الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يقوض العلاقة الزوجية
تاريخ النشر: 25th, July 2025 GMT
مع التطور الرقمي المستمر وتزايد اعتماد الأفراد على الهواتف الذكية، يبرز تساؤل اجتماعي مهم حول مدى تأثير الاستخدام المفرط للشاشات الإلكترونية على طبيعة العلاقات الأسرية، والعلاقة الزوجية بشكل خاص، خصوصا في السنوات الأولى من الزواج، التي يُفترض أن يكون فيها التواصل والحضور العاطفي أمرا مهما لبناء علاقة زوجية ناجحة ومستقرة، ففي هذا الحوار، تُسلّط الأخصائية الاجتماعية والمرشدة الأسرية عواطف بنت عبدالحسين اللواتية الضوء على واحدة من هذه الظواهر التي باتت تهدد الاستقرار العاطفي داخل البيت، وخصوصا العلاقة بين الزوجين.
حيث وصفت الهواتف الذكية على أنها «منافس صامت»، يتسلل إلى أدق تفاصيل الحياة الزوجية، ويُضعف الحضور النفسي والعاطفي، لصالح عوالم افتراضية تسرق الانتباه والمشاعر، باستنادها إلى دراسات ميدانية وتجارب واقعية من محيط عملها، لتكشف كيف تحوّلت الأجهزة الذكية من وسيلة للتواصل إلى جدار يفصل بين الزوجين؟ وكيف باتت تزرع فجوات غير مرئية تنمو بصمت وتنفجر على شكل خلافات مفاجئة، أو شعور دفين بالإهمال والبرود؟
وأوضحت اللواتية أنه بالرغم من إيجابيات الهواتف الذكية التي وصفتها بـالشاشات الصغيرة السارقة، في تسهيل التواصل مع الأرحام والأصدقاء، إلا أنها تحوّلت إلى منافس صامت في كثير من البيوت، يسرق من الإنسان الانتباه والمشاعر والوقت، مؤثرةً بذلك على الحياة الأسرية وإضعاف الحضور الحقيقي بين الزوجين.
وأشارت إلى أن الهواتف أصبحت تدخل في صلب العلاقة الزوجية كمنافس غير مرئي، يهزّ توازنها ويقوّض بنيانها، خاصة عندما يُستبدل الحوار العاطفي والتواصل البصري بين الزوجين بالتركيز على الشاشات، ولفتت إلى أن هذه المشكلة تظهر بوضوح أكبر في السنوات الأولى من الزواج، إذ يُفترض أن يكون الحضور بين الطرفين أقوى، لكن الهاتف ساهم في إيجاد فجوة صامتة لا يُدركها الطرفان إلا بعد فوات الأوان.
وبيّنت اللواتية أن من أخطر تجليات هذه الظاهرة هو شعور أحد الزوجين وغالبًا ما تكون المرأة بالإهمال العاطفي، خصوصا إذا لاحظت أن زوجها يُنصت لهاتفه أكثر مما يُنصت لها، أو يتفاعل مع منشورات الغرباء أكثر مما يتفاعل مع حديثها، مؤكدةً أن بعض الزوجات يُعبّرن بمرارة عن هذا الإهمال بعبارات مثل «ليتني كنت الهاتف، ليراني كما يراه»، وهو شعور صادق يُعبّر فيه المتأثر في العلاقة بهذه التكنولوجيا التي غزت الخصوصية والمشاعر.
وقالت: إن الهاتف لا يقتصر ضرره على الإهمال، بل يزرع أيضًا ثقافة المقارنة، حيث يقضي أحد الزوجين وقتًا طويلا في متابعة حياة الآخرين، مما يدفعه لا شعوريًا إلى مقارنة ما يشاهده ويتابعه بشريكه ليكون بتلك الصور المثالية والمصطنعة، مما يشكل فجوة جديدة مبنية على الإحباط وعدم الرضا.
وفي دراسة أجرتها اللواتية على شريحة من المتزوجين الجدد، أكّدت النتائج أن 70% من الأزواج يشعرون بالإهمال العاطفي نتيجة انشغال الطرف الآخر بالهاتف، رغم وجودهم في المكان نفسه، ورأت أن هذه النسبة مقلقة للغاية، خاصة أنها ظهرت في مرحلة يُفترض أن تكون أكثر حميمية وتقاربا وانسجاما في العلاقة الزوجية، مشددةً على أن العلاقة الزوجية لا تقوم على الحضور الجسدي، بل تحتاج إلى حضور نفسي وعاطفي وتواصل مستمر، معتبرة أن هذه الشاشات تسرق من الزوجين هذه المساحات شيئًا فشيئًا، ما يوجد حالة من التقارب الجسدي المصحوب بالتباعد العاطفي.
وترى اللواتية أن الهواتف الذكية تفقد الانتباه والتفاعل بين الزوجين، وتؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية بين الأزواج، كالاستماع الفعال، وتقديم الشكر والثناء، والمديح، وتبادل النظرات، وكلها تفاصيل صغيرة لكنها تصنع فارقًا كبيرًا في استقرار العلاقة.
وأكدت اللواتية أن من أكثر السلوكيات إزعاجا، هو إدخال الهاتف إلى السرير، معتبرةً ذلك أنه تجاوز لأقدس المساحات في العلاقة الزوجية، مؤكدةً أن لحظات ما قبل النوم يجب أن تُخصص للحديث بين الأزواج، والتقارب، والأنس، وليس وقتا لتصفح الرسائل الخاصة ومقاطع الفيديو، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومن الضروري أن يُبلّغ أحد الزوجين الطرف الآخر عن سبب استخدامه للهاتف، سواءً كان لقراءة كتاب أو حضور محاضرة، وغيرها... فالاستخدام العشوائي بغرض التسلية، غالبًا ما يجلب الشكوك ويزرع بذور الغيرة والبرود.
وأشارت إلى أن الأزواج لا يُدركون أن الهواتف تُحدث خلافات صامتة، تتراكم في نفس الشخص، حتى تنفجر فجأة على شكل صراخ أو لوم أو انسحاب، دون أن يعرف الطرفان أن أصل المشكلة كان هاتفًا سرق الوقت والاهتمام، ليُفقد بذلك الأمان العاطفي في العلاقة وهو ما تحتاجه للاستمرار.
وعن الفروقات بين تأثير الهواتف الذكية على الرجل والمرأة، رأت اللواتية أن المرأة بطبيعتها العاطفية تتأثر أكثر، وتشعر بالإقصاء إذا لم تجد اهتماما واضحا من زوجها، مشيرة إلى أن البرود العاطفي قد يبدأ من شعورها بأنها «غير مرئية»، أو أن الهاتف يحظى بأولوية أعلى منها، وغالبًا ما يستخدم الرجل الهاتف للهروب من التوتر أو التفكير الزائد، لكنه لا يدرك أن هذا الهروب يزيد من بعده العاطفي عن زوجته، ويجعلها أكثر جفافًا في مشاعرها.
وأكدت على أهمية وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف في البيت، خصوصًا بعد العودة من العمل، كأن يتم وضع الهواتف في مكان مخصص، أو الاتفاق على أوقات خالية من الشاشات، ولفتت إلى أن الهواتف الحديثة تُتيح تفعيل رنات خاصة للحالات الطارئة، مما يُمكّن الزوجين من البقاء على اتصال بالأهل عند الحاجة دون أن يُضحّوا بوقتهم الخاص، كما دعت إلى تبني إشارات داخلية بين الزوجين لتنبيه الآخر بلطف، مثل غمزة أو كلمة متفق عليها، توضح أن الوقت ليس مناسبًا للهاتف، وأن هناك من ينتظر الحديث والتواصل، وأكدت أن الاتفاق المسبق على هذه الإشارات يُسهم في تعزيز الاحترام والتقدير المتبادل.
وفي حال تعذر ضبط استخدام الهاتف، نصحت اللواتية باللجوء إلى استشارة أسرية مهنية، لتقييم مدى تأثير الهاتف على العلاقة الزوجية، ووضع خطة علاجية لاستعادة التوازن العاطفي، وبيّنت أن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى للحل، خاصة إذا بات الهاتف يأخذ مكان الشريك.
وأكدت اللواتية على أن الهواتف ليست عدوا، ولكن سوء استخدامها يجعلها كذلك، واعتبرت أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى رعاية مستمرة، تمامًا كما نعتني بأجهزتنا الذكية وتحديثاتها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العلاقة الزوجیة الهواتف الذکیة بین الزوجین فی العلاقة أن الهواتف إلى أن
إقرأ أيضاً:
أجهزة لاختراق الهواتف المحمولة.. إرهاب حوثي بتقنيات إسرائيلية
وسط صراخ ميليشيا الحوثي الإرهابية المستمر منذ نحو عامين باسم القضية الفلسطينية، كشفت شحنة الأسلحة الإيرانية التي تم ضبطها مؤخراً من قبل المقاومة الوطنية، اعتماد الميليشيا على تقنيات إسرائيلية لاستخدامها في سلوكها الإجرامي بحق اليمنيين.
وكشف المتحدث الرسمي باسم المقاومة الوطنية، العميد الركن صادق دويد، في المؤتمر الصحفي الذي عقده الخميس في مدينة المخا، تفاصيل الشحنة الإيرانية التي كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي، وتم ضبطها في 27 يونيو الماضي.
وكان اللافت فيما كشفه العميد دويد عن محتويات الشحنة، هو جهاز تجسس إسرائيلي، من صنع شركة "سيلبيريت"، مهمته سحب المعلومات والبيانات والتجسس على خصوصيات المواطنين.
وعقب المؤتمر الصحفي، كشف باحثون ومختصون تفاصيل ومعلومات عن الشركة وعن الجهاز الإسرائيلي المضبوط ضمن الشحنة، التي تُمثّل أكبر شحنة أسلحة ومعدات تقوم إيران بإرسالها إلى ميليشيا الحوثي منذ ظهور هذه الميليشيا قبل أكثر من 20 عاماً.
الخبير التقني فهمي الباحث أوضح، في منشور له على صفحته في "فيسبوك"، أن شركة Cellebrite المصنعة للجهاز هي شركة إسرائيلية متخصصة في أدوات التحليل الجنائي الرقمي، واستخراج البيانات وتحليلها.
مضيفاً بأن جهاز (Turbo Link) الذي تم ضبطه هو جهاز توصيل (Hardware Adapter)، ووظيفته الأساسية هي فك تشفير الحزم البرمجية المُشفّرة التي يتم تنزيلها من سيرفرات الشركة، وتحضيرها للاستخدام في استغلال ثغرات الجهاز المستهدف من أجل اختراقه وسحب البيانات لاحقاً.
لافتاً إلى أن منتجات الشركة الإسرائيلية مناسبة جداً لمن لا يمتلكون خبرات تقنية متقدمة في فتح الأجهزة المحمولة واستخراج البيانات منها، بما في ذلك أجهزة الأندرويد والآيفون، وذلك باستخدام ثغرات متقدمة وتقنيات أخرى لاستخراج البيانات.
وأشار الباحث إلى ما كشفته منظمة العفو الدولية في ديسمبر 2024 وفبراير 2025، بأن السلطات في صربيا استخدمت سلسلة من الثغرات عبر Turbo Link للوصول غير المصرح به لهواتف نشطاء.
في حين أوضح المحلل العسكري وضاح العوبلي أن شركة "سيلبيريت" الإسرائيلية متخصصة في صنع أنظمة التجسس، لافتاً إلى أن جهاز الشركة المضبوط في الشحنة يُعد أحد أشهر الأجهزة في مجال تحليل واستخراج بيانات الهواتف المحمولة.
وبينما نفى العوبلي ما أُشيع حول أن الجهاز يعمل عن بُعد، أوضح أن عمله يتطلب توصيله بالهاتف المحمول، ويمكن للجهاز حينها استخراج كافة البيانات من الهواتف الحديثة وحتى بعض الأجهزة القديمة.
هذه التفاصيل والمعلومات تُشير – وفق مراقبين – إلى هدف ميليشيا الحوثي الإرهابية من الحصول على هذه التقنيات الإسرائيلية، لاستخدامها في أخذ المعلومات والبيانات من داخل هواتف من يتعرضون للاختطاف في مناطق سيطرة الميليشيا، أو ربما من عناصرها المشكوك في أمرهم.
لافتين إلى سعي الميليشيا الحوثية الإرهابية إلى الاستعانة بالتقنيات الإسرائيلية لتنفيذ مشروعها، في حين تُزايد باسم القضية الفلسطينية ومواجهة إسرائيل.
ساخرين من أن كشف المقاومة الوطنية عن ضبط الجهاز الإسرائيلي سبقه بيومين إعلان الميليشيا منع دخول السلع الأمريكية إلى مناطق سيطرتها ابتداءً من ١٩ أغسطس القادم، تحت شماعة مناصرة القضية الفلسطينية، في صورة تعكس حجم التناقض الفاضح لدى الميليشيا.