براغ- في تصعيد غير مسبوق للخطاب العنصري بأوساط السياسيين التشيك، أثار نائب متطرف موجة غضب واسعة بعد إطلاقه حملة دعائية انتخابية تحمل تحريضا ضد المهاجرين والأجانب.

وتضمنت الحملة التي أطلقها النائب البرلماني اليميني المتطرف توميو أوكامورا (رئيس حزب الحرية والديمقراطية) ملصقا تصدّر شوارع العاصمة براغ، وأظهر رجلا أسود يحمل سكينا ملطخة بالدماء.

ورافق الملصق عبارات تحريضية عنصرية مثل "مشاكل الرعاية الصحية لن تُحل بجراحين مستوردين، ونطالب بإيقاف ميثاق الهجرة الأوروبي" في مشهد اعتبره كثيرون تمثيلا فاضحا للكراهية والعنصرية.

وبعد أن رفع البرلمان الحصانة عنه، أوصت الشرطة بتوجيه اتهام رسمي لأوكامورا وحزبه، مؤكدة أن مضمون الملصق "ينطوي على كراهية عرقية وتحريض ضد الأجانب" خصوصا ذوي البشرة السوداء.

ووفقا للنيابة العامة، عرض أوكامورا هذه الرسائل العنصرية مرارا على وسائل الإعلام ومنصاته الرقمية، مما يمثل خطاب كراهية واضحا يضعه أمام احتمال المحاكمة بتهمة التحريض العنصري.

الشرطة التشيكية أزالت الملصقات ووجهت تهم العنصرية وبث خطاب الكراهية للنائب أوكامورا (الجزيرة)تحايل على القانون

أعرب رئيس منظمة مساعدة اللاجئين في التشيك مارتين روزوميك عن ارتياحه لتعامل الشرطة بجدية مع خطابات الكراهية، معتبرا أن هذا النائب تجاوز الخطوط الحمراء ويجب أن يُحال إلى القضاء.

ولكن روزوميك -في الوقت نفسه- انتقد "تهاون الدولة في التصدي لخطاب الكراهية" مشيرا إلى أن بعض السياسيين ووسائل الإعلام يواصلون استهداف اللاجئين والأقليات بشكل مستمر، رغم أن وجودهم جزء من الواقع الاجتماعي.

وأوضح -في حديث للجزيرة نت- أن أوكامورا اعتاد استخدام التخويف والتحريض على الأجانب لتحقيق مكاسب سياسية، مطالبا النيابة العامة بإعداد لائحة اتهام قد تشمل حزبه أيضا، في ظل إمكانية فرض عقوبات تصل إلى الحظر والسجن 3 سنوات حسب القانون.

إعلان

ونبّه رئيس المنظمة إلى ظهور حزب جديد يحمل اسم "أوكامورا" معتبرا ذلك محاولة للالتفاف على أية قرارات قانونية مرتقبة. كما دعا نشطاء حقوقيون إلى الضغط من أجل سن قوانين أكثر صرامة لمنع تسلل الكيانات العنصرية إلى الحياة السياسية تحت ستار الديمقراطية.

وسط براغ وجهة السياح والمتسوقين اختاره أوكامورا لنشر ملصقات عنصرية (الجزيرة)أهداف دعائية

في تعليقه على مواقف النائب المثير للجدل، قال النائب السابق في مجلس الشيوخ الدكتور حسن مزيان "أعرف هذا النائب جيدا، فقد كنا معا في مجلس الشيوخ خلال الفترة ذاتها. وفي ذلك الوقت، كان قد أعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية، لكنه لم يكن قد تبنّى بعد الخطاب الشعبوي المعادي للإسلام والهجرة، الذي بات لاحقا حجر الأساس في دعايته السياسية".

وأضاف مزيان للجزيرة نت "زارني في مدينتي طالبا دعمي، وتلك قصة أخرى. ما يمكنني قوله إنه شخص شديد الدهاء، يعرف جيدا كيف يدير أدواته الإعلامية والسياسية، وغالبا ما تكون تحركاته مدفوعة بأهداف دعائية محضة".

ورأى أن أي انتقاد موجه لأوكامورا قد يتحول إلى ورقة بيده، وأضاف "لا أظن أن أحدا سيزج به في السجن، بل على العكس، هو من سيستثمر أي هجوم ضده في تعزيز صورته لدى جمهوره من خلال الدعاية السلبية، وهو ما يسعى إليه في الأساس".

حملة انتخابية لأوكامورا الذي يشن حملة عنصرية ضد الأجانب رغم أن أحد أجداده ياباني الأصل (الجزيرة)مفارقة

قال الناشط الحقوقي في براغ خالد بيطار "من الغريب أننا نتطابق بيولوجيا تقريبا مع أوكامورا، كلانا من أم تشيكية وأب أجنبي، هو ياباني وأنا سوري، لكن المفارقة الأكبر أنني أدافع عن حقوق الأجانب، بينما هو يهاجمهم. نصفه أجنبي، ويهاجم الأجانب. يبني شعبيته على التخويف من الآخر، بدل أن يعمل على دعمهم ودمجهم بطرق إنسانية حضارية ترفع من قيمة المجتمع".

ويضيف بيطار للجزيرة نت "ملامحي لا تثير الانتباه، وغالبا ما يُفترض أنني تشيكي بالكامل، في حين أن أوكامورا معروف بسماته الآسيوية الواضحة. ومع ذلك، لا يبدو أن هذه المفارقة تدفعه إلى إعادة النظر في خطابه الذي بلغ حد استخدام لون البشرة رمزا في دعاية انتخابية، وهو أمر لا يسيء للآخر بقدر ما يشوه الفكرة الإنسانية برمتها".

