إضراب محمود بصل عن الطعام.. حين يحتجّ الجائع بالجوع في غزة
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
غزة- في أسوأ كارثة إنسانية يشهدها قطاع غزة، وبينما يموت السكان جوعا في صمت، اختار الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في القطاع، محمود بصل، أن يواجه المجاعة بإضراب مفتوح عن الطعام.
لم يكن هذا القرار سوى فعل رمزي شديد القسوة، اتخذه رجل جائع أصلا، يعيش كما يعيش الناس تحت وطأة الجوع المدقع، ويفقد وزنه وصحته كما الباقيين.
ورغم أن بصل ينام في المستشفى المعمداني شرقي مدينة غزة، ويتغذى على الغلوكوز في الوريد، فإنه لا يزال يواصل عمله الميداني، يصدر التصريحات، ويتابع حملات الإنقاذ، ويستقبل الصحفيين والوفود، ويطرح على العالم سؤاله المباشر: إذا كنا نحن نضرب عن الطعام من قلب سياسة التجويع، فماذا أنتم فاعلون؟
يقول بصل للجزيرة نت إن قراره بالإضراب لم يكن لحظة انفعال، بل نتيجة تراكم يومي لما يشاهده -بحكم وظيفته في جهاز الدفاع المدني- من مشاهد القهر والموت البطيء.
ويضيف "حين ترى طفلا يلفظ أنفاسه الأخيرة من الجوع وتحمله بين يديك، أو امرأة حاملا يفترض أن يزيد وزنها لكنها تنحف، أو أما ترضع طفلا وهي لا تملك قطرة حليب، تدرك أن صمتك جريمة. قررت أن أتحرك بصوت جسدي، لأن كل الأصوات باتت غير كافية".
وتابع "الإضراب عادة ما يكون وسيلة ضغط لأشخاص خارج المعاناة من أجل من هم بداخلها، لكنني قررت أن أضرب من داخل الجوع ذاته، لكي أضع العالم أمام المرآة، وأسألهم: هل هذا كافٍ لتتحركوا؟".
في اليوم الـ16 من الإضراب، بدا على بصل التعب الشديد، وأخبرنا أنه فقد 4 كيلوغرامات من وزنه منذ بداية الامتناع التام عن الطعام، وأنه يتلقى يوميا محاليل وريدية ليبقى قادرا على الوقوف.
ويكمل "أشعر بدوار دائم، لا أستطيع الوقوف طويلا، وأسقط في بعض الأحيان، بالأمس احتجت إلى غلوكوز مرتين بعد أن سقطت مغشيا عليّ، واليوم أخذت جرعة أخرى، لكن هذا ليس أغلى من الطفل الذي يموت في الشارع أو تحت خيمة لا تجد فيها قطعة خبز".
الهدف من الإضراب
كان صوت بصل حادا وواضحا حين قال "لم أقم بهذا لأظهر كبطل، البطولة هنا لطفل يواجه الموت بلا طعام، أنا فقط أردت أن أطرح سؤالا كبيرا على العالم: إذا لم تتحركوا الآن، فمتى؟".
إعلانوأضاف "ما يجري في غزة لو حصل في حظيرة حيوانات، لتحركت الإنسانية كلها، الطفل المغربي ريان سقط في بئر فتوحد العالم لإنقاذه، وأنا كنت من الذين بكوا عليه، لكن اليوم لدينا عشرات الآلاف من الضحايا، ومئات الآلاف من الجوعى، ولا أحد يتحرك".
وشدد على أن الإضراب وسيلة لإحياء الضمير العالمي، وليس هدفا بحد ذاته، مكملا "رغم المخاطر، لكنني مصر على هذا الطريق حتى يحدث شيء حقيقي يوقف التجويع".
ورغم إضرابه، يواصل الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة عمله اليومي كالمعتاد، يستيقظ في المستشفى، يعقد لقاءات مع الصحفيين، يعد تقارير الدفاع المدني، يتواصل مع المنظمات الإنسانية، وأحيانا يساعد طواقم الإنقاذ داخل مقر الاستقبال والطوارئ.
ويقول "منذ بداية الحرب وأنا أعمل بلا توقف، أقضي 99% من وقتي في الميدان أو المستشفيات، أنام أحيانا في المعمداني، وأحيانا في (مستشفى) الشفاء، أو عند أصدقاء، لا مكان ثابت، التنقل صعب، لكن الرسالة يجب أن تستمر".
ويتابع "أجري يوميا بين 25 إلى 30 مقابلة صحفية، وأتابع كل التفاصيل المتعلقة بالضحايا والاستهدافات. عملي مرهق جدا، لكنه ضروري، ولا يمكن أن أتخلى عنه حتى مع الإضراب".
وعن موقف عائلته من الإضراب يقول بصل بعد تنهيدة طويلة "أنا أب لأربعة أطفال: محمد، وعمر، وملك، وسارة، أعمارهم بين 4 و11 سنة. منذ بداية الحرب بالكاد أراهم، فقد نزحوا للجنوب منذ بداية الحرب وأنا بقيت في غزة (شمالا) والتقيت بهم مجددا في يناير/كانون الثاني الماضي".
وأردف "في اليوم الثالث من الإضراب، أرسلت لي سارة رسالة قالت فيها: (بابا إحنا جوعانين، بس بدنا إياك تفك الإضراب عشان ما تموت)، هذه الكلمات كسرتني، لكنها زادتني تمسكا بالقرار، فأنا مضرب من أجل هؤلاء الأطفال وابنتي منهم".
ويضيف "أصدقائي وعائلتي يطلبونني يوميا بالتوقف خوفا على صحتي، تصلني عشرات الرسائل بهذا الشأن، لكني أكرر: هذا ليس استعراضا، بل صرخة، وأنا لا أبحث عن بطولة، بل عن عدالة".
يؤكد بصل أن المجاعة في غزة حقيقية، وليست "تقديرات أو تهويلات إعلامية"، مضيفا "هناك من يروج أن الوضع الإنساني تحسّن، هذا غير صحيح أبدا، المساعدات التي تدخل قليلة، وعشوائية، ولا تصل لمستحقيها، كثير منها يسقط في مناطق يسيطر عليها الاحتلال أو يقع على رؤوس الناس".
ويتابع "وكالة الأونروا الأكثر قدرة على التوزيع العادل والشامل للمساعدات غائبة، والتوزيع يعمه الفوضى، وسعر كيلو الطحين يصل في بعض الأوقات إلى 50 دولارا، من يستطيع شراء طعام بـ100 دولار يوميا غير اللصوص؟ الشعب يموت في صمت، وأنا أريد أن أزعج هذا الصمت".
يعرب بصل عن أمنيته أن تصل رسالته للعالم، وأن "تُحدث صدى وتغييرا في سلوكه تجاه غزة، وأن يكون هذا الإضراب نقطة ضوء تذكّر الناس بأننا بشر نموت جوعا، لا أرقام في نشرات الأخبار".
ويختم حديثه بالقول "العالم اليوم أمام اختبار إنساني حقيقي: إما أن يتصرف كبشر، أو يسقط في وحل اللامبالاة والحيوانية، المجاعة في غزة ليست قدرا، بل قرار يُمكن تغييره.. لو أرادوا".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات تجويع غزة الدفاع المدنی من الإضراب عن الطعام منذ بدایة فی غزة
إقرأ أيضاً:
بلايلي: “جمهورنا لا مثيل له وأنا باق في الترجي التونسي”
عبّر النجم الجزائري يوسف بلايلي عن سعادته الكبيرة بتتويجه مع الترجي الرياضي التونسي بلقب كأس السوبر التونسي، بعد تسجيله هدف الفوز أمام الملعب التونسي.
و قال يوسف بلايلي في تصريحه للإعلام التونسي “جمهور الترجي لا يوجد لهم مثيل، دائمًا يدعمون الفريق في كل الظروف، وإن شاء الله هذا الموسم نرفع كأس رابطة أبطال إفريقيا.”
كما أكد نجم الترجي التونسي استمراره مع الفريق هذا الموسم، قائلاً: “نعم، سأواصل مع الترجي، وهدفنا الرئيسي هو التتويج بلقب دوري أبطال إفريقيا هذا الموسم.”
ويُعد هذا التتويج هو الثالث لبلايلي مع الترجي هذا الموسم، بعد الفوز بالدوري والكأس، ليُحقق بذلك الثلاثية المحلية.