مع التطور الرقمي المستمر وتزايد اعتماد الأفراد على الهواتف الذكية، يبرز تساؤل اجتماعي مهم حول مدى تأثير الاستخدام المفرط للشاشات الإلكترونية على طبيعة العلاقات الأسرية، والعلاقة الزوجية بشكل خاص، خصوصا في السنوات الأولى من الزواج، التي يُفترض أن يكون فيها التواصل والحضور العاطفي أمرا مهما لبناء علاقة زوجية ناجحة ومستقرة، ففي هذا الحوار، تُسلّط الأخصائية الاجتماعية والمرشدة الأسرية عواطف بنت عبدالحسين اللواتية الضوء على واحدة من هذه الظواهر التي باتت تهدد الاستقرار العاطفي داخل البيت، وخصوصا العلاقة بين الزوجين.

حيث وصفت الهواتف الذكية على أنها «منافس صامت»، يتسلل إلى أدق تفاصيل الحياة الزوجية، ويُضعف الحضور النفسي والعاطفي، لصالح عوالم افتراضية تسرق الانتباه والمشاعر، باستنادها إلى دراسات ميدانية وتجارب واقعية من محيط عملها، لتكشف كيف تحوّلت الأجهزة الذكية من وسيلة للتواصل إلى جدار يفصل بين الزوجين؟ وكيف باتت تزرع فجوات غير مرئية تنمو بصمت وتنفجر على شكل خلافات مفاجئة، أو شعور دفين بالإهمال والبرود؟

وأوضحت اللواتية أنه بالرغم من إيجابيات الهواتف الذكية التي وصفتها بـالشاشات الصغيرة السارقة، في تسهيل التواصل مع الأرحام والأصدقاء، إلا أنها تحوّلت إلى منافس صامت في كثير من البيوت، يسرق من الإنسان الانتباه والمشاعر والوقت، مؤثرةً بذلك على الحياة الأسرية وإضعاف الحضور الحقيقي بين الزوجين.

وأشارت إلى أن الهواتف أصبحت تدخل في صلب العلاقة الزوجية كمنافس غير مرئي، يهزّ توازنها ويقوّض بنيانها، خاصة عندما يُستبدل الحوار العاطفي والتواصل البصري بين الزوجين بالتركيز على الشاشات، ولفتت إلى أن هذه المشكلة تظهر بوضوح أكبر في السنوات الأولى من الزواج، إذ يُفترض أن يكون الحضور بين الطرفين أقوى، لكن الهاتف ساهم في إيجاد فجوة صامتة لا يُدركها الطرفان إلا بعد فوات الأوان.

وبيّنت اللواتية أن من أخطر تجليات هذه الظاهرة هو شعور أحد الزوجين وغالبًا ما تكون المرأة بالإهمال العاطفي، خصوصا إذا لاحظت أن زوجها يُنصت لهاتفه أكثر مما يُنصت لها، أو يتفاعل مع منشورات الغرباء أكثر مما يتفاعل مع حديثها، مؤكدةً أن بعض الزوجات يُعبّرن بمرارة عن هذا الإهمال بعبارات مثل «ليتني كنت الهاتف، ليراني كما يراه»، وهو شعور صادق يُعبّر فيه المتأثر في العلاقة بهذه التكنولوجيا التي غزت الخصوصية والمشاعر.

وقالت: إن الهاتف لا يقتصر ضرره على الإهمال، بل يزرع أيضًا ثقافة المقارنة، حيث يقضي أحد الزوجين وقتًا طويلا في متابعة حياة الآخرين، مما يدفعه لا شعوريًا إلى مقارنة ما يشاهده ويتابعه بشريكه ليكون بتلك الصور المثالية والمصطنعة، مما يشكل فجوة جديدة مبنية على الإحباط وعدم الرضا.

وفي دراسة أجرتها اللواتية على شريحة من المتزوجين الجدد، أكّدت النتائج أن 70% من الأزواج يشعرون بالإهمال العاطفي نتيجة انشغال الطرف الآخر بالهاتف، رغم وجودهم في المكان نفسه، ورأت أن هذه النسبة مقلقة للغاية، خاصة أنها ظهرت في مرحلة يُفترض أن تكون أكثر حميمية وتقاربا وانسجاما في العلاقة الزوجية، مشددةً على أن العلاقة الزوجية لا تقوم على الحضور الجسدي، بل تحتاج إلى حضور نفسي وعاطفي وتواصل مستمر، معتبرة أن هذه الشاشات تسرق من الزوجين هذه المساحات شيئًا فشيئًا، ما يوجد حالة من التقارب الجسدي المصحوب بالتباعد العاطفي.

وترى اللواتية أن الهواتف الذكية تفقد الانتباه والتفاعل بين الزوجين، وتؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية بين الأزواج، كالاستماع الفعال، وتقديم الشكر والثناء، والمديح، وتبادل النظرات، وكلها تفاصيل صغيرة لكنها تصنع فارقًا كبيرًا في استقرار العلاقة.

