استأنف ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" بالجامع الأزهر الشريف، فعالياته الأسبوعية، تحت عنوان: "نعمة الأمن في الإسلام"، وحاضر  في ملتقى هذا الأسبوع، كل من؛ الدكتور خالد نصر أستاذ العقيدة والفلسفة وعميد كلية أصول الدين بالمنوفية، والدكتور عبد الله النجار الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الملتقى الإعلامي أبو بكر عبد المعطي.

في بداية الملتقى أكد الدكتور عبد الله النجار،  أهمية تحقق الأمن سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، لهذا قرن الحق سبحانه وتعالى الأمن بالإيمان، قال تعالى: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”، فالإنسان غالبًا ما يخشى زوال النعم أو حلول النقم، لذلك فإن شعور الإنسان بالأمن حيال هذين الأمرين لا غنى عنه لتحقق الإيمان، فكم من مؤمن لم يجد الأمن في حياته فشعر بالضياع والوحشة، وكم من مجتمع فقد أمنه فضاقت عليه سبل العيش، لذا، يجب أن نشكر الله سبحانه وتعالى على منحه لنا نعمة الأمن، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي منحنا هذه النعمة العظيمة التي لا تساويها نعمة.

وأضاف الدكتور عبد الله النجار، أن الأمن لا يصنعه إلا المحب؛ فالأب يحمي أبناءه بدافع الحب الصادق، وهذا الحب هو الذي يحقق الأمن لهم، لأن الله سبحانه وتعالى جبله على حب أبنائه والخوف عليهم،  وقياسا على ذلك فإن الأمن على مستوى الوطن، لا يمكن أن يحققه  إلا من كان محبًا لهذا الوطن، يضحي بروحه من أجله،، وتكريما لهذا الدور العظيم من رعاية شؤون الناس والسهر على حمايتهم، جعل الحق سبحانه وتعالى جزاء هذا الصنيع الأمان من العذاب يوم القيامة، وهو ما يوضحه قول الرسول  صلى الله عليه وسلم  "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، ليعلم من يقوم بهذا الأمر أن له أجرا عظيما نظير تضحيته وقيامه بمهمة جليليه، كما أن هذا الجزاء العظيم هو دافع ومحفز لمن يقومون بهذا الأمر في مواصلة عطائهم وتضحيتهم من أجل إرساء نعمة الأمن التي هي أجل النعم.

دعاء شكر الله على النجاح.. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانكتنسيق الثانوية العامة 2025.. بـ3 أدعية تُقبل في كلية أحلامك

وبين الدكتور عبد الله النجار، أن الأمن ضرورة لإقامة العبادات، على وجهها الصحيح إذ لا يمكن للإنسان أن يؤديها بصورة كاملة ما لم يكن قلبه مطمئنًا، فطمأنينة القلب هي التي تدفع المؤمن لأداء عبادته في خشوع واطمئنان، لهذا يوجد في الفقه الإسلامي "صلاة الخائف"، هذه الرخص الشرعية تؤكد أن الأمن ليس مجرد حاجة دنيوية، بل هو ضرورة لإقامة الدين نفسه، فالأمن أساس لإقامة كل شيء، ولا يمكن للأوطان أن تنعم بالاستقرار ما لم يسودها الأمن، محذرا من التهاون في حق من يقومون بترويع الأمنين، لأنهم يقومون بالإفساد في الأرض واقتراف جرم كبير في حق الله سبحانه وتعالى وحق الوطن، لهذا جاء عقابها من عند الله سبحانه وتعالى "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"، وعلينا أن لا نتهاون في حقهم لأن نشر الخوف والرعب في المجتمع يقضي على مقومات الحياة.

من جانبه قال الدكتور خالد نصر، عميد كلية الدعوة بالمنوفية، إن نعمة الأمن من أجل وأعظم النعم، لهذا كانت دعوة الأنبياء عليهم السلام، منصبة على هذه النعمة العظيمة، كما في قول إبراهيم عليه السلام: "رب اجعل هذا بلدًا آمنًا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر"، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهم آمن روعاتي"، وفي مطلع كل هلال كان صلى الله عليه وسلم يدعوا: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام"، هذه الأدعية النبوية المتكررة تبين عمق حاجة الإنسان للأمن، وعندما سُئل الإمام الرازي أيهما أفضل: الأمن أم الصحة؟ أجاب بأن الأمن أولى، لأن حاجة الإنسان إليه تفوق حاجته لأي شيء آخر، فلو فرض أن الإنسان  بصحة جيدة ودون أمن، تصبح حياته محفوفة بالمخاطر.

