عائلتها التي تعرضت لإطلاق نار أثناء اختبائهم في حي تل الهوا بغزة.

إعلان

وبين ارتجاف صوت الطفلة ومحاولات مسعفة الهلال الأحمر رنا الفقيه طمأنتها، تتسع مساحة الحكاية لتكشف ملامح الرعب الذي عاشته الطفلة هند وحيدة في لحظات فاقت قدرة البشر على الاحتمال.

رعب طفلة

يذهب المخرج ناجي سلامة عبر بناء بصري مكثف إلى إعادة الاعتبار لهذه اللحظة الإنسانية الجارحة، مستعينا بشهادات مسعفين وشهود عيان لإظهار حجم التهديد الذي واجهه كل من حاول الوصول إلى الطفلة.

أما مدير الإنتاج غسان سلامة، فأوضح أن الفيلم هو "محاولة سينمائية لفضح الفرقة العسكرية الإسرائيلية الخاصة التي قتلت الطفلة هند"، مضيفا في حديثه للجزيرة نت أن العمل يختصر قصة موجعة لإيصالها للعالم كله، في مواجهة رواية القتلة الذين وصفوا أنفسهم بـ"إمبراطورية مصاصي الدماء".

ومن بين الأصوات التي يعيد الفيلم إحياءها صوت عمر علقم من طواقم الهلال الأحمر، والذي كان على اتصال مباشر مع الطفلة حتى اللحظة الأخيرة، ويروي علقم في حديثه للجزيرة نت أن الشهيدين يوسف وأحمد -المسعفيْن اللذين أُرسلا لإنقاذها- "وصلا إليها بالفعل، لكن جنود الاحتلال باغتوهما وقتلوهما تماما كما قتلوا هند بدم بارد".

كما حضرت العرض لينا حماد، وهي طالبة جامعية قالت إن حضورها ليس بدافع الفضول السينمائي، بل لأنها أرادت أن ترى كيف يمكن لصوت طفلة واجهت الموت أن يتحول إلى عمل فني يلامس ضمير العالم بأسره.

مهرجان كرامة يعرض خلال أيام فعالياته أكثر من 70 فيلما روائيا وتسجيليا من مختلف أنحاء العالم (الجزيرة)أبعد من السينما

لتضيف حماد في حديثها للجزيرة نت أن "إنتاج الفيلم ليس مجرد قرار فني، بل هو موقف أخلاقي وفكري، يعيد طرح سؤال العدالة في وجه العالم، فبعد نحو عام على رحيل الطفلة، يأتي الفيلم ليقول إن الحكاية لم تُقفل، وإن السينما لا تُعيد الحياة إلى أصحابها لكنها تُعيد الذاكرة إلى مكانها الصحيح".

وعلى مدى أيام المهرجان، يعرض أكثر من 70 فيلما روائيا وتسجيليا وتحريكيا، بمدد طويلة ومتوسطة وقصيرة، قادمة من بلدان تمتد من فلسطين وسوريا والعراق وتونس ومصر ولبنان والسودان، إلى الهند وتركيا وأوروبا والأميركتين.

وتتوزع هذه الأعمال على قضايا إنسانية واسعة، لكنها تلتقي جميعا تحت مظلة واحدة عنوانها "حماية الإنسان وكرامته".

وتتنافس أفلام عربية وأجنبية في مسابقات المهرجان، إلى جانب عروض خارج المنافسة، وتشمل جوائز هذا العام:

أفضل فيلم وثائقي طويل. أفضل فيلم حقوقي (التي تمنحها "أنهار/ الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان"). جائزة خاصة للأفلام الأردنية القصيرة.

كما تُعقد على هامش المهرجان مجموعة من الندوات، من أبرزها ندوة "ديمقراطية الصورة" ضمن الطاولة المستديرة "لازمنا اجتماع"، لمناقشة دور الصورة في تشكيل الوعي الجمعي في زمن الصراعات المتسارعة.

إقبال جماهيري واسع على فيلم هند رجب الذي يوثّق اللحظات الأخيرة من حياة الطفلة الفلسطينية (الجزيرة)منصة حقوقية

ومنذ تأسيسه عام 2010، شكل مهرجان "كرامة" أول منصة سينمائية دولية لحقوق الإنسان في الأردن، واستمر في شق طريقه باعتباره فضاء حرا للنقاش والحوار، متشابكا مع أكثر اللحظات الفكرية والأخلاقية حساسية في المنطقة والعالم.

إعلان

ومن خلال السينما والندوات والمنتديات والمعارض، رسخ المهرجان دوره كجسر للحوار الديمقراطي، وفضاء لتعزيز التفكير النقدي والمشاركة المدنية، مستقطبا جمهورا واسعا من الشباب والنساء والناشطين، إضافة إلى عشرات المخرجين والفنانين من الأردن والعالم.

طواقم الدفاع المدني في #غزة تعثر على جثامين متحللة للشهيدة الطفلة هند رجب و5 من عائلتها إلى جانب مسعفي الهلال الأحمر الفلسطيني الذين توجهوا لإغاثتها قبل 12 يومًا في حي تل الهوا جنوب غربي مدينة غزة #حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/cbbaz9w3Ji

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 10, 2024

ومع نهاية عرض "هند تحت الحصار"، لم يكن الفيلم مجرد استعادة لقصة طفلة رحلت، بل بدا أشبه بمحاولة لإبقاء ذاكرتها حيّة، ولتذكير الجمهور بأن الحكاية لم تُغلق بعد، فهند رجب -رغم الغياب- لا تزال شاهدة على زمن تتقاطع فيه الأسئلة الكبرى مع صدى صوت طفلة تبحث عمن ينتشلها من تحت الحصار أو من قبضة الموت.

مقالات مشابهة

  • حمدان بن زايد وهزاع بن زايد يشهدان افتتاح مهرجان ليوا الدولي 2026
  • مهرجان المسرح العربي يطلق اسم الدكتور هاني مطاوع علي دورته السادسة
  • أمينة مغربي تخطف الأنظار في مهرجان مراكش السينمائي وتشارك في قمة بريدج 2025
  • فعاليات متنوعة في مهرجان ذوي الإعاقة بمحافظة ظفار
  • اليوم.. انطلاق «مهرجان الصحة» في أبوظبي
  • جورج خباز أفضل ممثل من مهرجان البحر الأحمر السينمائي
  • وفد أميركي يطلع على الأعمال الفنية المصاحبة لمهرجان الفنون الإسلامية
  • «مهرجان أم الإمارات».. تجارب استثنائية في كورنيش أبوظبي
  • هند رجب.. من صوت طفلة إلى رسالة سينمائية في مهرجان كرامة
  • محمد صبحي يهدي مهرجان "آفاق مسرحية" درع "استديو الممثل" تقديرا لجهوده في دعم الشباب