علماء يكتشفون ما يحدث عندما يمر الضوء عبر الضوء
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
لطالما اعتبر العلماء أن الضوء كيان لا يتفاعل مع ذاته، فأي شعاعين من الضوء سيمران عبر بعضهما دون أدنى أثر، كما لو أن كلا منهما لا يعترف بوجود الآخر، هذا هو ما تمليه قوانين الفيزياء الكلاسيكية، إلا أن الفيزياء الكمومية لها رأي آخر.
بحسب نتائج جديدة كشفت عنها دراسة تعتمد على بيانات من مصادمات الجسيمات في منشأة سيرن (المجلس الأوروبي للبحوث النووية)، فإننا أمام فهم جديد كليا يقول إن الضوء قد يؤثر على نفسه، ويخوض تفاعلات ذاتية في ظل ظروف خاصة جدا تحكمها قوانين ميكانيكا الكم.
وفقا لميكانيكا الكم، لا تسير الأمور دوما كما تبدو على السطح، فالفوتونات، وهي الجسيمات التي تحمل الضوء، يمكنها في ظروف معينة أن "تصطدم" ببعضها، أو بالأحرى تؤثر في مسارات بعضها بعضا، من خلال عمليات غير مباشرة تُعرف باسم "التبعثر الكمومي للضوء عبر الضوء".
في هذه الظاهرة النادرة، لا تتفاعل الفوتونات مباشرة، بل تنشئ فيما بينها جسيمات افتراضية، وهي جسيمات تحمل طبيعة خاصة جدا وغير مفهومة بشكل كامل بعد، لا ترى ولا تقاس بشكل مباشر، وتنشأ لفترة وجيزة في الفراغ من الزمن كزوج من جسيمات متعاكسة الشحنات، يفني كل منها الآخر، لكن يبدو أن هذه الجسيمات تترك بصمتها في سلوك الفوتونات، قبل أن "تختفي" بعد أجزاء صغيرة جدا من الثانية.
يقول جوناس ماجر من معهد الفيزياء النظرية بجامعة فيينا للتكنولوجيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة في تصريح حصلت الجزيرة نت على نسخة منه: "على الرغم من استحالة رصد هذه الجسيمات الافتراضية مباشرةً، فإن لها تأثيرا قابلا للقياس على الجسيمات الأخرى".
ويضيف: "إذا أردنا حساب سلوك الجسيمات الحقيقية بدقة، فعلينا مراعاة جميع الجسيمات الافتراضية التي يمكن تصورها بدقة. هذا ما يجعل هذه المهمة صعبة للغاية، ومثيرة للاهتمام أيضًا".
إعلانولفترة طويلة، ظن الفيزيائيون أن التبعثر بين الفوتونات يهيمن عليه ظهور واختفاء أزواج من الإلكترون والبوزيترون (الجسيمات الافتراضية المتضادة في الشحنة)، حيث يقوم أحدهما أو كلاهما ببعثرة فوتونات الضوء، قبل أن يصطدم برفيقه ويفنيا تماما.
غير أن الدراسة الجديدة التي نشرها الباحثون في دورية "فيزيكال ريفيو لينرز" بيّنت أن نوعًا آخر من الجسيمات الافتراضية، يُعرف باسم "الميزيونات ذات النمط التنسوري"، قد يؤدي دورًا أكبر مما كان يُعتقد في عملية تبعثر الضوء، بل وتؤثر على الخواص المغناطيسية لجسيمات تسمى "الميونات".
في قلب النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، يعد الميون جسيما مثيرا للجدل، فنتائج التجارب الحديثة حول عزمه المغناطيسي لا تتطابق تمامًا مع التوقعات النظرية، ما يثير احتمال وجود فيزياء جديدة.
لكن كي يثبت العلماء ذلك، يجب أن يكونوا متأكدين من أن النموذج الحالي قد تم حساب قوانينه وتعقيداتها بدقة تامة، بما في ذلك جميع التفاعلات النادرة والمخفية، كالتي كشفت عنها هذه الدراسة.
إضافةً إلى ذلك، فإن فهم كيفية تفاعل الضوء مع نفسه -ولو بشكل غير مباشر- يعد من أعمق الأسئلة في فيزياء الكم، ويرتبط ارتباطا وثيقا بمفاهيم مثل الفراغ الكمومي، والجسيمات الافتراضية، وحتى طبيعة الزمكان ذاته.
هذه النتائج إذن لا تغير فقط ما نعرفه عن الضوء، بل تضيف إليه طبقة جديدة من الفهم. فبينما يبقى سلوك الضوء كما نعرفه صحيحًا على المستوى اليومي، تظهر هذه الدراسة أن في قلب الفراغ، وفي أعماق التفاعلات الكمومية، يخوض الضوء حوارا خفيا مع نفسه.
كما تدفع هذه الدراسة الباحثين إلى إعادة النظر في الحسابات الدقيقة للتفاعلات دون الذرية، وربما تقربنا أكثر من اكتشافات تتجاوز النموذج القياسي، نحو فيزياء جديدة، أكثر اتساعا وشمولا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
زفيريف يثق في قدراته قبل «فلاشينج ميدوز»
برلين (د ب أ)
أخبار ذات صلةيثق لاعب التنس الألماني ألكسندر زفيريف، في قدرته على أن يكون منافساً على اللقب عندما يحين موعد بدء بطولة أميركا المفتوحة للتنس «فلاشينج ميدوز» في وقت لاحق من هذا الشهر، بعدما أكد اتخاذه لقرارين خاطئين ومروره بفترة من الإرهاق الذهني هذا العام، بلغت ذروتها بخروجه من الدور الأول في بطولة ويمبلدون. وقال زفيريف، المصنف الثالث على العالم للمدونة الصوتية «نوثينج ماجور» إن كل شيء بدأ في الانحدار بعد أن «تم سحقه» من جانب يانيك سينر في نهائي بطولة أستراليا المفتوحة في يناير الماضي. وقال : شعرت لكثير من الوقت أنني تائه في الملعب، خاصة بعد نهائي بطولة أستراليا المفتوحة. عانيت من وقت صعب ذهنياً بعد المباراة. أعتقد أنني ارتكبت القليل من الأخطاء. وأضاف : بدلاً من العودة إلى المنزل، والراحة، ومراجعة ما حدث والعمل علي حل الأخطاء، قضيت ثلاثة أيام وتوجهت مباشرة إلى الأرجنتين. عندما أنظر إلى الوراء، أدرك أنني لم يكن ينبغي أن أفعل ذلك". ولم يعبر زفيريف دور الثمانية في ثلاث بطولات أقيمت في شهر فبراير الماضي في أميركا الجنوبية والوسطى، وحصد لقبه الوحيد هذا العام في ميونيخ. وقال بطل أولمبياد طوكيو 2020 إنه مر "بحالة من الإرهاق الذهني امتدت لشهرين ". وأضاف :" لم أشعر بالكثير من الحافز للعب، ولا حتى للتدريب، ولم أكن أستمتع بوقتي في الملعب. كنت أخسر الكثير من المباريات، وقد دفعت ثمن ذلك". واعترف زفيريف بعد خروجه المبكر من ويمبلدون بأنه واجه مشكلات نفسية، لكنه قال إنه "استفاد من هذا الموقف بأفضل طريقة ممكنة بعد ذلك". وقال :"انسحبت من القليل من البطولات، حصلت على وقت للراحة، وأشعر أنني أكثر انتعاشاً، وأصفى ذهنياً من أجل المنافسة من جديد". وأردف :"ربما لا أقدم أفضل أداء هنا في كندا، ربما لن ألعب بأفضل أداء لي في سينسيناتي، ولكن بحلول موعد بدء بطولة أميركا المفتوحة، سأكون منافساً على اللقب مرة أخرى. وهذا ما أريد الوصول إليه". وتأهل زفيريف للمباراة النهائية بإحدى البطولات الأربع الكبرى، ثلاث مرات وخسرها كلها، وكانت أولها هي بطولة أميركا المفتوحة في 2020. وتبدأ نسخة هذا العام يوم 24 أغسطس. وتدرب زفيرف لعدة أيام في أكاديمية اللاعب الإسباني السابق رافايل نادال في مايوركا، وأعاد التأكيد أن عم نادل، توني نادال، يمكنه أن يتواجد بجانبه لوقت أكثر بداية من العام المقبل لمساعدته في الفوز ببطولة كبرى. وقال زفيريف :"يعتقد أن بإمكاني الفوز بإحدى البطولات الأربع الكبرى، ولكن إذا لعبت فقط بالمزيد من الشجاعة،وأعلم هذا، ولكن الأمر مختلف عندما تسمعه منه".