12 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: محمد حسن الساعدي
في وقتٍ يتصاعد فيه التوتر بين إيران وإسرائيل بشكل خطير، يجد العراق نفسه أكثر من أي وقت مضى في قلب هذا الصراع، ليس كطرف مباشر، بل كأرضٍ تمثل تقاطعًا للمصالح، ومسرحًا محتملاً للرسائل النارية المتبادلة،وبينما يتحول الاشتباك بين طهران وتل أبيب من السرّ إلى العلن،فإن انعكاساته على العراق والمنطقة باتت لا تُخفى على أحد،لان الصراع بين إيران وإسرائيل ليس مجرد خلاف سياسي عابر، بل هو حرب مفتوحة تتغلّف أحيانًا بالطابع الاستخباراتي أو السيبراني أو عبر الحروب بالوكالة،كما أن إيران تسعى لبسط نفوذها الاستراتيجي عبر “محور المقاومة” الذي يمتد من طهران إلى بيروت مرورًا ببغداد ودمشق وغزة، بينما
تعمل إسرائيل على كسر هذا المحور بكل الوسائل،معتبرةً الوجود الإيراني قرب حدودها تهديدًا وجوديًا.
العراق البلد الواقع بين الحليف الإيراني والحليف الأمريكي، يواجه وضعًا معقدًا فمن جهة ترتبط بغداد بعلاقات استراتيجية وأمنية مع طهران،عبر قوى سياسية وفصائل مسلحة فاعلة على الأرض ومن جهة أخرى، لا يمكن للعراق تجاهل علاقاته الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية مع واشنطن وحلفائها لكن الخطر الحقيقي يكمن في تحوّل الأراضي العراقية إلى ساحة لتصفية الحسابات وقد رأينا ذلك في عمليات استهداف القواعد الأميركية، أو في استخدام الأراضي العراقية كنقطة انطلاق أو مرور للردود المتبادلة،كل ذلك يُضعف السيادة العراقية،ويجعل الحكومة في موقف حرج بين ضبط الفصائل من جهة،وضغط الشارع والقوى السياسية من جهة أخرى.
مع كل تصعيد إيراني–إسرائيلي، يتصاعد التوتر داخل العراق وتبرز المخاطر المحتملة على الساحة الشرق أوسطية من خلال ضربات إسرائيلية على الأراضي العراقية، سواء لاستهداف فصائل مسلحة أو منشآت تابعة لمحور إيران،مما يؤدي الى انقسام سياسي داخلي، بين قوى تدعم المقاومة الإقليمية، وأخرى ترى ضرورة النأي بالنفس،بالتالي حدوث أزمة اقتصادية وأمنية، نتيجة أي تصعيد عسكري كبير قد يؤثر على الاستقرار الهش في البلاد.
بات من الضروي وفي ضوء كل ذلك،أن تتبنى الحكومة العراقية موقفًا متوازنًا ووطنيًا، يقوم على:
1. الرفض العلني لتحويل الأراضي العراقية إلى ساحة حرب بين أطراف خارجية.
2. تعزيز السيادة الأمنية وتوحيد القرار العسكري تحت سلطة الدولة.
3. التحرك دبلوماسيًا على مستوى الأمم المتحدة والجامعة العربية لتحذير المجتمع الدولي من خطورة التصعيد في المنطقة.
4. الدفع باتجاه خفض التوتر الإقليمي، من خلال دور وساطة عربي أو إقليمي يسهم فيه العراق.
مستقبل الحرب بين إيران وإسرائيل يبقى مفتوحاً على عدة سيناريوهات، من بينها الانفجار الشامل أو التسوية عبر التفاهمات غير المباشرة. لكن ما هو واضح أن هذه الحرب لن تكون محدودة، بل ستشمل ساحات متعددة وستترك آثاراً عميقة على أمن المنطقة واستقرارها واقتصادها
العراق اليوم على مفترق طرق، فإما أن يكون طرفًا فاعلًا في تهدئة الأزمات وصنع الاستقرار الإقليمي، أو أن يُستدرج مجددًا إلى معركة لا ناقة له فيها ولا جمل. وبين إيران وإسرائيل، وبين واشنطن والمحور الشرقي، تبقى السيادة العراقية ومصلحة الشعب العراقي هي الرهان الأكبر الذي يجب ألا يُفرَّط به، كما إن الصراع بين إيران وإسرائيل هو أكثر من مجرد مواجهة بين دولتين؛ بل هو انعكاس لصراع محاور، وصراع على هوية الشرق الأوسط ومستقبله وكلما تأخرت الحلول السياسية الشاملة، ازدادت فرص الانفجار، ودفعت شعوب المنطقة الثمن من أمنها وكرامتها ومواردها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: بین إیران وإسرائیل الأراضی العراقیة من جهة
إقرأ أيضاً:
مخاوف إنسانية وسياسية بعد الرحيل الأممي عن العراق
13 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تنتظر العراق مخاوف متعددة بعد إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، رغم أن هذا الإغلاق يُنظر إليه رسمياً كعلامة على تقدم البلاد نحو الاستقرار والسيادة الكاملة بعد أكثر من عقدين من الدعم الدولي.
وبينما يرى مسؤولون أمميون وعراقيون في الإنهاء إنجازاً للمهمة، مع استمرار وكالات الأمم المتحدة الأخرى في أعمالها التنموية، تبرز هواجس محلية من فراغ محتمل في مجالات حساسة مثل حقوق الإنسان والدعم الإنساني.
من جانب آخر، يثير خروج يونامي قلقاً إنسانياً واسعاً، إذ كانت تنسق برامج تدعم النازحين والأقليات والفئات الهشة، وربط الجهات المحلية بخبرات دولية، مما قد يصعب تعويضه فوراً من قبل المؤسسات الوطنية.
في الوقت ذاته، يُعبر مختصون عن مخاوف سياسية من تأثير الإغلاق على صورة العراق الدولية، خاصة في تقارير التقييم المتعلقة بحقوق الإنسان والمصالحة الوطنية، رغم أن دور البعثة السياسي المباشر كان محدوداً في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يحذر حقوقيون وباحثون من تداعيات على ملفات البيئة والتغير المناخي وحماية الأقليات، حيث قدمت يونامي دعماً فنياً ورقابياً، وقد يواجه العراق تحديات في الحفاظ على الزخم دون هذا الإطار الدولي.
علاوة على ذلك، يرى مراقبون أن القرار، الذي جاء بناءً على طلب حكومي يعكس تقدماً أمنياً وسياسياً، قد يترك فراغاً في توثيق الانتهاكات ودعم المنظمات المستقلة، خاصة بعد دور البعثة في مواجهة آثار تنظيم داعش.
من ناحية أخرى، يؤكد مسؤولون أمميون أن الإنهاء لا يعني قطع التعاون، بل انتقالاً إلى مرحلة جديدة تركز على التنمية المستدامة عبر فريق الأمم المتحدة القطري.
وبالتالي، يضع إغلاق يونامي المؤسسات العراقية أمام اختبار الاستقلال في إدارة التحديات المتبقية، وسط تفاؤل رسمي بقدرة البلاد على قيادة مستقبلها.
يأتي هذا التحول في وقت يصل فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بغداد للمشاركة في مراسم الإعلان عن انتهاء المهمة، التي أُنشئت عام 2003 ووسعت تفويضها لاحقاً لتشمل التنسيق الإنساني والسياسي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts