مسقط- العُمانية

تبنت سلطنة عُمان مفهوم الزراعة الذكية ضمن استراتيجيتها لتحقيق الأمن الغذائي والمحافظة على الموارد الطبيعية، انسجامًا مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى تحديث وتطوير القطاع الزراعي، وشهدت سلطنة عُمان تطبيقات متنامية للتقنيات الحديثة في الزراعة، شملت مجالات متعددة منها الزراعة المحمية، والري الذكي، واستخدام الطائرات المسيّرة، غير أن هذه التطبيقات لا تزال في مرحلة التوسع التدريجي، ويتركز معظمها في الجانب البحثي والمشروعات الاستثمارية المدعومة من القطاع الخاص.

وقالت المهندسة بدرية بنت سيف الحوسنية، رئيسة قسم الزراعة الذكية بالمديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه: "إن من أبرز ملامح استراتيجية الوزارة لتعزيز استخدام التكنولوجيا في الزراعة هو التحول الرقمي في الخدمات، وتبني التقنيات الحديثة لرفع إنتاجية المحاصيل الزراعية وتقليل تكاليف المدخلات، إلى جانب تمكين المزارعين من أدوات الزراعة الذكية".

وأضافت أن هناك جهودا متواصلة لتحقيق التوازن بين الحفاظ على الموروث الزراعي العُماني والانفتاح على تقنيات الزراعة الحديثة من خلال دمج التقنيات في الأنظمة التقليدية، مثل المحافظة على الأصناف النباتية المحلية عبر بنوك الجينات، وتطوير نظم توزيع المياه في الأفلاج مع المحافظة على طابعها التراثي.

وطبقت سلطنة عُمان في السنوات الأخيرة عددًا من التقنيات الزراعية الحديثة منها أنظمة الزراعة بدون تربة أو الزراعة المائية (الهيدروبونيك ) والزراعة التكاملية وهي الدمج بين تربية الأسماك وزراعة النباتات (الأكوابونيك)، إلى جانب أنظمة الزراعة الدقيقة التي تعتمد على تحليل البيانات الجغرافية والمناخية لتحديد مواعيد وكميات مياه الري، كما تم استخدام الطائرات المسيّرة (الدرونز ) في مكافحة الآفات الزراعية وتلقيح النخيل ومراقبة المحاصيل، واعتماد أنظمة الري الذكي باستخدام الحساسات لرصد رطوبة التربة، وتشجيع استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل أنظمة الزراعة والبيوت المحمية.

وذكرت أن المديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية تقدم دورات تدريبية تخصصية للمزارعين تتناول تقنيات الزراعة الذكية، مثل استخدام تطبيقات الهاتف في الإدارة الزراعية، وتشغيل طائرات الدرون، وتقنيات الزراعة بدون تربة، كما يتم تنفيذ مشروعات تجريبية ميدانية لنقل التكنولوجيا وتدريب المزارعين عليها.

وتعمل الحكومة على تخصيص موازنات سنوية لدعم التحول الرقمي في القطاع الزراعي، وإسناد تنفيذ بعض المشروعات الكبرى من خلال الشراكة مع القطاع الخاص لتوسيع نطاق استخدام التقنيات الحديثة، مع تعزيز البيئة الاستثمارية في هذا القطاع الحيوي.

وبينت المهندسة بدرية الحوسنية أن سلطنة عُمان خطت خطوات إيجابية في مجال تبني الزراعة الذكية، وأن هذه التقنيات تُعد من المحاور الرئيسة في استراتيجية الوزارة لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاستدامة الزراعية، مشيرة إلى أن الوزارة تعمل على دمج الحلول الرقمية والتقنيات الحديثة في القطاع الزراعي، من خلال مشروعات بحثية وتطبيقات ميدانية، بالإضافة إلى توعية وتأهيل المزارعين عبر برامج تدريبية متخصصة.

وأفادت بأن من بين أبرز التقنيات التي تم تطبيقها، أنظمة الري الذكي المعتمدة على أجهزة الاستشعار، واستخدام الطائرات المسيّرة لمراقبة المحاصيل ومكافحة الآفات، وتقنيات الزراعة بدون تربة مثل الهيدروبونيك، مؤكدة على أن هذه التقنيات تسهم في ترشيد استخدام الموارد، ورفع كفاءة الإنتاج، وتحسين جودة المحاصيل.

وأكدت على أن الوزارة حريصة على الحفاظ على الموروث الزراعي العُماني، وتعمل على دمج التقنيات الحديثة في إطار النظم الزراعية التقليدية، مثل تطوير نظام الأفلاج بالتوازي مع استخدام أنظمة تحكم رقمية لتوزيع المياه.

ووضحت أن من أبرز التحديات التي تواجه التوسع في الزراعة الذكية هو تفاوت البنية الأساسية الرقمية بين المحافظات، إلى جانب الحاجة لرفع الوعي التقني لدى شريحة من المزارعين، والعمل على خفض تكاليف التشغيل والصيانة المرتبطة بهذه التقنيات.

وتحرص الحكومة من خلال برامج التمويل الزراعي على دعم المزارعين الصغار وأصحاب الحيازات المحدودة، حيث يقدم بنك التنمية العُماني قروضًا ميسّرة لشراء المعدات، كما تسهم الجمعيات الزراعية في إتاحة الفرصة للمزارعين للاستفادة الجماعية من هذه التقنيات.

وتمضي سلطنةُ عُمان بخطى ثابتة نحو ترسيخ الزراعة الذكية كركيزة أساسية للتنمية الزراعية المستدامة، في توازن دقيق بين الأصالة والحداثة، بما يواكب تطلعات المجتمع العماني ويحافظ على خصوصيته الثقافية والبيئية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: التقنیات الحدیثة الزراعة الذکیة الزراعة الذکی هذه التقنیات من خلال

إقرأ أيضاً:

حوارية تحت عنوان “ذاكرة المكان وجمالياته” في الطفيلة

صراحة نيوز-عقدت في قاعة مديرية ثقافة الطفيلة ندوة حوارية بعنوان “ذاكرة المكان وجمالياته”، متضمنة 3 محاور رئيسة، سلطت الضوء على ملامح تاريخ الطفيلة وتراثها المادي والشفهي، بمشاركة نخبة من الكتاب والباحثين من محافظة الطفيلة.
وجاءت الندوة، التي أدارها مدير ثقافة الطفيلة الدكتور سالم الفقير، ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الـ39 تحت شعار “هنا الأردن.. ومجده مستمر”، وبالتعاون بين رابطة الكتاب الأردنيين ومديرية ثقافة الطفيلة.
واستعرض الباحث والمؤرخ الدكتور إسحاق عيال سلمان، في المحور الأول، تاريخ الطفيلة، ومتناولا تطور الحياة فيها عبر العصور، وما مرت به من مراحل اجتماعية وعمرانية،.
كما أضاء على تفاصيل الحياة اليومية، وعلاقات الناس بالمكان، في سرد يجمع بين التوثيق والتحليل.
وتحدث عن بعض المراجع المهمة التي وثقت جوانب من الحياة المحلية، ومنها كتاب “60 عاما لامرأة أردنية”، مشيرا إلى ما تضمنه من شهادات حية تعكس أنماط العيش والعلاقات الاجتماعية في الطفيلة مطلع القرن الـ20، ما يجعله وثيقة أدبية واجتماعية تكمل السرد التاريخي الرسمي بمشهد إنساني نابض من قلب المكان.
وتناولت رئيسة جمعية سيدات الطفيلة الخيرية الدكتورة حنان الخريسات، في المحور الثاني، التراث الشفهي والشعبي في الطفيلة، مستعرضة أنماط الحكايات الشعبية، والأمثال، والأهازيج، وما تحمله من رموز ومعان ترتبط بالحياة اليومية، والعلاقات الاجتماعية، والعادات المتوارثة.
وأشارت إلى أن هذا التراث يشكل جزءا من الموروث الثقافي، وهو مصطلح يشمل كل ما تنتجه الجماعة من تعبيرات غير مكتوبة، تنتقل شفهيا من جيل إلى آخر.
وبينت أن الموروث الشفهي يضم الألفاظ والتعابير، وأساليب الحكي والغناء، والطقوس المرتبطة بالمناسبات المختلفة، التي تعبر عن وجدان المجتمع ونظرته إلى ذاته ومحيطه.
كما أوضحت كيف يتجلى هذا الموروث في تفاصيل الحياة، ليشكل نسيجا حيويا من الهوية الثقافية، التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية للناس رغم تغيرات الزمن.
وقدمت المهندسة وفاء الطراونة، من جامعة الطفيلة التقنية، في المحور الثالث، قراءة في الخصائص المعمارية التقليدية في الطفيلة، مستعرضة نماذج من البناء القديم، وخصوصية استخدام المواد المحلية في تشييد البيوت، وتفاصيل التصميم التي تعكس بساطة العيش وانسجام الإنسان مع بيئته.
وتحدثت بشكل خاص عن قرية السلع وبلدة ضانا، باعتبارهما نموذجين حيين لفن العمارة التقليدية التي ما تزال قائمة، وذات قيمة تاريخية وجمالية.
وأشارت إلى أن المواقع السياحية، مثل ضانا، تسهم في إبراز هذه العمارة للزوار، وتشكل فرصة حقيقية للتعريف بتراث الطفيلة المعماري، ووسيلة لإعادة إحياء المباني القديمة عبر الاستخدام السياحي المستدام.
وتوقفت خلال حديثها عند قصر الباشا صالح العوران، الذي يعد أحد أبرز الأمثلة على الطراز المعماري الفريد في المنطقة، من حيث بناؤه المتين، وتفاصيله التصميمية المختلفة عن النمط السائد في مساكن الطفيلة آنذاك، سواء في حجمه أو تنسيقه الداخلي أو مواده المستخدمة، مما يمنحه طابعا خاصا يميزه ضمن النسيج العمراني المحلي.
وفي نهاية اللقاء، قامت رابطة الكتاب الأردنيين، ممثلة بالدكتور هشام القواسمة، بتكريم المشاركين، تقديرا لمساهماتهم الثقافية والمعرفية في إبراز ملامح الطفيلة وتوثيق ذاكرة المكان.

مقالات مشابهة

  • 21 ألف فدان للإنتاج المتكامل.. تفاصيل زيارة وزير الزراعة للصالحية الجديدة
  • وزير الزراعة ومحافظ الشرقية يتفقدان مشروع الصالحية الزراعي المتكامل
  • وزير الزراعة: مشروع الصالحية نموذج ناجح للاستثمار الزراعي المتكامل
  • شهر الحصاد| أهم المحاصيل الزراعية بشهر أغسطس .. ونصائح ذهبية لزراعتها
  • حوارية تحت عنوان “ذاكرة المكان وجمالياته” في الطفيلة
  • لدعم القطاع.. بروتوكول تعاون بين المركزي للزراعة العضوية والمصري للحيوية
  • 8 عوامل تحفز استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة
  • الخطوط الجوية التركية تحظر الحقائب الذكية
  • «إسلامية دبي» وباركن توقّعان شراكة لتنظيم المواقف الذكية حول المساجد