صراحة نيوز -كتب أ.د. محمد الفرجات

أعلنت الحكومة الأردنية عن قرار بترميز المركبات الحكومية بحروف تميزها، وبيع الأرقام المميزة الناتجة عن ذلك بالمزاد العلني، على أن تُخصّص عوائد هذه المزادات لصناديق دعم طلبة الجامعات الرسمية. وبرغم أن ظاهر القرار يحمل بعدًا تنمويًا وتعليميًا محمودًا، إلا أنه يخفي في طياته إشكاليات جوهرية تتعلق بالعدالة الاجتماعية، وتكريس النفوذ، والتمييز في تطبيق القانون.

تكريس النفوذ وتناقض مع مبدأ المساواة

في مجتمع يعاني من التفاوتات الطبقية والتشكيك المتنامي في العدالة، فإن طرح أرقام “مميزة” للبيع بالمزاد العلني، سواء كانت ثنائية أو ثلاثية أو تسلسلية، يفتح الباب واسعًا لتكريس مظاهر التمييز والامتيازات في الفضاء العام، وتحديدًا على الطرق.

هذه الأرقام ـ بحكم ندرتها ـ لا تعني فقط “تميّزًا” في الشكل، بل تتحول سريعًا إلى مؤشرات نفوذ بلغة الشارع، إذ يرى كثيرون في السيارة التي تحمل رقماً “صغيراً أو مميزاً” إشارة إلى أن مالكها “واصل”، أي يتمتع بنفوذ قد يحول دون مساءلته أو تحرير مخالفة بحقه، حتى وإن خالف القانون.

وهو ما يفتح المجال مجددًا أمام “الاستقواء غير المباشر”، ويضعف من ثقة الناس بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز، ويناقض بوضوح مبدأ “الناس سواسية أمام القانون”.

المردود المالي… لا يبرر الأثر المجتمعي

في تبرير القرار، تشير الحكومة إلى أن الأموال المتأتية من بيع الأرقام المميزة ستذهب إلى دعم صناديق طلبة الجامعات الرسمية، وهو هدف نبيل. لكن السؤال الأهم: هل المردود يستحق الثمن المجتمعي؟

تشير تقديرات أولية إلى أن الحكومة قد تجني ملايين الدنانير من هذه المزادات، لكن حتى لو وصلت الإيرادات إلى 10 أو 20 مليون دينار على مدى عدة سنوات، فإنها لن توازي الكلفة الاجتماعية والسياسية الناتجة عن:

1. ترسيخ ثقافة اللامساواة: حين يرى الشارع أن هناك أرقامًا حكرًا على القادرين، تزداد مشاعر التهميش والانقسام الطبقي.

2. إضعاف تطبيق القانون: قد يتردد رجل الأمن في تحرير مخالفة لمركبة تحمل رقمًا مميزًا، خشية أن يكون صاحبها شخصية نافذة.

3. إعادة إنتاج رموز الطبقية: بدلًا من التخفيف من مظاهر التباهي بالسيارات والمظاهر الشكلية، يعزز هذا القرار هذه الظاهرة.

في دول عدة، تُباع الأرقام المميزة بملايين الدراهم والدنانير، وتُصبح وسيلة تفاخر واستقواء لا تخطئها العين.

في الأردن، لطالما ارتبطت الأرقام المميزة – وإن لم يكن رسميًا – برجال أعمال ونواب ووجهاء وشخصيات نافذة، وهو ما يديم فكرة “التمايز”.

التقديرات تشير إلى أن عددًا من الأرقام قد تباع بعشرات آلاف الدنانير، لكن هل يستحق هذا الأثر النفسي والاجتماعي السلبي على الشعور العام بعدالة الدولة؟

إذا كانت الحكومة جادة في دعم صناديق الطلبة، فهناك عشرات البدائل العادلة، منها فرض رسوم رمزية على السيارات الفارهة، أو استحداث مساهمة تضامنية طوعية للمقتدرين، أو حتى إعادة توجيه بعض بنود الإنفاق غير الضروري.

أما تخصيص أرقام مميزة لمن يدفع أكثر، في بلد يعاني فيه المواطن العادي من كثير من التحديات، فذلك لا يخدم العدالة، ولا يليق بمنظومة تسعى لترسيخ سيادة القانون ومساواة المواطنين أمامه.

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام الأرقام الممیزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

تعلن المحكمة التجارية الابتدائية بالأمانة عن بيع بالمزاد العلني لمنقولات المنفذ ضده/ أحمد عبدالرحمن اليمني

تعلن المحكمة التجارية الابتدائية بالأمانة عن بيع بالمزاد العلني لمنقولات المنفذ ضده/ أحمد عبدالرحمن اليمني

مقالات مشابهة