وأكدت اللواتية أن من أكثر السلوكيات إزعاجا، هو إدخال الهاتف إلى السرير، معتبرةً ذلك أنه تجاوز لأقدس المساحات في العلاقة الزوجية، مؤكدةً أن لحظات ما قبل النوم يجب أن تُخصص للحديث بين الأزواج، والتقارب، والأنس، وليس وقتا لتصفح الرسائل الخاصة ومقاطع الفيديو، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومن الضروري أن يُبلّغ أحد الزوجين الطرف الآخر عن سبب استخدامه للهاتف، سواءً كان لقراءة كتاب أو حضور محاضرة، وغيرها... فالاستخدام العشوائي بغرض التسلية، غالبًا ما يجلب الشكوك ويزرع بذور الغيرة والبرود.

وأشارت إلى أن الأزواج لا يُدركون أن الهواتف تُحدث خلافات صامتة، تتراكم في نفس الشخص، حتى تنفجر فجأة على شكل صراخ أو لوم أو انسحاب، دون أن يعرف الطرفان أن أصل المشكلة كان هاتفًا سرق الوقت والاهتمام، ليُفقد بذلك الأمان العاطفي في العلاقة وهو ما تحتاجه للاستمرار.

وعن الفروقات بين تأثير الهواتف الذكية على الرجل والمرأة، رأت اللواتية أن المرأة بطبيعتها العاطفية تتأثر أكثر، وتشعر بالإقصاء إذا لم تجد اهتماما واضحا من زوجها، مشيرة إلى أن البرود العاطفي قد يبدأ من شعورها بأنها «غير مرئية»، أو أن الهاتف يحظى بأولوية أعلى منها، وغالبًا ما يستخدم الرجل الهاتف للهروب من التوتر أو التفكير الزائد، لكنه لا يدرك أن هذا الهروب يزيد من بعده العاطفي عن زوجته، ويجعلها أكثر جفافًا في مشاعرها.

وأكدت على أهمية وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف في البيت، خصوصًا بعد العودة من العمل، كأن يتم وضع الهواتف في مكان مخصص، أو الاتفاق على أوقات خالية من الشاشات، ولفتت إلى أن الهواتف الحديثة تُتيح تفعيل رنات خاصة للحالات الطارئة، مما يُمكّن الزوجين من البقاء على اتصال بالأهل عند الحاجة دون أن يُضحّوا بوقتهم الخاص، كما دعت إلى تبني إشارات داخلية بين الزوجين لتنبيه الآخر بلطف، مثل غمزة أو كلمة متفق عليها، توضح أن الوقت ليس مناسبًا للهاتف، وأن هناك من ينتظر الحديث والتواصل، وأكدت أن الاتفاق المسبق على هذه الإشارات يُسهم في تعزيز الاحترام والتقدير المتبادل.

وفي حال تعذر ضبط استخدام الهاتف، نصحت اللواتية باللجوء إلى استشارة أسرية مهنية، لتقييم مدى تأثير الهاتف على العلاقة الزوجية، ووضع خطة علاجية لاستعادة التوازن العاطفي، وبيّنت أن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى للحل، خاصة إذا بات الهاتف يأخذ مكان الشريك.

وأكدت اللواتية على أن الهواتف ليست عدوا، ولكن سوء استخدامها يجعلها كذلك، واعتبرت أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى رعاية مستمرة، تمامًا كما نعتني بأجهزتنا الذكية وتحديثاتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العلاقة الزوجیة الهواتف الذکیة بین الزوجین فی العلاقة أن الهواتف إلى أن

إقرأ أيضاً:

العمانية أمامة اللواتية تصل الأردن بعد اعتقالها بأسطول الصمود

نقل الاحتلال الإسرائيلي، مجموعة من المعتقلين المشاركين في أسطول الصمود إلى معبر حدودي بالضفة الغربية مع الأردن، فيما كانت ضمن المعتقلين الدكتورة أمامة اللواتية من بين المتظاهرين لدعم غزة.

ووفق ما ذكرت وسائل إعلام عدة، أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية وصول المواطنة العمانية أمامة اللواتية ومواطنة أردنية و١٣٠ شخصًا من رعايا عدد من الدول الشقيقة والصديقة كانوا على متن أسطول الصمود العالمي إلى أراضي المملكة عبر جسر الملك حسين.

الصحة اللبنانية: استشهاد شخص وإصابة آخر في غارة إسرائيلية على دير عامصفي الذكرى الثانية لطوفان الأقصى.. صحة غزة: 67 ألف شهيد و169 ألف جريح منذ بداية الحربدعم هائل… كم قدمت أمريكا لإسرائيل بالدولار منذ عام 2023؟حماس: طوفان الأقصى.. عامان من الصمود الأسطوري والمواجهة

وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة فؤاد المجالي، في بيان له رصدته "الشبيبة"،  إنّ الإجلاء شمل رعايا من مملكة البحرين، والجمهورية التونسية، والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وسلطنة عُمان، ودولة الكويت، ودولة ليبيا، وجمهورية باكستان، وجمهورية تركيا، وجمهورية الأرجنتين، وأستراليا، وجمهورية البرازيل الاتحادية، وجمهورية كولومبيا، وجمهورية التشيك، واليابان، والولايات المتحدة المكسيكية، ونيوزيلندا، وجمهورية صربيا، وجمهورية جنوب أفريقيا، والاتحاد السويسري، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية أوروجواي الشرقية.

وبيّن المجالي، أنّ الوزارة وبالتعاون مع الجهات الأردنية المعنيّة سهّلت عبورهم، وقدّمت ما يلزم من مساعدة يحتاجونها.

وأشار المجالي، إلى أنّ القائم بأعمال السفارة الأردنية في تل أبيب زار يوم الجمعة الماضي المواطنين الأردنيين في مكان احتجاز ركّاب الأسطول، وعددهم ثلاثة، واطمأنّ عن أحوالهم، لافتًا إلى أنّ اثنين منهم كانا غادرا سابقًا جوًّا عن طريق تركيا.

وأوضح المجالي، أنّه تمّ التنسيق مع سفارات الدول الشقيقة والصديقة لتنظيم وتسهيل مغادرة رعاياها أراضي المملكة.

وناشدت الناشطة العُمانية أمامة مصطفى اللواتي، بالتدخل العاجل لإطلاق سراحها، بعد أن اختطفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي مع عشرات الناشطين المشاركين في "أسطول الصمود" المتجه إلى غزة.

وقالت اللواتي، في تسجيل مصوَّر أعدّته مسبقاً: "إذا وصلكم هذا الفيديو فهذا يعني أنه تم اختطافي من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، أثناء محاولتي القيام بمهمة إنسانية، ملتزمة بالقانون الدولي، لكسر الحصار عن غزة"، وذلك وفق تقرير لصحيفة "الخليج أون لاين".

وأضافت: "أطالب حكومتي بالتدخل الفوري والعاجل، والعمل على إطلاق سراحي، حيث كنت في مهمة إنسانية للقيام بواجبي الأخلاقي والإنساني ضد الإبادة والتجويع التي يمارسها الكيان الصهيوني، في الوقت الذي يجب محاسبته على هذه الجرائم".

الصحة اللبنانية: استشهاد شخص وإصابة آخر في غارة إسرائيلية على دير عامصفي الذكرى الثانية لطوفان الأقصى.. صحة غزة: 67 ألف شهيد و169 ألف جريح منذ بداية الحربدعم هائل… كم قدمت أمريكا لإسرائيل بالدولار منذ عام 2023؟حماس: طوفان الأقصى.. عامان من الصمود الأسطوري والمواجهة

وتُعد أمامة اللواتي ناشطة عُمانية تحمل شهادة الدكتوراه في الصحافة والإعلام، وماجستير في الاتصال، وآخر في الحوار بين الأديان، كما أنها مصورة فوتوجرافية، ولها أعمال في أدب الأطفال والقصص القصيرة.

والتحقت اللواتي، بأسطول الصمود لكسر الحصار عن غزة، ووثّقت رحلتها خلال الأيام الماضية، قبل أن يستولي جيش الاحتلال على السفن المشاركة ويعتقل من كانوا على متنها، ومن بينهم الناشطة العُمانية التي اقتيدت مع زملائها إلى مكان مجهول.

طباعة شارك الإبادة والتجويع الكيان الصهيوني الجرائم أمامة اللواتية

مقالات مشابهة

  • العمانية أمامة اللواتية تصل الأردن بعد اعتقالها بأسطول الصمود
  • بيان من الخارجية العمانية حول عودة أمامة اللواتية إلى أرض الوطن
  • بيان من الخارجية العمانية حول عودة أمامة اللواتية إلى أرض الوطن.. عاجل
  • بيان من الخارجية العمانية حول عودة أميمة اللواتية إلى أرض الوطن.. عاجل
  • موتورولا Razr 2025: سعر تاريخي منخفض قبل موسم التخفيضات
  • الإفراط في الاستحمام.. نصائح الخبراء لحماية بشرتك
  • تعرف على أضرار الإفراط في شرب القهوة
  • المرور تبدأ بتسجيل الغرامات إلكترونياً عبر الرادارات الذكية في بغداد
  • أدوات وبرامج إسرائيلية لمراقبة وتخترق الهواتف في حضرموت
  • الكشف عن استخدام أدوات تجسس إسرائيلية على الهواتف المحمولة من قبل جهة أمنية في حضرموت