أما عن تحرك الشرطة مؤخرا ضد بعض نشاطه قبيل الانتخابات، فيقول بيطار "أعتقد أن التوقيت ليس عشوائيا، وربما أراد البعض قطع الطريق أمام تمدد حزبه، خصوصا مع تكرار خطابه الاستفزازي".

ولكنه عبّر عن دهشته من أنه "دائم الصمت حيال قضايا بعينها، لكنه لا يتردد في توجيه سهامه نحو فئات محددة، وعلى رأسها المسلمون". وأضاف "لو أن هذا النائب نشر ملصقا لمستوطن إسرائيلي يقتل فلسطينيا لقامت الدنيا ولم تقعد".

أحياء ومراكز تسوق يزورها السياح استغلها أوكامورا لنشر ملصقات عنصرية (الجزيرة)ضد المسلمين

ويعرب منيب الراوي، وهو رئيس الوقف الإسلامي في "برنو" ثاني أكبر المدن التشيكية، عن إدانته لمواقف النائب أوكامورا، ويصفه بـ"الشعبوي" الذي "يصطاد في الماء العكر" ويظهر حقده على المسلمين واللاجئين بهدف كسب أصوات الناخبين في صفوف الأحزاب المتطرفة.

إعلان

وذكر للجزيرة نت أن أوكامورا كان قبل جائحة كورونا ينشط بشكل كبير ضد المسلمين مستغلا منصبه كنائب في البرلمان، حيث دعا مرارا إلى سحب الجنسية من الراوي نفسه وطرده من البلاد بتهمة "نشر الدين الإسلامي".

وفي السياق ذاته، لفت الراوي إلى أن أوكامورا استغل أيضا وضعه كنائب، ودعا مربّي الكلاب إلى إحضارها للتبول عند أبواب المساجد كنوع من التحريض لزيادة التوتر والكراهية، بهدف كسب الأصوات المتطرفة في البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

محكمة الإرهاب توجه تهما ضد حميدتي وشقيقيه عبد الرحيم والقوني وآخرين

متابعات ـ تاق برس- وجهت محكمة مكافحة الإرهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة في بورتسودان، اليوم الإثنين، تهماً رسمية لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وشقيقيه عبد الرحيم والقوني دقلو، بالإضافة إلى 13 متهماً آخرين، بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ونهب، في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس عبد الله أبكر.

 

وأكدت المحكمة، برئاسة القاضي مأمون الخواض، أن الهجوم على مدينة الجنينة في 15 أبريل 2023 تم تحت قيادة حميدتي، واستهدف قبيلة المساليت بسبب النوع، مما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف إلى تشاد، وتصفية المجني عليه الوالي السابق لولاية غرب كردفان بطريقة وحشية، والتمثيل بجثته.

 

واتهمت المحكمة القائد الثاني عبد الرحيم دقلو، والمسؤول الاقتصادي القوني دقلو، بالمشاركة الجنائية في التخطيط وتنفيذ الهجوم، إلى جانب تهم بارتكاب فظائع ضد المدنيين وممتلكاتهم.

 

كما وجهت المحكمة، تهما للمتهم الرابع، عبد الرحمن جمعة، كونه قاد الهجوم المباشر على الجنينة وأشرف على تصفية الوالي، وارتكب أعمال إبادة جماعية بحق قبيلة المساليت، شملت قتل 15 ألف مواطن ودفن بعضهم أحياء.

 

أما المتهمون من الخامس إلى السادس عشر، فاتهموا بتعزيز الهجوم، وارتكاب جرائم اغتصاب وتعذيب وتشريد، فيما اتُهم المتهم الأخير، عبدالمنعم عبدالمحمود “الربيع”، بالتحريض على قتل الوالي خميس أبكر عبر بث مباشر على مواقع التواصل.

 

وأكدت المحكمة أن التهم صدرت بناءً على بينات قوية وشهادات وشهود، في ظل غياب المتهمين وهيئات دفاعهم، وسيُحجز الملف للحكم بعد استماع الشهادة الأخيرة.

وكانت اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني قد أجرت تحريات واسعة وجمعت بينات كانت كافية للمحكمة لإصدار قرارها بتوجيه الاتهام للمذكورين.

 

وجّهت النيابة العامة التهم المقررة في مواجهة المتهمين المذكورين قبل إحالة أوراق الدعوى للمحكمة للفصل فيها، وصدر القرار في غياب المتهمين.

 

تولى الادعاء أمام المحكمة هيئة اتهام تضم أعضاء من اللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم وانتهاكات القانون الوطني والقانون الدولي الإنساني.

القونيحميدتيعبد الرحيم دقلو

مقالات مشابهة

  • رحلة عبر الأنهار والقلاع التاريخية.. التشيك وجهة فريدة للإجازة الصيفية
  • الفاشر تحت الحصار والمجاعة.. صراع دموي ينذر بكارثة في دارفور (شاهد)
  • الفصل السابع.. ماذا نعرف عن السلاح الأممي الذي يريد رئيس إيرلندا إطلاقه على الاحتلال؟
  • بن غفير يواجه رئيس الأركان بشأن خطة احتلال قطاع غزة
  • محكمة الإرهاب توجه تهما ضد حميدتي وشقيقيه عبد الرحيم والقوني وآخرين
  • برلماني: مشهد إنتخابات مجلس الشيوخ يعكس وطنية المصريين
  • لا بد من تدخُّل يحميهم.. برلماني: تيك توك خطر ناعم ينهك المراهقين نفسيا
  • برلماني: يجب اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من ينشر محتويات ضد القيم والأخلاق
  • برلماني: تيك توك أصبح قنبلة موقوتة.. والتدخل التشريعي بات ضروريا