وبين الدكتور خالد نصر أنه لا يمكن أن تحدث تنمية في الأوطان ما لم يتوفر الأمن، فالأمن هو البيئة الخصبة التي تنمو فيها الاقتصاديات وتزدهر فيها العلوم والفنون، والأوطان التي فقدت نعمة الأمن خسرت كل شيء، فقد تنهار بنيتها التحتية، وتتعطل عجلة الإنتاج فيها، ويهجر أهلها ديارهم بحثاً عن الأمان المفقود، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: "أولم نمكن لهم حرمًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كل شيء"، كما أن الإنسان عندما يشعر بالأمن يكون كمن ملك الدنيا كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًا في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها".

وأشار إلى أنه من دلائل نعمة الأمن وعظمتها أن الإنسان لا يستطيع  النوم مالم يشعر بالأمان الداخلي من القلق والفكر،  والخارجي من المخاوف والأعداء.

وفي ختام الملتقى أوضح الدكتور خالد نصر  أن أمن المجتمعات  لا يتحقق إلا بوجود قوة تحول بينها وبين المخاطر التي يكيده إليها أعداؤها، وهذه القوة ليست فقط قوة عسكرية أو أمنية، بل هي أيضاً قوة الوعي المجتمعي، قوة القانون، وقوة العدالة، لأنه بدون الأمن لا يمكن أن تستقيم الحياة، كما  أن غياب الأمن يؤدي إلى تعطيل الحياة بجميع جوانبها، ويحول دون استقرار المجتمعات وازدهارها، مما يجعل تحقيق الأمن مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف الجهود من الأفراد والمؤسسات والدولة.

جدير بالذكر أن ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" يُعقد الثلاثاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، حيث كان بمسمى "شبهات وردود" وتم تغييره لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، بعد نجاحه طوال شهر رمضان والذي كان يعقد يوميًا عقب صلاة التراويح، ويتناول هذا الملتقى في كل حلقة قضية تهم المجتمع والوطن، والعالَمَين العربي والإسلامي.

طباعة شارك الأزهر للقضايا المعاصرة الجامع الأزهر نعمة الأمن في الإسلام

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر للقضايا المعاصرة الجامع الأزهر الأزهر للقضایا المعاصرة الدکتور عبد الله النجار الله سبحانه وتعالى صلى الله علیه وسلم نعمة الأمن أن الأمن لا یمکن

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر يشهد تخريج 3 دفعات من طب أسنان

شهد فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، الاحتفال بتخريج ثلاث دفعات جديدة من كليات طب أسنان الأزهر، مؤكدًا أن خريجي الجامعة يحملون رسالة علمية وإنسانية سامية، وأن عليهم الإخلاص في العمل وخدمة المجتمع، وأن يكونوا خير سفراء للأزهر الشريف داخل مصر وخارجها.

تفاصيل الدفعات المتخرجة

شمل الاحتفال تخريج:

الدفعة الحادية والخمسين (51) من كلية طب الأسنان بنين القاهرة

الدفعة الثانية والعشرين (22) من كلية طب الأسنان بنات القاهرة

الدفعة الثانية والعشرين (22) من كلية طب الأسنان بنين أسيوط

ويأتي هذا الاحتفال في إطار حرص جامعة الأزهر على تكريم أبنائها وبناتها بعد سنوات من الجد والاجتهاد، وإعدادهم للقيام بدورهم المهني والإنساني في خدمة الوطن.

 

حضور قيادات الجامعة وأسر الخريجين

جاء الاحتفال بحضور عدد من قيادات جامعة الأزهر، في مقدمتهم:

الدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث والمشرف العام على قطاع المستشفيات الجامعية

الدكتور مصطفى عبد الغني، نائب رئيس الجامعة لفرع البنات

الدكتور وائل المهندس، عميد كلية طب الأسنان بنين القاهرة

الدكتور محمود عمار، عميد كلية طب الأسنان بنين أسيوط

الدكتورة إيناس طلعت، عميدة كلية طب الأسنان بنات القاهرة

كما حضر وكلاء الكليات، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس، إلى جانب أسر الطلاب الخريجين، في أجواء احتفالية عكست الفخر والاعتزاز بأبناء الأزهر.

 الإخلاص أساس النجاح وخدمة الناس شرف

وخلال كلمته، أوصى الدكتور سلامة داود الخريجين بضرورة التحلي بالإخلاص في العمل، والتفاني في خدمة المرضى، مشددًا على أن مهنة طب الأسنان رسالة قبل أن تكون وظيفة، وأن الطبيب الأزهري مطالب بأن يجمع بين التفوق العلمي، والضمير الإنساني، والقيم الأخلاقية التي غرسها الأزهر الشريف عبر تاريخه الممتد.

وأكد رئيس الجامعة أن الأزهر لا يخرّج طبيبًا ماهرًا فحسب، بل يصنع إنسانًا واعيًا بدوره ومسئوليته تجاه مجتمعه، قادرًا على العطاء، ومؤهلًا لتمثيل صورة مشرفة لمصر والأزهر في كل موقع يعمل فيه.

 

بناء الإنسان.. رسالة علمية وإعلامية

وفي سياق حديثه، شدد الدكتور سلامة داود على أن بناء الإنسان يبدأ بالكلمة الصادقة، والفكرة الهادفة، والصوت الذي يوقظ الضمير، موضحًا أن هذه الركائز تمثل أساس نهضة المجتمعات، وتقع على عاتق المؤسسات التعليمية والإعلامية مسؤولية كبرى في ترسيخها.

وأشار إلى أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تتبنى سياسة واضحة لبناء الإنسان، باعتباره جوهر المشروع القومي للتنمية البشرية، من خلال الارتقاء بالمستوى المعرفي والثقافي والإنساني للمواطن.

 

دور الأزهر في ترسيخ الوعي وصناعة القيم

وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن الجامعة، بما تمتلكه من ميراث علمي عريق، وما تضمه من كليات ومعاهد وباحثين، ملتزمة بأن تكون شريكًا فاعلًا في ترسيخ الوعي وبناء الإنسان، مؤكدًا أن الأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، يدرك أن الرسالة التعليمية لا تنفصل عن الرسالة القيمية والأخلاقية.

وأضاف أن الأزهر يؤمن بأن العلم الحقيقي هو الذي ينعكس أثره في سلوك الإنسان وخدمته للمجتمع، وأن خريجيه مطالبون بتجسيد هذا المعنى في حياتهم المهنية والإنسانية.

 

رسالة إلى الخريجين

وفي ختام كلمته، دعا الدكتور سلامة داود الخريجين إلى أن يكونوا قدوة حسنة في أماكن عملهم، وأن يحافظوا على اسم جامعة الأزهر، وأن يجعلوا من مهنتهم وسيلة للرحمة وخدمة الناس، متمنيًا لهم مستقبلًا مهنيًا مشرقًا، وحياة عملية حافلة بالنجاح والعطاء.

 

مقالات مشابهة

  • 3 أمور ترفع قدرك عند الله.. مركز الأزهر يوضح
  • رئيس جامعة الأزهر يشهد تخريج 3 دفعات من طب أسنان
  • مش عارف تدعي بإية؟.. كلمات بسيطة علمها النبي للسيدة عائشة
  • النعيمي: التسويق الزراعي ركيزة أساسية لدعم برامج الجمعيات التعاونية الزراعية
  • منظومة المواصفات والمقاييس.. ركيزة أساسية لتحقيق اقتصاد مستدام
  • التمكين الاقتصادي للنساء اليمنيات.. ركيزة أساسية للنهوض المجتمعي
  • خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
  • معهد التخطيط القومي يعقد برنامج خدمة مجتمع حولاستراتيجية مصر 2030 ومبادرة بداية لبناء الإنسان
  • برلماني: دعم البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصر
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر